مبنى القصر البلدي الجديد في الخيام الذي أنجزته البلدية الحالية
«صقيع» انتخابي تشهده الخيام على أبواب الاستحقاق البلدي، سببه الرئيسي إقامة معظم أبنائها خارجها، إضافةً إلى التجربة السابقة التي أتت بتسويات فوقية، عائلية وحزبية، لم تنتج مجلساً بلدياً قادراً على جمع أبناء البلدة حوله
الخيام ــ
في الخيام اتسعت بعض الطرقات. أنشئت جدران من هنا وهناك. أقيمت ملاعب وحدائق وحملات تشجير، لكن من يقصد البلدة في غير عطلة الصيف يتلمّس مدى البرودة والروتين اللذين يميّزان الحياة الاجتماعية فيها، في غياب أي مرجعية، بما فيها البلدية، تحوّلها أكثر دينامية.بعض الأهالي يعيدون السبب إلى أنَّ معظم أعضاء المجلس البلدي يقيمون خارج البلدة، ولا يزرونها إلا في العطل والمناسبات الخاصة. عندها فقط يمكن العثور على رئيس البلدية، علي زريق، مداوماً في مبنى البلدية. ملاحظة غير عابرة لدى أبناء البلدة، الذين يعرفون أن مسؤوليات رئيس بلديتهم الحزبية (في حزب الله) أكبر بكثير من مسؤوليته البلدية، لذلك لا يتردّد بعضهم في لوم الحزب لأنه «لم يُوفَّق في اختيار رئيس للبلدية، هو أصلاً لا يمكنه أن يتفرغ لها». ينتقد عضو المجلس البلدي السابق، فايز أبو عباس، هذا الأمر بقوله: «لا يحضر الرئيس إلا في المناسبات، ونائبه لا يملك أية صلاحيات يفرضها القانون إذا غادر الرئيس أكثر من سبعة أيام. عندنا رئيس البلدية، حتى لو غاب أكثر من سبعة أيام، 15 يوماً، ليس مستعداً لأن يعطي صلاحياته لنائب الرئيس. سافر مرّة من دون علم أحد ولم يعطِ صلاحياته لأحد. للأسف، المعاملات الضرورية تنفّذ على الفاكس وهذه مشكلة». يشرح: «أنا لا ألوم رئيس البلدية، عنده مهمة كبيرة في مؤسسات حزب الله، أي إنه لا يستطيع أن يحمل بطيختين في الوقت نفسه، ومهمته الحزبية ترتّب عليه الإقامة الدائمة في بيروت. لكنني مثل كثيرين من أبناء البلدة، ألوم من حمّله هذه المسؤولية. ألا يعرفون مهمّات البلدية؟ هي في الأيام العادية توجب على رئيسها أن يداوم فيها من الثامنة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر من أجل مراجعات المواطنين المختلفة، البيئية والصحية والاجتماعية والخدماتية ولبتّ خلافات المواطنين. هو حاكم إداري للبلدة وله سلطة حتى على قوى الأمن الداخلي والشرطة لفض النزاعات وغيرها. عندما يغيب من يحلّ هذه المشاكل؟».
إلا أن رئيس البلدية لا يجد في عدم دوامه في البلدية عائقاً أمام تسيير أعمالها، بل يرى أن ما نفذته بلدية الخيام خلال ست سنوات يعادل عمل ستين عاماً. يقول زريق: «أنا لا أنتقص من شأن من اشتغل قبلي. لكن الكلّ يعرف أن المشاريع لا تأتي من الخيام بل من بيروت. من الوزارات والتنظيم المدني والبنك الدولي، والـUNDP. جلوسنا أو بقاؤنا في الخيام لا يأتي لنا بالمشاريع، نحن في بيروت نستثمر كل علاقاتنا لإنعاش البلدة بالمشاريع». يضيف: «يمكنني الآن أن آتي إلى الخيام، أضع أربعة من عناصر الشرطة حولي، وأتنقّل في البلدة بين مناسبات العزاء والأفراح، فأكرّس نفسي زعيماً وتبقى البلدة كما هي. هناك مشكلة في تفكير البعض. وجود رئيس البلدية في الخيام لا يعني أنه يقوم بالمشاريع، المشاريع ماشية، والمقاولون يعملون ونحن نراقب. عندنا 7 مهندسين في المجلس البلدي، عدد لا يوجد في أي بلدية في كلّ لبنان».
هذا النقاش يضيء على جزء من تحديات بلدية الخيام التي نتجت من تنافس بين لائحتين مدعومتين، واحدة من «حركة أمل» وأخرى من «حزب الله» بالتوافق مع بعض القوى الحزبية اليسارية. وقد نجحت الثانية، وخصوصاً أنها تألّفت بما يتلاءم مع التوافق العائلي، أي إنّ العائلات مُثّلت فيها تمثيلاً لا يمكن أن يترك ردّ فعل عليها. هذا الأمر لم ينسحب على عملية اختيار رئيس البلدية ونائبه، إذ اختير المنصب الثاني إرضاءً لآل العبد الله، العائلة الكبيرة التي وقفت بأكثريتها إلى جانب لائحة الحزب، ما دفع بنائب الرئيس السابق، الطبيب أحمد أبو عباس، الحائز أكثرية أصوات أبناء الخيام، إلى الاستقالة الفورية، فبقيت البلدية بـ17 عضواً.
على الرغم من ذلك، يرى العديد من أبناء الخيام ومرجعياتها أن الحزب لم يوفّق في اختيار الوجوه العائلية التي أتى بها إلى المجلس البلدي «التحالف في الانتخابات الماضية، كان يشمل العائلات بأكملها، وبعض الفعّاليات، إضافةً إلى أشخاص مقيمين في بيروت. كانت محاولة للتنويع. نصف المرشحين الناجحين هم من المقيمين في بيروت، ولديهم ارتباطاتهم وأشغالهم، كأنّ المقيمين هنا غير فاعلين ولا دور لهم»، يقول فايز أبو عباس.
أما مصادر القوى اليسارية، التي آثرت الابتعاد عن الصراع البلدي في الخيام وما يدور حوله من تناقضات، فترى أن حزب الله استأثر ببلدية الخيام إلى أبعد الحدود، وبالتالي فإن أعضاء المجلس البلدي، طوعاً أو بحكم الواقع، تركوا لرئيس البلدية وحده حرية إدارة أمر بلديتهم وشؤونها، مع قلة قليلة. في هذا الشأن يقول أبو عباس: «يبلّغ الأعضاء القرارات ويوقّعونها مداورةً، أي بحمل المحاضر من بيت إلى بيت، ومن عضو إلى عضو ليوافق عليها».
وجود رئيس البلدية في الخيام لا يعني فعاليته لأن المشاريع في بيروت
يردّ رئيس البلدية زريق على هذه الاتهامات، قائلاً: «أكثر مجلس بلدي اجتمع في لبنان هو مجلس بلدية الخيام، ولن أتوقف عند الذين لا يحضرون الجلسات. حضروا أو لم يحضروا، المجلس البلدي يسير سيراً طبيعيّاً. لدينا نِصاب قانوني، ولا مانع من إرسال محضر جلسة إلى أحد بيوت أعضاء المجلس البلدي إذا كان مريضاً أو مرتبطاً بمواعيد، عادةً تحصل مثل هذه الأمور في كل بلدة. إذا قارنّا أنفسنا بأيّ بلدية في لبنان من دون مواربة، تكون بلدية الخيام هي أكثر البلديات التي عقدت اجتماعات لمجلسها البلدي واتخذت قرارات مهمة جداً. نحن ننشر قراراتنا على الإنترنت. لست في موقع الاتهام لأدافع عن نفسي، نحن نشتغل بضميرنا». يضيف: «تعالوا لتروا من الداخل أو الخارج أنه لا يوجد ما يشير إلى هيمنة لحزب الله وشعاراته على البلدية، بل قد نختلف مع حزب الله على الأرض من أجل البلدية».
يشير أحد الأطباء المقيمين في الخيام، وقد آثر عدم ذكر اسمه، إلى أن المرحلة المقبلة لن تختلف عما سبقها «لأن النهج السياسي الذي يتعاطى من خلاله حزب الله أو حركة أمل على الأرض لن يتبدّل كثيراً. ربما ينوّع هذا الطرف أو ذاك في اختيار الأشخاص الذين يتحوّلون إلى رموز عائلية أكثر منها إلى وجوه تسعى إلى العطاء والعمل، لكن البلدية في النهاية، تدار برأس يختاره أحد الطرفين، ويغطيه سياسياً وحزبياً، وليس هناك من يحاسب أو يراقب».
حلّ مشكلة المجاري
يثير السؤال عن الانتخابات الشهية لإطلاق الانتقادات في الخيام، وتحضر سريعاً المشاريع التي يراها الأهالي ضرورية جداً، لكنها لم تنفّذ حتى الآن. ويحضر بإلحاح موضوع المجاري الصحية، بعدما فتكت الجور الصحية المتسرّبة فوق الأرض وتحتها، بمنابع المياه والمخزون المائي الجوفي، وقد ظهرت في أوقات متعددة بعض حالات التسمم والتيفوئيد.
يقول رئيس البلدية علي زريق: «مرّت علينا خمس سنوات من المشاكل السياسية مع الرئيس فؤاد السنيورة. هذا المشروع صار بين أيدينا الآن، وبإذن الله سوف ننفذه قبل أن نمشي. مشروع المجاري لم يكن له أيّ تخطيط أو خرائط، نحن أعددنا كل التفاصيل، وكيف يمكن الاستفادة من تكرير المياه في السهول القريبة، هذه التفاصيل لا يعرفها كل الناس؛ هذا المشروع فقط يحتاج إلى دفشة زغيرة».
-------------------------------------------------------------
بدعوة من موقع خيامكم، وافقت بلدية الخيام على إجراء ندوة حول العمل البلدي في الخيام تتضمن إستعراضاً كاملاً لإنجازات البلدية الحالية.
سيحاضر في الندوة رئيس البلدية الحاج علي زريق، ويردّ فيها على أسئلة المواطنين بكل شفافية.
سيعلن عن تاريخ الندوة في وقت لاحق.
تعليقات: