قضيّة «الزيادين»: أصدقاء المتّهمين خلف القضبان من دون محاكمة

 في سجن رومية عدد كبير من الموقوفين
في سجن رومية عدد كبير من الموقوفين


نحو ثلاثة أعوام أمضاها أربعة شبّان موقوفين بتهمة «المشاركة في جريمة قتل زياد الغندور وزياد قبلان». أيمن ص. ومصطفى ص. وصائب د. ووسام ع. أوقفوا في نيسان 2007، وهم لم يخضعوا للمحاكمة، ما خلا قراراً اتهامياً صدر عن قاضي التحقيق العدلي مالك عبلا في 1/9/2008، اتّهم أشقاء الضحية عدنان شمص باختطاف «الزيادين» ثم قتلهما في مكان لم تتمكّن القوى الأمنية بعد من تحديده، فيما نسب القرار الاتهامي إلى الموقوفين بأنهم شاركوا في الجريمة.

لصائب ثلاثة أبناء، أصغرهم صبيّ يبلغ السابعة عشرة من العمر اضطُرّ إلى ترك المدرسة لأن معيل عائلته موجود في السجن، فوالدته لم تعد تستطيع تحمّل مصاريف الطعام والشراب بعدما أرهقتها الديون المتراكمة عليها. لذلك ترك المدرسة وبدأ العمل «عتّالاً في إحدى التعاونيات». حال عائلة الدقدوقي لا تختلف كثيراً عن حال العائلات الثلاث الباقية. فعباس شقيق الموقوف أيمن (33 عاماً)، يجب أن يخضع لعملية عاجلة لسقف الحلق، لكنه لم يستطع أن يجريها حتى الآن، لأن والدته لم تستطع أن توفّر تكاليف العملية، فهي منهمكة في ملاحقة قضية ابنها الموقوف. أما أمينة زين الدين والدة مصطفى ص. فتكاد أن «تأكلها الحسرة على شباب ولدها الذي يضيع ظلماً خلف قضبان السجن على ذنب لم يرتكبه»، فهي توزّع أيامها بين عملها والسؤال عن موعد تعيين أعضاء المجلس العدلي، وتتحدث عن أمراض أصابتها بعد سجن ابنها. يبقى الموقوف الأخير وسام ع. الذي رفعت زوجته دعوى للطلاق بعدما يئست من الانتظار.

«فليحضروا القتلة الحقيقيين» صرخة تطلقها أمهات الموقوفين بعد التساؤل عن «سبب الإصرار على التمسّك بالأبرياء بديلا»، ويوجّهن نداء إلى رئيس الوزراء سعد الحريري والأمين العام لحزب الله اللسيد حسن نصر الله للتدخل لرفع الظلم عنهم.

تبدأ الأمهات الثلاث بتعداد أسماء الشخصيات التي قصدوها لطلب المساعدة في رفع الظلم عن أبنائهنّ، فهنّ «لم يتركن باباً إلا طرقنه»، وتشير إحداهنّ إلى أن آخر الأبواب كان باب «وزير العدل الذي رفض مقابلتنا». وفي هذا الإطار، تطلب إحدى هؤلاء السيدات «تحويل اسم وزارة العدل إلى وزارة الظلم»، لأنه «لا يجوز أن تصادر حرية إنسان من غير وجه حق»، وتلفت هذه السيدة إلى أن تأجيل جلسات المحاكمة يعود إلى النقص العددي في هيئة المجلس العدلي، إذ ينتظر تعيين ثلاثة قضاة في هذه الهيئة.

لا يزال المتهمّون الرئيسيون في هذه القضية متوارين عن الأنظار، لكن أصدقاءهم يقبعون خلف قضبان السجن. الحرية الممنوعة على هؤلاء منذ سنين ثلاث دفعت أمهات ثلاثة من الموقوفين إلى رفع الصوت عالياً للتساؤل عن سبب الظلم اللاحق بأبنائهنّ، فهنّ يقلن إن أبناءهن «يدفعون ثمن عدم توقيف المشتبه فيهم الرئيسيين». وهؤلاء السيدات لو سلّمن جدلاً بأن يكون أبناؤهنّ قد أخفوا معلومات عن الجريمة ولم يبلغوا السلطات بوقوعها، فإن تلك جريمة يُعاقَب عليها بالحبس من سنة إلى 3 سنوات، بينما يقترب الموقوفون من أن يقضوا فترة محكومية تلك الجريمة، البالغة ثلاث سنوات في حدّها الأقصى، من دون أن تبدأ محاكمتهم.

وكان النائب العام التمييزي سعيد ميرزا قد حدد في مطالعته 5 مشتبه فيهم رئيسيين، هم أشقاء شمص، وجميعهم متوارون عن الأنظار منذ وقوع الجريمة.

أما المدعى عليهم الآخرون، فقسّمهم الادّعاء إلى قسمين: المشتركون بالجريمة، والعالمون بها الذين لم يبلغوا السلطات. تضم الفئة الأولى 4 موقوفين هم: مصطفى ص. وأيمن ص. ووسام ع. وصائب د. أما الفئة الثانية فتضم 3 أشخاص أُوقفوا وأخلي سبيلهم وهم: حسين ش. وحسن هـ. وربيع ح. (أُوقفوا لمدة تزيد على 5 أشهر)، فضلاً عن 3 سيدات، أوقفت اثنتان منهن مدة 4 أشهر و10 أيام.

تنسب المطالعة إلى وسام ع. أنه ساعد المتهمين الرئيسيين على محاولة تحديد قاتل شقيقهم عدنان، وإلى مصطفى ص. وأيمن ص. مساعدتهما أحد الأشقاء على الهرب في اليوم التالي للجريمة. فيما نسبت المطالعة لصائب د. الذي كان موظفاً مياوماً في الدفاع المدني ـــــ مركز برجا بأنه استقبل في الليلة التي تلت تنفيذ الجريمة ثلاثة من المتهمين الرئيسيين للاختباء في مركز عمله، بناءً على اتفاق مسبق، فضلاً عن تسهيله تمرير سيارة أحد الأشقاء على حاجز للقوى الأمنية (راجع عدد «الأخبار» الصادر يوم 9 تموز 2008).

يشار إلى أن وزارة العدل عرضت مشروع مرسوم على مجلس الوزراء أمس، يرمي إلى تعيين ثلاثة أعضاء في المجلس العدلي. واقترحت الموافقة على أسماء القضاة الأعضاء الذين هم: نديم عبد الملك رئيساً للغرفة الرابعة لدى محكمة التمييز، القاضي الياس بوناصيف رئيس الغرفة الأولى لدى المحكمة نفسها. وأخيراً القاضي جورج بديع كرم رئيساً للغرفة الخامسة لدى محكمة التمييز.

تعليقات: