مراقب العداد يحرّر مخالفة
<ضريبة جديدة> ترهق المواطن وتتقاسم ارباحها البلديات والشركة المشغلة..
لا يكفي المواطن اللبناني ما يدفعه من ضرائب للدولة إضافة إلى رسوم الكهرباء والماء، إلى ما يدفعه مكان سكنه من فواتير ورسوم إضافية كاشتراك المولد الكهربائي وصيانة للمصعد ومعاش الناطور، حتى يطل عليه نوع جديد ليزيد الحمل على كاهله أكثر فأكثر هي <عدادات السيارات>، الظاهرة الجديدة التي تجتاح لبنان من شماله حتى جنوبه وتجوب شوارع مدينة صيدا بشكل خاص، هي آلة حديدية تُصلَب على حافة الطريق، دورها الوحيد هو <بلع> القطع النقدية كبدل لوقوف السيّارة بجانب الرصيف، تُسقِط فيها 250 ليرة لتركن سيارتك إلى جانبها 15 دقيقة أو 500 ليرة لتركن 30 دقيقة، واذا اردت ساعة فما عليك سوى اطعامها 500 ليرة أخرى، وهكذا دواليك· وبهذا فأنت تحمي نفسك من المراقب الذي يتربص بك عن بعد·
فعند انتهاء وقتك، <يَطُب> فجأة على السيّارة المراقب ليباشر إدخال بيانات السيّارة المخالفة وليغرّمها 5000 ليرة، وكلما تأخرت عن الوصول كلما زادت الضريبة لتصل إلى 10000 والـ15000 ليرة·
ويبلغ عدد العدادات في مدينة صيدا حوالى الـ496 عداداً، وهي مركّزة في المناطق التجارية فقط، في شارع الأوقاف وحسام الدين الحريري ورياض الصلح (سنتر المقاصد) والمطرانية وزيدان وأخيراً حيّ الست نفيسة>·
كل هذه الشوارع هي تجارية فعلاً ما عدا حيّ الست نفيسة، والدليل على انه غير تجاري، هو أن كل محل يفتح يُغلَق بعد أشهر نظراً لعدم توفّر الربح الكافي·
والبلدية تحصل على عائدات من الشركة التي تستثمر الأرصفة من البلدية والاستفادة هي 31% من ربح الشركة·
لكن مصادر قريبة من بلدية صيدا أكدت أن الـ31% يجب أن تدخل إلى الصندوق، لكن أقل من نصف المبلغ فقط من الأرباح يدخل إليه
· المواطنون <اللواء> سألت المواطنين عن ظاهرة العدادات الجديدة في صيدا فأوضحت أم عيسى <لا أرى داعياً لأن تكون هناك عدادات في مناطق سكنية، عدادات في مناطقة تجارية <اوكي>، لكن في مناطق سكنية فهذا تعد على حقوق من يسكن هنا>· وتتابع بحرقة وبانفعال:
<البناية التي اسكن فيها مؤلفة من 9 طوابق وفي كل طابق شقتان، اي انه من البديهي أن تكون هناك 18 سيّارة، وموقف البناية لا يتسع إلا لست سيّارات، فأين العدل والمنطق هنا؟>·
تقاطعها هنا جارتها أم خالد لتضيف: <نعم الوضع الاقتصادي مزر ومن يريد في ايامنا هذه أن يشتري شقة، يسأل أولاً عمّا إذا كان الـParking متوفراً، وهذا ما أثّر سلباً على أسعار الشقق السكنية>·
بدورها، مريم، التي تسكن في الحي نفسه، لها معاناة مختلفة تماماً مع الشركة التي تصفها بأنها ظالمة ومجحفة فتقول: <ركنت سيارتي الى جانب الرصيف ووضعت في العداد 500 ليرة، وعندما عدت وجدت المراقب يقوم بتحرير مخالفة ضدي، علماً ان وقت العداد لم يكن منتهياً، فقد كانت هناك دقيقتان حتى يدق ناقوس الخطر، وبعد جدال مع المراقب لأقنعه بأن هناك دقيقتين في حسابي··· صدمني بعد حوالى ثلاث دقائق حين قال لي: <انظري إلى العداد لا توجد في حسابك ولا ثانية>·
المواقف العمومية تأثرت بالعداد!
وعن تأثير العدادات على المواقف العمومية في المنطقة يقول سلطان (عامل في موقف عمومي قريب من حيّ الست نفيسة): <بالطبع أثّرت العدادات في البداية سلباً على الموقف، لكن مع الوقت وجد النّاس أن الموقف اوفر من العداد، ففي الموقف تدفعين 2000 ليرة من دون تحديد الوقت، أما العداد فيحسب الدقيقة والثانية>·
آلية عمل مراقب العدادات يبدأ ادوار (مراقب عدادات السيارات) نهاره من الساعة 8.30 صباحاً لينتهي عند الساعة السادسة مساء، راحته في عمله لا تتعدّى الساعة، نصفها لتناول طعام الغداء والنصف الآخر يقسم على مراحل· يتناوب دورياً هو وزملاؤه السبعة المناطق والاجازات·
وعند سؤاله عن المعاش، استطرد قائلاً بعد ان تبسم: <المعاشات جيدة، فالموظف الجديد يبدأ بـ700 ألف ليرة مع ضمان اجتماعي طبعاً·
ويضيف ضاحكاً: <هناك من يعترض على المخالفة، لذلك انا اتشدّد في تصوير السيّارة وكل ما يتعلق بها لأن في ذلك مصداقيتي، وللأسف أخطأت سابقاً في تحرير المخالفة عدّة مرات، وانا الذي دفعت المخالفات فأنا المذنب الوحيد>·
اما الـ?Printer فهي الجهاز الذي يطبع بيانات المخالفة على ورقة مستطيلة الشكل لتعلّق لاحقاً على السيّارة المخالفة، على أن يدفعها المُخالف خلال عشرة أيام كحد أقصى·
وأخيراً، العدادات هي سيف ذو حين لكنها تجارة واستثمار واضحين، ويبقى المظلوم الوحيد اللبناني الذي يتكبد دفع الضرائب، ولسان حاله يقول: ما هي أنواع الضريبة الجديدة التي ستظهر في الأيام المقبلة؟>·
تعليقات: