الكافيار.. تختلف أسعاره باختلاف أنواعه
نيويورك:
اتسم شراء الكافيار عادة بسهولة لميسوري الحال القادرين على تكلفته. عند ترتيب أنواع الكافيار ترتيبا تنازليا حسب السعر، نجد «كافيار بيلوغا» الرقيق والثمين، ثم «كافيار أوسيترا» الذي يشبه الجوز في نكهته ويتميز في بعض الأحيان بلون ذهبي، و«كافيار سيفروغا» غامق اللون وقوي المذاق.
اليوم يحظر بيع «بيلوغا» داخل الولايات المتحدة، في الوقت الذي توقفت إمدادات «أوسيترا» و«سيفروغا» القادمة من بحر قزوين والبحر الأسود إلى سوق الكافيار الدولي حتى فبراير (شباط) على الأقل.
بدلا منها، يجري العمل على تربية ستة أنماط أخرى من أسماك الحفش، إلى جانب بعض الأنماط المخلطة، بهدف الحصول على كافيار. وربما يكون من العسير التمييز بين الأنواع الستة، حتى لخبراء الأحياء البحرية. ويتعمد بعض التجار استغلال هذه الحيرة والخلط بين الأنواع المختلفة، بل ربما يزيدونها عن قصد، عن طريق تسمية جميع عبوات الكافيار المعلب «أوسيترا».
في هذا الصدد، قال رود ميتشل، صاحب شركة «براون تريدينغ» في بورتلاند في ميشيغان، المتخصصة في بيع الكافيار ومنتجات غذائية بحرية أخرى: «عندما حُظر (بيلوغا) داخل الولايات المتحدة، شرع التجار في دفع (أوسيترا) داخل السوق. وما زالوا يفعلون ذلك حتى الآن، حتى لو كانوا لا يبيعون (أوسيترا) الأصلية».
الملاحظ أن بعض «أوسيترا» بحر قزوين الأصلية تجري زراعتها في ألمانيا وإسرائيل والصين وبلغاريا وإيطاليا. حتى سنوات قليلة ماضية، كانت البطارخ من هذه الأنواع و«أسيبنسر بيرسيكس» (نوع من سمك الحفش) القادم أيضا من بحر قزوين، كانت أنواع الكافيار الوحيدة التي يجري بيعها باعتبارها «أوسيترا».
لكن بطارخ سمك الحفش السيبيري، ويدعى «أسيبنسر بايري»، وكذلك من سمك الحفش الأبيض الموجود أصلا في أميركا الشمالية، ويدعى «أسيبنسر ترانسمونتانوس»، كثيرا ما تجري الإشارة إليها باسم ابنة عمها الأشهر والأكثر قيمة.
في هذا السياق، أوضحت الدكتورة إلين بيكتيك، المديرة التنفيذية لـ«معهد علوم الحفاظ على المحيطات» لدى «جامعة ستوني بروك» في لونغ آيلاند، أن «مصطلح (أوسيترا) يُستخدم على نحو متساهل إلى حد ما هذه الأيام. وعلى الرغم من أن ذلك ربما لا يشكل انتهاكا للقانون، فإنه أمر يصيب العملاء بالحيرة».
من ناحية أخرى، يبيع موقع شركة «باراماونت كافيار» على شبكة الإنترنت «أوسيترا» آسيوية و«أوسيترا بايري» فرنسية. أما شركة «كافيار روس» فتقدم «أوسيترا» من إنتاج مزارع بحر قزوين. وفي إطار وصفها للكافيار المعلب الذي تبيعه على موقعها على شبكة الإنترنت، أشارت شركة «ماركي»، ومقرها ميامي، إلى أنها تبيع كافيار «أوسيترا» من فصيلة «أسيبنسر ترانسمونتانوس» (سمك الحفش الأبيض).
علاوة على ذلك، هناك كافيار «زوير» الذي تبيعه شركة «فود إمبوريم»، ويشير غلاف عبوته إلى أنه أحد أنواع «أوسيترا»، ويحمل شعار «إرث بحر قزوين». ومع ذلك، فالكتابة المحفورة على العبوة ذاتها تحمل عبارة تشير إلى أن العبوة تحوي بطارخ من «بايري» سيبيري جرت زراعتها في أوروغواي، أي في منطقة لا صلة لها ببحر قزوين.
من جهتها، تورد الشركات أعذارا متنوعة لتبرير استغلالها اسم «أوسيترا». على سبيل المثال، قال ألكسندر إن غست، مسؤول شؤون التسويق لدى «زوير كافيار»، إن «بايري» يعد نمطا من «أوسيترا». وأشار ديفيد ماغنوتا، مالك «كافيار روس»، إلى اعتقاده أنه ليس من المضلل استخدام لفظ «أوسيترا» لأن الكلمة الروسية لسمك «الحفش» هي «أوسيترا». وأوضح مارك زاسلافسكي، رئيس شركة «ماركي»، أن «جميع أسماك الحفش هي (أوسيترا). إنه مصطلح تجاري». وقال حسين أيماني، مالك «باراماونت كافيار»، إنه يستخدم كلمة «أوسيترا» في الإشارة إلى «بايري»، «لأن هذا ما فعلته السوق خلال السنوات القليلة الماضية»، مضيفا أنه ربما يعيد النظر في هذا الاسم.
جدير بالذكر أن اتفاقية دولية للسيطرة على التجارة في الأحياء البحرية المهددة بالانقراض و«هيئة الأسماك والحياة البرية» الأميركية تلزمان أن تذكر العبوات الضخمة للكافيار المستورد نمط سمك الحفش المستخدم ومصدره. وأعلنت «إدارة الأغذية والعقاقير»، التي تتولى الإشراف على الملصقات على العبوات الغذائية، أنه ينبغي وضع هذه البيانات على العبوات الصغيرة التي تباع في المتاجر، مع أن الإشارة إلى «بطارخ سمك حفش» فقط تعد مقبولة أيضا.
إلا أنه على بعض العبوات، يظهر اسم «أوسيترا» بارزا، ولا يظهر اسم الفصيلة الحقيقية إلا في عبارات صغيرة الحجم، حال ذكرها من الأساس.
في رسالة بعثت بها عبر البريد الإلكتروني، قالت فايدرا دوكاكيس، العالمة البارزة لدى «معهد علوم الحفاظ على المحيطات»، التي عملت بالتعاون مع «المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي» على تحديد فصائل الكافيار: «(بايري) لا يعد (أوسيترا) في حقيقته». لكنها استطردت موضحة أنه «من العسير حقا القول إن الاثنين مختلفان جينيا». ومع ذلك، فهناك شركات تحاول توضيح الأمور. مثلا، تشير كل من «بيتروسيان»، و«سترلينغ كافيار»، و«براون تريدينغ»، و«هاوس أوف كافيار»، و«فاين فودز»، و«غاريز سيفود سبيشاليتيز» على العبوة إلى الفصيلة المحددة التي ينتمي إليها المنتج، من دون الإشارة إلى «أسيبنسر ترانسمونتانوس» أو «بايري» باعتبارهما «أوسيترا».
الواضح أن ذكر «أوسيترا» باستمرار تثير حيرة المستجدين في شراء الكافيار والمتمرسين المهتمين بتفاصيل أصل المنتج الذي يشترونه. كما أن هذه المنتجات تختلط بالمنتجات الأخرى رفيعة المستوى من الكافيار الموجودة في السوق.
من جانبها، قالت ماريون ماهون، المدير الإداري لـ«تسار نبيكولاي كافيار»، ومقرها سان فرانسيسكو: «نرغب في أن يدرك عملاؤنا جودة (أسيبنسر ترانسمونتانوس) الذي نقدمه لهم». وتطلق الشركة على «كافيار ترانسمونتانوس» الذي تبيعه «أوسيترا ولاية كاليفورنيا». لكن ماهون قالت: «نعمل حاليا على إسقاط اسم (أوسيترا) من على عبواتنا. نحن لا نرغب في تضليل أحد».
من ناحية أخرى، فإن الكافيار المتوافر في السوق حاليا جدير بالتمتع به لما يحمله من مميزات، مثل نظافته ونكهته المالحة قليلا، وقوام «ترانسمونتانوس» الرائع والمتماسك وطعم «بايري» الثري، الذي يحمل بعض المذاق المحلى.
مثلما الحال مع «بيلوغا» بحر قزوين، باتت صفقات الكافيار وحروب الأسعار في حكم الماضي، فبصرف النظر عن مكان زراعة سمك «الحفش»، تبدأ أسعار بيع التجزئة الآن من نحو 60 دولارا للآونس. أما الخيارات الأرخص الوحيدة فتتمثل في بعض الأنواع الأميركية («هاكلباك» و«بادلفيش») أو بطارخ السلمون، والسلمون المرقط.
وبالنظر إلى السعر، ربما يرغب الكثير من المشترين في أن يعرفوا هل ما يشترونه حقا «أوسيترا».
* خدمة «نيويورك تايمز»
تعليقات: