النفط والغاز في لبنان بين التأكيدات العلمية وإهمال الجهات المختصة.
بعد اكتشافه، في النصف الثاني من أواخر القرن التاسع عشر، كمصدر للطاقة خضع النفط للبحث والتحليل والدراسة في جميع الوجوه والجوانب العلمية تفصيلاً وتدقيقاً• وبعد تركيز الشركات على اكتشاف مكامن النفط في شبه الجزيرة العربية نظراً لتمتعها بالشروط الجيولوجية اللازمة لوجوده أثبتت العمليات التنقيبية غزارته في هذه المنطقة ومن ضمنها لبنان حيث برز وجود الغاز والنفط في مناطق مختلفة على اليابسة وفي البحر•
وبدل أن تلقى هذه الدراسات والعمليات التنقيبية الاهتمام اللائق من قبل الدولة والوزارات اللبنانية المعنية، تهافتت الشركات الأجنبية على اقامة مشاريع تنقيبية في مختلف المناطق التي أظهرت علامات ايجابية في هذا المجال، وكل ذلك يتم دون أي ملاحقة أو متابعة من الوزارات المعنية ما يدعو إلى تساؤل جوهري حول وجود إرادة قوية لإبقاء موضوع الغاز والنفط اللبنانيين طي الكتمان؟؟
من هنا كان لا بد من توجيه الأنظار والقاء الضوء على موضوع وجود الغاز والنفط من خلال التقارير والدراسات الصادرة عن العلماء والشركات في منشأ النفط وشروط تكوينه والتأكيدات على وجوده في لبنان والإنعكاسات المحتملة له•
في منشأ النفط
يعتبر العلماء أن النفط، في تركيبته الكيميائية، هو نتاج تحلل عناصر عضوية هيدروكربونية• واستمر هذا الرأي سائداً على رغم ظهور عناصر شاذة في سياق عملية الاستكشاف النفطي• وتعزز الشك في هذه العناصر الغريبة بعد اكتشاف بعض الجيوب النفطية في صخور نارية لا يبدو أثر تحلل المادة العضوية ظاهراً فيها• إلا أن هذا الشك في أصل النفط وسيطرة النظريات التي تتحدث عن النفط كنتاج عمليات باطنية، لم تبلغ درجة كافية من الحسم لتلغي طغيان العنصر العضوي في تشكل النفط وسيطرة هذه النظرية شبه المطلق•
ونتيجة لهذه المعلومات أصبح بالامكان تصوَّر مراحل نشوء النفط من بقايا النباتات والحيوانات الدقيقة المجهرية اللافقرية منها والفقرية وبكميات هائلة بعد موتها وطمرها وتعرضها لظروف محددة من الضغط والحرارة والبعد عن عوامل التأكسد بحيث تصبح بعد فترة معينة، بقايا عضوية متحللة، تأخذ في مراحل تحولها الأولية شكل الفحم، ثم تتحول إلى جزيئات أولية من العناصر الهيدروكربونية وعند ذاك، وضمن بعض الظروف الطبيعية، يصبح بالإمكان تحولها إلى هذه المادة الشديدة التعقيد والتركيب، أي النفط•
شروط توافر النفط
تثبت الدراسات أن الشروط أو العوامل الجيوليوجية التي تحكم وجود النفط في منطقة معينة أصبحت محددة وهي:
1- غطاء رسوبي كثيف•
2- تنوع الغطاء الرسوبي من صخور صلبة مشققة أو ذات مسامية عالية وصخور طينية ذات وجود عضوي عال•
3- هدوء جيولوجي لا يسمح بتغيير التوازن الهيدروليكي مما لا يحرك ولا يدع السوائل المحبوسة في الطبقات الرسوبية تهاجر أو تتسلل عبر الكسور والفوالق التي تنشأ عن الديناميكية العنيفة•
النفط في شبه الجزير العربية
في سياق الدراسات عن الامكانات النفطية، توجهت الأنظار إلى شبه الجزيرة العربية•
فعندما احتل الانكليز منطقة الشرق الأوسط استغربوا من أن الناس يستخرجون سائلاً من الأرض ويشعلونه ويستخدمونه للطبخ• هذا الأمر دفعهم إلى الحفر فوجدوا أن هذا السائل هو البترول، وأسسوا شركة اسمها Iraq Petroleum Company وتبين لهم بعد الدراسات والأبحاث أن البترول موجود قريباً من وجه الأرض في إيران والعراق وأنه يسير شرقاً نحو إيران وجنوباً نحو شبه الجزيرة العربية وغرباً نحو سوريا• كما اكتشفوا انه كلما ابتعدوا عن كركوك ازداد البترول عمقاً نتيجة للإنحدار•
وبالفعل فقد أكدت العملية التنقيبية وجود النفط بكميات كبيرة في المنطقة وانشغلت الدوائر العلمية بهذا الواقع وتابعت على مدى عشرات السنين إمكانية الكشف عن أماكن وجود النفط والاحتياطي الاستراتيجي• وكان العلماء يتجنبون الاشارة إلى لبنان وسوريا وبالطبع إلى فلسطين، ذلك ان النفط لو وجد فيها لهاجر إلى أماكن أخرى علماً ان ظروفاً عدة كانت تدعم احتمال وجود النفط في لبنان وسوريا•
موقع لبنان
اثبتت الدراسات أن لبنان يتميز بغطاء رسوبي كثيف تلاحظ على أطراف السلسلتين الجبليتين تفاصيل جذوره وطبيعتها الليثولوجية بوضوح وتحمل في ثناياها كل المعلومات المتعلقة بظروف ترسبها وتاريخ تكوينها• ويستدل من هذه المعطيات أن هذاالغطاء تتجاوز سماكته الثمانية آلاف متر بكثير وهو لا يتجاوز تاريخ تكونه الـ 180 مليون سنة (أسفل الجوراسي الأوسط) وهو يتكون من الصخور الرسوبية التي تتمتع بالخصائص الأساسية الضرورية لتشكل النفط• وهذه الصخور هي صخور مشققة صلبة وتحوي كمية كبيرة من الفراغات والشقوق وصخور حبيبية الطابع تحتوي على كمية كبيرة من الفراغات بسبب طبيعة التصاق الحبيبات• وهذا النوع من الصخور يحوي فراغات كبيرة ويمكن أن تتحول إلى خزانات للسوائل بما فيها النفط•
كما تتميز هذه الصخور بكونها قد تعرّضت لعمليات الطيّ والضغط، وهذا ما نتج عن العمليات الديناميكية على امتداد شرق المتوسط مما أعطى هذه الصخور إمكانية أن تكون موقعاً صالحاً كخزانات احتواء أو لوقف حركة السوائل النفطية وابقائها في مكانها•
إن هذا الأمر يؤكد أن احتمالات وجود النفط في لبنان تصل إلى نسبة عالية جداً• وتجدر الاشارة إلى أنه حتى لو ثبت أن المرحلة الأولى من الغطاء الرسوبي والتي تبلغ سماكتها حوالى ثلاثة آلاف متر، لا تحوي أياً من المشتقات النفطية وهو ليس صحيحاً بالمعنى العلمي، فثمة توقع أن تحوي الطبقات المتبقية والتي قد تبلغ سماكتها ما يزيد على خمسة آلاف متر ما لم نجده في المرحلة الأولى•
مراحل التنقيب
ابتدأ التنقيب عن النفط في لبنان بالمعنى السائد، في مرحلة حمّى النفط في منطقة شبه الجزيرة العربية، وفي هذا السياق ابتدأت الدراسات الفعلية في أواسط الأربعينيات• وقد تم حفر الآبار الأولى والأخيرة في لبنان ما بين أواسط الأربعينيات وحتى العام 1955 وتم في هذه المرحلة حفر سبعة آبار عميقة وان أعطت بعض الدلائل النفطية إلا أنها كما يبدو لم تكن منتجة•
وفي المرحلة اللاحقة استمرت الدراسات والنشرات العلمية تتعاطى مع موضوع النفط ولو بشكل غير منتظم إلا أن ذلك يدل على عدم فقدان الإهتمام والأمل بتوقع اكتشاف النفط•
عمليات استكشاف حديثة
تناولت عمليات الاستكشاف الحديثة للتنقيب عن النفط في لبنان نوعين من الدراسات: 1- دراسات جيولوجية تقليدية•
2- دراسات موجّهة•
غير أن النتائج التي توصلت إليها الدراسات أعطت أملاً واضحاً في اكتشاف النفط سواء كان المسح على اليابسة onshore أو في البحر offshore•
الدراسات الجيولوجية التقليدية
في زمن الانتداب الفرنسي، اخذت السلطة الفرنسية قراراً بدراسة جيولوجية المنطقة التي تخضع لسلطتها، أي لبنان وسوريا والقسم الجنوبي من تركيا، وبالفعل قام المهندس الجيولوجي الفرنسي لويس دوبرتريه منتدباً من ادارة المناجم في فرنسا ومن المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي باطلاق مشروع المسح الجيولوجي• وعلى امتداد خمس وعشرين سنة عمل دوبرتريه ومجموعة من المساعدين على تنظيم خريطة لبنان الجيولوجية وقد تم انجازها جميعها بحلول عام 1955 •
هذا البحث استطاع أن يضيء بعض جوانب عمليات الاستكشاف النفطي وقد تبين أن الأرض اللبنانية بسبب نوع الطيات الموجودة فيها، تعطي أملاً واضحاً في احتمال اكتشاف النفط في غير الأماكن التي تم استكشافها! وكما تبين في الصخور الرسوبية العميقة وبعد دراسة شملت لبنان وسوريا أن هناك وجوداً للصخور الأم التي تظهر امكانات احتواء النفط "Reservoirs"•
الدراسات الموجّهة في الاستكشاف النفطي
ساهمت مشاريع التنقيب الفعلية والتقارير والدراسات التي قام بها العديد من العلماء بشكل مباشر وغير مباشر في تسليط الضوء والتأكيد على وجود النفط والغاز في لبنان•
في عام 1953 قامت الشركة الأميركية US pacific Western CO. بمشاركة الشركة اللبنانية للبترول Compagne Libanaise des Petroles بحفر بئر في بلدة يحمر الواقعة في الجزء الجنوبي في والدي البقاع وبيّنت عمليات التنقيب عن وجود مادة الغاز على عمق 700م وبمعدل 50cu.m/day ومادة الاسفلت من عمق 650م إلى 1134م • وفي عام 1995 قام العالم الفرنسي جورج رينوار بدراسة وأعد تقريراً شمل جميع محاولات استكشاف النفط والغاز في لبنان•
وخلص رينوار في تقريره إلى أن الأرض اللبنانية غنية بالمواد العضوية وتتمتع بحركة جيولوجية خفيفة وأن هناك دلائل أكيدة على وجود النفط في لبنان من ضمنها الآبار المحفورة•
وأشار رينوار إلى النتائج التي توصل إليها، من ضمنها دلائل على وجود الإسفلت السميك في سحمر وتربل واسفلت سائل في حاصبيا هذا بالإضافة إلى اسفلت جامد في متريت ويحمر وتراكمات اسفلتية صغيرة في البقاع الجنوبي والساحل اللبناني وشقوق محملة بالاسفلت على طول البقاع الجنوبي•
أما الدلائل على وجود الغاز فأكد رينوار نتيجة لعمليات التنقيب وجود غاز في يحمر بمعدل 50cu/day وغاز كبريتي هيدروجيني في منجم في حاصبيا أظهرت النتائج المخبرية لها أن 16.8% هي غاز الميثان•
هذه الدلائل ثم تحليلها من قبل المختبر الجـيوكيـمائي للمؤســسة الفرنـسية لــلــبترول Laboratoire de Geochimie de lصlnstitut Francais du Petrole حيث أظهرت النتائج حركة تغير ملحوظة في هذه المواد باستثناء المواد الموجودة في حاصبيا والتي يبدو أنها في المرحلة الأولى من التطور، فالأبحاث التي جرت على الفاناديوم الذي يحتويه الاسفلت في حاصبيا ترجّح أن الكميات المرصودة من الاسفلت والتي تبلغ g 100 / g0.2دليل على أن هذه المادة لم تهاجر عبر مسافة طويلة أو انبعثت من بيئة قابلة للتسرّب• بل على العكس، إن هذا الاسفلت موجود في مصدره التكويني الأساسي حيث خضعت لعوامل التفاعل والتوحّد•
كما أشار رينوار في الدراسة التي نشرتها نقابة علماء البترول الأميركيين إلى قيام الشركة الفرنسية العامة للعلوم الجيولوجية بثلاث دراسات مغناطيسية لنهر إبراهيم أشارت إلى وجود طبقات فاعلة على عمق 600 م تحت سطح النهر•
وبالرغم مما يقوله التقرير عن أنه من غير المؤكد اذا ما كانت هذه الطبقات كلسية أو كريستالية نتيجة للمقاومة الضعيفة بينها والمياه المالحة أو الصافية إلا ان رينوار أكد أن درجة المقاومة الضعيفة ليست ناتجة عن الماء الصافي لأن التوازن المائي يعتمد على عمق سطح البحر وهو 450 م تحت قاع النهر كما أن شرب الماء المالح لا يبدو ممكناً•
كما استنتج رينوار أن هناك طبقة غير قابلة للاختراق، تقع تحت النتوءات وهي لا تصل إلى السطح الخارجي ولكنها تقدم كل الضمانات اللازمة للإستمرار في عملية البحث•
وهذا يستدعي وفقاً لرينوار بضرورة استكشاف هذه المناطق مجدداً للتأكد ما إذا كان هناك نفط أو غاز، بحكم الطبقة الجوراسية الكربونية التي تمتاز بها هذه المناطق الغنية وفقاً للباحثين ببقايا نفطية•
وفي عام 1979 وبعد دراسة للعالم اللبناني زياد بيضون أشارت إلى وجود مادة النفط على الأراضي اللبنانية وخصوصاً على الشواطئ اللبنانية وهذا سببه وجود النفط على السطح الخارجي والباطني في سوريا والأردن مما يعزز بحسب رأيه أرجحية وجود هذه المادة في لبنان وهذا برأيه مؤشر مهم لتطوير وتوسيع الاستكشاف من أجل إيجاد النفط في باطن الأراضي اللبنانية•
من هنا، فإنه وفقاً لبيضون فإن العنصر الأساسي لبدء عملية الاستكشاف هو في البدء في معاينة جديدة للطبقة الجيولوجية للأراضي اللبنانية•
وبتأثير مباشر منه قامت الدولة اللبنانية بأول محاولة للإستكشاف النفطي في البحر في بداية التسعينيات وقد تم اختيار المنطقة الشمالية الممتدة من طرابلس جنوباً حتى الحدود اللبنانية شمالاً•
ووفقاً لبيضون فإن المؤشرات تدل إلى وجود النفط على مستوى 3 كلم تحت البحر اللبناني و 6 كلم تحت منخفض البقاع•
وبالفعل قامت وزارة النفط في حينه باستخدام شركة دراسات جيوفيزيائية قامت بالمسح السايزمي للمنطقة المذكورة وأثبت المسح وجود تراكيب وبنى صالحة لاحتواء النفط كما تبين أنه في العديد من الطبقات التي تم مسحها وخصوصاً في جانب المساحة الشاطئية تبيّن أيضاً احتمال وجود مادة الغاز والنفط على مقربة من الشواطئ اللبنانية• وقد برروا ذلك بالثنائي الذي يلعب دوراً مهماً وهو "العمق القليل" وطبيعة "التربة الطباشيريه" وهذه كلها تؤكد احتمال وجود للمادة النفطية•
وفي سنة 2000 قامت احدى الشركات بمسح الشاطئ اللبناني بنفس الطريقة ولكن خارج الحدود الاقليمية ويبدو ان النتائج التي توصلت إليها هذه الشركة كانت ايجابية بدليل أنه تم الاتفاق على اعادة المسح الزلزالي للمنطقة الشمالية مع ضرورة اكمال المسح على اليابسة•
وقد اتخذت السلطات اللبنانية بناء على تقارير لجنة المتابعة لموضوع المسح قراراً قضى بإعادة دراسة الآبار المحفورة في الخمسينيات والستينيات لدراستها من جديد وإعادة النظر بمجمل المعارف الحديثة الناتجة عن هذه الأعمال، وكانت الأعمال العلمية الأخرى والتي كانت مثمرة بشكل مؤثر تعطي دائماً الانطباع بأن الدلائل على وجود النفط أصبحت عديدة منها اكتشاف آثار نفطية في أحد الآبــار المحفورة من أجــل ميـاه الــشرب في بــلــدة بر الياس وهذا ما أكده المهندس والعالم الجيولوجي الدكتور مالك بصبوص الذي أكد إيمانه بوجود البترول والغاز في لبنان نتيجة لتجربته الشخصية• كما أنه تساءل "إن كل الخبراء الذين تم ذكرهم سابقاً قد اعطونا التقارير والبترول والغاز يظهران علناً فما الدليل الذي يريده المسؤولون لإيلاء هذا الموضوع اهتماماً أكبر؟؟"•
وفي عام 2002، ثم الانتهاء من المسح الزلزالي الجديد الذي تبنته وزارة الطاقة والمياه وخرجت النتائج لتعطي انطباعاً ايجابياً اخر حول وجود النفط في البنى المكتشفة•
وفي عام 2006 قامت شركة: Spectrum البريطانية بعمليات تنقيب واسعة عن البترول وختمت أعمالها دون تزويد الدولة اللبنانية والوزارة المعنية بالتقرير النهائي لأعمالها على حد قول الدكتور بصبوص والذي أكد أن التقرير الخاص بأعمال Spectrum على الأراضي اللبنانية غير موجود في وزارة الطاقة والمياه وأن الحصول على هذا التقرير مقترن بدفع مبلغ مادي للشركة الأساسية•
وأكد بصبوص وجود شركة Etenergy النرويجية والتي تعمل حالياً في منطقة الشمال خصوصاً بين عكار ونهر إبراهيم مشيراً إلى أن مجموعة العلماء الذين ينقبون حالياً في الشمال ضمن فريق عمل هذه الشركة لا يضم أي عالم جيولوجي لبناني أو مهندس منتدب من قبل الوزارة المعنية•
انعكاسات بيئية
يُظهر الدكتور بصبوص تفاؤلاً كبيراً حول الانعكاسات المحتملة لوجود النفط في لبنان• فأكد أنه يهتم بوجود الغاز أكثر من وجود البترول ولكن وجودهما معاً يشكلان كنزاً ثميناً للبنان•
واعتبر أن البحث عن الغاز هو أقل ضرراً للبيئة من البترول• فاحتراق الغاز يفرز القليل من مونو أوكسيد الكربون CO على عكس البترول، كما ان الغاز أوفر من البترول واحتراقه يعطي طاقة أكبر من البترول•
انعكاسات اقتصادية
اضافة إلى الانعكاسات البيئية فإن لاكتشاف النفط والغاز في لبنان انعكاسات اقتصادية تتمثل في دور الشركات الأجنبية الكبرى على عملية التنقيب• فكما هو متعارف عليه فإن سوق النفط يخضع لتأثير مباشر واسع للشركات النفطية العملاقة• وفي ما يتعلق بالوضع اللبناني وفي ظل ضعف الإمكانات المادية والتقنية للمؤسسات والشركات الحكومية والخاصة المتخصصة بالبترول فإن التوجّه سوف يكون نحو الشركات النفطية العملاقة•
من ناحية التحكم، يقلّل الدكتور بصبوص من مخاطر تدخل هذه الشركات في عمليات التنقيب اذ ان هذه الشركات هي التي تقوم بالتنقيب في مختلف الدول العربية وهي تتقاسم المكاسب مع هذه الدول• وفي حال الخوف من موضوع الحصة الأكبر فالعقد المبرم بين الدولة والشركات هو الذي يجب أن ينص على حصول الدولة النسبة الأكبر من الأرباح•
أما من ناحية كلفة التصدير فيعتبر بصبوص أن تصدير البترول من لبنان إلى أوروبا هو أقل كلفة من تصدير البترول الكويتي وذلك يعود إلى قصر المسافة ومراحل التصدير، فلبنان هو أقرب إلى الدول الأوروبية من الكويت كما أن مراكز التصدير اللبنانية تقع على طول الشاطئ اللبناني مما يسهّل الطريق أمام عملية التصدير•
أما من ناحية الاستهلاك فيشير الدكتور بصبوص إلى أنه في حال استخراج النفط أو الغاز من لبنان فيصبح للدولة طاقة محلية ويصبح لدينا توفير على خزينة الدولة والمستهلك، فلبنان يستورد ما يقارب 150 مليون طن سنوياً، كما أن الاستهلاك الفردي للطاقة من خلال عملية النقل يمثل 9% من انفاق الأسرة•
وقائع وتساؤلات
إزاء كل هذه المعطيات والوقائع وجّّه الدكتور بصبوص تساؤلات أرادها وأردناها أن تصل إلى المسؤولين والرأي العام اللبناني آملين أن يتنبهوا إلى هذه الثروة الضائعة•
كل المعطيات والدرسات والتقارير تشير إلى وجود النفط والغاز في لبنان، فإلى متى هذا التجاهل لهذه الثروة؟؟
الشركتان البريطانية والنرويجية قدمتا من أجل التنقيب في لبنان، فهل الأمر مجرد تسلية أم انهما لم تجدا شيئاً آخر لتقوما به سوى حفر الآبار بحثاً عن لا شيء؟؟
أما التساؤل الكبير فهو أنه منذ شهرين وبناءً على طلبها تم توقيع اتفاق بين قبرص ولبنان لتحديد الحدود البحرية الاقليمية بين البلدين، فلماذا هذا التوقيت بالذات؟ فهل القبارصة جاهلون بوجود البترول، ولكنهم حالياً يقومون بعمليات تنقيب في البحر؟؟!!
ونختم بالقول إنها جريمة كبرى أن نبقي موضوع وجود النفط والغاز في لبنان أمراً سرياً لا يجب التعاطي معه• فهل هناك إرادة من أجل اخفاء موضوع البترول؟
تعليقات: