«جحدر» في دور «النمس»!

«النمس» في مسلسل «باب الحارة»
«النمس» في مسلسل «باب الحارة»


دمشق:

لم يكن الفنان مصطفى الخاني يتوقع نجاح شخصية «النمس» في مسلسل «باب الحارة» بالشكل الذي يحصل اليوم، ويجد تعبيره على الأرض بعدم قدرة النجم الشاب على التحرك بسهولة في شوارع مدينة دمشق، حتى بلغ الأمر معه في إحدى المرات حد الاستعانة بالشرطة لتخليصه من أيدي معحبيه في سوق «الصالحية « الشهير في وسط العاصمة التجاري.

كان النجم الشاب والمدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية يضبط دوره في «النمس» ضمن إيقاع دأب عليه من قبل حين قدم شخصية «جحدر» في مسلسل «الزير سالم» وشخصية «هرغل» في «سقف العالم» ومعلم جبران في مسلسل «جبران خليل جبران»، أي «تقديم شخصية متميزة على صعيد الأداء تترك بصمة عند الناس». بدا الخاني مطمئناً مع المخرج بسام الملا إلى نجاح الشخصية بعدما سعى إلى إضافة ما يعتبر انه يحقق فرادة شخصيته، فلملم مجموعة من ملامح الشخصية من الشارع ومن تجاربه الحياتية وقراءاته، جاعلاً من شخصية «النمس» الأحادية الجانب (الشر) في العمل شخصية مركبة طريفة تنطوي على مجموعة من التناقضات الإنسانية التي من شأنها إيقاع المشاهد في حيرة من أمره، فهل يكره «النمس» الخبيث، أم يحب هذه الشخصية الطريفة الذكية التي تحب المقالب؟

عند هذا الحد ينتهي اجتهاد مصطفى الخاني في محاولة النهوض بدوره لتحقيق بصمة بجودة الأداء وفرادة الشخصية. إلا أن نجاحاً استثنائياً حققه الفنان الشاب في المسلسل تجاوز هذا الاجتهاد، فقد انتشرت بين الناس عبارات «النمس» في إلقاء التحية كما درجت تعليقاته وحركاته الراقصة. وقد تم هذا ولم تتكشف كامل تفاصيل الشخصية بعد، إذ ذهب البعض إلى التمني ألا تكون شخصية «النمس» خائنة أو عميلة للفرنسي في ما يشبه إقراراً بمحبتها. فهل كانت جماهيرية «باب الحارة» الكبيرة هي السبب، أم أن الجمهور أعاد اكتشاف قدرات الشاب التمثيلية؟

في الحقيقية، إذا كان نجاح الشخصية مذهلا إلى هذا الحد حتى بالنسبة إلى أصحابها، فمن المرجح لقراءة هادئة للشخصية وظروف عرضها، ومقارنتها مع شخصيات ناجحة قدمها الخاني من قبل، أن تنتهي بنا إلى درس مهم في مقاربة فهم سلوك المشاهدة للجمهور العربي الذي نكاد نجزم بأن لا وصفة جاهزة لفهمه.

بالنسبة إلى الممثل مصطفى الخاني فإن أولويات العمل في التلفزيون كانت دائماً رهن أدوار متميزة حققت له لاحقاً حضوراً لافتاً وقت عرضها، يأتي في مقدمتها شخصية «جحدر» في مسلسل «الزير سالم» الشهير للمخرج حاتم علي. ولعلنا لا نجافي الحقيقة حين نقول إن الكثيرين لا يعرفون أسماً للفنان مصطفى الخاني سوى «جحدر» في إشارة للجماهيرية والانتشار الواسع الذي حققه المسلسل له، وقد بدا طريفاً أن يستفيض الناس في الحديث عن «الممثل جحدر الذي يؤدي اليوم شخصية «النمس» في مسلسل باب الحارة»!.

إلا أن حضور الخاني الفني وفق وصفة «جودة الأداء وفرادة الشخصية» التي يتبعها الفنان الشاب بصرامة لم تقتصر على مسلسلي «الزير سالم» و«باب الحارة» فقد عرف الخاني كواحد من الأسماء الفنية المخلصة للعمل في المسرح، ويكاد لا يمر عام من دون أن يقدم عملا مسرحيا على الأقل، فضلاً عن عمله تحت إدارة المخرجين العالميين وفي مقدمتهم المخرجة الفرنسية أريان موشكين، وقد سبق وقدم الشاب أدواراً مميزة في مسلسلات مهمة لمخرجين مهمين منها «سقف العالم» للمخرج نجدت أنزور، و«جبران خليل جبران» للمخرج محمد فردوس أتاسي و«يوم ممطر آخر» للمخرجة رشا شربتجي. فلماذا «جحدر» و«النمس» بالذات من حققا الجماهيرية للممثل الشاب؟!

في انتشار هاتين الشخصيتين ما يعكس توق الناس لرؤية شخصية تمثيلية وفق معادلة حضور صحية تجمع سلامة الشرطين الفني والفكري إلى جانب البراعة التمثيلية، وصهرها جميعها في بوتقة واحدة تحقق الحضور الجماهيري الفني المضمون. فهل تصلح هذه التركيبة لما نريده للدراما العربية عموماً والسورية على وجه الخصوص؟ راقبوا نجاح «جحدر» بشخصية «النمس» واطمئنوا للنتيجة!.

تعليقات: