عزات ضاوي (إلى اليمين) مع عدد من مخاتير الخيام
.
في احد المحلات التجارية الصغيرة المتراصفة في ساحة الخيام يقف عزات ضاوي حاملاً سكيّنه، في غابة من أقفاص الدجاج، مزهواً بنفسه وكأنه قائد عسكري يقود مجموعة من المقاتلين الى المعركة التي هي عبارة عن نتـّافة دجاج كامنة في أحد زوايا محله المفروش بنشارة الخشب وببعض الريش.
عزات الذي تحوّل بين ليلة وضحاها من قائد إلى بائع فراريج، كان من أشد المناضلين بأساً واندفاعاً من اجل القضية المركزية، قضية فلسطين.
عزات لم يكن انتهازياً ولا وصولياً وإلى ما هنالك من التعابير التي حفلت بها ساحة "المناضلين السياسيين"، لذلك اختار أن يستقر بين الصيصان والفراخ، يُحسن الى القطط من بقايا أحشاء دجاجاته المذبوحة، وعند المغيب يحمل الى بيته على منكبيه العريضين هموم الحياة.. وما اكثرها!..
من لم يكن يعرف عزات ضاوي، لا يمكنه أن يعرف ابداً حلاوة سنين السبعينات حين كان عزات لا ينام الليل أو يهدأ باله إلا بعد الإطمئنان لنوبات الحراسة حول الخيام تحسباً لعملية "كومندوس" أو هجوم غادر من العدو الصهيوني.
عزات ضاوي شاخ الآن وتقدّم أكثر في السنّ.. ولم يعد في رصيده الشخصي إلا ذكريات الأيام النضالية التي أمضاها في صفوف الحركة الوطنية اللبنانية..
تحية إلى عزات.. مع الإشارة إلى أن كوب الشاي الذي يقدمه لي كلما مررت عليه لإلقاء التحية (وإن طالته أحياناً طعمة زفرة الدجاج)، يعيدني عشرات السنين بالذاكرة إلى الوراء حين كانت كباية الشاي وسيلةً تدفعنا إلى جلسات نتبادل فيها الهموم والآراء دون أن تخلو من الطرائف والتعليقات.
تعليقات: