... جزء من تراث المنطقة.
كانت محطة للقوافل فصارت لأهالي القرى..
... جزء من تراث المنطقة.
عرفت الأسواق التقليدية الاسبوعية تحولات ومراحل في جبل عامل. كانت محطة للقوافل الحربية والتجارية منذ أيام المماليك والعثمانيين، واليوم تحولت أسواقاً للقرى.
عرفت بلدة تبنين ظاهرة التجارة والتسوق منذ اواخر القرن السابع عشر، وبلغت اوج عزها في عهد الامير الشيخ ناصيف النصار، احد الامراء الذي أقام في قلعتها واتخذ منها مركزاً لقيادته، وجعل منها المرجع العام للمقاطعات الثماني انذاك (تبنين وهونين وساحل معركة وساحل قانا ومرجعيون واقليم الشومر وجباع) فأوْلى التجارة اهتماماً خاصاً بعد اعادة ترميم مرفأ صور العام 1766، فحوّل في عهده جبل عامل طريقاً للقوافل التجارية.
كانت البضائع التجارية تمر من سوريا الى فلسطين عبر طريقين: طريق دمشق - طبريا، وطريق دمشق – تبنين، مما عزز التبادل التجاري ما بين جبل عامل وسائر المناطق الشامية (السورية). ومنذ ذلك الحين نشأت في بعض القرى العاملية مجموعة من الاسواق التجارية المحلية التي كانت تقام فيها، ومن اشهرها اسواق تبنين والنبطية والعديسة – الطيبة وبدياس وجويا وبنت جبيل، وفيها كان الفلاح العاملي يعرض منتوجاته الزراعية ومشتقاتها وصناعاته اليدوية الى جانب البضائع المنوعة الآتية من سوريا وحوران.
محطات للقوافل
شكلت الاسواق العاملية القديمة محطات لترحال القوافل في السلم وفي الحرب. والقوافل كانت على نوعين: تجارية وعسكرية، في السلم كانت لبيع السلع وتبادلها وفي الحرب كانت محطة للراحة والتزود بالمؤن، وخصوصاً في زمن الصليبيين وفي عهد الجزار وصولاً الى عهد العثمانيين.
سوق تبنين
عن سوق تبنين التي يتناقل الحديث عنها كبار السن قال عضو مجلس بلدية تبنين الشيخ محمد عطاالله دكروب لـ "النهار" انه يتذكر ما كان يدور من احاديث في الديوانيات عن تبنين ودورها في المنطقة. ويذكر ان سوقها كانت تقام صباح كل ثلثاء في ساحة البلدة، وغالباً ما كان يتردد عليها قائمقام صور انذاك رشيد بك نخله. فكان التجار يعتمدون الدواب في تنقلاتهم، وكانت الاواني الفخارية التي يعرضها حرفيون من عيتا الفخار – قضاء راشيا، اشهر ما يباع في السوق، لانها كانت تعتمد كأوان مطبخية، وهذا اضافة الى المبيضين الذين كانوا يبيّضون الاواني النحاسية ومعظمهم من بلدة جويا وبائع نحاس يهودي يدعى ابو سليم.
كانت بسطات الحبوب على انواعها والقمح والاقمشة، وخصوصاً الحريرية منها، والحلويات العربية من اهم مبيعات تجار حوران. كما كان التجار المحليون من جوار تبنين، وصولاً الى تجار النبطية يبيعون الحبوب وبعض منتجات الحرف اليدوية. وكان يفرض رسم بلدي على هؤلاء التجار عبر تعيين موعد يعلنه رئيس البلدية لتضمين السوق لضامن عبر مزاد علني. ومع الايام، اصبح الرسم البلدي يؤخذ عبر فرض رسوم مباشرة على اصحاب البسطات.
حاجة مميزة
مع بدء الحرب العالمية الثانية تأثرت السوق وتوقفت عن العمل، وبعد الحرب عادت الى البلدة، ولكن تغير موعد اقامتها من يوم الثلثاء الى يوم الجمعة من كل اسبوع. ومع شق الطرق وبدء انتشار وسائل النقل الآلية انتقلت السوق من وسط ساحة البلدة الى محيط سرايا تبنين بسبب ارتفاع عدد البسطات التي امتدت في محيطها على جانبي الطريق ولا زالت عامرة الى اليوم. وباتت سوق الجمعة تعتبر الى حد ما امتداداً لسوق الخميس في بنت جبيل، بحيت اصبح التجار القادمون من خارج قضاء بنت جبيل للبيع في سوقها (سوق بنت جبيل) يبيتون في المنطقة عند الاصحاب ليبسّطوا في اليوم التالي في سوق الجمعة في تبنين.
مع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية تنوعت المبيعات واصبحت مواكبة لمستلزمات الحاجات اليومية. فغابت عنها اشياء وحلت مكانها بضائع اخرى عصرية، واصبحت السوق جزءاً مميزاً من تراث تبنين ولها زبائنها من السكان الذين باتوا على موعد معها صباح كل جمعة، تجذبهم كباراً وصغاراً للتبضع وللتسلية ولملاقاة الاصحاب.
تعليقات: