عن مجزرة قانا ومثيلاتها!

حوار الطفل وامه الشهيدة،

عندما رفعته الاكف، وصار الطفل كفنا... لم يكن يعرف الموت

فتش عن امه بين الجموع

* لدي الكثير من الاسئلة ساعديني يا امي

لم تستطع الام الغارقة في موتها إلا ان تبتعد قليلا ً عن رمادها:

- يا بني...

* كنت العب واصدقائي، الدوي القوي فجاة، ورأيتهم بلا ايدٍ، ولا وجوه،

والنار في ثيابهم...من فعل كل هذا يا امي؟

- العدو يا ولدي

الجنازة الممتدة تسيرببطءٍ، والطفل وامه يواصلان الحديث من فتحات الكفن...

* من هو العدو يا امي؟

- انها الطائرات اللعينة يا ولدي

* لماذا لم يسقطها عسكريو الطوارئ يا أمي؟ لماذا لم يحشوا بنادقهم... ولماذا

تركوها فارغة؟ آخ يا أمي لو كانت كل هذه البنادق معي... آخ لو كانت قبعة زيتية

او زرقاء على راسي... آخ لو كانت معي نقيفتي... ولكن يا امي أين يدي؟ اذهبت

تلاعب خصلات شعركِ؟ وأين يا امي نصف راسي الاخر... ؟ الم يزل في حضنكِ...؟

ناوليني اياه يا امي... وناوليني يدي...

كانت الام في هذه اللحظات تحاول ان تدخل في موتها من جديد... وان توغل فيه

اكثر، وكان طفلها يوغل في الاسئلة، وفي الكلام...

* تصوري يا أمي صديقي محمود كم يحبني! أمد رجلي التي تحترق على راسه وعلى

كتفه ولا يتحرك...

لم تنبس الام الميتة الا ببنت آهة

* يا امي، رايت بطنكِ تلتصق ببطن خالتي، ببطن عمتي وجارتي... هل ستلدون

اطفالا يشبهون اصدقائي الذين رحلوا...؟ ام ستلدون مجتمعين طفلا واحدا يحمل كل

تقاسيمنا، جميلا ً، وكبيراً، يمنع بكفه العريضة مرور الطائرات من فوقنا؟

تبادل المشيعون وشوشة يستفاد منها انهم قد سمعوا خشخشة في نعش الام

* ثلاثة اصابع من كف صغيرة، تستطيع ان تعتلي بي الفضاء...؟ إذاً لماذا تحملني

كل هذه الاكف الكبيرة يا امي؟ والى اين تتجه بجسدي؟ ولماذا يجهش اصحابها

بالبكاء...؟

تركت الام نعشها، حملت راسها بين يديها،وتقدمت من الكفن الصغير...

* لماذا يحفرون هذه الحفرة الكبيرة، هذا القبر الواسع الفم يا امي...؟

- للطائرة الكبرى، وللمدفع الكبير يا ولدي...

قالتها الام بكل حب، وبكل غضب، وعانقت ما تبقى من جسد ابنها... دخلت في دمه،

ورحلا سوياً في بساتين قانا والجوار.

عزت رشيدي

كُتبت اثر مجزرة قانا التي ارتكبها العدو الصهيوني بجق الذين احتموا بقوات

الطوارىء الدولية في عدوان نيسان 1996.

تعليقات: