طلـّوا الصيادي
في جرود عكار فصل صيف من نوع آخر، يبدأ منتصف شهر أيلول ويدوم حتى تشرين الثاني.
هذا الفصل مخصص لصيادي الطيور ومسجّل حصرياً باسمهم.
فمع بداية تحضير العائلات للموسم الدراسي وعودة ربط المنبهات على السادسة صباحاً، يبدأ الرجال بأمور أخرى كتخزين الخرطوش من كل العيارات «فالسنونو بدّو خرطوشة زغيرة، والحوْم والبواشق خرطوشة أكبر وأغلى»، حسبما يقول راني حداد الذي عاد أهله إلى بيروت فيما بقيَ هو لممارسة هوايته المحبّبة. فيما فرض رضا موسى على أهله تأخير عودتهم إلى برج حمود بسبب «بدء موسم الصيد»، ووافق الأهل على أمل أن يمضوا وقتاً أكثر مع ابنهم في قريتهم بزبينا مع أن بيتهم الصيفي يقع في بَسحل (جرود كسروان). وللآباء حصتهم من رحلات الصيد ولزوجاتهم حصة في «النقّ» على غيابهم المتكرر عن المنزل، هكذا تشكو ميراي «أنهض معه الخامسة فجراً لأحضر زوادته قبيل انطلاقه لصيد العصافير، يعود ظهراً حوالى ساعة من الوقت ليصعد بعدها إلى قمة الجبل لصيد الحوْم حتى مغيب الشمس». لا تنفع تبريرات زوجها عن وجوده معها في المنزل خلال الليل «لأنو كل حديثو عن شو صيّد اليوم ومين صيّد أكتر شي بالضيعة».
برأي مجد وهبة من قرية بينو، فإنه يتاح لأهل المنطقة تمضية عطلتين مختلفتين: ليالي بيروت وشمس شواطئها خلال شهري الصيف الأوائل «والآن تحلّ نعمة جبال عكار علينا». ولقد انتقلت عدوى الصيد لمراهقين لم تتعدَّ أعمارهم الثالثة عشرة، فنفض هؤلاء أياديهم من أجهزة الكومبيوتر والألعاب «الصبيانية»، وراحوا يخططون لمشاريع صيد مشتركة مع ذوي جيلهم دون حسيب أو رقيب. ولعلّ الطريقة الوحيدة لضبطهم تمثلت في فرض ذهابهم مع من يكبرونهم سناً خوفاً من تكرار حوادث الإصابات البشرية «بالغلط» بين صفوفهم.
يؤكد أصحاب محال الصيد أن وتيرة المبيع العالية لم تتأثر كثيراً برغم ارتفاع أسعار الخرطوش تصاعدياً في السنوات الأخيرة، فقد وصل سعر بعض الأنواع إلى ثلاثين ألف ليرة لبنانية لكن «الصياد بيوفّر من كل شيء إلا من الخرطوش».
تعليقات: