منتظر الزيدي متحدثاً في طرابلس
طرابلس :
علا التصفيق والهتاف في أرجاء قاعة المركز الثقافي في طرابلس، لدى دخول الاعلامي العراقي منتظر الزيدي الذي تأخر عن موعده لأكثر من ساعة أمضاها في زحمة سير خانقة على الطريق من بيروت الى العاصمة الثانية. لكن الحضور الحاشد التوّاق الى رؤية ومحادثة من تجرأ على ضرب رئيس أعتى قوة في العالم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بحذائه، تسمّر على الكراسي طيلة تلك الفترة منتظرا الاعلامي منتظر الذي أعلن أن ضربه الرئيس بوش بالحذاء كان رد فعل مقاوماً على احتلال العراق، وثأرا لأكثر من مليون شهيد عراقي، وانتصارا لأكثر من مليون أرملة، واسترجاعا لشرف العراقيات اللواتي تعرضن للاغتصاب على يد جنود الاحتلال، وكفكفة لدموع خمسة ملايين يتيم، معتبرا أن انحناءة الرئيس بوش أمام ضربة الحذاء، هي انحناءة أمام العرب وخوف من أحذيتهم، مرددا قول المجاهد العربي عمر المختار «نحن أمة لا نخسر، إما أن ننتصر وإما أن نموت»...
اللقاء مع منتظر الزيدي تحول الى مناسبة تضامنية مع كل القضايا العربية استهله رئيس المركز الثقافي مصطفى مولوي مرحبا بالبطل الذي حرك المشاعر وألهب الشوارع العربية، مشيرا الى ان طرابلس العروبة تفخر اليوم بضيفها الكبير، مؤكداً انها ستبقى عربية الانتماء والهوية، برغم الطلاء الذي حاول البعض أن يشوه به صورتها، لكنها أزالته واستعادت وجهها النضالي والقومي والعروبي الناصع.
ثم تحدث الاعلامي الزيدي فرأى أن الجرح العربي يكبر يوماً بعد يوم ونحن صامتون ومستكينون، كل ينادي من مكانه أين أنتم يا عرب، ونتناسى أننا نحن العرب، فأين نحن من نحن، وأين نحن مما يجري، فقد سقطت فلسطين، واحتلت بغداد، واعتدت إسرائيل على لبنان، وحاصرت غزة، وقال: أنا لا أؤنب أحدا ولا أؤنب الشعوب ولا الحكام، ولكني أؤنب الزمان على ما حل بنا، فقد ماتت غزة وبرغم موتها حوصرت من جديد، وأقفلت المنافذ المفتوحة لها، ونحن اليوم كأمة نتبعثر، فأمتنا أصبحت كجزيرة بدأت تغمرها المياه يوما بعد يوم، وقد أصبحت جزراً، وأصبحت اللغة العربية لدى كثير من المغتربين العرب عاراً.
وأضاف: إني أخشى على أمتنا العربية من أن تصبح غريبة، من يدعِ العروبة فهــو غريب، وربما يكون إرهابيا، علينا ان نعي معنى عروبتـــنا، وأن نخرج المقاومة الموجودة بداخلنا، وعلينا أن نقاوم بكل الأساليب والطرق، وبشتى أنواع الأسلحة، لكي نستعيد كرامتنا وعزتنا وشرفنا ونحرر أرضنا، وننتصر على أعداء أمتنا الذين يكيدون لنا.
ولفت الزيدي الى أنه دخل الى ذاك المؤتمر الصحافي «كمقاوم لهذا الجرذ الآتي في نهاية عهده ليفخر بالاحتلال والقتل والتدمير والاغتصاب»، وقال: كنت أتوقع الموت في تلك اللحظات، وقد سلمت زميلي كل ما أملك من أغراض، وقمت بضرب بوش بالحذاء في لحظات لا يمكن أن أتصور خيرا وأجمل منها في حياتي، وكل ما حصل بعدها لم يعد يهمني، وفي سويسرا حيث أخضع للعلاج من آثار وتداعيات التعذيب على جسدي، فوجئ السويسريون بأن تأتي ضربة الحذاء لبوش من العرب، وقالوا كنا نتوقعها من أميركا أو من أوروبا، لكنها جاءت من العرب، كما شكرني بعض الكنديين الذين تجرأوا بعد يومين على ضرب بوش بالأحذية في كندا.
ولم يخف الزيدي عتبه على عدد من زملائه الاعلاميين الذين تباكوا أمام الاميركيين والمسؤولين العراقيين على شرف مهنة الصحافة، مؤكدا أنه كان أشرف لهم ان يتباكوا على العراق وفلسطين وعلى شرف العراقيات اللواتي اغتصبن وعلى الأيتام والأرامل.
وختم الزيدي: أنا مدين لكم جميعا، فأنا لم أخرج من زنزانتي لولا تضامنكم معي، وصراخكم معي، وأتمنى أن تكون هذه الصرخات من أجل قضايانا الوطنية والعروبية والاسلامية، من أجل فلسطين ومن أجل بغداد ومن أجل كابول المسلمة ومن أجل كل ما يحدث في أمتنا، وأتمنى في هذا الجمع أن نلتقي في مكانين، في بغداد بعد أن تحرر، وفي القدس الشريفة حيث نصلي صلاة النصر بإذن الله.
بعد ذلك رد الأمين العام لحركة التوحيد الشيخ بلال شعبان على الزيدي، فقال أنا معك بضرب الحذاء، ولكني لست معك في النظرة الى المستقبل، فالمستقبل للشعوب المقاومة وأمتنا لن تهزم.
ورأى النائب السابق عبد المجيد الرافعي ان من يحكم العراق اليوم هم أزلام الامبريالية، مؤكدا أن الليل لن يطول وسيتحرر العراق، وأشار الزميل عبد الله خالد الى ان المقاومة ستوحدنا، وان أمثال منتظر الزيدي سيقودون نضالنا، ودعا الدكتور وليد عيتاوي الزيدي الى أن يؤنب الحكام بالحذاء وبالكلام، مؤكدا أن شعوب الأمة ترفع رأسها بالمقاومة.
واعتبر الدكتور خلدون الشريف أن منتظر الزيدي قام بواجبه المقاوم، وأن حذاءه وإن لم يصب رأس بوش، فانه أصاب أميركا وإسرائيل في الصميم، ودعا النقيب نبيل العرجة الى الاستفادة من هذه الومضة في تاريخنا الحديث لتغذية روح المقاومة ضد المحتل.
وفي الختام قدم مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مخيم البداوي نبيل السعيد درعا تقديرية الى الزيدي.
تعليقات: