نازحون
البارد :
لم تفلح كل الاتصالات واللقاءات التي عقدتها الفصائل الفلسطينية خلال الأيام الماضية في وصل ما انقطع وإعادة بناء الجسور التي هدمت بسبب الخلافات السياسية وصراع النفوذ القائم بينها، الأمر الذي قلص من فرص التوصل إلى اتفاق في الوقت الحالي حيال أزمة البارد التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم نتيجة استمرار المواجهات العسكرية وانسداد افق الحوار السياسي بين الفلسطينيين من جهة ومع الجانب اللبناني من جهة ثانية، بعدما تعذر الاتفاق على آلية حل ترضي الجميع.
ويمكن القول إن ارتفاع حدة الخطاب السياسي اللبناني وما أعقبه من تصريحات مضادة من قبل بعض قيادات الفصائل الفلسطينية، إضافة إلى محاولات السيطرة على زمام الامور التي تعمد بعض التنظيمات الفلسطينية على اتباعها وعدم تجاوب فتح الاسلام مع كامل بنود المبادرة المطروحة، كلها أمور ساهمت بشكل أساسي في عرقلة المفاوضات وتعطيل العمل في جانب كبير منها حتى أجل غير مسمى، ما يعني ان المبادرة باتت في يد الجيش اللبناني، خصوصاً بعدما فشلت الفصائل في تشكيل قوة أمنية للدخول الى البارد.
وبانتظار ما ستحمله الأيام او الساعات القادمة من تطورات ميدانية او سياسية ربما تعيد الامل في احياء المبادرة التي نعاها أكثر من طرف فلسطيني، فإن احتمالات الحسم العسكري او اللاحسم متساوية في هذا الوقت، الأمر الذي سيترك باب الأزمة مفتوحاً على مصراعيه مع ما يترتب على ذلك من خسائر.
وأفادت معلومات لـ«السفير» ان الاتصالات التي أجرتها بعض الفصائل والمرجعيات الفلسطينية التي تقف على مسافة واحدة من الفريقين الفلسطينيين المختلفين، لم تصل إلى نتيجة «بسبب انعكاسات الصراع الدائر في غزة بين حركتي حماس وفتح، والذي يتخطى في مضمونه البارد إلى ما هو داخلي ومحلي ويرتبط مباشرة بالصراع في لبنان والمنطقة»، مشيرة «إلى أن الاتصالات مستمرة على أمل إحداث ثغرة يمكن من خلالها الوصول إلى الهدف المرجو والتوافق على صيغة لمعالجة قضية البارد خشية تداعيات هذا الامر على بقية المخيمات في لبنان».
على الصعيد الميداني، شهد المخيم فجر أمس الأول معارك عنيفة استخدمت فيها مختلف انواع الاسلحة الرشاشة والصاروخية، قبل ان تهدأ وتعود المواجهات لتحتدم صباحاً بعد عملية قنص وتسلل نفذها عناصر فتح الاسلام عند المدخل الجنوبي، ما أدى إلى حصول مواجهات عنيفة وقصف مدفعي متواصل على مختلف المحاور، أسفر عن إحداث بعض التغييرات في الشكل العمراني للمخيم بعد سقوط العديد من المباني على الطريق الرئيسية وسط السوق وانهيار واجهات لمبان أخرى ومن بينها مبنى عارف وبعض المباني المحيطة به في حي الصفوري، في الوقت الذي توالت فيه الاتصالات من داخل المخيم المطالبة بتأمين المواد الغذائية والمياه والادوية، وسجل على المدخل الجنوبي حصول عملية إجلاء هي الاولى منذ أكثر من اسبوعين لعائلة مؤلفة من ثلاثة أشخاص بعدما نجح الهلال الاحمر الفلسطيني والصليب الاحمر اللبناني والدولي في تأمين خروجها ونقلها إلى مخيم البداوي.
وبعد هدوء نسبي استمر حتى الساعة العاشرة صباحاً، تجددت الاشتباكات، وقصفت مدفعية الجيش على مدى ثلاث ساعات متواصلة ممرات يستخدمها عناصر فتح الإسلام بدءاً من حي الصفوري جنوباً وصولاً إلى جامع خالد بن الوليد شمالاً، كما استهدفت احياء: سعسع، ابو الحجل، الطريق الرئيسية وسط المخيم والواجهة البحرية.
وقرابة الساعة الخامسة، وقعت مواجهات عند المدخل الجنوبي لجهة جسر البارد القديم واطراف حي الصفوري، استخدمت فيها الاسلحة الرشاشة وقذائف الـ آر. بي. جي. وتخللها قصف مدفعي متقطع، بالتزامن مع عمليات تمشيط نفذها الجيش في محيط موقع صامد ومجمع مدارس الاونروا، وشوهدت جرافات مدعمة بأكياس الرمل تابعة للجيش تدخل من جهة بلدة المحمرة الى تخوم المخيم.
علماء فلسطين عند الحص: لا وزن للفصائـل فـي البـارد.
استقبل الرئيس الدكتور سليم الحص امس، وفدا من «رابطة علماء فلسطين» برئاسة الشيخ داود مصطفى، وتم البحث في قضية مخيم نهر البارد وتداعياتها والوساطة التي تقوم بها الرابطة.
بعد اللقاء قال الشيخ مصطفى: اثنى الرئيس الحص على الدور الذي تقوم به الرابطة تجاه قضية نهر البارد وتداعياتها، واعتبر ان الرابطة يجب ان تحظى بتقدير كبير، لأنها قادرة على إيصال الأزمة القائمة في نهر البارد الى شاطئ الأمان، بما يحفظ استقرار وسلامة لبنان وكذلك يحفظ المخيم والمدنيين.
وسئل: تردد ان هناك قطعة جاهزة في منطقة عكار لإقامة مخيم بديل عن مخيم نهر البارد، فما هي صحة المعلومات؟
أجاب: الأقاويل في هذه الأيام كثيرة، ونحن كفلسطينيين نعلن في شكل دائم اننا ضد التوطين وضد التهجير، وضد الإنتقال من مخيم الى قطعة أرض ثانية، لأننا نعتبر ذلك غير صادق لتغطية العودة الى أرض فلسطين.
وعما اذا كانت «فتح الإسلام» وحدها تقاتل ام ان هناك فصائل فلسطينية أخرى تشارك في العمليات قال: في الأساس، الحضور الفلسطيني العسكري ضعيف في مخيم نهر البارد وهو ليس بمستوى ان يكون له وزن أساسي في عملية الصراع، وهذا ما جعل «فتح الإسلام» تستأثر بالمخيم وتسيطر عليه لضعف الواقع الفلسطيني للفصائل او التابع لمنظمة التحرير.
وشكر «كل وسائل الإعلام التي ساهمت في إظهار دقائق الأمور التي من شأنها ان توضح الأزمة الفلسطينية الحقيقية على صعيد المخيم والمدنيين». وقال: كانت هناك هجمة كبيرة على محطتي «الجزيرة» و«المنار»، ونعتبر ان هاتين الوسيلتين أظهرتا الحقيقة التي هي موثقة لواقع المخيم ولأزمة المدنيين المهجرين من المخيم.
كذلك، استقبل الرئيس الحص الوزير السابق فاروق البربير، وتم عرض للشؤون العامة.
تعليقات: