حطام من طائرة كوتونو
.
أشهرها أودت بالنائب إميل البستاني وأسوأها كارثة كوتونو..
25 كانون الثاني 2010 : تاريخ جديد ينضم الى "قافلة" تواريخ حوادث الطيران في لبنان.
بالامس، اهتزّ اللبنانيون لخبر كارثة جوية لم تكن يتيمة، بل أتت في اطار حوادث اخرى مشابهة، وبعضها قديم يعود الى منتصف الستينات.
معظم الضحايا كانوا شبابا، وبالطبع، قلّة هي التي تنجو من حوادث الطيران في العالم. أما التي ذهب ضحيتها النائب اميل البستاني في 15 اذار 1963، وأسوأها كارثة طائرة كوتونو قبيل عيد الميلاد من عام 2003 والتي لا تزال راسخة في أذهان اللبنانيين.
وفي أحد ايام 1963، وقعت كارثتان. وفي 1975، سقطت طائرة مجرية وقضى 34 لبنانيا. اما في 1976، "فلم تنفجر ولم تحترق" احدى طائرات "شركة طيران الشرق الاوسط"، لكن النتيجة كانت مقتل خمسة لبنانيين.
"النهار" رصدت ابرز الحوادث المتعلقة بطائرات لبنانية سقطت، او بتلك الذي ذهب ضحيتها لبنانيون. ولعلّها مفارقة ان يكون العدد بلغ 14 حادثا. انه "رقم الشؤم" الذي يحلّ على اللبنانيين. واليوم يضاف اليه حادث جديد، يجعل من مساحة الوطن بأسره أسيرة الحداد، فيلفّ الحزن دفعة واحدة 54 عائلة لبنانية.
15 آذار 1963: وقعت كارثة مزدوجة في بيروت وطهران، راح ضحيتهما ثمانية اشخاص، أبرزهم في الكارثة الاولى النائب اميل البستاني، مؤسس شركة المقاولات والتجارة العربية "كات".
يومها، ضرب الموت موعدا للنائب البستاني وصديقه الآخر الدكتور نمر طوقان ولبنانيين آخرين كانوا على متن الطائرة.
وقد ذكرت "النهار" في عددها الصادر في 16 اذار 1963، ان النائب الراحل اتصل من الجو بمكتبه في مطار بيروت الدولي قبل ان تنقطع اخبار طائرته من برج المراقبة.
وروى شهود عيان انهم ابصروا الطائرة فوق البحر وكانت في حالة طبيعية ثم سمعوا دوي انفجار فتطايرت مقدمتها، وهوت بسرعة فائقة وهي تدور حول نفسها ويقدّر انها دارت خمس دورات قبل ان تسقط في البحر وتبتلعها الامواج.
وبعيد الحادث، أكبّت صحف العالم على الكتابة عن "رجل من لبنان" هو اميل البستاني، وكان آخر مقال هو الذي نشرته مجلة "تايم" الاميركية الواسعة الانتشار في عددها السنوي الخاص، وعدّدت فيه انجازاته، ومما قالت: "البستاني هو من القلائل الذين يفصلون في بلدهم بين السياسة والعمل (...) ثمة ما يدل على انه سيجد نفسه غارقا في السياسة اكثر من ذي قبل، اذ يحتمل ان يكون مرشحا لانتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان في العام المقبل. واذا حدث هذا، فلا ريب ان ما سيحققه من نجاح للبنان، لن يقل عما حققه في أعماله الى الان (...)".
إلا ان البستاني وصديقه طوقان ركبا الطائرة من بيروت الى ... الآخرة!
وضحايا طائرة "الكات" اللبنانيين اضافة الى البستاني وطوقان، مروان خرطبيل (26 سنة) وهو شاب درس الهندسة وكان التحق بشركة " كات" كمهندس معماري.
وكأن كارثة الطائرة الاولى لا تكفي، اذ روّع لبنان وفي اليوم نفسه، بكارثة جوية اخرى، قرب طهران، ذهب ضحيتها اثنان من شبابه واثنان اخران من الجنسيتين الايرلندية والاميركية. وبقيت اسباب الحادث مجهولة وبدأت الدوائر الايرانية المختصة تحقيقاتها.
أما ضحيتا طائرة الشحن اللبنانيين فهما ضابط الطائرة عمر مكحل (29 سنة) وضابط الراديو فيلكس الاسمر (لبناني 29 سنة).
18 نيسان 1964 : سقوط طائرة مسافرة من بيروت الى الظهران. 49 شخصا لاقوا حتفهم، بينهم تسعة لبنانيين، فيما استمر البحث اسابيع من الجو والبحر للعثور على أحياء... ولا احياء. فالطائرة تحطمت بركابها وملاحيها في البحر الذي ابتلع تسعة من شباب لبنان وشاباته بعد سقوط الطائرة على مسافة عشرة أميال من مطار الظهران بعدما هبّت عاصفة رملية هوجاء.
يومذامك، اشترك في عمليات الانقاذ سلاح الجو الملكي البريطاني في البحرين وغواصات تابعة لشركة " أرامكو".
الضحايا اللبنانيون هم: اسحق مخايل، ابرهيم عبيد، شفيق قسطندي، فؤاد سليم النجار، لبيب عقل (قائد الطائرة)، فريد حاطوم (مساعده)، غرابيت برسوميان، زينة الخوري وليلى بربير.
30 ايلول 1975: وقعت كارثة طيران فوق البحر. 60 قتيلا بينهم 34 لبنانيا. الطائرة التابعة لشركة "ماليف" (الخطوط الجوية المجرية) انقطعت اخبارها بعد مغادرتها قبرص، فوجد حطامها وأشلاء ركابها وطاقمها على مسافة 15 كيلومترا من العاصمة بيروت. و"طافت" أشلاء الجثث فوق سطح المياه وبعضها ابتلعتها الامواج.
في الثانية والدقيقة 17 من فجر الاول من كانون الثاني 1976: وقعت كارثة طائرة لبنانية، كان من بين ضحاياها عائلة اردنية لم يبق منها سوى الاب، واخرى فلسطينية لم يبق منها سوى الابن البكر، ومعظم الركاب هاربون من الحوادث وباحثون عن عمل في دبي.
وفي 3 كانون الثاني 1976: عنونت "النهار": "كارثة الطائرة اللبنانية لم تنفجر ولم تحترق، وقضى فيها 82 شخصا": كانت ذلك، اولى كارثة طيران في اول يوم من سنة 1976، هزّت لبنان، اثر تحطم احدى طائرات "شركة طيران الشرق الاوسط" - الخطوط الجوية اللبنانية، قرب الحدود السعودية – الكويتية، فقتل فيها 82 شخصا، وتوزّع عدد الضحايا بين 67 راكبا، وثلاثة طيارين و12 مضيفا.
كانت الطائرة في رحلة من بيروت الى دبي ومسقط. اما المفارقة في الرواية، فهي ان الركاب الذين صعدوا الى الطائرة من مطار بيروت اضافة الى أفراد الطاقم كان من المقرر ان يسافروا على طائرة "بوينغ 747"، لكن عطلا طرأ على محركها اضطرت بسببه الشركة الى نقلهم الى "البوينغ 707"، وعندما اكتمل عقد الركاب في بيروت، أقلعت الطائرة التي تحولت بعد نحو أربع ساعات بحكم المفقودة. وافادت اللجنة الفنية التي كشفت على حطام الطائرة ان لا دليل على وجود حريق في الطائرة مما يعني انه لم يحصل انفجار.
ومن أبرز الضحايا اللبنانيين:
عبد الحسن دكروب (26 سنة) وشقيق زوجته سمير جابر (23 سنة) وهما كانا ذاهبين للعمل في احد مطاعم دبي تأمينا لعيش عائلتيهما في صريفا (قضاء صور)، رولان ضو (20 سنة) خريج المدرسة الفندقية كان متوجها الى دبي للعمل في احدى المؤسسات الفندقية التي تديرها شركة "ابيلا"، فاروق غندور (37 سنة) صاحب معمل شوكولا "أوسكار" في الغبيري، وكان مسافرا الى دبي لتأسيس معمل، مسعود الياس الزيناتي (24 سنة) من سكان جونيه، كان يعمل في شركة المرفأ وسافر الى دبي بقصد العمل عند شقيقه، وقد أرجأ سفره اكثر من عشر مرات خلال اسبوعين.
18 ايلول 1988: تبلّغت وزارة الخارجية اللبنانية من السفارة اللبنانية في فريتاون ان مروحية سقطت في البحر لاسباب فنية، وكانت تنقل مسافرين بين مطار فريتاون والعاصمة نفسها، بينهم سبعة لبنانيين نجا منهم خمسة، وهلك اثنان هما خديجة يوسف بحسون (من صور) وهيلان اديب الحويك (من اصل فرنسي وزوجها لبناني من سد البوشرية).
14 تشرين الثاني 1990: تحطمت طائرة ركاب ايطالية وهي تحاول الهبوط في مطار زوريخ بسويسرا، فقتل جميع ركابها الـ46، بمن فيهم لبناني واحد. ورجحت السلطات السويسرية ان يكون الحادث ناتجا من خطأ في القيادة. والطائرة من طراز "دي.سي-9" كانت آتية من ميلانو في رحلة يفترض ان تستغرق 50 دقيقة. وهي لامست رؤوس الاشجار قبل ان تسقط بعيد الثامنة مساء على سفح تلة في غابة تبعد مسافة ثمانية كيلومترات عن مطار كلوتن الدولي في زوريخ.
28 حزيران 1994: بثت اذاعة ساحل العاج ان 16 شخصا بينهم لبناني قتلوا في حادث تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية في ساحل العاج لدى هبوطها في ابيدجان.
28 حزيران 1997: لم تنزل عجلات طائرة اردنية فاشتعل جناحها، لكن ركابها اللبنانيين انقذوا!.
وفي التفاصيل ان الطائرة كانت تنتقل من مطار عمان في اتجاه مطار بيروت وعلى متنها ركاب معظمهم لبنانيون حضروا من شيكاغو الى الاردن. وقبل الهبوط، أبلغ قائد الطائرة الركاب ان ثمة عطلا في الكومبيوتر يتعذر اصلاحه في مطار بيروت، ولا بد من العودة الى الاردن. وعلى الفور، بدأت تدابير الطوارئ، وبرزت رباطة جأش قائد الطائرة التي ساهمت في انقاذ الركاب، على رغم ان النار شبت في أحد أجنحتها. الا ان القائد أعاد توجيه الطائرة الى عمان ونزل الركاب منها الى استراحة في مطار عمان.
28 كانون الاول 1997: نجاة طائرة لـ"طيران الشرق الاوسط" بعد اعتراضها موجة هوائية فوق الارز. كان على متنها 125 راكبا اضافة الى طاقم الملاحين المؤلف من 11 شخصا، وكانت آتية من جدة. وأدى الحادث الى جرح 13 راكبا وأربعة من المضيفين والمضيفات.
بعد نحو شهرين وفي 18 اذار 1998: تعرضت طائرة ركاب تابعة لـ"طيران الخليج" من طراز "ايرباص 320" لحادث دخول في مطب هوائي فوق منطقة الارز وهي في طريقها للهبوط في مطار بيروت، لكن أحدا لم يصب بأذى.
للمرة الثالثة في غضون اشهر وفي 28 نيسان 1998: اضطرت طائرة ركاب مدنية الى هبوط مفاجئ في منطقة الشمال، وهي من طراز "ايرباص 320 " تابعة لـ"طيران الخليج" ايضا، وتقوم برحلة بين مطاري البحرين وبيروت وتعرّضت لجيوب هوائية ارغمت قائدها على الهبوط من ارتفاع 5 آلاف قدم. وأسفر الحادث عن اصابة احدى المضيفات بجروح ونقلت الى احد مستشفيات بيروت.
أوائل تموز 1998: تحطمت طوافة مدنية في روسيا. وبعد ايام، تبلغت وزارة الخارجية تقريرا من سفير لبنان في موسكو سليم تدمري ان جثمان اللبنانية رندة سمين الموظفة في البنك الاوروبي للاعمار والتنمية والتي كانت على متن الطائرة، وصل الى العاصمة البريطانية.
9 ايار 2002: اللبناني نجيب ابرهيم (25 سنة) يولد مجددا، بنجاته بأعجوبة من تحطم طائرة نيجيرية في كانو ويعود الى مسقطه في كفرعقا. يومذاك روى ابرهيم لـ"النهار" انه قفز على سطح احد الابنية من فتحة في الطائرة تسبب بها تحطم احد جانحيها، ومن ثم قفز نحو الارض. وبعد ثوان، انفجرت الطائرة وتحطمت وكانت تنقل نحو 80 راكبا نجا منهم خمسة فقط، وابرهيم من بينهم.
قبيل عيد الميلاد من عام 2003: هزّت لبنان كارثة طائرة كوتونو. ولا يزال اللبنانيون يتذكرون جيدا تفاصيل هذه الكارثة، والتجاذبات السياسية التي أعقبتها. هكذا، ودّع عام 2003 في اسبوعه الاخير مئات العائلات اللبنانية بمأساة. هي فاجعة طائرة انكرها لبنان. يومها، صنفت الكارثة الجوية الاسوأ في تاريخ الطيران المدني اللبناني، اذ نشرت الحزن على مساحة لبنان بأسره، وخصوصا في الجنوب مسقط معظم الضحايا.
فبعد تأخير 48 ساعة، بدأ اللبنانيون ركاب الطائرة المنكوبة في كوتونو (عاصمة بنين) العودة فجرا الى لبنان، ولكن على حملات اسعاف وفي نعوش.
من اصل 161 شخصا، بينهم افراد الطاقم العشرة، لم تكتب النجاة في طائرة الـ"بوينغ 727" اللبنانية الملكية والغينية التسجيل، سوى لـ22 راكبا بينهم 16 لبنانيا، في حين قضى 133.
واثر الحادث، تضاربت المعلومات الى حدّ التناقض، الامر الذي دفع حكومة بنين الى تأليف لجنة تحقيق لتحديد ظروف سقوط الطائرة، في وقت افاد وزير الاشغال انذاك نجيب ميقاتي ان الشركة التي تملك الطائرة تقدمت قبل اشهر بطلب لدى سلطات الطيران المدني لنيل ترخيص لنقل الركاب، فرفض طلبها لعدم استيفائه الشروط الفنية، كما ترددت معلومات ان احد اسباب الحادث قد يكون ان الطائرة كانت تحمل اكثر من طاقتها او ان الحمولة لم تكن موزعة بشكل جيد. النتيجة المسلّم بها ان الطائرة تحطمت وسقطت في البحر بعد لحظات من اقلاعها من مطار مدينة كوتونو.
واستنادا الى القنصلية العامة في بنين، وزعت لائحة بأسماء اللبنانيين الـ79 الذين قضوا في الحادث، وكان في عدادهم اطفال، واللافت انهم توزعوا على بلدات كادت ان تشمل خريطة لبنان بكامله، وهي: حاريص، الخرايب، عين قانا، عين بعال، سرعين، بعلبك، حناويه، بينو، طرابلس، الغازية، جبيل، جويا، عينطورة – المتن، حبوش، بيت شباب، قاقعية الجسر، كفرتبنيت، ميس الجبل، شحور، فيطرون، المروانية، بنت جبيل، دبين، الزرارية، بكفيا، حصرون، النبطية، سير الغربية، برقايل، مارون الراس، صور، دبين، الصرفند، انصار وطلوسة.
تعليقات: