ثلج حرمون... بين نعمة الخالق ولعنة الجغرافيا
حرمون قيمة عالية حرام ان يبقى في هذا الغياب المنسي..
انه كانون الثاني، عاد ليرمي بثوبه الملائكي في وطن السلام المختنق برائحة الحروب التي عاثت به وبعثرت فيه الجمال، لبنان افرح برجوع العاصفة والبس شالك الابيض لنرتّل للفرح مع وجه حرمون او تحت غصون الارز انشودة حبٍ ووطن. في هذه الايام يقصد اللبنانيون ولا سيما محبّو الثلج وهواة التزلج، المنتجعات السياحية والفنادق المنتشرة على طول سلسلة جبال لبنان الغربية التي تعرف حركة ناشطة تصل احيانا الحجوزات فيها الى نسبة مئة بالمئة هذا بالاضافة الى الزوار الذين يتواجدون بشكل دائم وبكثافة لقضاﺀ يوم راحة وممارسة رياضة التزلج في فقرا – كفرذبيان او في عيون السيمان وفاريا، في وقت يغيب عن مناطق اخرى اي مظهر اهتمام في حين انها قيمة سياحية عالية تعود بمردود مادي ومعنوي كبير اذا ما طالها اهتمام القيّمين والمسؤولين ولا سيما جبل الشيخ – حرمون.
طــال الانتظار كثيرا لكن احدا لم يحرك ساكنا، فحرمون قيمة عــالــيــة حــــرام ان يــبــقــى فــي هــذا الغياب المنسي وهذا الاهمال من قبل المسؤولين، الا ان الجهود المتواضعة التي تبذلها بلدية راشيا الوادي بمساعدة بعض المنظمات وبدعم من اهالي المنطقة تبشر بان السنوات القليلة القادمة سوف تحمل معها الامل بان يتحول حرمون الــى منطقة سياحية مهمة، وهو المهيأ لان يحتل مرتبة اقليمية نظرا للموقع الاستراتيجي الذي يحتله.
ففي العام 2005 قامت بلدية راشيا بمساعدة الجيش اللبناني بشق طريق تصل الى قمة الجبل تقريبا وصــرفــت مبلغا بــحــدود 3 ملايين دولار بــهــدف تأمين كل البنى التحتية اللازمة من جــدران وانارة وتعبيد كخطوة اولى من انماﺀ الجبل وتنفيذ المشاريع السياحية التي تقرر البدﺀ بها على مساحة مليون متر مربع سوف تضم فنادق ومنتجعات واماكن مخصصة لرياضة التزلج، الا ان مشكلة صغيرة تعيق بعض الوقت البدﺀ بالتنفيذ وهو ان العقار ملك جمهوري بحاجة لترخيص. وباتصال مع رئيس بلدية راشيا الشيخ زياد العريان علمنا بان الترخيص سوف تمنحه وزارة المالية وهم بانتظار صدوره للبدﺀ بالعمل جديا، هذا الى جانب الجهد الذي يُبذل بمساعدة وزارة البيئة لتحريج الجبل الذي فقد الكثير من احراجه بفعل الزمن والاهمال، هذا الى جانب الزيارة السنوية التي تنظمها البلدية الى حرمون في ذكــرى التجلي في شهر آب والتي يشارك فيها المئات من لبنانيين وعرب واجانب.
قــبــل تــحــريــر الــجــنــوب والــبــقــاع الغربي كــان الاحتلال الاسرائيلي يشكل خطرا كبيرا على اقامة اي مشروع سياحي او غير سياحي على حرمون، والبعض ما زال يعتبره قائما حتى اليوم كحجة لعدم الاهتمام بــالانــمــاﺀ السياحي فــي المنطقة، فــالــمــوقــع الــجــغــرافــي لــعــب دورا سلبيا في هذا الاطار طوال السنين الماضية اذ يتقاسم الجبل ثلاث دول ومحتلّ في ظل علاقات سياسية لم تكن بيوم من الايــام مستقرة بين هذه الاطراف. الا ان العريان اعتبر "باننا اصبحنا خارج دائــرة الخطر اذ تغيرت المعادلة بعد العام 2000 ولا شيﺀ يمنع بان نعمل ما في وسعنا وان يكون لنا مركزنا على الخارطة السياحية واسرائيل اصلا لم تميز يوما بين منطقة واخـــرى، فلنكن سوية بكل اماكن التزلج والمنتجعات المنتشرة في لبنان ولماذا لا؟ ولماذا حرمون"؟ .
ان العوائق كثيرة التي تقف عقبة في طريق الانماﺀ هذه، سابقا كان الصراع العربي الاسرائيلي هو العائق الاكبر، ولكن تراجع هذا الخطر لم يكن كافيا كما يبدو للانطلاق اذ ان اطــرافــا عــديــدة لديها ربما تحفظاتها اذا لم نقل اعتراضاتها.
فغياب الدولة والانماﺀ المتوازن على كل الصعد لعب دورا سلبيا في هذا المجال ولا يمكن ان نغفل طبيعة المنطقة المحافظة التي تخشى من ان تتغير البيئة التي يعيشون فيها اذا ما دخلتها السياحة، وهذا ما يعبّر عنه البعض الا انهم بالطبع يؤيدون اي تطوير في منطقتهم على ان تحافظ على طابعها وواقعها التاريخي، ويبقى كما يطالب العريان ابعاد الطائفية والسياسة عن هذا الموضوع والعمل بعقلية خدماتية انمائية والابتعاد عن ذهنية تقاسم الحصص، ومـــاذا بالنسبة لواقع سياحة الشتاﺀ في لبنان؟ .
في مثل هذه الايام كان يجب ان تكون المرتفعات قد تكللت بالثلوج ولكن لم تسقط ثلوج تذكر هذا العام، الامر الذي قد يضيّع الموسم على ملاك منتجعات التزلج والمتاجر والاعمال التي تعتمد على سياحة، الشتاﺀ مع العلم ان هناك عددا كبيرا من السياح في لبنان لكنها لا تقصدها بسبب غياب الثلوج التي وصلت مع العاصفة في منتصف الاســبــوع والــتــي يــجــب ان تنشط الحركة من جديد وان لم تكن كما اعتادت في السنوات الماضية بسبب تأخر الموسم اذ كان يبدأ سقوط الثلوج في منتصف كانون الاول ليبدأ موسم التزلج على الجليد في مطلع كانون الثاني.
تقصد العائلات بكل افرادها هذه المنتجعات لممارسة التزلج خصوصا وان هذه المنتجعات تعطي دروسا لتعليم هذه الرياضة لكل الراغبين ايا تكن اعمارهم والتي تستقبل كل هواة الرياضات الثلجية كالتزلج والركوب على لوح او على قبقاف ثلجي وفي لبنان ستة منتجعات للتزلج وهــي: منتجع الارز، فاريا، اللقلوق، فقرا، قناة باكيش والزعرور وتستقطب هذه المنتجعات السياح بشكل كبير لا سيما منتجعات فاريا والارز.
يضم منتجع فــاريــا الــمــزار 42 منحدرا للتزلج وعـــددا مــن حلبات التزلج ويبعد عن بيروت مسافة لا تتعدى الساعة ويرتفع عن سطح البحر بين 1850 و2465 م، واما الارز فيبعد عن بيروت ساعتين ويعلو عن سطح البحر 2000 م ويتميز عن غيره من المنتجعات بان الموسم يطول فيه حتى نهاية شهر نيسان ويتوفر فــي احــدى ساحاته عدد من المصاعد الموضوعة في خدمة المتزلجين، وتقام فيه العديد من سباقات التزلج مما يضفي جوا من الفرح والمتعة التي لا تكون حكرا على المحترفين، اذ ان المبتدئين يــســهــل عليهم الــتــعــلــم بــوجــود الــمــنــحــدرات السهلة والمصاعد السلكية.
حرمون قيمة عالية حرام ان يبقى في هذا الغياب المنسي..
تعليقات: