الفلفل الأحمر الحار ينشط الدورة الدموية ويكافح البكتريا والجراثيم ويثير الشهوة الجنسية
روما:
ما هي العلاقة ما بين الفلفل الأحمر الحار وموسيقى الجاز؟ يجيبك على السؤال مهرجان الفلفل الأحمر الحار (بيبيرونتشينو) الذي نظمته الأكاديمية الايطالية للفلفل تحت شعار «العالم الحار» خلال الشهر الماضي في مدينة ديامانتي (الألماسة) في مقاطعة كالابريا بجنوب إيطاليا والمصنفة بأنها ثاني أفقر إقليم في البلاد.
يقول منظمو هذا المهرجان الفريد في نوعه إن الفلفل الأحمر (بعكس الأسود) يمتاز بخصائص طبية قيمة ويجعل متناوله سعيدا وراضيا، وينشط الدورة الدموية ويكافح البكتريا والجراثيم ويثير الشهوة الجنسية كأفضل عقار طبيعي ينافس العقاقير الطبية مثل الفياغرا وسياليس، وإذا اجتمعت موسيقى الجاز معه ازدادت المتعة الطعامية وسهل الهضم وارتاحت الأعصاب وتعزز الشعور بالهناء، لذا أقيم مهرجان دولي لموسيقى الجاز في نفس المدينة تابعه السياح والزوار للمهرجان حتى ممن لا تروق لهم الصلصات الحريفة القوية.
تعتبر مقاطعة كالابريا التي ورثت اسمها من أيام البيزنطيين الفلفل الأحمر رمزا لها، كما تزعم أن عازفيها لموسيقى الجاز هم الأبرع في ايطاليا، وتقول دعاياتها السياحية إنها موئل «الجاز المفلفل الحار» في أوروبا، وكان اسم إحدى الفرق الموسيقية «جاز الفلفل الأحمر – بيبرونتشينو جاز باند» تيمنا باسم مشابه لفرقة موسيقية معروفة في كاليفورنيا بالولايات المتحدة. عالم الفلفل الأحمر غني بأنواع متعددة من هذا النبات وفصائله منتشرة في آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية، وفي البحر الأبيض المتوسط تبرز ايطاليا في المقام الأول خاصة في مقاطعة كالابريا وجزيرة صقلية وكلتاهما كان للعرب وجود طويل فيهما، أما تونس فهي البلد الأول في إنتاج ما يسمى «الهريسة العربية» وهي ليست حلوى من السميد والقطر واللوز كما تعرف في بلاد الشام، بل مزيج «متفجر» من الفلفل الأحمر الحارالمهروس والمجبول بقليل من الثوم والتوابل (وهو خليط من الكمون الناعم والكزبرة الجافة المطحونة ومسحوق الكراوية أو الكرويا) وتصدر إلى كافة أرجاء العالم.
تقول وثائق المهرجان، إن الصلصة الحارة لم تعد مرتبطة في الأذهان بصورة الفقير الهندي الذي ينفخ في النار في ألعاب السيرك، بل أصبحت مؤخرا جزءا لا يتجزأ من المطبخ الراقي والتأنق في الطعام والشراب وتم منذ عهد قريب ابتكار مقياس جديد لتقدير درجات الحرارة في الفلفل الحار حسب النوعية والصنف ومكان الانتاج. وأهم البلاد المنتجة حاليا هي المكسيك والهند وتايلاند والبرازيل وتونس واثيوبيا. تتراوح الوصفات التي قدمت في المهرجان بين الفلفل المخلوط بالشيكولاته في المكسيك إلى الفلفل الأخضر الحار لطبق القريدس (الجمبري أو الربيان) القادم من تايلاند إلى الكسكسي المفوح بالهريسة الحارة المنتجة في كاب بون بتونس إلى الكاري الهندي بالأرز والدجاج والبيري بيري (أي الفلفل الحار) من اثيوبيا أو الموزامبيق في كرات اللحم المطهية على مهل. أما ايطاليا فساهمت في تقديم صحن المعكرونة «الغاضبة» أي الحارة (بيني أل أرابياتا) والسجق المبهر بالفلفل الأحمر الشديد الحرارة والفلفل الأحمر الحلو (بابريكا) من مقاطعة كالابريا وابتكرت نوعا من الشيكولاته المرة المحشوة بالفلفل الأحمر وسمتها «قبلة العاشق التاريخي كازانوفا» وكذلك كعكة الحلوى الحارة المسماة «تورتة الشيطان».
يقول فيتوريو كاستيلاني المسؤول عن الإعلام في الأكاديمية الإيطالية «إن القرويين في كالابريا كانوا يستخدمون الفلفل الأحمر الحار بجرعات محدودة للوقاية من النوبات القلبية أو السرطان، والاسم الطبي» كابسكوم آنوم «كان معروفا لديهم من أيام الرومان» ويضيف «لقد حاز الطبيب الهنغاري شينت غيورغي عام 1937 على جائزة نوبل للطب تقديراً لأبحاثه عن الفيتامين «سي» في الفلفل الأحمر»، وأردف بعض الحضور مدعيا أن أنصار النحافة وتخسيس الوزن يتحولون إلى الطعام النباتي الحافل بالنكهات الحارة.
تشتهر كالابريا المعروفة بجبالها وسواحلها الجميلة وحروب هانيبال ضد الرومان بإنتاج أنواع مميزة من الخضروات والفواكه والأجبان قل ان تجد مثيلا لها في باقي أرجاء إيطاليا مثل الهليون البري والخس الشائك والقرنبيط من نوع بروكولي الأخضر وجبن القشقوان والغنم والريكوتا المدخنة والنارنج والكباد من نوع البرغموت والسفرجل، وبالطبع الفلفل الحارالمعروف حاليا الذي يعتقد أنه انتقل إليها بعد اكتشاف كريستوفر كولومبوس للقارة الاميركية وعثوره على ذلك الصنف من النبتة في مناطق البحر الكاريبي، فالفلفل الحريف من نوع «كايين» كان معروفا في الاكوادور والمكسيك وجامايكا منذ قديم الزمان، وكان يستعمل لتحسين نكهة الطعام وفتح الشهية أو يستخدم في الوصفات الطبية لتخفيف آلام الربو ومقاومة السكري ووجع الرأس، وتبين بعد ذلك أن استعماله بوفرة يسبب القرحة المعدية وبعض أمراض الكبد. ويعرف المطبخ في تلك المقاطعة بخصوصيته في أطباق اللحوم والأسماك مع تميزه بالنكهة الحارة الحريفة وبأنواع الشوربا القروية الغنية بالبطاطا والكراث (البراصيا) والبصل، أما شهرتها في المعجنات فتكمن في نوع خاص من المعكرونة مع صلصة الطماطم والبصل والفلفل الأحمر الحار.
يذكر خبراء الاكاديمية الايطالية وجود 2500 صنف من الفلفل الأحمر والأخضر والأصفر الحار والحلو والشديد الحرارة، وينصحون من يهمهم زراعة هذه النبتة أن يعمدوا إلى اختيار دقيق للصنف المرغوب شراءه من حوانيت مختصة وموثوقة، وتزرع البذور عادة في جنوب ايطاليا في الشهرين الأولين من العام على عمق 2 سنتيمتر بشرط أن تبعد كل غرسة عن الاخرى بمسافة نصف متر، وتروى بالماء ثلاث مرات في الأسبوع ثم يزيد الري إلى 5 مرات أسبوعيا حين تكبر النبتة وتظهر أوراقها.
حين وصل الباذنجان إلى كالابريا منتقلا من جزيرة صقلية أثناء الحكم العربي لها قبل ألف سنة لم يتقبله سكانها بسهولة وظنوا أنه نوع من الخضار السامة وسموه «التفاحة غير السليمة» (ميلانزانا بالايطالية) وهو الاسم الذي ما زال مستعملا في اللغة الايطالية حتى اليوم، لكنهم يفتخرون الآن بأنهم ينتجون أفضل أنواعه إنما بالطبع يضيفون إليه حين الطهي قليلا من الفلفل الأحمر الحار لتحسين الطعم والنكهة أو ربما لتعقيمه طبيا على الطريقة الطبيعية! وصفة شوربة الفلاحين التقليدية من كالابريا وجاء في وصفها زجل شعبي قديم يبرز 7 من محاسنها فهي: تسد الجوع والعطش وتملأ البطن وتنظف الأسنان وتدعو إلى النعاس وتساعد على الهضم وتورد الخدود المقادير:
(لـ 4 أشخاص) نصف كيلوغرام من الفول الكبير اليابس (باقلاء).
300 غرام خس شائك (سكارولا).
300 غرام هندباء.
200 غرام شمر بري طازج.
بصلة واحدة.
200 غرام قطعة لحم مع الدهن.
150 غرام خبز مقطع ومحمص.
5 ديسيلترات من مرق اللحم.
زيت زيتون بكر مسحوق الفلفل الأحمر الحار.
ملح.
طريقة التحضير: انقع الفول اليابس في الماء البارد ليلة كاملة ثم صفيه في اليوم التالي واستعمل ماء جديدا للطهي مع إضافة القليل من الملح، واسلق الفول حتى ينضج خلال ساعة ونصف تقريبا، ثم أخرج الفول من الوعاء واهرسه وضعه جانبا. اغسل الخضر جيدا ثم نشفها من الماء، وافرم البصلة وقطعة اللحم ثم اقليهما معا في الزيت لمدة 3 دقائق، وبعدها أضف مرق اللحم والفول المهروس وقليلا من الملح، واترك الخليط على نار هادئة لبضع دقائق تكفي لإنضاج الحساء، وفي النهاية أضف الفلفل الأحمر الحار حسب الرغبة، وقدم الطبق ساخنا مع قطع الخبز المحمص.
تعليقات: