الـ Call Centers قطاع واعد يعزز موقع لبنان التاريخي في تقديم الخدمات

موظفة في مركز اتصال
موظفة في مركز اتصال


نمو الاستثمار فيه يحتاج مزيداً من الدعم ليتمكن من المنافسة في المنطقة..

مراكز خدمات الاتصال، او الـ Call Centers، قطاع استثماري جديد يتوقع ان يشهد ازدهارا في لبنان، بعدما أجازت وزارة الاتصالات بدء العمل بهذه الخدمة لـ 15 مركزا، وأخذ القطاع يستقطب اهتمام شركات عالمية متنوعة للتعاقد معه، عدد قليل انطلق في عمله ومنها ما يزال في مرحلة التحضير. فما هي مراكز خدمات الاتصال؟ اي فرص عمل توفر؟ وما هي انعكاسات هذا القطاع على الدورة الاقتصادية في البلد؟

في العام الماضي أطلقت وزارة الاتصالات مشروع "مراكز خدمات الاتصال" (Call Centers)، ملتقطة بذلك فرصة كبيرة يمكن ان يفيد منها لبنان عبر تطوير هذه الخدمة. وأتى البيان الوزاري ليشدد على ضرورة السير قدماً في مشروع مراكز خدمات الاتصالات، "لما له من فوائد عدة في مجال جذب الاستثمارات وتوفير فرص للعمل وتأمين موارد مباشرة وغير مباشرة للخزينة، وتوفير كل التسهيلات الادارية اللازمة". ويعرّف انطوان بستاني، مستشار وزير الاتصالات، مراكز خدمات الاتصال بأنها مراكز تخابر دولية، تتلقى الاتصالات من كل مكان في العالم وتحولها الى المراجع المعنية. مثال ذلك شركة كومبيوتر اجنبية تضع رقما لخدمة الزبائن لديها يمكنك ان تتصل به من كل مكان في العالم، فيردّ عليك العميل في مركز خدمات الاتصال المتعاقد مع هذه الشركة ليوفر لك المعلومات والخدمة اينما كنت في العالم. ومثال آخر، شركة تأمين كبيرة عالمية تتعاقد معها، وعند حدوث اي طارئ تتصل برقم خدمة الزبائن فيها فتؤمن لك الخدمة في البلد الذي تتصل منه.

خدمات متنوعة عبر العالم

من المعروف عالميا ان هذه المراكز في العالم تتعامل مع ملايين المكالمات الواردة والصادرة اليها كل عام، موفرة خدمات متنوعة للمتصلين بها بتقديم الدعم التقني والمساعدة والمعلومات في قطاعات عدة. فأحيانا قد تطلب رقم خدمة الزبائن المدونة على فاتورتك، او على عقدك مع احدى الشركات، بهدف التحدث الى ممثل عن تلك الشركة التي تعاقدت معها على خدمة ما او اشتريت منها اي خدمة، لتستوضحه بعض المعلومات او لتطلب مساعدة معينة، وقد لا تدرك انك تتحدث الى عامل في مركز خدمات الاتصال في بلد آخر يتقاسم الغرفة مع آخرين، يتلقون بدورهم المخابرات في الوقت عينه من مختلف انحاء العالم. وتستخدم هذه المراكز ملايين العملاء في العالم لتلبية حاجات ملايين الزبائن في قطاعات متعددة ومتنوعة. ويفيد هذا القطاع اليوم من التقدم التكنولوجي والتقني، ليمكن العاملين في هذه المراكز في اي قارة من قارات العالم من التواصل مع اي زبون متصل من القارات المختلفة وكانه يتحدث الى جاره القريب. نجاح هذه المراكز قائم على الخدمة الجيدة للمتصلين وتلبية حاجاتهم ليشعروهم، لحظة اتصالهم، بانهم الزبون الوحيد وان تلبية طلبهم هي المهمة الوحيدة لفريق العمل. وهناك مهمات عدة على العامل في هذه المراكز ان يوفرها، اكان لجهة تقديم المساعدة التقنية او توفير خدمة للزبائن واي خدمة اخرى، ويتم تدريب هولاء العملاء على التعامل مع مئات الاتصالات المتنوعة والخدمات المختلفة.

يزدهر هذا القطاع من الاعمال في مناطق عدة من العالم منها الهند، تونس، المغرب ومصر، اضافة الى بعض بلدان اوروبا الشرقية ولكن تبقى الهند تستقطب الحجم الاكبر من هذا القطاع، نظرا الى كلفة التوظيف الرخيصة فيها. بعض هذه المراكز يعمل على مدى الـ 24 ساعة، لاسيما اذا كانت متعاقدة لتوفير الخدمات مع شركات من مختلف انحاء العالم.

تشجيعه لبنانيا

ان فكرة تشجيع اقامة هذه المراكز في لبنان طرحت منذ العام 2003، ولكن تأخر البت فيها الى العام الماضي، وذلك يعود وفق البستاني - الى ان طريقة التحاسب في هذه المراكز تختلف عن انواع التخابر الاخرى، اي انها تتم بواسطة الانترنت (VOIP)، وقد كانت هذه الخدمة في السابق ممنوعة في لبنان. "ونحن اطلقنا امكان انشاء هذه المراكز لمنافسة مراكز اخرى موجودة في المنطقة، ولكن وفق شروط مشددة حتى نتمكن من ضبط عملية تهريب الخطوط الدولية".

اليوم تسعى الوزارة الى خفض رسوم التخابر على هذه المراكز، مرتكزة الى تجربة خفض كلفة التخابر الخليوي التي زادت مداخيله بعدها. ويضيف البستاني: "اعطينا رخصا لـ 15 مركزا كانت ملفاتهم مكتملة"، لافتا الى ان التجهيزات ستراقب من الوزارة، كي تستطيع حصر الموضوع في أختصاص هذه المراكز. ومن الشروط التي وضعت ان يؤمن المركز على الاقل 35 مقعدا لضمان جدية العمل، علما ان تجهيز مركز من هذا النوع لا تقل كلفته عن 100 الف دولار. واذا استطاعت هذه المراكز ان تؤمن عقود عمل مع الشركات الاجنبية، هذا يعني ان عليها ان تعمل على مدار الـ 24 ساعة، و ان تؤمن 3 دوامات عمل مما يوفر مزيدا من فرص العمل. اما تقنيا، فتحتاج هذه المراكز الى تأجير خطوط E1 من الدولة الذي لا تزال كلفته عالية. ويقول البستاني في هذا الصدد بما ان المشروع الذي وافقت الوزارة عليه كان الاول من نوعه، فهذا يدعونا الى اعادة دراسة بعض الشروط والاتفاقات مع هذه المراكز حتى نمكنها من منافسة الدول المجاورة.

تحديات النهوض بهذا القطاع

بدأت اليوم هذه المراكز في لبنان تستقطب شركات عالمية اخذت تلغي عقودها مع مراكز مشابهة في العالم لتستثمر في لبنان. وما يجذب المستثمر الى لبنان هو تعدد اللغات والمعرفة التي يتميز بها اللبناني. ففي الهند هناك شكوى من اللكنة الانكليزية التي يتكلم بها العاملون الهنود، وفي مصر تبرز مشكلة التحدث بالفرنسية، كما ان اللهجات العربية للعاملين من المغرب العربي غير مفهومة لدى بعض الزبائن... اضافة الى تميّز اللبناني بمهارة التواصل وسرعة البديهة في التعامل مع الطلبات التي يمكن ورودها وقدرته على توجيه المتصل بسرعة وتأدية الخدمة بطريقة متخصصة ومهنية.

اليوم نجح بعض هذه المراكز في استقطاب عقود لشركات اجنبية عالمية مهمة لتنقل خدمتها الى لبنان، ولكن لا يزال اصحاب هذه المراكز يعانون من عدم قدرتهم على المنافسة بالاسعار في المنطقة، اذ ان كلفة التشغيل لا تزال مرتفعة كثيرا اذا ما قيست بالبلدان الاخرى التي تستقطب هذا القطاع. فكلفة الكهرباء مثلا مزدوجة ما بين فاتورة الدولة والمولد الكهربائي. ولا تزال كلفة خطوط E 1 مرتفعة مرتين عما هي عليه في البلدان الاخرى، مع "اننا كنا زودنا الوزارة لائحة الاسعار المعتمدة في البلدان المنافسة لنا"، وكذلك كلفة الموظفين أعلى". هذا القطاع الواعد يحتاج الى دعم حقيقي من الوزارة، التي كانت متجاوبة معنا كثيرا ومحبذة للفكرة، ولكن لا زلنا في انتظار خفض الاسعار وتشجيع فعلي لازدهار هذا القطاع الذي سينتج مردودا على الدولة التي تقتطع واحدا في المئة من حجم الاعمال السنوي" على ما يقول رئيس مجلس ادارة مركز "ميد إيست أسيستانس" حبيب عودة.

من جهتها تعتبر كارمن زغيب رئيسة مجلس ادارة "كارمن انترناشونال كول سنتر" ان مراكز خدمات الاتصال ستشكل قطاعا مزدهرا في الاعوام المقبلة، وان كانت تأسف لأن لبنان تأخر في اطلاق هذه الخدمة، وقد كانت تحلم من زمن بفتح مركزها ونتطلع الى ان يكون الاهم في الشرق الاوسط. زغيب اليوم على قاب قوسين من افتتاح المركز الذي سيبدأ العمل مع 150 موظفا، وقد تعاقدت مع شركات عدة، وستوفر هذه العقود فرصة عمل لشباب ولذوي الحاجات الخاصة. ورغم حماستها للمشروع اشارت الى بعض صعوبات التنفيذ، ومنها صعوبة الاستثمار في ظل عدم دعم القطاع المصرفي للمستثمرين من دون شروط مرهقة.

 محطة اتصالات لربط لبنان بالعالم
محطة اتصالات لربط لبنان بالعالم


تعليقات: