من فيديو كليب أغنية فارس كرم \"غربة\"
في لقطة بداية مؤثرة يبدأ فادي حداد وهو مخرج فيديو كليب أغنية الفنان فارس كرم "غربة" بصرخة فرح تطلقها أم فارس حيث تخرج الى "بلكونة" المنزل القديم وهي تصيح لتبلغ "أبو فارس" بالقول " جاي فارس يا أبو فارس، حبيب قلب أمه، لم الضيعة جاي فارس، لم الضيعة جاي فارس" لتطلق بعدها "زغرودة" تليق بالمناسبة وكيف لا، ففلذة كبدها في طريق عودته بعد سنوات من الغربة.
ثم ينتقل المخرج أيضا ببراعة الى بلد الغربة حيث يوجد فارس وعلى ما يبدو فانه يعمل في مؤسسة تعنى بالمال والاقتصاد. ونشاهد فارس يجلس خلف مكتبه ويراقب مؤشرات السوق المالي وينطلق مغنيا " الله يلعن بي الغربة شو سوت بحالي ، مُرة ومررت قلبي وسرقت مني الغالي". ويضيف فارس بحسرة " قلنا وبنسافر سنتين وبنرجع ع الضيعة" ولكن ذلك لم يحدث اذا يردف قائلا " ضاع العمر وبعدو حسين ما خلص هالبيعة". وبعد هذا التصريح الذي ينم عن معاناة شديدة بلغت ذروتها نجد الفنان فارس كرم وقد قام بتمزيق الأوراق التي كان يدرسها ويلقي بها من النافذة وكأنه بذلك يقول لنا " خلص لم أعد احتمل بعد".
وينتقل المخرج الى خارج المؤسسة التي يعمل بها فارس ونجد في انتقاله حركة الناس السريعة التي تحاكي عجلة الحياة اليومية، وينطلق فارس في أغنيته بالقول " ويلي ويلي ويلي ويلي الله يعين اللي عندو عيلة، عايش ع الشمعة مهموم وعم يتحمم بالكيلة، دللي ودلللي يا دللي يا تعتيري ويا دلي، شو صاير بالهناس كله عايش بالقلة". وفي ذلك اشارة واضحة الى أنه ورغم الجهود التي يبذلها الناس في العمل الا أنهم يعيشون عيشة ضنكة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، اذ تحول الانسان الى ماكنة ليس أكثر".
ويعيدنا المخرج مجددا الى قرار العودة الى أرض الوطن حيث ينتقل بنا الى المطار ونشاهد مجموعة من أهالي ضيعة فارس وقد حضروا الى المطار لدرجة أن سلطات المطار قد تساهلت معهم وسمحت باستقبال فارس تماما حيث حطت الطائرة وفي ذلك اشارة الى "عظم الواقعة".
ويطل فارس من بوابة الطائرة ملوحا والأعلام اللبنانية تستقبله وكذلك ذويه ومعارفه وأصدقاءه ويتابع أغنيته " شو مشتاق لأمي وبيّ واختي تكوي ثيابي، اسمع شى كلمه حنية تنسيني عذابي، بسافر شاب وارجع شايب تا ارتاح شويّ، بيرجع ما بلاقي الحبايب شو صعبة يا خيّ" وفي ذلك اشارة من من توفي و/او سافر أثناء غياب فارس. ويظهر مخرج الفيديو كليب ببراعة أيضا حرارة اللقاء ولحظاته الأولى من لقاء الابن بأمه وأبيه وعائلتة في مشهد للفرح تدمع له العين.
ويتابع فارس كرم أغنيته بالحديث عن سنه الحياة بالقول " وهي هي هي هي، هالدنيا هي هي، بترجع ناس وبتمشي ناس والدنيا هي هي" ويردف قائلا " يمي ويمي ويمي ويمي، مش قادر انسى همي، مثل خيال بعمري صار ، وصاير عم يمشي بدمي" ونشاهد موكب العودة الى الضيعة يسير في الشارع بينما يرفرف العلم اللبناني.
وعندما يدخل الموكب الى الضيعة يجري الاستقبال الأكبر ويتوقف فارس كرم عن الغناء ليتيح المجال امام الزجال الشعبي اللبناني مرحبا بعودة " ابن الضيعة" حيث ينطلق قائلا " يا فارس قال القوال أهلا فيك بضيعتنا لا يهمك ان خسرت المال بيكفي ربحت محبتنا".
ويعود فارس كرم الى أغنيته ويظهر المخرج لقطات من الاستقبال اللبناني حيث "المشاوي" و " جرن الكبه النية" و " خبز التنور" ويردد فارس كرم " ما بدي هالغربة راجع على الضيعة لاقوني، بدي ارجع بوس ترابها هالارض الحنونة، عيش بالهدنيا واتهنى وضلك عايش راضي، راحت رجعت طلعت نزلت راح تزعل ع الفاضي".
ويصل الفنان فارس كرم الى نتيجة مفادها " جنة جنة جنة جنة هالدنيا والله جنة ، اسمع منى ورّيح هالبال وضلك عايش متهني" ويخاطب الغربة قائلا " عني وعني وعني وعني يا غربة حلي عني، فرقتي كل الاحباب وأخذتي الغالي مني" .
ينهي المخرج فادي حداد الفيديو كليب على صور لفارس وقد عاد الى الأرض يزرعها ويشرب من ينبوعها.
اذا هي استراحة لكل شخص في الغربة وهي دعوة له كي يعود الى أرض وطنه والى أهله وأحبابه فمهما بعد الانسان ومهما انغمس في واقع الحياة المرير لن يجد أكثر حنانا وأكثر دفئا من ضيعته وقريته ومدينتة وبلده وأهله، فهناك فقط سر الحياة وروعة الجمال والاوكسجين النقي حتى لو عانت بلده من ويلات الحروب أو غيرها من الكوراث الطبيعية وغير الطبيعية فالأرض هي الوطن والوطن هو الانسان وسوف نبقى جميعا " على صدورهم باقون" وكما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش " على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، فأهلا وسهلا بكل عائد من الغربة الى أرض وطنه.
أما أنا المتواجد على أرض وطني فقد شاركت قبل ساعات من كتابتي هذه عائلة كادحة تحتفل بزواج ابنها ثم ذهبت لتأدية واجب العزاء لعائلة أخرى فقدت أحد أبنائها، وتلك معادلات الحياة في الحياة والموت والأفراح والأتراح وأن تكون بين الناس وليس في الغربة، قد استمعت الى أغنية فارس كرم وأنا أقود سيارتي عائدا من المناسبتين وتذكرت كل شخص في الغربة أعرفه ولا أعرفه من بلدي أو من غير بلدي، فقلت لماذا لا أخاطبهم جميعا وأدعوهم للعودة كل الى وطنهم.. ولذلك المغترب أو تلك المغتربة التي ربما أقصدها نداء خاص.
المهندس خالد بطراوي
رام الله - فلسطين
تعليقات: