روايات الفتية الذين قاوموا التفوّق وانتصروا ...

دبابتان للعدو تحترقان في سهل الخيام
دبابتان للعدو تحترقان في سهل الخيام


في شوارع العاصمة، وفي شوارع مدن لبنانية أخرى كثيرة، يبدو اليوم العدوان الذي شنته إسرائيل على لبنان، في تموز العام الماضي، وكأنه حصل قبل ألف عام وعلى بعد آلاف المجرات.

طفت معارك أخرى على سطح الذاكرة، طغت مخاوف من نوع آخر، محلية، على الناس في البلد كلها.

لكن حرباً وقعت قبل عام إلا أيام قليلة. حرب سيوجد من ينصف وصفها يوماً. هل هي هزيمة للعدو؟ هل هي نصر إلهي؟ هل هي مجرد حرب بين حزب الله وإسرائيل، بإيعاز إيراني ـ سوري؟ هل هي حرب لا تعني إلا الحزب، أم أنها حرب شكلت حكماً، منعطفاً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي؟

غيرت الحرب في إسرائيل الكثير، نفسياً، ومعنوياً، وسياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً... وجد بين الإسرائيليين من درس الحرب وقيّمها واستخلص الدروس منها. ووجد في لبنان من حوّلها إلى مجرد وقود لزيادة اشتعال المهاترات الداخلية.

المؤكد هو أن عدواناً إسرائيلياً وقع. والمؤكد أن شباناً استبسلوا في ردعه عن غزو أرضهم مرة أخرى.

تبين، بالعين المجردة، أنهم ليسوا مخلوقات من كوكب آخر، أولئك الذين ردوا العدو في مثل هذا الشهر من العام الماضي.

يشبهوننا حد التماهي. قد يكون أي من المحيطين بنا منهم، ولن نعرف.

شبان في غالبيتهم، طلاب أو عمال أو موظفون. قليلون هم المتفرغون من بينهم.

أبناء قرى في معظمهم، أبناء أرض حفظوا ثناياها كما باطن اليد. يميزهم عن معظمنا أنهم يجهدون كل يوم لإتقان مهمتهم: مقاومة العدو وحماية الوطن.

يكاد يكون هذا هو كل ما يميزهم عن سواهم. إيمانهم بقضيتهم مضافاً إليه عملهم الدؤوب على تطوير قدراتهم الذاتية أولاً، واللوجستية لاحقاً.

ثم أنه تبين أنهم هم أيضاً يحبون الحياة. فهم، وبحسب قولهم، يؤمنون «إن الطريق إلى الجنة هي في كيفية ممارسة الحياة وليس في الاستشهاد في معركة فقــط.. فمن أهم مبادئ خوض الحرب لدى المــقاومين ضــرورة محافظة كل مقاوم على حياته».

وتبين أنهم ردوا العدو بإمكانات محدودة، ولكن بعزيمة لا تقهر. وتبين أن مجموعات صغيرة منهم كانت تتصدى لكتائب وفصائل وتردعها. وتبين أيضاً أن كل مجموعة كانت تعرف مهمتها وتؤديها بمعزل عن الأخرى، وأن لكل مجموعة اكتفاء ذاتياً من العتاد والمؤن يضمن استمرارها بمعزل عن الأخرى.

واتضح أن العدو، الذي بدأ الحرب، لم يكن يعرف ما ينتظره، ولم يكن مهيأ كما يجب. تمكن المقاومون من شل قدرته على الاستفادة من تفوقه: لم تُجْده مقاتلاته وبارجاته ومدفعياته نفعاً.

خاض المقاومون حرب عصابات، نعم، ولكن على طريقتهم: سمحوا حتى للعدو بالدخول البري فقط ليتمكنوا منه أكثر.

اتضح أن حماية الأرض ممكنة. اتضح أن أبناء الأرض قادرون على حمايتها.

هي خلاصة ما حكاه المقاومون لـ«السفير» عن أبرز معارك عدوان تموز العام .2006 على خمس حلقات تنشر قصص المقاومين. منهم ضباط كبار، ومنهم قادة مناطق، ومنهم مقاومون بلا رتب.

تعليقات: