المهندس علي زراقط يُطلع الزميلة ثريا حسن زعيتر على ما نشر عنه في الصحف
نال جائزة عالمية·· وقدّم أكثر من 18 إختراعاً يعتمد على الحركة..
الجنوب:
لا يختلف إثنان على أن لبنان بلد صغير بمساحته الجغرافية، ولكنه كبير ومتألق بإبداعات أبنائه على مختلف طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم، فمن المخترع حسن كامل الصباح مروراً بالفيزيائي جواد مرتضى، وصولاً إلى العالم رمال رمال·· حديث يطول عن عباقرة لبنان من أبناء الجنوب ممن حققوا إنجازات مهمة في الإبداع العلمي ما زال يتردد صداه حتى الآن··
ويوم بعد آخر، يواصل لبنان تقديم مبدعيه ومخترعيه، ومن بينهم المخترع الجنوبي المهندس علي محمد زراقط، الذي إستطاع أن يسبر غور <حركة الآلات>، وخصوصاً داخل الساعات وإشارات المرور، مقدماً نحو 18 إختراعاً في ميدان إختصاصه الهندسي على مدى 3 عقود من الزمن، متنقلاً فيها بين ألمانيا ولبنان··
وقد ساهمت إختراعات زراقط بتصحيح صورة العرب المهاجرين المشوّهة عبر وسائل الإعلام الغربية، التي غالباً ما تنشر معلومات مغلوطة عنهم، بل وتصل أحياناً إلى حد الربط بينهم وبين الإرهاب·· إن المبدعين مهما طال بهم ليل الإغتراب، فإن نهاية المطاف هو العودة إلى وطنهم الأم لبنان، حتى لو كانوا أمواتاً، لذلك يفضلون أن يحظوا بالإهتمام والرعاية من وطنهم وهم أحياء، بحيث يلقون الدعم والاحتضان للقيام بواجبهم··
<لـواء صيدا والجنوب> توقف مع المهندس زراقط خلال زيارته لبنان لعرض أربعة إختراعات جديدة، ليطلع منه على ماهيتها وأهميتها، ونظرته إلى الإبداع وحكمته في الحياة، حيث أكد أنه يؤمن بمقولة تمثل له معادلة تماماً، كما المعادلات العلمية التي تقود إلى الإختراعات والنجاح <إما العمل أو الخمول>··
الولادة·· والبداية ولد المهندس علي محمد زراقط في الكويت عام 1958، متزوج ولديه ثلاثة أولاد، هاجرت عائلته من لبنان إلى الكويت، وبعد قرار العودة من جديد إلى لبنان منتصف السبعينيات، إندلعت الحرب الأهلية اللبنانية، فقرر السفر إلى ألمانيا وحيداً، لم يعجب القرار والده محمد زراقط خوفاً عليه من الضياع بين أحضان الحرية واللهو، ولكنه فعل عكس كل هذه المخاوف، بنى نفسه بعصامية، فحضر إلى ألمانيا مجهولاً قبل أن يعود إلى لبنان مخترعاً مشهوراً·
يقول: لقد دفعتني الحرب كما آلاف آخرون لمغادرة الوطن والهجرة إلى ألمانيا، حيث واجهت ظروفاً صعبة في البداية، لكنني تغلّبت عليها كغيري من اللبنانيين، رغم الجوع والتجول في الشوارع بحثاً عن العمل ولقمة العيش معاً، وكانت البداية في العام 1977 - أي بعد عامين بدأت العمل في محل ساعات، كانت الإنطلاقة من الصفر، وما ساعدني صدور قرار ألماني يتيح لكل عامل دراسة <ماستر>، وتتحمل الدولة 80% من التكاليف، فقررت الإنخراط في هذا <الماستر>، لم يوافق رئيس الشركة تحت مبرر أنني لا أجيد اللغة الألمانية وهي صعبة فعلاً، لكن ما ساعدني ما كتبه عني المدير من أنني عامل مخلص ونشيط، وقد قمت بإختراع بعض الأشياء البسيطة آنذاك، فحصلت على فرصة ونجحت خلال 5 أشهر وحصلت على <ماستر مهندس> بدرجة جيد جداً، واختصرت الطريق إلى النجاح·
وأضاف المهندس زراقط: وفي العام 1980، منحت الجنسية الألمانية بقرار من وزير الداخلية الألماني، ولم أكن أتوقع ذلك، كنت أطمح بالحصول على إقامة، فأصبحت أول لبناني يحصل على الجنسية الألمانية خلال 5 سنوات فقط تكريماً للأعمال التي قمت بها، وحصولي على الجنسية فتح لي الأفاق، فتمكنت من توفير الظروف الملائمة لتحقيق أحلامي، وكم فقيرة هي حياة الإنسان دون أحلام·
وفي العام 1996، منح المهندس زراقط جائزة عالمية من مدريد كأحسن تصميم لساعة تعمل على شيء غير مرئي يقوم على الحركة سواءً في آلة أو ساعة، قبل أن يعلن عن إختراع <الساعة العجيبة>، وهي توضع عادة للكنائس بتكنولوجيا جديدة، كما إشارة المرور ليعلم السائق متى يضاء اللون الأخضر للسير، وقد عرضها في لبنان، ولم يوافق عليها، فعاد إلى ألمانيا واعتمدت هناك·· وبقي في ألمانيا بضع سنوات قبل أن يعود مجدداً إلى لبنان هذه الأيام ليقيم معرض في قصر <الأونيسكو>، ليعلن عن 4 إختراعات جديدة، على أمل أن يتم إعتمادها في لبنان خلافاً للمرات السابقة·
<الساعة الخيالية> وشرح المهندس زراقط الاختراعات الأربعة، وهي: - الإختراع الأول: <الساعة الخيالية> بإسم الشهيد الرئيس رفيق الحريري، إكراماً لشخصيته وعطاءاته العظيمة، ليكون عنواناً يفتخر به كل عربي، إن إختراعي جسّدت فيه فلسفة الحياة والموت، ورأيت فيه الحقيقة المطلقة - أي أنني صنعتها كي أثبت للناس حقيقة الحياة المطلقة، ساعة تموت الثواني فيها لتكون الحياة وتتصاعد الفقاعات الهوائية ليكون الزمن، ستة أنابيب تحمل الوقت لقد حصرت الأبدية داخل أنابيب فارغة لتدور إلى ما لا نهاية، أما الفقاعات الهوائية فجعلتها الزمن الذي يحمل معه أعمالنا إلى السماء أنها الحقيقة المطلقة، وهذه الساعة سميت بـ <الخيالية> لفرادتها وسريتها التامة، مكوّنة أكثر من 500 قطعة واحتجت إلى أكثر من سنتين من الوقت دون يأس وكلل، لحين تم نجاح هذا الإختراع، لا يوجد أي جهاز مرئي ولا إتصالات كهربائية مباشرة إلى العقارب، وصفها المهندسون وأساتذة الفيزياء في ألمانيا بالمعجزة، لأنها تعمل بطريقة لم تكن في حسبان أحد· وليس هذا فقط بل عجزوا عن إكتشاف حركتها، إذ تعمل بدقة عالية على طريقة البث الذري 24 قمراً إصطناعياً موجهاً لها، هذا يعني أن دقتها متناهية، وتقدم كل مليون سنة أقل من ثانية واحدة فقط، وعند انقطاع التيار الكهربائي عنها ستتوقف كلياً، ولكن عندما تعود الكهرباء إليها تعود بضبط الوقت تلقاء نفسها بالمليون الثانية أوتوماتيكياً، ولا تحتاج إلى صيانة، لقد أطلق على هذا الإبتكار من قبل أساتذة الهندسة والفيزياء والإعلام الغربي بالمعجزة الميكانيكية ومصباح علاء الدين السحري، ولقبت بساحر الوقت لفرادتها، وقد ذهل من رآها· لقد طرح عليّ من قبل احدى الجامعات الألمانية أن نعمل على مسابقة بين الطلاب الجامعيين عن فك لغز عمل هذه الساعة·
مجسّم للقمر - الإختراع الثاني: عبارة عن مجسم للقمر على شكل هلال، الفريد من نوعه في العالم والأكبر عند الوقوف خلف القمر - <الهلال>، نرى نوافير مياه تتساقط من أعلى الهلال إلى الأسفل، فسيتبين لنا القمر دائري الشكل، ولدى الوقوف أمام هذا الهلال، سنرى نافورة مياه ضخمة على شكل عقرب ساعة إرتفاعها أكثر من 10 أمتار تتحرك حسب الوقت بدقة متناهية، لأنها تعمل أيضاً على البث الذري، حتى لو انقطع التيار الكهربائي عنها تستطيع ضبط نفسها تلقائياً واحد بالمليون ثانية عند رؤيتك إليها، خصوصاً في الليل يقشعر بدنك من جمالها وفرادتها، إنها رمز الإسلام والسلام، أما قطرها فهو أكثر من 25 متراً·
<وردة الزمن> - الإختراع الثالث: عبارة عن ساعة ورد سميتها <وردة الزمن>، تعد أكبر ساعة ورد في العالم، لأن قطرالساعة وحدها أكثر من 18 متراً شلالات مياه متساقطة تدل على التجدد والتفائل، وتعمل أيضاً على البث الذري، وقد صممت هذه الساعة كي تضع في ساحة الشهداء، لأنني أرى أنها تليق هناك بالنسبة للمعنى التي تحملها رمزاً للحرية·
كاسحة ألغام متطورة - الإختراع الرابع: عبارة عن كاسحة ألغام متطورة، وهي آلة لتنظيف الأراضي من القنابل والألغام المزروعة بواسطة الأفراد ومن الحجارة والحصى، وتقوم بعمليات التفجير والتكسير الضرورية داخلها، وتعتمد هذه الآلة على تكنولوجيا حديثة جداً تعمل بفعالية وسرية، ويتم تشغيلها عن بعد ومن خلال الأقمار الصناعية، في حين أن نزع الألغام والقنابل العنقودية في الجنوب اللبناني، على سبيل المثال، لا يزال يعتمد على العمل اليدوي، ويعرض من يقوم به لخطر الإصابة حتى الموت·
غضب ودعوة بيد أن المهندس زراقط لا يخفي غضبه من أن عرضه للإختراعات الأربعة الجديدة لن تلقى الأذان الصاغية من المسؤولين <لا كرامة لمخترع في وطنه>، ويقول: <حتى الآن لم أجد أي تشجيع>·· نافياً أن يكون السبب أنني قدمت إختراعات في ألمانيا، بل ربما لأن إسمي علي زراقط>·· رافضاً <أن يتم تكريم العلماء والمخترعين بعد وفاتهم، كما حصل مع العالم حسن كامل الصباح ورمال رمال>·
وأضاف: لقد قلت لرئيس الجمهورية أرفض التكريم بعد الممات، لا أريد أن يضحك عليّ أحد، ما قيمة أي تكريم بعد الممات، يجب أن يكون التكريم في الحياة، ولبنان يجب أن يُكرم هؤلاء المبدعين والمخترعين، لأنهم يكرمونه أيضاً، وإذا لم نفعل فكأننا لم نقدم شيئاً للبنان·
ويحلو للمهندس زراقط أن يصف نفسه بأنه <عاشق لبنان>، ويقول: <لبنان مثل الحبيبة، أقدم لها كل شيء من أجل أن تحبني ولا تفعل، فيكون أمامي خياران: إما الإنتحار أو الإستمرار بعشقها، رغم الأسى· وأنا قررت أن أبقى أعشق لبنان، رغم كل شيء>· وقال: إن حلمي أن أفتح جسراً علمياً بين لبنان والعالم الخارجي، جسر متطور يعطي صورة مشرقة عن لبنان، بالعلم والعقل هناك حلول لكل شيء، للنفايات التي نعاني منها أتخيل أن نصل يوماً إلى أن ندفع ثمن النفايات للناس عبر إعفائهم من الضرائب، وتوزيع أكياس عليهم خضراء وصفراء وحمراء، ويقومون بفرز النفايات، ونحن نحولها إلى ملايين من الدولارات، كذلك الكهرباء عبر جهاز ومراوح لإنتاج الطاقة، وثمنه 700 دولار أميركي ويبقى مدى الحياة، كذلك المياه من المعيب أن تذهب هدراً في البحر فيما الحروب تقوم على المياه، <إسرائيل> تحتل الأرض طمعاً بها وبالمياه لأنها عذبة وهي أغلى من النفط· والحل بإقامة سدود وإنتاج الطاقة الكهربائية··
وتمنى زراقط <إمتلاك كل دولة واحدة من هذه الساعة المعجزة، كي أستطيع أن أقدم لعالمنا هنا من بيروت أجمل هدية، وهو تأسيس أول مؤسسة تجمع مخترعين ومثقفين وعلماء وأصحاب البيئة في جميع الدول العربية دون إستثناء، يكون هدفها دراسة كل فكرة تفيد البشرية ومساعدتها على تطبيقها>·
مجسم لساعة من إختراعات المهندس زراقط
الساعة العجيبة
تعليقات: