أكد الرسول الأعظم (ص) ان الزواج نصف الدين أو ثلثيه
انطلاقا من قوله تعالى :(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) نفهم أن العلاقة الزوجية هي في البداية وقبل كل شيء علاقة اندماج وتماه بين روحين ونفسين أرادا بملء اختيارهما وتراضيهما بناء حياة زوجية قائمة على أسس ثابتة ومستديمة ، وهذه الأسس أشار اليها القرآن الكريم وسماها السكنى والمودة والرحمة، والتي عليها تقوم العلاقة الزوجية وتبقى الأمور الأخرى مجرد تفاصيل .
من هنا فانه لا بد قبل الإقدام على الزواج كمشروع مستقبلي وخيار مصيري أن يفهم كل من الذكر والأنثى الثقافة التي تحكم الحياة الزوجية سواء في الدائرة الروحية أو في دائرة الحقوق والواجبات ، وأن يدرك الشريكان أن الحياة الزوجية ترتب مجموعة من المسؤوليات المشتركة التي لا بد لكل منهما أن يتحملها بروح المسؤولية العالية ، كما لا بد لكل من الشريكين من أن يتمتع بروح الوعي والادراك بما يمكنه من ادارة حياته الزوجية ادارة ناجحة ، لان قلة الوعي أو عدم الالمام بثقافة الحياة الزوجية من شأنه أن يدفع الى تبني ثقافة بديلة تبتني على الجهل وتبني الموروثات الشعبية القديمة، التي تقدم الحياة الزوجية بصورة بدائية تبتعد بها عن كل معاني السمو الإنساني وتفرغها من أي مضمون روحي أو معنوي ، فعلى سبيل المثال تصبح الحياة الزوجية رهينة المعتقدات الخرافية التي تلبس الزوج صورة السيد الحاكم المطلق وتجعل من الزوجة أمة أو جارية ليس عليها الا تقديم طقوس الولاء والطاعة المطلقة للسيد الزوج ، ويصبح العنف والإلغاء والسيطرة لغة تخاطب بين الزوجين وأسلوبا في التعامل اليومي بين الشريكين ، وعلى المقلب الآخر فان ثقافة الموروثات البديلة تدفع بالزوجة الى توسل الخرافة والشعوذة أسلوبا معتمدا في حل المشكلات أو الاختلافات الطبيعية التي تنشأ بين الزوجين انطلاقا من التسليم بالإثنينية والاعتراف بالأخر والقبول به .
ان الزواج الذي اعتبره الله عز وجل أحب البناءات في الأرض اليه ، وأكد عليه الرسول الأعظم (ص) واعتبره نصف الدين أو ثلثيه ، لا بد أن يكون مسبوقا بالتخطيط الكامل والدقيق في كل مرحلة من مراحله وفي كل مفصل من مفاصله ، ولا بد أن يكون هذا التخطيط مراعيا للخطوط الدينية والعقلية التي تضمن نجاحه و ديمومته، وهذا أمر في غاية الأهمية لأن التخطيط الواعي يجنبنا الكثير من الانتكاسات المستقبلية التي تنتهي باعلان الفشل أو النهاية الحتمية للعلاقة الزوجية فيما نسميه الطلاق .
لا بد لنا أن نضع نصب أعيننا النهاية المرة لزواج فاشل لم يبن على أسس متينة ، وما يترتب على هذه النهاية من مفاعيل وآثار سلبية تترك بصماتها على الزوجين أولا ومن ثم على الأولاد وبالتالي على المجتمع ، ان دراسة النتائج السلبية المترتبة على زواج فاشل تشكل دافعا وحافزا إضافيا على ضرورة اشراك العقل الى جانب القلب في التخطيط المتمهل لزواج ناجح ودائم .
من هنا فانني أدعو الى مأسسة الوعي الزوجي وتعميمه وتنظيمه وذلك من خلال دعوة هيئات المجتمع كافة وعلى رأسها الدولة والجمعيات الأهلية والبلديات وغيرها، الى تبني مشروع التوعية والتأهيل الزوجي وتوظيف الامكانات اللازمة لذلك واعداد الورش والانشطة الداعمة ، واعتبار هذا المشروع مدماكا أساسيا من مداميك تحصين المجتمع وحفظ وحدته وترابطه وصونه عن التفكك والشرذمة ، كما أن تبني هذا المشروع لا يقل أهمية أن لم نقل أنه يفوق أي مشروع آخر يراد به خير الانسان وسعادته والرقي به الى مراتب الانسانية الفضلى .
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد قانصو / المشرف الديني بمدرسة عيسى بن مريم (ع) الخيام
تعليقات: