«سيرين عبد النور» تطلــب الطــلاق.. فهــل تنــاله؟

سيرين عبد النور
سيرين عبد النور


في الثالث عشر من الشهر الجاري تطل «سارة» أو سيرين عبد النور على قناة «أم تي في»، في دراما لبنانية ترفع لواء الحفاظ على حقوق المرأة من خلال قصة بطلة تعاني خيانة الزوج وتريد الطلاق لكن المجتمع يقف لها بالمرصاد.

تشبه القصة التي كتبتها كلوديا مرشليان وأخرجها سمير حبشي عشرات القصص التي نسمعها يومياً. إذ ترمي الكاتبة حسب قولها إلى تسليط الضوء «على بعض الأحكام الجائرة التي تقيّد حركة المرأة، فمثلاً تصبح «سارة» بعد طلبها الطلاق مرعوبة من تناول فنجان قهوة بصحبة زميل لها حتى لا يستغل زوجها الفرصة ويستشهد بذلك في المحكمة كدلالة على خيانتها، وغيرها من القوانين التفصيلية التي تحد من حرية المرأة. إلا أني بالاتفاق مع المخرج، اتجهنا أكثر إلى التركيز على الأوضاع الاجتماعية للمرأة اللبنانية أكثر من تلك القانونية».

زارت «السفير» موقع تصوير المسلسل في منزل في قرنة شهوان. هنا يعمل المخرج حبشي على مشهد صعب مع فريق عمله، إذ تصل وقاحة الزوج الخائن (يوسف حداد)، في سيناريو مرشليان، حداً لا يتورع فيه عن اصطحاب عشيقته إلى الفراش الزوجي بعدما هجرته الزوجة. تتلقى «سارة» اتصالا من زوجة حارس منزلها تبلغها عن أفعال زوجها. تقفل المرأة المحبطة الهاتف، تتوجه ببطء نحو المقعد المواجه لأخيها وحبيبته. تخبرهما بما علمت والحزن يثقل لهجتها: «ادعوا لي ليتم الطلاق بأسرع وقت ممكن وأولادي يصيروا معي، وصدقوني لو بدو يلبسها بيجامتي مش فرقاني معي»، ثم تبحر بعينيها الشاردتين في أعماق اليأس. ينتهي المشهد لكن حبشي يعترض على ردة فعل الأخ، طالباً المزيد من التفاعل مع «مصيبة» أخته. يعاد المشهد من جديد.

بين الواقع والسيناريو

يركز المسلسل على وجهة النظر الاجتماعية التي لا تدين خيانة الزوج، ولا تعتبرها سبباً كافياً للحصول على الطلاق في حين تُرجم المرأة الخائنة. هنا يمكن الاستشهاد بمشهد من العمل نفسه، عندما يحاول والد «سارة» تذليل الأسباب التي تدفعها لطلب الطلاق، معتبراً أن خيانة الزوج «أمر طبيعي»: «وإذا خانك زوجك، شو أنا ما خنت إمك، من أيام شبابي لهلق، ما بعرف حدا ما خان مرتو»(!). إضافة إلى مشاهد أخرى متعلقة بقرارات اتخذتها «سارة»، منها قرار استقلالها في شقة وحدها، ما أثار سخط عائلتها، وجعل سيرتها تسلية الألسن الماكرة.

إلى هنا، يظهر السيناريو بإتقان معاناة امرأة قررت كسر الحواجز الاجتماعية للحصول على حقها بالطلاق. لكننا نعود ونجده يقع في فخ من نوع آخر. ففي حين يعلم القاصي والداني صعوبة طلب الطلاق والوضع النفسي للمرأة وقد تعرضت للخيانة وما يتبعها من ردود فعل وما تعانيه من مرارة البعد عن أولادها، قرر المسلسل أن تُغرم «سارة»، أثناء فترة طلبها الطلاق، بطارق (يوسف الخال). هو أمر نادر الحدوث في أرض الواقع بسبب التمييز الذي تعانيه المرأة المطلقة أولاً والوضع النفسي الذي تمر فيه ثانياَ. لكن لمرشيليان مبرراتها: «إن المرأة في مثل هذه الظروف، تكون بحاجة ماسة إلى رجل آخر، بل أحياناً قد ترمي نفسها بأحضان أي رجل يتلقفها. ربما انتقاماً من زوجها وانتقاماً لنفسها. وكما هناك امرأة تنعزل عن الناس في خضم الطلاق وبعده، هناك المرأة التي تحب ثانية خصوصاً أن سارة كانت تعاني الظلم والاهمال من زوجها».

لكن هذا لا يمنع بعض التساؤلات التي قد تجتاح المشاهد، والذي قد يختلط عليه مضمون الرسالة التي يريد العمل إيصالها. فالحال هذه تعني أن السيناريو يقول إن المرأة اللبنانية حرة، ومتاح لها العديد من «أبواب الفَرَج»، حتى في أحلك ظروفها. لا بل للأمر ردة فعل معاكسة عند البعض الذي يعتبر ان «سارة» بدورها امرأة خائنة كونها أغرمت بشخص وهي لم تنل الطلاق بعد. تجيب مرشيليان عن هذا: «سوف تظهر التفاصيل وكيفية تصرف «سارة» للناس إذا كانت هذه المرأة حرة أم لا، وإذا كانت خائنة أم لا، فهذه العلاقة تلاقي صعوبات كثيرة، وقد لا تبصر النور بسبب ظروف سارة الصعبة». من جهته، يرى حبشي «أن الحب هو صانع الدراما، ومن دونه تصبح الدراما جافة، لا طعم لها ولا لون. وكما يحق للرجل أن يحب، للمرأة أيضاً حق في ذلك».

من البديهي أن وجود رجل مثل طارق، وهو رجل شرقي لا يمانع من الاقتران بامرأة قيد الطلاق ولها أولاد، ليس مستحيلاً، لكنه حتماً شخص نادر في مجتمع ذكوري. فإلى أي مدى يمكن للعمل الدرامي «سارة»، أن يكون ركيزة لابراز التمييز الذي تعيشه المرأة؟ يرى حبشي أن وقوعها في الحب «يزيد من مأساة سارة، فهذا الحب يشكل حافزاً أكبر لها للحصول على الطلاق، وبالتالي فإن المماطلة في الأمر، سواء من قبل المحاكم أو زوجها، يزيد من عذاباتها».

بلا محاكم

يبدو لافتاً في العمل، عدم تصوير مقتطفات داخل المحاكم الروحية التي تعتبر حجر الأساس في هذا العمل. يبرر المخرج: «يبدو أن العائلة في هذا العمل مسيحية، ولا يمكن إظهار أي إشارات تنتمي إلى المسيحية في المسلسل، لأنه يتعذرعندها توزيع العمل في الدول العربية. المجتمع العربي لا يتقبل الآخر». ويضيف: «نستعيض عن تصوير المحاكم بتوضيحات عن التفاصيل في الحوارات التي تحصل بين سارة والمحامي أو بينها وبين أخيها».

في نهاية المطاف يُحسب للعمل أنه استطاع أن يجمع بين قلم مرشليان التي تعي معاناة بنات جنسها تحت وطأة ومتطلبات المجتمع الذكوري، وتأييد حبشي ابن المجتمع نفسه، وأن يصرا معاً على ضرورة الدفاع عن حقوق المرأة.. ولو درامياً.

تعليقات: