تصنيع حطب <جفت> الزيتون في حاصبيا
حاصبيا:
أمام الأوضاع الإقتصادية الضاغطة التي تحاصر المواطن اللبناني في كل إتجاه منذ مدة طويلة وبخاصة الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود نشطت في حاصبيا ومنطقتها في الآونة الأخيرة صناعة حطب الجفت المكونة من مخلفات ثمار الزيتون بعد عصرها وإستخراج الزيت منها بحيث باتت هذه المخلفات مادة أساسية تستخدمها معظم العائلات الحاصبانية في موسم الشتاء لإتقاء شر البرد والصقيع عوضاً عن حطب الأشجار وهرباً من الإرتفاع الجنوني لأسعار المحروقات ومشتقاتها وخاصة مادة المازوت المعدة للإستخدام المنزلي·
صناعة حطب الجفت في منطقة حاصبيا حديثة العهد وتعود لسنتين فقط وهي فكرة مقتبسة عن الدول الأوروبية وبعض الدول الشرق أوسطية التي تشتهر بزراعة الزيتون مثل إيطاليا، اليونان، تركيا وسوريا وغيرها من الدول الزراعية الأخرى وجاءت بعد تجارب عديدة من قبل أصحاب معاصر الزيتون الحديثة إلى أن توصلوا أخيراً إلى إعتماد آلة أطلقوا عليها إسم <معمل الحطب الصناعي لجفت الزيتون> وهي آلة صغيرة الحجم قياساً لتسميتها يتم من خلالها معالجة فضلات الزيتون وتحويلها من معجون لزج إلى قطع حطبية متساوية الأحجام والأوزان اسطوانة الشكل يسهل إستخدامها في الصوبيات والمواقد خلال فصل الشتاء بدلاً عن الحطب أو المازوت أو الغاز ونتيجتها أفضل بكثير نظراً للحرارة المرتفعة المنبعثة منها خلال اشعالها·
صاحب أحد معاصر الزيتون الحديثة في حاصبيا رشيد زويهد يصف هذا المعل بصديق البيئة والطبيعة والمزارع أيضاً نظراً لفوائده المتعددة ويقول زويهد: ان صناعة معمل الحطب باتت صناعة وطنية وجاءت بشكل يتلاءم مع واقع المزراع اللبناني وكذلك بالنسبة للمستهلك أيضاً وهذا المعمل يعمل على الطاقة الكهربائية ويمكن نقله بكل سهولة بين معصرة وأخرى حسب الحاجة ويعطي النتيجة المرجوة على أكمل وجه ولا يتطلب لأكثر من عاملين لتشغيله الأول يضع تفل الزيتون أو فضلات الزيتون في الجرن والآخر ينقله من فوهة المصنع بعد عصره بشكل قطع صغيرة لا يتعدى طول كل منها الـ 25 سنتم لتوضع تحت أشعة الشمس مدة أسبوع أو عشرة أيام كحد أقصى ثم توضب بعدها أكياس أو في صناديق بلاستيكية سعة كل منها 30 قطعة متساوية لتطرح بعدها في الأسواف وتكون جاهزة للإستخدام المنزلي
· ويلفت زويهد إلى أن معمله بإستطاعته تحويل 15 طناً من فضلات الزيتون إلى حطب في اليوم الواحد كما أن سعره أرخص بكثير من سعر الحطب الطبيعي ومن المازوت أو الغاز وبإمكان العائلة الواحدة أن توفر 50% من ميزانيتها المخصصة للتدفئة طيلة فصل الشتاء وخاصة في المناطق الجبلية كما وأن هذا النوع من الحطب صحي وخال من الروائح الكريهة عن إشعالها في المواقد كالتي تنبعث من المازوت أو الغاز وتشكل ضرراً على صحة الأطفال·
ويضيف زويهد: أمام هذا النجاح الكبير الذي حققه هذا المصنع بات ضرورياً تعميمه على كافة معاصر الزيتون في هذه المنطقة وفي المناطق اللبنانية الأخرى التي تشتهر بزراعة الزيتون فبالإضافة إلى مردوده المادي على المزارع كما على صاحب المعصرة أيضاً له فوائد أخرى عديدة ومهمة خاصة لجهة الحفاظ على البيئة وعلى الطبيعة، فخلال السنوات بل العهود الماضية كانت فضلات الزيتون وزيباره ترمى بشكل عشوائي في كل إتجاه وكانت تؤثر بشكل سلبي على البيئة من خلال الروائح الكريهة التي تنبعث منها ناهيك عن التلوث الذي كان يلحق بالمياه الجوفية نتيجة تسرب زيبار الزيتون إلى باطن الأرض كما وأن هذه الصناعة حدث وبنسبة كبيرة من الهجمة الشرسة التي كانت تتعرض لها الثروة الحرجية البرية لتأمين حاجة المنزل في فصل الشتاء خاصة من قبل الفقراء الذين ليس بمقدورهم شراء المازوت أو الحطب·
وأخيراً طالب زويهد الجهات المعنية في الدولة وبخاصة وزارة الزراعة مد التعاونيات الزراعية في المناطق اللبنانية بمثل هذه المعامل خاصة وأن تكلفتها ضئيلة جداً وبذلك تكون قد عملت على دعم المزارع من جهة وساهمت إلى حد كبير في الحفاظ على البيئة وعلى الطبيعة أيضاً·
تعليقات: