أحيت الجالية الخيامية في ألمانيا الذكرى الأربعين للمناضل حيدر الغول في مدينة برلين، وجاء في كلمة آل الفقيد الغالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين ،سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيعنا ونبينا أبي القاسم محمد الصادق الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ورحمة الله وبركاته .
أصحاب السماحة، أخواتي ، إخواني الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
لم يخطر ببالي يوماً ما ، أن أقف هذه الوقفة الرهيبة لأرثي أحداً من الأحبة الراحلين ، لأنني تعودت على وداع الغوالي بصمت قاتل أو بدمعة حزن تكوي حنايا الفؤاد وتترك في الحشا لظى يستعر على مدى العمر .
ولأن الخسارة كبيرة والراحل له كل هذا الحب لذلك أجدني اليوم واقفاً في محراب روحك يا حيدر وبعد أربعين يوماً من الصدمة والذهول ، لا لأرثيك أو أعدد مآثرك وهي اليوم على كل شفة ولسان وعبر منارتك ومنبرك الإعلامي ، ولكني سمحت لنفسي أن أقف وقفة وجدانية بإسمي وبإسم عائلتك المكلومة لأخاطب روحك الطاهرة من رحاب مجلس سيدنا الحسين عليه السلام ، شهيد كربلاء ، علنا نستلهم من شهادته المباركة معاني الشهادة والعطاء ، ونتعلم من ثباته أمام الردى والرزايا دروساً في الصبر والإحتساب .
فيا أيها المجاهد من الرعيل الأول في ساحات الجهاد ، وقفت بوجه الظلم والعدوان في الوقت الذي كان فيه اللبنانيون يتقاتلون بين أزقة الوطن وتحت رايات الطوائف .
فتوجهت في عمر الحلم جنوباً وكل الجهات جنوب ، وكان هدفك الأسمى تحرير الأرض والإنسان من كيد الإحتلال والعدوان فكان نصيبك السجن والإعتقال .
لقد كنتَ في أسرك وتحت الظلم والتعذيب مشروع شهيد كالعديدين من إخوانك الذين سقطوا تحت ناظريك وبين يديك ، لكنك لم تهن ولم تستسلم لإرادة المحتلين وأذنابهم العملاء فقهرت السجن والسجانين ، تحررت أنت وفروا هم بخيبتهم منهزمين .
حيدر
أيها الميتم طفلاً ، أيها الغائب الحاضر ، مضيت على عَجَلٍ ولم تضرب موعداً للّقاء ، وتركت أماً ثكلى وأرملة وأطفالاً أيتاماً ويممت بروحك شطر الملأ الأعلى .
هل تاقت روحك للقاء أبيك الذي فقدته طفلاً صغيراً ، أم أنك افتقدت إبن خالتك الحبيب ، حبيب يحيى فالتحقت به لتشاركه في رحلة العروج إلى السماء ، أم إنك لم تحتمل فراق أجمل الأمهات ، جدتك الحاجة أم محمد والتي قلتَ بعد غيابها : لم تعد هذه الدنيا تساوي شيئاً بعد غيابكِ يا أماه .
حيدر
يا وجعنا في غربتنا ، وتوهج شمسنا ، وبدر ليالينا وزيت قناديلنا ، وحكاية من حكايا المجد للجدّات في ليالي السهر الآتيات .
ولبدر السماء أقول : الآن ، يمكنك أن تطل من جديد بلا وجل من خلف قمم حرمون ، فبدر الخيام قد رحل إلى سماء جديدة . ويا ثرى الخيام لك أن تفخر وتزهو فبين حناياك يرقد الجسد الطاهر إلى جوار الأحبة الذين سبقوك .
ويا مواسم العطاء جودي بسنابل قمحك فالذي وهب كل شيئ في إغفاءة قد تطول .
حيدر
يا أنشودة الأحرار في بلادي وياخبز الفقراء وترنيمة المتهجدين .
يا من بكته العيون على امتداد قارات الدنيا الخمس ، ولم تصدق العقول أن شعلة البهاء والعطاء على قناة المنارقد انطفأ وهجها أو أنك تركت ساحات الجهاد ومضيت ، بل هي استراحة المجاهدين .
فيا واهب الصبر ليعقوب على فراق ولده يوسف ، عليهما السلام .
ويا مثبت قلب أم المصائب زينب أمام فجيعة فراق آل بيت النبوة ، عليهم السلام أجمعين .
اللهم هب لأم المجاهد الشهيد حيدر الغول ولذويه ولكل محبيه الصبر والثبات أمام هذه المصيبة وهذا الإمتحان .
اللهم اكتبه مع المجاهدين الشهداء واحشره مع أنبيائك والصالحين الأتقياء وارفع له الدرجات في نعيمك المقيم .
فبإسمي وبإسم آل الشهيد الحاج حيدر الغول وبإسم الجالية الخيامية ، أتوجه بالشكر والإمتنان ، والدعاء للعلي القدير أن يحفظ كل من شاركنا وواسنا في هذا المصاب الجلل وأن يحفظ كل المؤمنين وألا يفجع أحداً بفقد عزيز أو حبيب ، وآخر دعوانا أن الحمد لله والذي لايُحمد على مكروه سواه .
بسم الله الرحمن الرحيم
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا . صدق الله العلي العظيم .
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وإنّا لله وإنّا إليه راجعون . والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته
* الصور: في يوم تشييع الشهيد في الخيام
تعليقات: