دور مجلس النواب؟؟
إذا كنت مسلماً، شيعياً، ولدت وترعرعت في مدينة صيدا السنية، عشت في بيروت المختلطة طائفياً واجتماعياً وسياسياً، تعلمت ودرست في الجامعة اللبنانية وقبلها سنوات في الجامعة اليسوعية قطعها العسر المادي، واستكملت الدراسات العليا في جامعة السوربون الباريسية، ومن ثم عملت في مؤسسات فرنسية وعربية واختلطت بشعوب الأرض، بينما ساقتك الحاجة والصدف إلى دول خليجية حيث عايشت شعوبها وصحفها وتلفزيوناتها ومؤسساتها.. وكنت قد قررت العودة من المهاجر إلى بلدك عازفاً عن مناصب رفيعة ورواتب مغرية... إذا كنت كل ذلك فَمَنْ أنتَ وماذا تفعل؟
يتفاعل السؤال في رأسي ليل نهار وأنا أحاول قراءة واقعَ مَنْ مثلي في بلده، خصوصا ونحن على أعتاب ورشة التعيينات في الوظائف الأولى التي ما زلت أقرأ عنها منذ حصولي على أول إجازة جامعية، مُقَلِّبا حيثياتها ومسالكها من دون أن أصل، بالطبع، إلى فهم سرّ الطريقة التي يحصل بها المرء المتعلم والمثقف على وظيفة من الفئة الأولى عدا وجوب «انتمائه» إلى زعيم طائفة ومذهب.
هذه المرة، ولمناسبة وصف عملية التعيينات بـ«المذبحة»، وبما أنني من جيل شهد المذابح والمجازر وكل أنواع الصراعات المدنية والعنفية، بدأت أتلمس أهمية أن أواصل شهادتي على عنف العصر فأرمي بنفسي في أتون وظائف الفئة الأولى!!
بالطبع، لن أرمي بنفسي على أعتاب زعيم طائفي، لأن زعماء الطوائف لم يسمعوا بي في حوش زعاماتهم. ولن أجهش بحاجتي في حضرة زعيم سياسي، لأن زعماء السياسة لم يلحظوا وجودي تحت منابرهم.
فقط سأقنع نفسي بأن الوطن بدأ «مسيرة الإصلاح والتغيير» وصارت له حكومة قال بيانها الوزاري إن همّها الأول هو الناس. سأجرّب هذا النوع الجديد من «المذابح» الإدارية. في يدي، النظيفة من الدم والسرقة والخضوع، سيرتي المهنية والعلمية .. ليس لي إلاَّ اسمي وشهاداتي وخبرتي وإفادة حسن سلوك مرفقة بسجل عدلي ناصع.. كما ليس لي إلاَّ هذه الصفحة في هذه الجريدة، منبري الأخير، لأعلن عبرها ترشّحي لوظيفة من الفئة الأولى.. ليس خلفي داعم أو مُساند أو وصيّ.. والله وليّ التوفيق!!
تعليقات: