حليم المصري وزوجته منتهى يتحدثان الى الزميلة ثريا حسن زعيتر
الصيداوي سعد المصري يستورد مروحة تعمل على الهواء، صديقة للبيئة بدون صوت وتواجه مكب النفايات وأضراره..
صيدا -
تتوالى فصول المعاناة مع الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، لكل إنسان حكاية ورواية تختلف عن الأخرى، في ابتكار حلولها، وإن كان الجميع يتفق على أنها معاناة لبنانية لن تنتهي في القريب العاجل، الأمر الذي دفع بعضهم الى البحث، عن طريقة لتخفيف وطأة هذا الانقطاع، بدلاً من العيش بظلامٍ دامس، ريثما تضع الدولة حلاً نهائياً لأزمة الكهرباء··
في مدينة صيدا، بالقرب من مكب النفايات المشهور بتلويث البيئة البحرية والبرية، كان مشهداً متناقضاً وصديقاً للبيئة، على عكس جبل النفايات <عدوها>، اذ وجد حليم سعد المصري حلاً ينهي معاناته مع انقطاع التيار الكهربائي، فاستورد مروحة هوائية تولد الطاقة بشكل دائم، وتُحافظ في ذات الوقت على ما تبقى من مظاهر حية في منطقته، لأنها تعمل على الهواء، ولا تحتاج الى أي مادة نفطية أو تنفث دخاناً أو تصدر صوتاً وضجيجاً··
<لـواء صيدا والجنوب> قصد منزل المربي حليم سعد المصري واستمع منه الى تفاصيل الحكاية من الألف الى الياء··
صينية وليست لبنانية وضع حليم سعد المصري (76 عاماً) حداً لمعاناته، مع الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، اذ إستورد مروحة هوائية متوسطة الحجم من الصين، تدور بثلاث فراشات، ونصبها فوق سطح منزله الكائن عند الكورنيش البحري الجديد لمدينة صيدا، قبالة مكب النفايات، لتولد الطاقة على مدار الساعة·
المصري أمضى 42 عاماً، في تكميلية صيدا الرسمية للصبيان، يدرس مادة الرياضيات قبل أن يُصبح ناظراً ويتقاعد منذ 12 عاماً، وهو خلص الى معادلة جديدة تنهي معاناته الدائمة مع انقطاع التيار الكهربائي، على قاعدة <علمية> لكنها <صينية> وليست <لبنانية> تختلف قليلاً عن الدراسة <أطلب الكهرباء·· ولو من الصين>، إذ إستورد مروحة هوائية ذات ثلاث فراشات لتوليد الطاقة، جامعاً بين مقولة <الحاجة ام الاختراع>·· و<اللبناني لا يعدم وسيلة في إبتكار كل ما يريحه>·
وتعاني المنطقة التي يقطن فيها المصري، من عدم وجود اشتراك بالمولدات الخاصة، لأنها قليلة الاكتظاظ بالسكان ومترامية الأطراف، فيما استخدام المولد الخاص دونه عقبات ومشاكل، تبدأ بتزويده اليومي بمادتي البنزين أو المازوت، مروراً بتغيير الزيت بشكل دائم، فضلاً عن الأعطال، وصولاً الى الصيانة الدورية، مما جعل معاناة قاطني المنطقة مضاعفة، دون أي حل مع اعتماد برنامج تقنين قاسٍ، وتحديداً ليلاً في منطقة تعتبر صناعية·
وكانت ولادة الفكرة صيف العام الماضي 2009، حينما زار نجله علاء - وهو مهندس كهربائي، يعمل في المملكة العربية السعودية مدينته صيدا ليقضي إجازته مع العائلة، بيد أن <العتمة> بسبب الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، نغصت عليه فرحته في ظل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في منطقة بحرية، وبعدما تعطل المولد الخاص وإنتهت مدة خدمته، أبلغ والده أنه سيبحث له عن حل قريب، قبل أن يُسافر ويجري رحلة من البحث عن اختراعات أو ابتكارات، تُعالج مشكلة الكهرباء، حتى وصل عبر <الانترنت> الى الصين، ووجد الحل الأفضل·
استيراد وتركيب ويقول الحاج حليم سعد المصري <لم تمضِ أسابيع معدودة حتى اتصل بي هاتفياً وابلغني بالنبأ السار، قائلاً: <ما رأيك بتوليد الكهرباء عبر مروحة هوائية>، فقلت له على الفور <لا مانع لديّ، المهم أن تنتهي المشكلة وتكون فعالة>·· قبل أن يردف بفرح <سرعان ما اتفق على استيراد 5 مراوح هوائية كبيرة، من الصين موصولة بـ <يو·بي·اس·> خاص ومربوط بـ 8 بطارية، لتزود المنزل بالكهرباء على مدار الساعة، ودون أي انقطاع، اذ كلما نقصت البطاريات يتم شحنها بواسطة المروحة بدلاً من الطاقة>· وأضاف بتلهف: <مضت أسابيع قليلة حيث تم شحن المراوح الخمسة الى لبنان، ونقلت الى منزلنا في صيدا، فاتصلت به وأبلغته بالأمر، فقال سوف أحضر الى المدينة بعد يومين، لأقوم بتركيبها، وبالفعل حضر·· لقد بذلنا جهداً كبيرة في رفعها، الى سطح المنزل بسبب وزنها الثقيل، اذ تزيد عن 250 كلغ، رفعناها بواسطة <بلانغو>، وقام علاء مع شقيقه بتركيب المروحة بطريقة فنية، ربطها بإحكام من الجهات الأربعة بأسلاك معدنية قوية، منعاً لسقوطها أو اهتزازها مع قوة الرياح، خاصة أنها تقابل البحر مباشرة، قبل أن يتم توصيل الاسلاك الكهربائية الى المنزل، حيث وضع الـ <يو·بي·أس·> والبطاريات على <الشرفة>، لتبدأ عملية توليد الطاقة مباشرة دون أي عناء أو حتى ضجيج أو مصاريف مالية اضافية>·
وأعرب المصري عن سعادته بهذه المروحة، فيقول: <صحيح أنها كلفت 2500 دولار أميركي، بالإضافة الى ثمن 16 بطارية قوة الواحد 115 بدلاً من ثمانية حاجتها الأدنى، الأن معاناتنا انتهت، لم نعد نعرف الظلام، والأهم أنها تزودنا بالتيار الكهربائي بقوة 15 أمبير، وهي قوة كافية لاستخدامها في كل شيء، وقد تشاركنا مع العائلةـ التي تقطن بمحاذاتنا، وهي تكفينا معاً>·· قبل أن يضيف <والأمر لا يقتصر على طرد الظلام، بل التوفير من كهرباء الدولة، وبالتالي الكثير من المال، بإمكاني تشغيل كل ما أحتاج اليه في المنزل، بدءاً بالأنوار، مروراً بالبراد والتلفاز والمروحة، وصولاً الى <السخان> والغسالة، وكل شيء حتى جرس المنزل بات يرن في كل وقت>·
ويؤكد <منذ عدة أشهر، وتحديداً في أيلول من العام 2009، وأنا استخدم هذه <المروحة الكهربائية الصينية، أنها تجربة رائدة بل ناجحة، حتى الأن لم تقع أي مشاكل، ولا أتوقع ذلك طالما <الفراشي> تدور بفعل الهواء، وهذا أساس القاعدة لتوليد الكهرباء، أنها لا تحتاج الى أي صيانة، بل فقط مراقبة للتيار الكهربائي، وعادة يكون منتظماً 220 أمبير، وبالتالي لا تؤدي الى أضرار بالآلات الكهربائية، والأهم من ذلك أن العملية تتم بصمت دون أي ضجيج أو ازعاج لنا أو للجيران، بخلاف المولد الكهربائي الخاص الذي كنا نفكر بشرائه>·
الحاجة أم علي وتقول الزوجة منتهى جواد يحيى <أم علي>: عندما كانت تنقطع الكهرباء، كنت أشعر أننا نعيش في كوكب أخر، فالظلام دامس في المنطقة والحركة قليلة، أما الآن فلا نشعر بشيء، فالتيار الكهربائي على مدار الساعة، والتلفاز يُمكن أن يعمل في أي وقت>·· قبل أن تؤكد <أن كثيراً من الناس قصدونا للسؤال عن المروحة، وكيفية الحصول عليها، لدينا بعد أربع مراوح للبيع، ولكن عندما يحضر ولدي علاء من السعودية يبيعها ويقوم هو بتركيبها، لأن لها طريقة معينة>·
وقالت: <إنني أنصح الجميع باحضار واحدة مثلها، الأمر ليس مكلفاً كثيراً، ولكنه يتطلب منزلاً منفرداً، اذ لا تصلح وفق اعتقادي في الشقق، أو على أسطح المباني المرتفعة، لأن خطر سقوطها يكون أكبر>·· قبل أن تضيف <إن الفائدة منها ليس فقط الانارة الدائمة وانتهاء معاناة الكهرباء، بل هي صديقة البيئة، لا صوت لها، ولا دخان، ولا روائح، ولا أي شي>·
ووصفت <أم علي> المروحة بأنها <بارقة أمل في المستقبل، لأننا مقبلون على اختراعات لا تضر بالبيئة، لأن طبقة <الإوزون> لم تعتد تحتمل تعدي البشر عليها ونفث سمومهم، وأتمنى أن تكون نموذجاً مصغراً لمشروع أكبر تستفيد منه الدولة لتوليد الطاقة الكهربائية، مع الازدياد المطرد للحاجة اليها في القرن الحادي والعشرين، اذ باتت الكهرباء عصب الحياة، ولا شيء يجدي دونها>·
Th@janobiyat.com
المروحة الهوائية تنتصب قبالة مكب النفايات في صيدا لتولد الطاقة
منظم الكهرباء كما بدا على الشرفة
تعليقات: