مع رجال قوى الأمن والأطفاء بعدما أنهوا مهمتهم بنجاح

صدّته في أميركا فلجأ إلى مصعد آلي للبناء في عين المريسة

يقف الشبان أسفل البناء في عين المريسة يصرخون بالشاب الذي صعد المصعد الآلي إلى حدود الطابق التاسع أن ينزل، كورنيش المنارة ـ عين المريسة يزدحم بالسيارات التي توقفت لترى المشهد الغريب على المدينة. مختار عين المريسة يناديه "يا جمال، انزل ونحلّها هنا"، جمال يصرّ على البقاء فوق الرافعة المتصلة بعمارة قيد البناء.

السابعة صباحاً، طريق عين المريسة الكورنيش البحري يشهد بداية الأزمة التي خلقها جمال، هو العائد حديثاً من أميركا، حيث كان يدرس الطب في روسيا البيضاء وعاد الى لبنان منذ خمسة أشهر. الشاب الذي يصرخ بالناس انه لا يريد التكلم مع أحد منهم ويهدد برمي نفسه من فوق، شاب تركته زوجته اللبنانية فأراد أن يعيدها إليه بعد ضغوط أهلها الرافضين لارتباطه بها.

وجمال يتفاوض مع عدة جهات في الوقت نفسه، من جهة مع زوجته التي وصفها بأنها كابنته، ومن جهة ثانية مع قوى الأمن الداخلي التي وصلت إلى الشرفات القريبة له، وكذلك مع عناصر فوج الاطفاء الذين صعدوا الرافعة من عدة أماكن محاولين الوصول اليه قبل أن يقدم على ما يهدد به.

الشبان المتجمعون في الشارع يحاولون معرفة الشاب ان كان من المتريضين في المكان، ولكن الخبر الأكيد يأتي من أحد جيرانه، "الشاب يسكن في الحي القريب"، انتهى البلاغ، فبدأ الرواة في تأليف قصص جديدة تتناسب وأنواع القهوة التي يشربونها.

يصعد أحد عناصر فوج الاطفاء باتجاه جمال عقل محاولاً الوصول إليه قبل أن ينزلق أو يقع، يهرب منه جمال محاولاً الافلات من قبضته، يحاصَر فجأة برجل آخر من فوج الاطفاء ويصير مربوطاً بشريط حديدي إلى أحد عواميد المصعد. تقترب سلة حديدة مربوطة إلى ونش آلي تابع للبناء، تصير السلة بمحاذاة جمال والاطفائيين المجهزين بملابس خاصة فيها أربطة مشدودة إلى المصعد، صار جمال في السلة وقبضات الاطفائيين تمنعانه من الحركة.

يخرج جمال من السلة إلى شرفة الطابق التاسع، هنا يتحول الجمهور إلى التصفيق للعمل الجبار الذي قام به الاطفائيان، انتهت المرحلة السيئة في قصة الانتحار المعلن، واختفى جميع الموجودين في الطابق التاسع لبعض الوقت، ليظهروا بعد دقائق في الطابق الأرضي للمبنى حيث ينتظر العمال انتهاء مراسم التسليم والتسلم بين رجال الأطفائية وقوى الأمن الداخلي.

الآليات تعاود عملها في المبنى سريعاً بعد ساعتين ونصف من المفاوضات الرباعية أو الخماسية الشاقة، جمال وزوجته وجمهور الناس الواقفين في الشارع، وكذلك رجال قوى الأمن وفوج الأطفاء الذين أنهوا مهمتهم بنجاح.

يتفرق الجميع، فيما تأخذ القوى الأمنية جمال إلى المخفر للتحقيق معه والقيام بما يلزم من اجراءات قانونية، مختار الحي يروي قصة جمال للشبان، وجمال في المخفر يرفض التكلم باللغة العربية طالباً مترجماً لحديثه الانكليزي.

قصة شاب حاول الانتحار تحولت إلى صباح بيروتي غير عادي، فالقريبون من مكان محاولة الانتحار شهدوا ما كانوا يرونه في الأفلام الهوليوودية، وآخرون صلبوا لساعات في سياراتهم ينتظرون الفرج بسبب اغلاق الطريق والازدحام الكبير على طول الخط البحري لبيروت.

خلال محاولة إنقاذه