حبيب صادق
في لبنان مواطنون يرفضون منطق الطوائف، ودولة المحسوبيّات والمصالح الضيّقة. إنّهم «أيتام الجمهوريّة»، يعيشون خارج الحياة السياسيّة التي تضيق بقيمهم وتطلّعاتهم.
وهؤلاء، يمكن لحبيب صادق أن يكون «بطلهم»! هذا المثقّف الجنوبي البارز، يكاد بمفرده يكون رمزاً لتاريخ من الأحلام والمشاريع المجهضة، والنضالات التي حاصرتها الخيبة وأخذ يلفّها النسيان... لذا أحسن حين جمع أوراقه القديمة من مقالات ومحاورات ومداخلات ومحاضرات ـــــ ولو تحت راية المرارة ـــــ مستوحياً المثل القديم «كصائح في واد ونافخ في رماد»: «... في وادي الوطن ـــــ مقاربات في شؤون لبنان وشجونه» (الفارابي) هو عنوان كتابه الذي يُقرأ بنهم، لما يتضمّنه من وثائق ونقاشات وشهادات مرتبطة بعقد التحوّلات الحاسم (١٩٩٥ ـــــ ٢٠٠٥)، ولما يسلّطه من إضاءات على مسيرة فكريّة ونضاليّة خصبة، زاوجت على الدوام بين الثقافي والسياسي.
النائب السابق ومؤسس «المنبر الديموقراطي»، انسحب من المعمعة السياسيّة منذ خيبة «التحالف الرباعي» (٢٠٠٥)، مركّزاً نشاطه على «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» الذي يشكّل لكثيرين رئة وضميراً. وها هي دفاتر رحلته «الشاقة وغير المجزية» كما يقول، إنما الخصبة والشجاعة والفريدة برأينا، تعيده إلى دائرة الراهن الذي لم ينقطع عنه مرّةً: من دور الثقافة إلى حريّة الإعلام، مروراً بالتطبيع... ومن الطائفيّة السياسيّة إلى قانون الانتخابات، مروراً بمواجهة إسرائيل دولة العدوان الدائم.
نقرأ حبيب صادق مدافعاً عن الثقافة الوطنيّة الديموقراطيّة، طريقاً إلى التحرير والتغيير، ونأسف لكونه ليس في البرلمان. ماذا لو وصل يوماً إلى وزارة الثقافة؟
تعليقات: