القاع تدفن سعد الله ضاهر وتنتظر ترجمة الوعود بالاقتصاص من الجناة

خيمة العزاء التي نصبها اهالي القاع وقطعوا بها الطريق قبل اعادة فتحها
خيمة العزاء التي نصبها اهالي القاع وقطعوا بها الطريق قبل اعادة فتحها


البقاع الشمالي:

جريمة مروعة جديدة تضاف الى سجل الجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق الآمنين في البقاع الشمالي والهرمل، ذهب ضحيتها هذه المرة المواطن البريء سعد الله جرجس ضاهر من بلدة القاع الحدودية.

جريمة جديدة تحصل من جديد تحت عنوان وحيد «تقاعس الدولة عن قيامها بدورها المفترض تجاه ابنائها في الأمن والانماء والرعاية».

سعد الله ضاهر، ابن السبعين سنة، قتل مساء يوم الجمعة الفائت بفعل نزيف ناتج من ضرب مبرح تلقاه بأعقاب البنادق من ثلاثة أشخاص من بلدة عرسال أفاد عن أسمائهم لذويه قبل أن يفارق الأهل والاصحاب إلى غير رجعة، ليبقى ذكرا طيبا لدى محبيه لا سيما ابنته التي ما انفكت تسأل مستغربة على مدى اليومين الماضيين: ما الذي فعله أبي حتى يقتل بهذه الطريقة البشعة؟؟!! كيف لم تلق أعوام الراعي السبعين أية رحمة في قلوب الجناة في حادثة ليس له علاقة بها في الاصل؟؟!!

أهالي عرسال لا يعرفون شيئا عن تفاصيل الحادث الذي وقع في الجرد المشترك مع جيرانهم، بينما تتقاطع روايات عدة في القاع أن خلافا سابقا حصل صبيحة يوم الجريمة بين أحد ابناء البلدة مع راع عرسالي على خلفية قيام الأخير برعي قطيعه في ارض مشجرة تعود لابن القاع، وأن الخلاف أدى إلى تشابك بالأيدي وربما إلى سحب سلاح من قبل العرسالي ما استدعى قيام القاعي بالعودة إلى البلدة والتقدم بشكوى لدى مخفر القاع. وعلى إثر الشكوى لاذ الراعي بالفرار لدى وصول عناصر المخفر، ثم عاد العرسالي بعد رحيل عناصر قوى الامن الداخلي بصحبة شخصين آخرين من أقربائه. في هذه الأثناء صدف وجود المغدور سعد الله ضاهر وهو يرعى قطيعه في المكان عينه فجرى الاعتداء عليه بالضرب المبرح مما أدى إلى وفاته ولكن بعد تحامله على نفسه وسحب جسده المنهك من المرعى لغاية منزل عائلته في القاع.

وذهل أهالي بلدة القاع من هول الجريمة فعمدوا إلى قطع الطريق الدولية التي تصل بين بعلبك وحمص والتي تمر وسط بلدتهم، ثم أقاموا خيمة العزاء في وسطها، كما قطعوا الطرق الفرعية فهم لا يريدون سوى إيصال صرختهم التي عبّروا عنها في اجتماع ضم العديد من فعاليات احزابهم وعائلاتهم ومخاتيرهم الى آذان المسؤولين. ويختصر أبناء القاع رسالتهم بالقول «نحن أبناء بلدة القاع مصممون على البقاء في بيوتنا وأرضنا، ومصممون على أن نعيش مع جيراننا إلى أية ملّة أو طائفة أو قرية انتموا، نحن لسنا ولن نكون ميليشيا، نحن دعاة عيش ووئام، لكننا نريد السلام والعدل حتى نقدر على الاستمرار والبقاء، إن أمن بلدتنا هو مسؤولية الدولة وحدها».

وعتب الأهالي على تلكؤ قوى الأمن الداخلي عن القيام ببعض واجباتهم وثمنوا تحرك الجيش اللبناني، وأعادوا فتح الطريق بعد 24 ساعة على إقفالها اثر تلقيهم بعض الاتصالات والرسائل التي حملت وعودا بتطبيق العدالة بحزم والالتفات الى مطالبهم.

واتصل رئيس الحكومة سعد الحريري براعي أبرشية بعلبك للروم الكاثوليك المطران الياس رحال معزياً بالضحية ومتمنياً أن تكون الحادثة خاتمة الأحزان. وأكد الرئيس الحريري للمطران رحال رفضه واستنكاره الجريمة البشعة مؤكدا «أن ما حصل لن يلقى غطاء من أحد وأن الاجهزة الامنية والقضائية ستبذل أقصى جهودها للقبض على المجرمين وإنزال أقصى العقوبات بحقهم كي يكونوا عبرة لغيرهم». وأجرى الرئيس الحريري أيضا اتصالا بالأجهزة الأمنية «لملاحقة المجرمين كي ينالوا العقاب اللازم».

من جهته، أرسل قائد الجيش العماد جان قهوجي مع العقيد خليل ناصر مطمئنا الفعاليات في اجتماع عقده معهم، مؤكداً «أن الجريمة لن تمر دون الإمساك بالجناة ومعاقبتهم». واتصل بفعاليات القاع الكثير من الشخصيات المتضامنة والمستنكرة. لكن الايام المقبلة ستكون محكا لترجمة هذه الوعود علما بأن أكثر من مرجع عائلي وبلدي في البلدة أبدوا عدم تفاؤلهم بما سيجري مبدين تخوفهم من أن تطوى الجريمة كما سابقاتها في المنطقة في دهاليز السياسة والامن والقضاء.

وأدان أهالي عرسال الجريمة مطالبين الدولة بالقيام بواجباتها كاملة. وأسف مختار البلدة محمد علي الحجيري لما حصل مؤكدا «ًأن عرسال والقاع بلدة واحدة، وأن ضيمهم ضيمنا وخسارتهم خسارتنا « وأن الحادث فردي ولا يحمل أية أبعاد.

وظهر أمس الأحد دفن أهالي القاع المغدور سعد الله ضاهر بحضور شعبي لافت من القرى المجاورة والنائب السابق سليم عون ممثلا الجنرال ميشال عون والنواب مروان فارس واميل رحمة والوزير السابق فايز شكر. ورافق إمام بلدة عرسال الشيخ محمد الرفاعي النائب السابق اسماعيل سكرية ودخل بصحبة المطران الياس رحال الى باحة الكنيسة حيث احتفل بالصلاة على روح الفقيد. وأكد المحامي ميشال ضاهر في رثائه الفقيد أن الدولة وحدها مسؤولة عن إحقاق العدالة وأن الحادثة محصورة في مرتكبيها الذين صارت اسماؤهم في عهدة القوى الأمنية مطالبا بتنفيذ مشروع الضم والفرز سعيا لتخفيف الكثير من التوتر والمشاكل الناتجة من شيوع الملكية الحاصل.

وأمس ودع أبناء القاع وكل الآمنين في الهرمل والبقاع الشمالي المظلوم سعد الله ضاهر، لكن خوفا دفينا لا يزال يعتمر صدورهم عن مصير الأيام المقبلة.

وتابع وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون، الموجود في الكويت، قضية مقتل المواطن سعد الله جرجس ضاهر وأجرى اتصالات عدة لمعالجة ذيول وانعكاسات ما حصل، حيث اتصل براعي أبرشية بعلبك للروم الكاثوليك المطران إلياس رحال، للاطمئنان منه إلى الأوضاع والعمل على المعالجة، مؤكدا له «أنه أجرى اتصالا بالقوى الأمنية بكل أجهزتها، لحثها على الإمساك بالمجرمين، كي ينالوا العقاب اللازم، ليكونوا عبرة لغيرهم»، ومشددا على أنه «يجب معالجة هذا الاعتداء بكل حزم، حفاظا على صيغة العيش الواحد بين كل أبناء الوطن».

كذلك اتصل الوزير فرعون بمحافظ البقاع القاضي أنطوان سليمان، للعمل على معالجة الوضع بالطريقة المناسبة.

وأدان المجلس الأعلى للروم الملكيين الكاثوليك، في بيان أصدره اليوم «الاعتداء الذي وقع في بلدة القاع وذهب ضحيته أحد أبنائها المرحوم سعد الله الضاهر».

وطالب السلطات المعنية بـ«ملاحقة المجرمين وإنزال العقوبات بهم، وصون حقوق المواطنين في أرزاقهم وأعمالهم»، داعيا إلى «التهدئة والاحتكام إلى عدالة الدولة وقضائها».

وختم المجلس بيانه مقدما «أحر التعازي لأهل الفقيد وبلدة القاع عموما».

تعليقات: