الشيخ أبو شريف عقل خلال الحوار مع هيثم زعيتر
الشيخ أبو شريف لـ "اللـــواء": لن نسمح بإستدراج المخيمات إلى صراع مع الجيش اللبناني، في أول حديث مع الناطق بإسم "عصبة الأنصار الإسلامية"..
حل "جند الشام" حتى لا تتحوّل إلى "شماعة" تُعلق عليها كل الأحداث.
تتسارع التطورات على الساحة اللبنانية، وبينها ما يتعلق بالمخيمات الفلسطينية والجوار، في ظل حدوث بعض الإشكالات التي تطورت الى اشتباكات، عانى منها المواطنون في محيط هذه المناطق، وأثرت سلباً على الأوضاع في لبنان· فبدءاً مما يجري في مخيم نهر البارد، حيث يواصل الجيش اللبناني القضاء على ما تبقى من "عصابة العبسي" وهو ما اصطلح على تسميته "فتح -الإسلام"، حيث أشرفت العملية العسكرية للجيش على نهايتها، وصولاً الى الأحداث الأمنية التي كانت قد شهدتها منطقة تعمير عين الحلوة بين الجيش وعناصر من "جند الشام"، وما استدعاه ذلك من انتشارٍ لقوة أمنية فلسطينية مشتركة أخذت على عاتقها حفظ الأمن في هذه المنطقة·
وكان بارزاً ما أعلن عنه الناطق الرسمي والإعلامي بإسم "عصبة الأنصار الإسلامية" الشيخ أبو شريف عقل عن حل ما كان يطلق عليه اسم "جند الشام"، حيث ترك هذا الإعلان ارتياحاً في الأوساط الفلسطينية والصيداوية واللبنانية، فضلاً عن الحديث عن مبادرات بشأن الوضع في نهر البارد·
للوقوف على حقيقة الأمر، والأسباب التي دفعت بـ "عصبة الأنصار" الى تولي الإشراف على القوة الأمنية، ونظرتها ودورها في الإتصالات اللبنانية - الفلسطينية، كان لـ "لـواء صيدا والجنوب" حوار مطول مع الشيخ أبو شريف عقل، هو الأول، الذي تحدث فيه بصراحة عن كل هذه الأمور، كاشفاً عن تفاصيل قضايا هامة، فضلاً عن واقع العلاقات والإتصالات الفلسطينية - الفلسطينية، والفلسطينية-اللبنانية، ومدى انعكاس تطورات الأوضاع على الساحة اللبنانية ،وتعلقها بملفات اقليمية ودولية· وفي ما يلي نص الحوار:
أسباب التوقيت
ما هي أسباب توقيت حل "جند الشام"؟
- في الحقيقة، هذا التنظيم تم الإعلان عن حله منذ فترة طويلة، لكن في الآونة الأخيرة أصبح يتحول إلى "شماعة"، كل الأحداث التي تحصل في منطقة الطوارئ والتعمير يتهم بها عناصر هذا التنظيم، وفي الآونة الأخيرة بعض السياسيين اللبنانيين أصبح يطلق عليهم إتهامات بعيدة جداً عن الواقع، تارة أنهم يتلقون دعماً من طرف لبناني آخر، وتارة يسمونهم بجند الطرف الآخر· وكما تعلمون أنه تم تشكيل قوة أمنية من أجل حفظ أمن أهلنا والجوار في منطقة الطوارئ والتعمير، وأي خرق يحصل في هذه المنطقة كان ينسب إلى "جند الشام"، فرأينا أنه من الأفضل أن يتم الإعلان، وإلا فحل التنظيم حصل منذ فترة طويلة، لكن الإعلان جاء متأخراً بسبب الأحداث، و ذلك حتى لا يتحول هذا التنظيم وأبناؤه إلى "شماعة" تعلق عليهم كل الأحداث، مع العلم أنه لدينا معلومات مؤكدة أن هناك الكثير من الأطراف يعبثون بالمنطقة، ويحاولون جر المنطقة إلى صراع لن يدفع أحد ثمنه إلا أهلنا الأبرياء في منطقة الطوارئ والتعمير، وهذا مرفوض بكل ما أوتينا من قوة·
"عصبة الأنصار" و"القوى الإسلامية" وكل من يشاركنا، قلنا بصراحة ووضوح إننا لن نسمح بأن تجر المخيمات إلى صراع مع الجيش اللبناني أو أي طرف آخر·
توزع العناصر
أين أصبح عناصر "جند الشام"، وهل إنضموا إلى "عصبة الأنصار"؟
- البعض منهم عاد إلى منزله ويزاول عمله، شأنه شأن أي فرد فلسطيني في هذا المخيم، وبعضهم بالأساس مكان سكنه في منطقة الطوارئ - أي تحت سيطرة "عصبة الأنصار الإسلامية" - وفي حقيقة الأمر كان لديهم تعاون كبير في قضية اللجنة الأمنية والإنضباط، وهم الآن يصرحون ويقولون إننا في عهدة "القوى الإسلامية" وتحت إمرة "القوى الإسلامية"·
وأنا إن شاء الله يُمكن أن أتفق مع أبرز قادة هذا التنظيم سابقاً من أجل إجراء مقابلة صحافية، حتى يتحدثوا بأنفسهم عن هذا الموضوع·
ألا تخشون من بروز حالات جديدة من هؤلاء العناصر، أو من غيرهم تحت مسميات جديدة؟ - من هؤلاء العناصر لا أعتقد، لأنهم في الآونة الأخيرة يبدون انضباطية عالية، لكن في حقيقة الأمر الكثير من الأجهزة الأمنية والجهات المعادية لحفظ الأمن في هذه المنطقة، تحاول بين الآونة والأخرى إظهار ظاهرة جديدة، لكن أعتقد أن الشباب المسلم والحمد لله، على درجة عالية من الوعي، يدرك ما يحيط به من أحداث، ويفقه الواقع جيداً· والجميع متفق على أن لبنان يمر بمرحلة عصيبة لا بد من قراءتها جيداً، وحتى لا نكون أداة تستخدم بيد الغير·
القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة
كيف تنظرون إلى دور القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في منطقة تعمير عين الحلوة؟
- في الحقيقة هذه القوة ليست قوة فصل، لأنه لا يوجد طرفان متصارعان وهذه القوة تفصل بينهما، هذه القوة هي لمنع العابثين من العبث بأمن منطقة الطوارئ والتعمير، وفي ما مضى كان يأتي شخص لا يُعرف إنتماؤه السياسي أو إنتماؤه التنظيمي، وقد يكون مجيّر لأحد الأجهزة الأمنية، يلقي قنبلة أو يطلق الرصاص على أحد حواجز الجيش اللبناني، وبالتالي يقوم الجيش بالرد، فيدفع الأهالي الأبرياء الثمن، فهذه القوة هي من أجل حماية الأهل والأطفال والنساء والأبرياء، وحتى يشعر الناس بشيء من الأمن والأمان، وهذا حقهم علينا·
إحاكة مؤامرات
هل أنتم مطمئنون الى الوضع في منطقة تعمير عين الحلوة ومخيمي الطوارئ وعين الحلوة؟
- لا شك أن هناك بعض المؤامرات التي تحاك، هناك من يهمه أن تبقى هذه المنطقة متوترة، لكن بإذن الله وبإصرار العاملين، وبصدق الصادقين، سنحافظ على هذه المنطقة بدمائنا ولو على حساب أمننا، ونحن وجّهنا رسالة إلى أهلنا في التعمير، هم أهلنا ولهم حق علينا، وأمنهم من أمننا، وإن شاء الله رب العالمين، سنسهر على أمنهم وراحتهم، وكلنا أمل أن لا يحصل شيء في منطقة الطوارئ والتعمير· قيل أن بعض الأطراف والأطر الفلسطينية لم تشارك في القوة الأمنية المشتركة، فما هي حقيقة الأمر؟
- في الحقيقة من أجل أن لا توضع العصي في الدواليب، من الأساس كلفت "عصبة الأنصار" من جميع الفصائل الفلسطينية أن تتولى قيادة القوة الأمنية، وكان لـ "عصبة الأنصار" حرص على مشاركة الجميع، وشاركت في القوة الأمنية كل الأطر، أطر "منظمة التحرير الفلسطينية"، "تحالف القوى الفلسطينية"، "أنصار الله" و"القوى الإسلامية"· والقوة الأمنية هي برئاسة وقيادة "القوى الإسلامية"، فجميع الأطر تشارك عسكرياً وتغطي سياسياً، ونفقات هذه القوى الأمنية وكل ما يلزمها· قبول المهمة
لماذا قبلت "عصبة الأنصار" هذه المهمة؟
- في الحقيقة، جاء القبول بعد تمني جميع الأطراف، لأن "عصبة الأنصار" في أكثر من محطة تاريخية في وجودها في هذا المخيم، أثبتت فعلاً أنها صمام أمان، ومطلب للجميع·
لقد تعرضنا أكثر من مرة لاعتداءات، ومن أجل أهلنا وأطفالنا لم نرد على هذه الإعتداءات، كانت تطلق النار علينا وعلى مواقعنا وعناصرنا ولم نكن نرد، وقد تعرض أحد قادة "عصبة الأنصار" في الآونة الأخيرة لمحاولة إغتيال، ونحن عرفنا بالضبط من الذي حاول القيام بهذه المحاولة ومن الذي دفعه، ورغم ذلك قلنا اننا لن نقوم بأي رد فعل، وإذا كانت دماؤنا ستكون سبباً لحفظ الأمن والأمان في المخيم، فنحن على إستعداد لأن نقدم دماءنا، هذه المصداقية في الحقيقة لاقت قبولاً ورواجاً، ليس فقط عند عموم الناس، بل أيضاً لدى الفصائل الفلسطينية، وهم الذين طلبوا، بل تمنوا على "عصبة الأنصار" أن تلعب دور قيادة القوة الأمنية·
كان يؤخذ على "عصبة الأنصار" أنه بين الحين والآخر كانت توضع عناصر "جند الشام" تحت إمرتها، ثم يُسجل خرق، هل أنتم مطمئنون إلى عدم إمكانية حصول أي خروقات في منطقة تعمير عين الحلوة؟
- في الآونة الأخيرة نحن نلمس من الإخوة أعضاء تنظيم "جند الشام"، انضباطية عالية وصدقاً عالٍياً جداً، وهذا يشعرنا بشيء من الطمأنينة، وأن هؤلاء الإخوة لن يقوموا بأي عمل، وكما قلت يقرأون الواقع جيداً، وحصل في الآونة الأخيرة أن تم إلقاء قنبلتين على الجيش اللبناني بعد تشكيل القوة الأمنية، فقامت "عصبة الأنصار" بإستدعاء من ترددت أسماؤهم على ألسنة الناس أنهم ربما وراء إلقاء القنبلتين، وهم الآن موجودون في عهدة العصبة و"القوى الإسلامية"، وحتى الآن لم يثبت أنهم من قام بإلقاء القنبلتين، ولكن إعتقالهم أو وضعهم في إقامة جبرية، قد يؤدي إلى نتيجتين نحن نريدهما:
- النتيجة الأولى: كشف من يعبث في هذه المنطقة·
- والثانية: أن لا يتحول هؤلاء الشباب إلى متهمين في كل حادثة صغيرة كانت أو كبيرة·
هل حُلت مشاكل عناصر "جند الشام" حتى وافقوا على حل نفسهم وتذويبهم في "عصبة الأنصار" أو عودتهم إلى منازلهم؟
- معظم عناصر "جند الشام" ليست لديهم مشاكل أمنية، بل أن معظم مشاكلهم هي داخل المخيم، وتحديداً مع حركة "فتح"، وتم التحدث مع قيادات حركة "فتح" وبالتحديد مع أمين سرها في منطقة صيدا خالد عارف "أبو أدهم"، ومعظمهم عاد إلى منزله آمناً مطمئناً، بضمانة الجميع أن لا يتعرض له أحد، والذين هم أصلاً من سكان منطقة الطوارئ ما زالوا في منطقة الطوارئ، وتحت إمرة "القوى الإسلامية" و"عصبة الأنصار"·
إنتشار الجيش
الجيش اللبناني إنتشر في منطقة تعمير عين الحلوة في 25 كانون الثاني الماضي، لماذا لم ينتشر في البقعة التي هي خارج اطار مخيم عين الحلوة ومنطقة الطوارئ؟
- قبل إنتشار الجيش اللبناني حصلت عدة أعمال في منطقة التعمير، وهذه الأعمال حتى في الشرع الإسلامي، هي أعمال مرفوضة، قتل أحد الذين يسحِّرون " بلال سلوم"، وهو يقول "يا نايم وحِّد الله"، رجل يقول وحدوا الله يُقتل، إمرأة صعد شاب إلى منزلها وأطلق عليها النار، كل يوم يحصل إشتباك، وهذا طبعاً جعل أهل التعمير أنفسهم يطلبون من الجيش اللبناني أن ينتشر، والجيش اللبناني لم ينتشر إلا بتوافق جميع الأطراف بما في ذلك "عصبة الأنصار"، لأن "عصبة الأنصار" هي صاحبة الثقل في منطقة الطوارئ والتعمير، وبالتالي تم الإتفاق عبر الوسطاء من الإخوة في حركة "حماس" وحركة "فتح" إلى تحديد المكان الذي سينتشر إليه الجيش، وتم الإتفاق على وضع الحاجز حيث هو الآن·
كيف تصفون العلاقة مع الجوار في مدينة صيدا ومحيطها؟
- مما لا شك فيه أن أهل صيدا هم أهلنا وأبناء ملتنا، ونحن نعيش مشاكلهم، وهم يعيشون مشاكلنا، وينطبق علينا وعليهم قول النبي( صلى الله عليه وسلم ): مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر"، فأهل صيدا هم أهل عين الحلوة، وأهل عين الحلوة هم أهل صيدا·
هل يُمكن أن نعتبر أن "عصبة الأنصار" "تلبننت" مع الواقع اللبناني؟
- "عصبة الأنصار" هي حركة إسلامية عالمية، لكن بما اننا موجودون مركزياً في لبنان، لا بد أن نعلم ما يدور حولنا، ولا بد أن نتعاطى مع الواقع اللبناني، ونحن حريصون كل الحرص على أن لا يكون لنا أي موقف في الصراع الحاصل في لبنان·
فلبنان كما قلنا قادم على أمور خطيرة ربما لا تُحمد عقباها، وربنا عز وجل خاطب رسوله محمد( صلى الله عليه وسلم ) قال: "ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"، فالإسلام جاء من أجل سعادة البشرية وإنقاذها، ونحن إن شاء الله سنبقى صمام أمن وأمان لأهلنا ومحيطنا·
هناك من يجر المخيمات إلى صراع
جرى التداول بأن "عصبة الأنصار" وبعض القوى طرح عليها القيام بمبادرة لحل مشكلة "فتح - الإسلام" قبل إندلاع الأحداث في مخيم نهر البارد، لماذا يتم ذلك؟ - عندما حصلت حادثة عين علق، حاولت "عصبة الأنصار" أن تدخل على خط الوساطة، لأننا على يقين بأن أبناء "فتح - الإسلام" لم يقوموا بهذا العمل، وطرحنا أنفسنا إنطلاقاً من قول الله تبارك وتعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه، لأن "فتح - الإسلام" تفهم لغتنا، وطالما أنهم يتحدثون بلغة القرآن والسنة فهم يفهمون لغتنا ونفهم نحن لغتهم، من أجل ذلك كنا نحن الأجدر على خطابهم وعلى إقناعهم، ومن هذا الباب، لكن مع الأسف هناك من كان يعرقل هذه المساعي ويضع العصي في الدواليب، وكانت له مصلحة في أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، وأن تتم تصفية "فتح - الإسلام" بهذا الشكل الذي حصل·
وفي كل مرة تحصل مبادرات ونحن نرى ونسمع، والجميع يرى ويسمع عبر وسائل الإعلام أن بعض الأطراف تُطالب بحل سياسي، بينما أطراف أخرى متشددة في هذا الموضوع، وتصر على أن الحسم عسكري، وتتحدث عن كرامة الجيش والذين قتلوا· نحن في الأساس قلنا إن الذي حصل كان يجب أن لا يحصل، لكن طالما حصل لا بد أن نستدرك، مع الأسف أن هناك من يعرقل هذه المساعي، ويصر على أخذ الأمور إلى ما لا تحمد عقباه· أعتقد أن هناك من يجر باقي المخيمات إلى هذا الصراع، الذي في النهاية لن يخدم لا الشعب الفلسطيني ولا الشعب اللبناني·
هل هذه الأطراف التي تضع العصي في الدواليب، فلسطينية أم لبنانية؟
- أطراف فلسطينية ولبنانية، وحتى أطراف دولية·
برأيكم ما هو الهدف، وهل هو مقدمة لمشروع ما؟
- نحن نعلم أن لبنان يعيش صراعاً بين مشروعين· وفي الحقيقة أن هذين المشروعين يتصارعان على الأرض اللبنانية، ونحن أمام إستحقاقات خطيرة جداً، إستحقاق رئاسة الجمهورية وإستحقاق المحكمة الدولية، وهناك أطراف محلية ودولية يهمها خراب هذا البلد قبل الوصول إلى أي من هذين الإستحقاقين، ولكن نحن مصرون على أن لا يتم إستخدام العنصر الفلسطيني كأداة، ومن باب أولى أن لا يتم إستخدام العنصر الإسلامي كأداة·
تشكيل قوة فلسطينية
طرحت مؤخراً فكرة تشكيل قوة فلسطينية للإنتقال إلى مخيم نهر البارد، ما هي حقيقة هذا الأمر؟
- الموضوع يجري على قدم وساق ونأمل له النجاح، لكن أعتقد أن الأمور لن تصل إلى ما تصبو إلىه الأطراف، الإخوة في "رابطة علماء فلسطين" علقوا مساعيهم الحميدة والمشكورة، لأن هناك من يحاول أن يعرقل، وكذلك الأمر أن الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني حتى الآن لم يعطيا الرد النهائي على تشكيل هذه القوة، لكن بصراحة وبوضوح أن الإنقسام الحاصل في المجتمع اللبناني إنسحب على المجتمع الفلسطيني، هناك أيضاً إنقسام في المجتمع الفلسطيني، وكل طرف يحاول أن يعرقل مسعى الآخر، وإلا لو كان هناك إجماع فلسطيني على حل قضية نهر البارد بمشاركة اللبنانيين، لحلت هذه القضية منذ بدايتها·
هل تخشون فتح ملف السلاح الفلسطيني في لبنان، سواء داخل المخيمات أو خارجها مجدداً؟
- السلاح الفلسطيني مرتبط بقضية هامة جداً، وهي عودة الفلسطينيين إلى بلادهم وديارهم، ومرتبطة بقضية فلسطين· وكما نعلم أن الفلسطيني في لبنان تعرض في الماضي للكثير من المجازر وإهانة كرامته، والآن إذا كان السلاح بأيدي الفلسطينيين وقلنا إنهم يعاملون معاملة دون مستوى البشر، فكيف إذا نزع هذا السلاح؟ أعتقد أنه لا يوجد أي فصيل فلسطيني يرضى بنزع السلاح في الوقت الحاضر·
إستهداف "اليونيفيل"
إستهدفت قوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان، ووجه بعض القادة الدوليين الإتهامات الى أن طرفاً غير لبناني هو الذي قام بهذا العمل، ما هو تعليقكم على ذلك، وكيف تنظرون إلى إستهداف "اليونيفيل"؟
- أعتقد أن أكثر الأطراف تضرراً مما حصل في جنوب لبنان، هم أهل السنة تحديداً، لأن اليوم تلصق بأهل السنة في لبنان الكثير من الإتهامات والأعمال الإرهابية وغير ذلك، وأنا برأيي أن أي عمل تتعرض له قوات "اليونيفيل" أو الجيش اللبناني، ويكون خلف هذا العمل جهة إسلامية، أعتقد أن الضرر في ذلك كبير جداً، فيجب على الإسلاميين، وتحديداً الجهاديين أن يوحدوا جهودهم وتكون مواجهتهم فقط في البلاد المحتلة، إن كان في فلسطين أو أفغانستان أو العراق، بمعنى آخر، العدو الذي يحتل أرضنا وتجمع الأمة على عداوته· هذا طبعاً ينفع المشروع الجهادي ويقويه ويدعمه، أما الدخول في صراعات جانبية وداخلية· أعتقد أن المشروع الجهادي يتضرر، وتحديداً الإسلاميين، والدعوة إلى الله تتضرر وتتشوه كثيراً، وفي الآونة الأخيرة الإعلام الغربي كان حريصاً على إظهار الإسلام بأنه إرهاب·
بعض عناصر "فتح - الإسلام" كانوا يتواجدون في تعمير عين الحلوة، والبعض قيل إنه ضمن "عصبة الأنصار" أو "جند الشام"، وإنتقل إلى مخيم نهر البارد، فما هو الرابط في هذا الموضوع؟
- الذين إنتقلوا من منطقة مخيم عين الحلوة إلى مخيم نهر البارد، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وهؤلاء طبعاً خرجوا لأنهم كانوا يعتبرون أن "عصبة الأنصار" و"القوى الإسلامية" هنا في المخيم لا تريد أن تجاهد ولا تريد أن تقاتل، وبالتالي هناك وعد بالجهاد والقتال، وإنهم سينصرون أهل السنة وأنهم سيقاتلون، وخرجوا إلى هناك، لكن مع الأسف حصل أن انحرفت البوصلة عن اتجاهها، وبدلاً من أن نقاتل اليهود، وجدنا أنفسنا في صراع داخلي· وأعتقد انه لم يخسر أحد في هذا الصراع إلا المسلمون·
ذكر أن "عصبة الأنصار" حالت دون الاعلان عن إنشاء فرع لحركة "فتح - الإسلام" في مخيم عين الحلوة، فما هي حقيقة هذا الأمر؟
- لم نمنع، وهذا لم يحصل أصلاً، لا يوجد داخل مخيم عين الحلوة فرع تنظيمي بمعنى الكلمة لـ "فتح - الإسلام"، يوجد أناس يتعاطفون، وهذا التعاطف لأن لهم أقارب موجودون هناك في "فتح - الإسلام" وليس أكثر من ذلك·
إلصاق التهم بنا
منذ ولادة "عصبة الأنصار" صدرت عدة أحكام قضائية، وهناك مذكرات قضائية أو أمنية بحق عدد من كوادر العصبة، ولكن منذ فترة لاحظنا تغيراً في أدائكم، فما الذي أدى إلى هذا التغير؟
- "عصبة الأنصار" شأنها شأن أي حركة إسلامية· لقد ظُلمنا كثيراً، إن كان من ناحية الإعلام أو الأمن، أنا في الآونة الأخيرة كنت أتابع برنامج "كلام الناس" مع وزير الدفاع اللبناني الياس المر، وتوجه إلينا الإعلامي مرسيل غانم، وقال لوزير الدفاع: هل برأتم "عصبة الأنصار" من قتل القضاة؟، طبعاً وفقاً للدستور اللبناني لا يحق لا لرجل السياسية ولا الإعلام ولا الأمن أن يوجه إتهاماً إلى "عصبة الأنصار"، إذا كان هناك من أحد يحق له أن يوجه هذا الإتهام فهو القضاء، وإذا وجه إلينا القضاء هذا الإتهام سنقول لهم "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"، ونقول لهم ما هي المعطيات، وما هي البينات والأدلة والأسماء؟ وهذا الملف تحديداً شأنه شأن كثير من الملفات التي ألصقت بـ "عصبة الأنصار" في ما مضى، وكان ممنوع علينا حتى أن ندافع عن أنفسنا، كنا نقوم بمقابلات صحافية، وعندما يخرج الصحافي إلى خارج المخيم تتم مصادرة المقابلة بأكملها·
في حقيقة الأمر، نحن ما زلنا "عصبة الأنصار" في ما مضى واليوم، لكن في ما مضى كانت هناك أجهزة أمنية لبنانية وخارجية تحاول أن تبقي "عصبة الأنصار" في دائرة الإتهام، والحقيقة أن هذا الموضوع لم يعد موجوداً، لذلك بدأت تظهر الصورة الحقيقية لـ "عصبة الأنصار الإسلامية"، ونحن نأمل أن يتعاطى الجميع مع "عصبة الأنصار" اليوم بأنها عصبة إسلامية تعمل لنشر دين الله سبحانه وتعالى، والدعوة إلى الله عز وجل، لكن قضية أن "عصبة الأنصار" قامت بأعمال تخل بالأمن اللبناني من إرهاب أو قتل، نقول لهم البينة على من إدعى·
إغتيال القضاة
ما دمتم تحدثتم عن قضية إغتيال القضاة الأربعة في صيدا، منذ إغتيال القضاة دائما كانت توجه الأنظار إلى "عصبة الأنصار"، كيف تدافعون عن أنفسكم في هذه القضية؟
- أولاً نحن نقول إن القضاة الذين قتلوا لم يمسك أحدهم أي ملف إسلامي، الجريمة لا بد أن يكون لها دافع، فما هي الدوافع؟ لم يحكموا أي شخص إسلامي، بل على العكس أعتقد أن القضاة الذين قتلوا، راجعوا ملفاتهم، وأنا كنت حريصاً في الآونة الأخيرة عن طريق الشيخ ماهر حمود أن نتصل بإبنة أحد القضاة، ونقول لها إن الإتهام في غير محله، وليست "عصبة الأنصار" من قام بهذا العمل، ولم تقم "عصبة الأنصار" بمثل هكذا أعمال، القضاة كانوا يمسكون ملفات لأصحاب مخدرات، وأحدهم كان يمسك بملف التحقيق بقضية محاولة إغتيال النائب مصطفى سعد، فليراجعوا حقيقة من الذي قام بمثل هذا العمل، وإذا كانوا يصرون على إتهام "عصبة الأنصار"، فالقاعدة تقول: إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والإدانة لا بد لها من أدلة، وطالبوا عبر قادة "منظمة التحرير" و"حماس"، والكثير من القادة عندما كانوا يتحدثون عن "عصبة الأنصار" كانوا يقولون لهم أذكروا لنا أسماء من الذي قام بهذا العمل، ونحن على إستعداد لأن نجلب هذه الأسماء ونسلمكم إياها، في الحقيقة لا توجد أسماء، فقط مجرد إتهام·
الشيخ ماهر حمود قال في مداخلة تلفزيونية إن مجموعة أو أفراداً كانوا يتواجدون في مخيم عين الحلوة هم من نفذ جريمة الإغتيال، فما هي المعطيات التي لديكم؟
- التقينا الشيخ ماهر حمود بعد هذا التصريح وسألناه عن هذه المعلومات، ومن أين مصدره حتى نكون نحن أيضاً على إطلاع، فأجابنا أن مصدر المعلومات، هو أحد الرجال الذين قتلوا، ولا أدري إذا كان الرجل بعد موته تؤخذ شهادته أو تؤخذ أقواله أم لا· لكن في حقيقة الأمر بعد أن تحدثنا معه تبين أن هذه المعطيات غير صحيحة أبداً، لأنه ذكر أن أحد الذين نفذ أو شارك في هذا العمل هو أحد المسجونين، فقلنا له طالما أنه مسجون وعند الدولة اللبنانية، تستطيع الدولة أن تتأكد من هذه المعلومات، لكن أعتقد أن المعلومات ليست على درجة عالية من الصحة، وأن الشيخ ماهر قد تراجع عنها بإتصال مع نفس المحطة التي أجرت معه المقابلة· وكذلك مع المعنيين·
العلاقة بـ "القاعدة"
وفقاً للمعطيات التي لديكم، ما هي علاقة "فتح - الإسلام" بـ "القاعدة"؟
- حسب المعطيات التي لدينا، أن "فتح - الإسلام" ليست لها أي علاقة بـ "القاعدة"، والأدلة على ذلك كثيرة، منها ما أعلنه قادة "فتح - الإسلام" أنفسهم، أنه ليست لهم أي علاقة بـ "القاعدة"، وفي الآونة الأخيرة كان هناك شريط للدكتور أيمن الظاهري، ولم يتطرق إلى موضوع "فتح - الإسلام" البتة، بينما الأحداث التي حصلت في غزة حصلت بعد أحداث نهر البارد، ورغم ذلك كان لها القسط الأكبر من كلامه· ···وما هي علاقة "عصبة الأنصار" بـ "القاعدة"؟
- نحن قلنا إنه إذا كان المقصود علاقة عقيدة، نحن وإياهم أبناء عقيدة واحدة، وإذا كان المقصود الفكر والمنهج، نعم نحن وإياهم في فكر واحد ومنهج واحد، عدونا واحد، مع أننا لدينا بعض المآخذ على العمليات التي تحصل داخل الدول العربية، إن كان في جزيرة العرب (المملكة العربية السعودية) أو اليمن أو الجزائر أو سوريا، نحن مع توحيد الجهود كما قلنا في قتال من تُجمع الأمة على عداوته في فلسطين والعراق وأفغانستان، أما هذا الذي يحصل في البلاد العربية يضر في مشروع "القاعدة" ويضر بالمشروع الإسلامي بشكل عام·
ما هي الكلمة التي تود توجيهها في ختام هذا الحوار؟
- إن الواقع اللبناني واقع معقد جداً، ويجب على المسلم أن يكون قارئاً ممتازاً لواقعه، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن نرتفع إلى درجة من الوعي نصبح فيها أداة فقط للمشروع الإسلامي، وأن لا نسمح لأنفسنا أن نكون أداة للآخرين، الذين يسعون لأن يستخدموا الشباب المسلم تحت مظلة الإسلام الجهادي، أو العمل العسكري، أسأل الله عز وجل أن نكون على درجة عالية من الوعي، وأن لا نستخدم إلا في خدمة دين الله وخدمة أمتنا·
تعليقات: