كان فلسطينيو الداخل أوّل من عرض أعمالاً مسرحيّة لكنفاني. في عام 1977، أعدَّ رياض مصاروة الذي يُعتبر من أول مُمسرحي روايات كنفاني، عرض «رجال في الشمس» على خشبة مسرح «الصداقة» في الناصرة. إلا أنّ الرقابة منعت المسرحية بعد العرض الثالث. وعلى رغم مرور 30 عاماً على هذه الحادثة، لا يزال مصاروة يتساءل ما إذا كانت الرقابة الإسرائيلية «خافت حينها من وعي متجدّد يتميز بالنقد الذاتي»، مشيراً إلى أنّ «كنفاني تحلّى بالجرأة أكثر من غيره في تلك الحقبة التاريخيّة الحرجة. وما زلنا نحتاج إلى هذه الجرأة بالذات في هذا الزمن الفلسطيني الرديء».
شكّلت «رجال في الشمس» قفزةً جديدةً في المسرح الفلسطيني السياسي الملتزم، ما فرض وجود غسان كنفاني وروايته في الوسط اليهودي، عندما أخرج فؤاد عوض المسرحية نفسها كتمرين في «جامعة تل أبيب» عام 1980. كما أخرجها منير بكري في كلية «سمينار هكيبوتسيم» ثم في «جامعة حيفا» عام 2001.
استمر المسرح الفلسطيني في اكتشاف عالم غسّان كنفاني. وفي الناصرة، أعدّ رياض مصاروة الرواية غير المكتملة «الأعمى والأطرش» وفيها انتقد غسان كنفاني الفلسطيني الذي يتعلّق بالوهم والغيبيات. واللافت أنّ الرواية نفسها أُعدّت وأُخرجت في الوقت عينه في الناصرة ورام الله عام 1986. وفي بداية التسعينيات، أخرج سامح حجازي مسرحية «الشيء» على خشبة «المسرح الوطني الفلسطيني» في القدس، كما أخرج كامل الباشا «القنديل الصغير» في المسرح نفسه. وفي أواخر التسعينيات، أعدَّ عادل أبو ريا، مدير مسرح الجوال في مدينة سخنين في الداخل مسرحية «عائد إلى حيفا» وأخرجها أديب جهشان. يقول أبو ريا: «فلسطينيو 48 يحبّون غسان كنفاني، يشعرون بأنه قريب. وقضية «عائد إلى حيفا» هي قضية عن الجميع أثيرت بلغة المسرح»، مشدداً على أنّ المسرح «سيعيد قريباً «عائد إلى حيفا»».
واليوم، تسري أحاديث بأنّ مسرح «الكاميري» الذي يعدّ أحد أكبر المسارح الإسرائيلية ينوي إنتاج «عائد إلى حيفا» بتوقيع الإسرائيلي سيناي بيتير. وأشار مصاروة إلى أنّ كنفاني «استوعب التحولات التاريخية، وأن سلوك شخصياته لا يمكن أن يُفهم إلا ضمن هذه التحولات، فهي لا تدور في فراغ تاريخي، بل هي جزء من تاريخ أو بالأحرى هي التاريخ نفسه».
تعليقات: