خطة الجيش اللبناني و«اليونيفيل» جاهزة لتسلم شمالي الغجر

مواطنان في مواجهة الشطر الشمالي من الغجر أمس (طارق أبو حمدان)
مواطنان في مواجهة الشطر الشمالي من الغجر أمس (طارق أبو حمدان)


وفد دولي يجول جنوباً لإعداد تقرير للمنظمة الدولية

الجنوب ـ

وضعت الجهات اللبنانية والدولية المعنية التسريبات الإسرائيلية الأخيرة، حول إمكانية انسحاب جيش الاحتلال من الشطر اللبناني لبلدة الغجر على محمل الجد هذه المرة، وبدأ الطرفان اللبناني والدولي (اليونيفيل) اتصالات عاجلة ومكثفة بينهما، تهدف الى دراسة الوضع المستجد وتقييم التصريحات الجديدة لبعض قادة العدو، والتعامل معها بشكل ايجابي ولكن بحذر، علَّ الأيام القليلة المقبلة تحمل خطوات ميدانية تعيد الطرف الشمالي من الغجر الى كنف الشرعية اللبنانية، عبر تسليمه الى قوات الطوارئ الدولية تنفيذا للقرار الدولي رقم 1701 (الغجر ـ طارق ابو حمدان).

وأكد مصدر امني لبناني ان الانسحاب الاسرائيلي من الجزء اللبناني من بلدة الغجر، بات على نار حامية. وأشار الى ان هذا الامر كان محل بحث امس، خلال الاجتماع الذي عقده القائد العام لقوات «اليونيفيل» الجنرال كلاوديو غراتسيانو مع ضباط كبار في الجيش اللبناني والجيش الاسرائيلي في موقع الامم المتحدة في راس الناقورة. في حين اعرب غراتسيانو عن امله في ان يتم التوصل قريباً الى تفاهم حول اقتراح «اليونيفيل» الذي يسهل انسحاب الجيش الاسرائيلي من الجزء الشمالي للغجر.

وأشار المصدر الامني اللبناني الى ان البحث تركز في جانب آخر على موضوع الخروقات الاسرائيلية المتكررة «للخط الازرق» على امتداد الحدود الجنوبية. وقال لـ«السفير»: إن الجانبين الدولي والاسرائيلي بحثا في موضوع الغجر، بالاستناد الى الاقتراح الذي تقدمت به «اليونيفيل»، حيث يمكن القول إنه تم الاتفاق مبدئياً بين الجانبين على ان تنسحب «اسرائيل» من الجزء اللبناني وتسلمه الى قوات «اليونيفيل»، في فترة قد لا تتجاوز منتصف الشهر المقبل, أي قبل نهاية ولاية الجنرال غراتسيانو على رأس «اليونيفيل»، الشهر المقبل.

وأوضح المصدر أن البحث بين «اليونيفيل» والجيش الاسرائيلي يتناول مجموعة من التفاصيل التقنية المتصلة بآلية الانسحاب الإسرائيلي من الجزء اللبناني من الغجر، وبالدور الذي ستلعبه «اليونيفيل» في فترة ما بعد الانسحاب، وبتحديد مسؤولياتها ونطاقه.

وكان ما يسمى بالمنتدى الوزاري السباعي الإسرائيلي، قد اقر منذ فترة قليلة خطة جديدة للانسحاب من الشطر الشمالي للغجر، وتسليمه لقوات «اليونيفيل» المعززة، لكن بعد عرض القرار وتصديقه من قبل مجلس وزراء العدو، على ان يتزامن ذلك مع نيل الحكومة اللبنانية ثقة مجلس النواب. وقبيل مغادرة قائد «اليونيفيل» الميجر جنرال كلاوديو غراتسيانو الجنوب اللبناني لصالح خلفه القائد الجديد لقوات الطوارئ الميجر جنرال الإسباني ألبرتو أسارتا.

وتشير مصادر متابعة للوضع الجنوبي، الى ان قوات «اليونيفيل» بالتنسيق والتعاون مع الجهات اللبنانية المعنية، انجزت وضع تصور ميداني لمواجهة الانسحاب الإسرائيلي حال حصوله. وفي جانب من هذه الخطة علم أن قوة من «اليونيفيل» باتت على اهبة الاستعداد لدخول الطرف الشمالي من الغجر، عبر بوابة حديدية يقيمها جيش الاحتلال الإسرائيلي عند الطرف الشمالي الشرقي من السياج الشائك، الذي كان جيش الاحتلال اقامه بعيد عدوان تموز عام 2006، على ان يتبع ذلك تمركز عناصر من هذه القوة عند هذه البوابة، التي ستكون صلة الوصل بين الشطر الشمالي للغجر والمناطق اللبنانية المحررة المحاذية. ومن ثم تنطلق عناصر اخرى لتنتشر عند «الخط الأزرق» الوهمي الذي يشطر البلدة عند محاذاة مبنى البلدية. كما سيتم تركيز عناصر اخرى من «اليونيفيل» في محيط الشطر المحرر، اي عند طرفيه المشرفين على مجرى نهر الوزاني غرباً، وعلى محور الضهرة العباسية شرقاً. في حين تنتشر عناصر من الجيش اللبناني عند طرفي هذا الشطر المحرر الشمالي والشرقي خارج السياج الشائك، وتتسلم الطريق التي تصل الى محاذاة شمالي الغجر، انطلاقاً من بلدتي الوزاني غرباً والعباسية شرقاً وذلك بالتعاون والتنسيق مع «اليونيفيل». وسيتزامن هذا الانتشار مع انسحاب جيش الاحتلال من الشطر الشمالي للغجر باتجاه شطرها الجنوبي. وهذا الانسحاب حسب المصادر المتابعة تلزمه دقائق عدة لإنجازه، لأن المسافة بين آخر منزل في الشطر الشمالي و«الخط الأزرق الوهمي» وسط البلدة لا يتجاوز 500 متر. كما انه لا توجد مواقع عسكرية اسرائيلية في الشطر الشمالي تؤخر الانسحاب، بل هناك نقطة مراقبة صغيرة قبالة نبع الوزاني مؤلفة من دشمة وبعض المكعبات الإسمنتية، إضافة الى دوريات راجلة وأخرى مدرعة تجوب الشطر الشمالي وتنتقل فوراً الى الجنوبي.

اجتماع ثلاثي في الناقورة

من جهة ثانية، التأم في احد مقرات قوات «اليونيفيل» في الجنوب، في منطقة رأس الناقورة على الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، اجتماع ثلاثي حضره ممثلون عن الجيش اللبناني وجيش الاحتلال الاسرائيلي والقائد العام لقوات «اليونيفيل» الجنرال غلاوديو غراتسيانو، ومدير الشؤون السياسية في هذه القوات ميلوش شتروغر.

تناول الاجتماع الذي دام نحو ساعتين، بشكل رئيسي مسألة استمرار احتلال اسرائيل الجزء اللبناني من قرية الغجر، والخروقات لـ«الخط الازرق» والقرار 1701.

وأوضح نائب الناطقة الرسمية باسم «اليونيفيل» اندريا تينانتي بأن اللقاء «كان مثمراً وقد أعرب خلاله الجانبان عن دعمهما الكامل والتزامهما العمل مع «اليونيفيل» من اجل تطبيق القرار 1701. وأن الاجتماع بحث في تطبيق القرار المذكور، وبالأخص الأحداث والخروقات الاخيرة بهدف منع تكرارها مجدداً». وقال« ان الاجتماع بحث ايضا مسألة وضع العلامات عند «الخط الازرق» ومواضيع اخرى ذات صلة بالوضع على طول الخط الازرق بالاضافة الى موضوع الغجر (الناقورة ـ حسين سعد).

ميدانياً، واصلت الكتيبة الاسبانية العاملة في القطاع الشرقي، بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني، تحصين مواقعها وتعزيز وجودها على تخوم الشطر اللبناني الشمالي المحتل من الغجر، بعدما اقامت نقطة تمركز ثابتة أحاطتها بالسواتر الترابية، ونصبت في وسطها برجاً للمراقبة بارتفاع 15 متراً، يشرف على قرية الغجر. فيما لم تؤكد المعلومات، السعي لفتح الطريق المقفلة منذ ثلاث سنوات لدواعٍ أمنية، والذي يربط قريتي العباسية بالوزاني، مروراً بمحاذاة الشطر الشمالي للغجر، أمام المدنيين باستثناء الدوريات المشتركة لقوى الجيش و«اليونيفيل»، اضافة الى المزارعين الذين يستثمرون أراضيهم القريبة من نقاط الحدود على ذلك المحور (مرجعيون ـ ادوار عشي).

وفد دولي

في سياق آخر، وصل الى مقر قيادة «اليونيفيل» في الجنوب وفد دولي رفيع المستوى يضم عسكريين ومدنيين، قادماً من نيويورك، في مهمة رسمية تستغرق حوالى اسبوع، لإعداد تقرير ميداني شامل عن قوات الطوارئ العاملة في الجنوب اللبناني، على ان يقدم التقرير لاحقاً الى المسؤولين في الأمم المتحدة (العرقوب ـ طارق ابو حمدان).

بدأ الوفد الدولي التابع لقسم التخطيط في الأمم المتحدة، مهمته بلقاء قيادة «اليونيفيل» في الناقورة، واطلع منها على مختلف الأوضاع العسكرية والحياتية، إضافة الى الوضع الميداني للكتائب العاملة لديها في الجنوب، اضافة الى حاجياتها المستقبلية لـتأمين حسن سير العمل. ثم باشر منذ صباح امس جولات ميدانية على كل القطاعات الحدودية الجنوبية حيث تنتشر «اليونيفيل»، وأمضى ساعات عدة في مقر قيادة الكتيبة الإسبانية في سهل إبل السقي، ومقر قيادة الكتيبة الهندية في نقار كوكبا، إضافة الى قيادة الكتيبة الماليزية في تلة كوكبا، والتقى العديد من ضباطها مطلعاً على اوضاعها وحاجياتها.

كما جال الوفد على المواقع الدولية المشرفة على مزارع شبعا المحتلة، ومنها مواقع تلال كفرشوبا المحاذية لبركة بعثائيل وتلال شبعا عند بركة النقار، وراقب عن قرب المواقع الإسرائيلية في الطرف المواجه المحتل. ثم انتقل وسط تدابير أمنية مشددة الى المواقع المطلة على بلدة الغجر المحتلة، وسمع شرحاً ميدانياً للوضع من ضباط تابعين للكتيبة الإسبانية في هذا القطاع، وراقب عن كثب «الخط الأزرق الوهمي» الذي يشطر البلدة الى قسمين والتدابير العسكرية المتخذة عند تخومها. وانتقل بعدها الى بلدة كفركلا وبوابة فاطمة المحاذية للسياج الحدودي الفاصل بين شمالي فلسطين والجنوب اللبناني، مطلعاً على الوضع في هذا المحور. ثم عاد الى الناقورة على أن يتابع جولاته الميدانية لاحقاً في القطاعات الحدودية، ليغادر بعدها الى نيويورك بتاريخ 12 الحالي.

تعليقات: