جسر الحاصباني
كارثة بيئية ترتكبها السلطات المختصة في حق حاصبيا والقرى المحيطة،
المطلوب إعادة نظر جدية في المشروع لوقف مجزرة بدائلها موجودة..
حتى نشر التحقيق عن مشروع سد وادي إبل السقي عند التخوم الجنوبية لحوض الحاصباني في "النهار" في السادس من هذا الشهر، كان كل شيء هادئا في المنطقة، وظلت سياسة التعمية هي السائدة من المعنيين بهذا المشروع. واذا سألت أحدا في الوزارات المختصة قالوا لك إن "معالي الوزير أصدر تعليمات مشددة وتحت طائلة المسؤولية بعدم اعطاء أي معلومات او تفاصيل عن هذا المشروع لأحد، حتى لرؤساء بلديات قضاء حاصبيا، وتحديدا لرئيس بلدية حاصبيا كامل ابو غيدا المعني مباشرة بالانعكاسات السلبية لهذا المشروع على ممتلكات أهالي البلدة، وبالأخص على حوض نبع الحاصباني".
مسؤوليات... واستغراب
التحقيق في "النهار" وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، إذ إن منسوب التوتر ارتفع الى حد إراقة الدماء اذا ما حاول أحد المس بهذا الحوض الذي يعتبر من أغنى وأجمل الاحواض في لبنان، بعدما عقدت حلقات كثيرة بين المزارعين والمالكين والاهالي والمسؤولين المحليين، وتوصلوا الى اتفاق يقضي بقيام وفد يمثلهم بمقابلة المسؤولين الرسميين وخصوصا من هم وراء هذا المشروع الذي ستموله السوق الاوروبية المشتركة وينفذه مجلس الانماء والاعمار وبالتنسيق التام مع وزارة الموارد المائية والكهربائية.
والمستغرب في الامر ان تلزيم هذا السد، الذي تم منذ مدة غير بعيدة، لم يمر عبر مجلس الوزراء لدراسته ومناقشته، وأن الوزيرين طلال ارسلان ووائل أبو فاعور لا علم لهما به، كما أفادت مصادر مقربة منهما، وبذلك يكون قرار التلزيم لهذا المشروع الذي تبلغ مدة تنفيذه ست سنوات، ولم يمر عبر الاقنية الشرعية والقانونية، ما يسمح لأصحاب العلاقة من الملاكين بالطعن فيه قانونا، والتصدي لتنفيذه بالوسائل المشروعة.
على مرحلة واحدة!
وتبين من الخرائط المرفقة ان هذا المشروع لن يكون على ثلاث مراحل وانما على مرحلة واحدة، وتم تلزيمه على هذا الاساس. ويبلغ ارتفاع مجرى نهر الحاصباني في النقطة المحددة لاقامة السد 62 مترا عن سطح البحر، تضاف اليها قاعدة بسماكة 28 مترا ومنها ينطلق السد بارتفاع 40 مترا، ليصبح الارتفاع الاجمالي عن سطح البحر 530 مترا.
وبذلك تغمر مياه السد اكثر من 2500 دونم من بساتين الفاكهة وحقول الزيتون و20 منزلا وعددا من الفيلات في حوض الحاصباني الذي يربط حاصبيا وقراها ببقية المناطق اللبنانية، وتلامس المياه هناك المطاعم والمقاهي التي تقع في الجانب الشمالي من الجسر.
انها كارثة بيئية حقيقية ترتكبها السلطات الرسمية في حق أهالي حاصبيا والقرى المحيطة عن سابق تصور وتصميم، ويقول الاهالي انها لن تمر إلا على جثثهم. وفي جانب آخر من السد تغمر مياهه البساتين والحقول الكثيرة التابعة لبلدة كوكبا ولقرية أبو قمحة. اما الطامة الكبرى فستقع على بلدة الفرديس حيث ستجتاح المياه 46 منزلا مأهولا، ما يعادل نصف منازل البلدة، ومعها عشرات كروم الزيتون والمنشآت، حتى ان المياه ستصل الى المدخل الغربي لبلدة الهبارية "مصحوبة" بأضرار جسيمة ايضا.
إعادة النظر ضرورية
هذا الامر يتطلب اعادة نظر جدية لوقف هذه المجزرة الطبيعية والطارئة التي لا موجب لها. وثمة اقتراحات عملية وسهلة التنفيذ من دون أن تتسبب بأضرار وتعود بالمنفعة على كل أهالي منطقتي حاصبيا ومرجعيون. من هذه الاقتراحات، أن ذاك الوادي الذي سيقام عنده السد الى الشرق من ابل السقي يمتد جنوبا لأكثر من 400 متر، وطبيعة الارض وجغرافيتها تشكل المواصفات عينها، وفي الامكان نقل السد الى هذه المنطقة من مجرى النهر حيث يقام على بعد يراوح بين 300 و400 متر جنوبا، وبذلك يؤمن الكمية الملحوظة حاليا، وهي حوالى 55 مليون متر مكعب من المياه. كما أن هناك اقتراحا عمليا آخر، وهو بناء السد في مكانه المقرر، ولكن ليس بارتفاع 40 مترا، بل بارتفاع 25 مترا فقط، وبذلك يتم تخزين حوالى 15 مليون متر مكعب حتى جسر الشقعة، الذي يربط منطقة العرقوب بغيرها من المناطق، وبناء سد رديف الى الشمال من نبع الحاصباني قليلا، حيث مجرى نهر الفاتر الذي يأتي من منطقة راشيا الوادي. وفي امكان هذا السد، اذا تمت الموافقة على إنشائه ان يعوض الـ40 مليون متر مكعب التي يخسرها سد ابل السقي. وخارج هذا الاطار فان هذا المشروع لن يرى النور، لانه في مثابة عملية انتحار جماعية لمنطقة حاصبيا، ولأهالي حاصبيا تحديدا...
وادي نهر الفاتر شمال نبع الحاصباني
رئيس البلدية كامل ابو غيدا يعرض خريطة السدّ
أبو غيدا وأعضاء من المجلس البلدي
المقاهي على ضفاف مجرى نهر الحاصباني
تعليقات: