النظام من الإيمان.. لكن من يسهر على حسن تطبيق النظام؟
لم يمض سوى أيام قليلة على إطلاق حملة «النظام من الإيمان» في الضاحية الجنوبية حتى صار قاطنو المنطقة يتفاجأون، ليل نهار ، بأصوات أزيز الرصاص وإنفجار القنابل وربما إطلاق الصواريخ لدرجة أنها كانت تصمّ الآذان أحياناً..
للوهلة الأولى كان الظن أنه يجري تطبيق النظام بقوة السلاح..
أو أن تكون إسرائيل قد نفذت تهديداتها وقامت بعدوان جديد..
أو أن معركة تحرير القدس قد بدأت، شاملةً الجولان السوري المحتل ورفع الحصار عن قطاع غزة وشعبه الجائع وأطفاله العراة..
وبعد أن يجري خلق حالة رعب في قلوب الأطفال وحالة إزعاج للكبار يدرك الناس أن العملية ليست سوى مسألة فرح وابتهاج من قبل البعض بعودة أحد الحجاج من حملة الحج..
يجري إيقاض الآخرين من نومهم لأن أحد الحجاج عاد بالسلامة فيطير النوم من العيون ويفقد الكثيرون أحد أبسط حقوقهم وهو حق الراحة في بيوتهم..
لماذا كل هذا؟
ولمن كل هذا؟
- لأن أحد الحجاج عاد بالسلامة..
مرحبا حملة ومرحبا نظام.. ومرحبا إيمان..!
من بين العائدين بالسلامة من الحج هذا العام كان أبو محمد، ذلك التاجر الجشع الذي تفاخر قبل سفره أنه سيغادر على الدرجة الأولى بالطائرة، وأنه سينزل في فندق خمسة نجوم...
لما قرر أبو محمد الذهاب إلى الحج، إعتبرها صفقة وقررها لمنفعة ذاتية، علّه يسوّي خلافاته مع ربّه، ظناً منه انه سيكفّر عن ذنوبه، ويحجز له مقعداً في الجنة وينال رضى الله بعد هذه الرحلة.
وبعد عودته أطلقت النيران والإنفجارات ابتهاجاً، لم يكن ذلك لأنه اكتشف قارة جديدة، أو لمساهمته في تحرير القدس وأقصاها المبارك، بل لمجرد أنه عاد سالماً من رحلة الحج..
منذ عشرات السنين، لما كانوا يقصدون الحج سيراً على الأقدام أو على الدواب، كانت الحملة تدوم أشهراً طويلة.. كانوا يتعرضون لقطاع الطرق وللكثير من المخاطر الأخرى خلالها، وعند العودة لم يكن إستقبالهم بهذه الطريقة ولا بهذا الأسلوب العسكري الحربي.
إن هذا الأسلوب ليس مظهراً حضارياً لأنه مناف للأخلاق ولكل تربية حقيقية.
الحج يا سادة ليس قنابل ورصاص وإقلاق راحة وأذى للناس وتعدٍ على الحقوق بل العكس تماماً فهو صمت وتأمل وخشوع ومراجعة للضمير وشعور مع الآخرين واحترام للنظام وإلا يكون الإيمان مجرد كلة يختبئ وراءها الكثيرون.
* أبو حسين علي عبد الحسن مهدي
هاتف: 840087 /07
تعليق السيدة هدى العجوز على هذا الموضوع
تعليقات: