سوق الإثنين الشعبي الأسبوعي في النبطية ملاذ الفقراء منذ القدم

جانب من سوق النبطية الشعبي
جانب من سوق النبطية الشعبي


يختصر سوق الإثنين الأسبوعي في مدينة النبطية الحياة الشعبية بكامل تفاصيلها وبساطتها وأسرارها المفرحة كما المحزنة. ففي جنبات هذا السوق يمكن ملاقاة الناس الفقراء وأصحاب الدخل المحدود الذين يبحثون عن حاجات عزّ شراؤها من المتاجر والمحال الكبرى بأسعارها الملتهبة.

في السوق الشعبي ترى سيدة تقف عند بسطة الخضار البلدية المقطوفة من الارض مباشرة، تنتقي حاجيات عائلتها لأسبوع كامل... وهناك ترى شابا برفقة فتاة يجوبان نواحي السوق حيث تتزاحم عربات الالبسة والاحذية والحلويات والزهور وحتى الادوات المنزلية... تسير وكلما تقدمت اكتشفت المزيد من البسطات والزوايا التي تراكمت فيها البضائع والمواد الاستهلاكية من كل نوع ولون.

ويعود تاريخ سوق الاثنين الشعبي الى ما قبل 400 سنة وكانت فيه محطات نضالية عديدة، وهو يستمر حيا اليوم يتحدى الفقر والعوز مقدما العديد من الحلول الاستهلاكية للباحث عن التوفير.

في ركن بارز من السوق يقف علي على كرسيه مناديا عبر مكبر للصوت: «اي قطعة بألف، بخمسمية ببلاش نحنا ابو الفقير...». وامام بسطته المتنوعة من الالبسة والاحذية، تتجمهر عشرات النسوة كل واحدة تنتقي شيئا، فهذه تحمل قميصا لابنها وتلك حذاء وآخر بنطالا لحفيده، حتى لتخال أنها مظاهرة نسائية تتنافس فيها الأمهات لاختيار الأفضل والأجود لأفراد عائلتها.

فقراء وميسورون

. كلما تعمّقت في نواحي السوق تتضح الصورة فتكتشف أن ما يباع ليس إلا ثيابا مستعملة من قبل إلا أنها ذات نوعية عالمية. هذا ما تقوله منى التي تغتنم فرصة نهار الاثنين وتأتي باكرا جدا الى السوق لتنتقي الافضل من «البالة». وحسب محمد، الزبون الدائم لـ«البالة» فإن «ما تجده في البالة قلما تجده في المحال التجارية، واذا صادف سيكون اغلى بكثير. وتجدر الإشارة إلى ان «البالة» في سوق الاثنين وإن كانت تلقى الرواج من قبل من أرهقهم ارتفاع الأسعار في ظل الازمة المالية، إلا أنها باتت مقصدا للميسورين حسبما يفيد علي ( بائع «بالة») :«البضاعة هنا تحمل «ماركات» عالمية مشهورة وبأسعار زهيدة وهذا يشجع الجميع على الشراء...».

تتابع المسير داخل السوق الفائض بالبسطات على جانبيه. زوار من مختلف قرى وبلدات النبطية والمناطق المحاذية وصولا إلى القرى الحدودية... مضاربة بالاسعار، اصوات الباعة تصدح في ارجائه: فهذا زيتون حاصبيا، وذاك عسل زوطر وكشك بعلبك وصعتر يحمر ومنتجات زراعية متنوعة.

ولسوق الاثنين مكانة خاصــة في نفوس أهالي النبطية، فقد راجت التجارة فيه منذ القدم، ولكنه فقد الكثير من اسواقه وخاصة سوقي الماشية والنحاسيات وإن كانت النحاسيات حاضرة بكميات قليــــلة. وكما يقول محمد ايوب الذي يهوى جمع النحاسيات في منــــزله فإن ما يبحث عنه هو «بعض الاباريق والكؤوس القــــديمة الصنع»، صاحب البسطة العم ابو محــمد يردد انه يجمع بضائعه من الخردة التي يتخلى عنها الناس: «اشتريها بالكيلو وابيعها قطعا، وهي تستقطب الرواد، فالناس لا تعرف قيمة ما ترمي، حين افرشها في ســـوق الاثنين يتهافت الناس عليها، كمثل النقود المعـــدنية (ليرات) التي يصل سعر الواحدة منها، في بعض الاحيان، الى 100 الف ليرة، حسب الزبون».

ويذكر أحد العاملين في السوق بأن سوق الماشية كان اساس سوق الإثنين مشيرا إلى مواقف السيارات حيث كانت تنصب إسطبلات للخيول، كما كان هناك سوق «المحارجة». كل تلك الأسواق غابت كما يقول الستيني نجيب زيتون، الذي يسترجع أيضا بسطات الكتب في السوق «كتب مستعملة وأخرى جديدة ولكنها نادرا ما تحظى باهتمام الزائرين».

تعليقات: