قوات الردع العربية - أرشيف
الدعوى هي الأولى من نوعها أمام القضاء..
للمرة الاولى في لبنان، ومنذ انتهاء الحرب عام 1990، تجرأ احد افراد قوى الامن الداخلي سابقا الياس لطف الله طانيوس، على تقديم شكوى امام القضاء اللبناني في حق ضباط امنيين سوريين كانوا اقدموا على خطفه وتعذيبه وحجز حريته في السجون السورية.
واذا كانت الدعوى هي الاولى من نوعها في لبنان، فإن حساسيتها الشديدة تعود الى أسماء الضباط السوريين المدعى عليهم، وهم: جامع جامع الذائع الصيت منذ شغل منصبه الأمني في مركز البوريفاج، كمال يوسف الذي يعرفه أهل البقاع جيدا وكل اللبنانيين الذين مرّوا على عنجر في طريقهم الى المعتقلات السورية، وكان لقبه "النبي يوسف".
والى هذين الاسمين "الكبيرين"، شملت الدعوى العقيد ديب زيتوني والعقيد بركات العش، والمدعو غسّان علوش وهو سوري مجنس لبنانيا.
الدعوى تمّ تسجيلها يوم السبت الواقع فيه 6 آذار 2010 بواسطة وكيل المدّعي المحامي سليمان لبوس أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت غسان عويدات الذي قرّر أن يحقق فيها شخصيا. وطلب المدّعي في الدعوى التحقيق مع المدعى عليهم وإبلاغهم بواسطة القنوات الديبلوماسية المعتمدة وتوقيفهم بموجب مواد قانون العقوبات اللبناني كون الجرائم في معظمها وقعت على الأراضي اللبنانية وإنزال أشد العقوبات بحقهم، إضافة الى إلزامهم دفع مبلغ مليون دولار بدل عطل وضرر. وفي حال لم يتم تسليمهم وفق الأصول الى القضاء اللبناني طالب المدعي بواسطة وكيله بإصدار مذكرات توقيف بحقهم وإبلاغها الى الانتربول الدولي.
ويروي الياس طانيوس، وهو كان رقيبا أول في قوى الأمن الداخلي ويخدم في مصلحة وحدة الإدارة المركزية، لـ"النهار" تفاصيل اعتقاله ليلة 15 كانون الأول 1991: "كنت أسهر في تلة الخياط في منزل صديقي موريس أبي زيد مع صديق سوري اسمه كامل عيسى وأصدقاء آخرين، عندما اقتحمت مجموعة من الجنود السوريين المنزل واعتقلت جميع الموجودين واقتادتهم الى مركز البوريفاج الأمني حيث كان جامع جامع يخدم برتبة مقدّم.
في البوريفاج تعرّضت لأسوأ أنواع التعذيب والضرب الى حدّ انني كدت أموت. وبعدها تمّ نقلي الى عنجر حيث وقعت تحت يدي الضابط المعروف بـ"النبي يوسف". هناك اشتهيت الموت للمرة الاولى في حياتي لأن الموت كان أفضل مما تعرضت له. مررت بكل أنواع التعذيب: الدولاب، البلانكو، الكرسي، نزع الأظافر، السلم، التعذيب بواسطة الكهرباء، حصر البول عبر ربط المبولة بعد أن يجبروني على شرب إبريق شاي".
ويضيف طانيوس: "بعد عنجر تمّ نقلي الى سجن المزة في سوريا ومنه لاحقا الى سجن صيدنايا والى فرع فلسطين وفرع التحقيق العسكري أيضا، بعدما جرت محاكمتي بطريقة صورية في محكمة عسكرية في جديدة يابوس وكان فيها عدد من الضباط السوريين بينهم العقيد ديب زيتوني".
في 12 كانون الأول 2000 افرج عن طانيوس بعد 9 أعوام على خطفه. ويقول انه "حان الوقت لتأخذ العدالة مجراها بعدما أصبحت هناك دولة لبنانية يتوجب عليها متابعة أمور مواطنيها".
وكيل طانيوس المحامي سليمان لبوس أكد لـ"النهار" أنه سيتابع القضية قضائيا "حتى الوصول الى الأحكام العادلة بحق الذين مارسوا الأفعال المذكورة في نص الدعوى والتي تشكل انتهاكا فاضحا لكل القوانين اللبنانية ولشرعة حقوق الانسان.
ويؤكد لبوس، وهو رئيس الدائرة القانونية في "القوات اللبنانية"، أن لا خلفيات سياسية للدعوى "التي أتت في سياق طبيعي بحيث أن المدعي تضرر كثيرا من جراء ما تعرض له، وهو يصرّ على إثبات حقه وإلزام المدعى عليهم تعويضه إضافة الى ضرورة أن تصدر بحقهم الأحكام التي تتناسب وحجم الجرم الذي اقترفوها بموجب مواد قانون العقوبات اللبناني".
وبحسب المعلومات التي توافرت لـ"النهار"، فإن ثمة دعاوى مماثلة ستقدم بحق عدد كبير من الضباط السوريين وبعض شركائهم اللبنانيين من أشخاص لبنانيين تعرضوا لشتى أنواع التعذيب والاعتقال أيام النظام الأمني اللبناني - السوري المشترك في زمن الوصاية السورية على لبنان، بما يعيد تسليط الأضواء على المرحلة الماضية بعد انتهاء الحرب وصدور قانون العفو العام.
تعليقات: