إبل السقي:
منذ حوالى عشرة سنواتٍ، صنّفت جمعية حماية الطبيعة في لبنان ومؤسسة «أورشا ـ لبنان» محميات إهدن الطبيعية وجزر النخيل وأرز الشوف ومستنقع عمّيق كأربع مناطق مهمة لاستراحة الطيور في لبنان. لم تكد تمرّ خمس سنوات، حتّى أضافت الجمعيّة المذكورة أحد عشر موقعاً آخر. وقد ضمّت هذه المرّة محمية إبل السقي، الأمر الذي زرع الأمل في نفوس أهالي المنطقة بتحسين ظروف المحميّة وإنقاذها من الإهمال.
كان ذلك في صيف العام 2004، عندما بدأت ملامح المنطقة تتغيّر. نشطت حركة الجمعيات والمؤسسات المحلية والدولية المهتمّة بحماية الموارد الطبيعية ومعاينة الأماكن الحرجية فيها. ومن بين تلك الجمعيّات، قدّمت جمعيّة «ميرسي كور»، بالتعاون مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان وبلدية إبل السقي مشروعاً خاصّاً بالمحمية يهدف لحماية وتأمين استراحة ملائمة للطيور العابرة والمقيمة في لبنان، إضافة إلى توفير فرص عمل لعدد من أبناء البلدة. وقد تضمّن المشروع إقامة سلسلة من المنشآت بركة مياه لجذب الطيور العابرة وغرفة مخصّصة لرصد ومراقبة الطيور، إضافة إلى قاعة للإجتماعات وغرف سكنية لاستقبال السيّاح والزوار وبيت «الفلاح اللبناني». ويتألف البيت من عدّة غرفٍ طينيّة مسقوفة بقطعٍ خشبيّة. وكل غرفة من تلك الغرف تحوي مستوعباتٍ طينية، يطلقون عليها اسم «كوّارة» لحفظ المحاصيل الزراعية من القمح والشعير والحبوب.
نفّذت «ميرسي كور» منشآتها ورحلت. ولكن، مشروعها «لم يُكتب له النجاح»، يقول رئيس البلدية فؤاد سعادة. ويرجع السبب إلى «سوء تنفيذ معظم المنشآت، وخصوصاً بيت الفلاح الذي لا يصلح للإقامة، فكيف بحفظ المحاصيل؟». أما البركة، فلها قصّة أخرى، إذ أنّ حرب تموز الأخيرة عرّتها المخالفات فيها، ويشير سعادة «إلى أنها غير صالحة لحفظ المياه، إذ تتسرّب منها كميات كبيرة». ماذا يبقى من مساهمات ميرسي كور؟ يقول سعادة «أن ما بقي هو أربعة آلاف غرسة صنوبر، كانت قد زرعتها عقب حرب تموز بكلفة 40 مليون ليرة لبنانية». وما عدا هذه المساحة، هناك مساحة الحرج القديم. وتبلغ قيمة إنتاجه السنوي «ما يعادل 12 مليون ليرة لبنانية، تتقاسمها البلدية ووزارة الزراعة»، يوضح سعادة. وفي هذا الإطار، يطالب وزارة الزراعة «استكمال عملية التحريج الجوية في المحمية».
من جهته، انتقد عضو المجلس البلدي الياس اللقيس طريقة العمل في محميّة المنطقة، لافتاً إلى أن «كافة الأشغال المتعلقة بالمحمية هي عبارة عن صفقات تهدف إلى الربح والسمسرة». وأشار إلى «أنه لو نظروا إلى المحمية كموقع طبيعي بيئي مميز لما كانت على هذا الخراب». كذلك أشار إلى «أن البلدية غير قادرة على إعادة ترميم المنشآت والمباني التي قامت بها ميرسي كور، بسبب الشح المادي». وقد طالب في هذا الإطار «المعنيين وأصحاب المشاريع لدعم هذه المحمية، خصوصاً أنها مصنّفة في المرتبة الثالثة عالمياً كمعبر للطيور المهاجرة».
معلومات بيئيّة
تبلغ مساحة محمية إبل السقي حوالى 38 هكتاراً، غرستها وزارة الزراعة بأشجار الصنوبر عام 1963. في العام 2004، قامت جمعيّة ميرسي كور باقتراح سلسلة مشاريع في قضاء حاصبيا ومرجعيون بقيمة 12.5 مليون دولار أميركي تكفّلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بدفعها، ومن بينها مشروع إبل السقي. وتشكّل هذه المحميّة ممراً مهماً للطيور المهاجرة من أوروبا إلى أفريقيا وبالعكس. أما في ما يخصّ أصناف الطيور التي تعبر تلك المحمية وغيرها، فقد قدّرها الاختصاصيون في جمعية حماية الطبيعة بنحو 250 صنفاً من أصل 370 من العصافير الصغيرة (العابور كما يطلقون عليها بالعامية) والطيور الكبيررة والمائية والبرمائية.
تعليقات: