سؤول أمن المفتي مسجون: خوف من اغتيال

تتحفّظ المصادر الأمنيّة على التعليق على كلام المفتي
تتحفّظ المصادر الأمنيّة على التعليق على كلام المفتي


مسؤول الأمن الشخصي لمفتي الجمهوريّة الشيخ محمّد رشيد قباني في السجن. المفتي اتصل بكثيرين، لكنّه لم يستطع إخراج مسؤول أمنه من السجن، ما دفعه إلى القول يوم أمس أمام عدد من زوّاره: «اشهدوا، إن (الرئيس) سعد الحريري، (اللواء) أشرف ريفي، (العقيد) وسام الحسن، (القاضي) سعيد ميرزا وسهيل بوجي يريدون اغتيالي سياسياً، ونسوا ما قمت به من أجلهم طوال السنوات الخمس الماضية».

القصّة بدأت منذ أيّام، عندما استدعى أحد ضباط التحقيق في فرع المعلومات المؤهّل في أمن الدولة، أسامة ع. لسؤاله عن فقدان ختم لقوى الأمن الداخلي منذ نحو ستة أشهر، وذلك بحضور ضابط من أمن الدولة.

أبلغ أسامة قبّاني بالأمر، وتابع أحد المقرّبين من المفتي الموضوع، وأُبلغ أن الأمر إجراء روتيني، وأنه في أسوأ الحالات سيُتخذ إجراء مسلكي، لا قضائي، بحق أسامة.

عند الحادية عشرة ليلاً من اليوم ذاته، اتصل أسامة بالمقرّب من المفتي، ليُبلغه باعتقاله، الذي تبيّن له، كما يروي المقرّب، أن الضابط التابع لفرع المعلومات أحال الملف على أحد معاوني مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة، بعدما خُتم التحقيق وغادر ضابط أمن الدولة. فاتصل المفتي، بحسب الرواية نفسها، باللواء أشرف ريفي الذي وعده خيراً، بحسب الرواية.

صباح اليوم التالي، لم يُطلق سراح أسامة. اتصل المفتي (بحسب رواية المقرّبين منه أيضاً) مجدداً بريفي، لكنه لم يُجب على هاتفه إلّا في الاتصال الرابع، فبادر المفتي إلى رفع صوته بوجه ريفي، موجهاً له عبارات قاسية ومتهماً إياه بالهجوم السياسي ورفع الغطاء عنه، فردّ ريفي بأن أسامة متورّط بقضيّة أخلاقيّة ومن الأفضل له الابتعاد عنه من أجل صورته. اتصل المفتي بالمدعي العام التمييزي سعيد ميرزا الذي لم يردّ عليه، فاتصل بوزير العدل إبراهيم نجار، ومن ثم بوزير الداخليّة زياد بارود. بعد الاتصال بنجار اتصل ميرزا بالمفتي فسمع كلاماً قاسياً. ثم اتصل العقيد وسام الحسن الذي نفى أن يكون الأمر مرتبطاً بموضوع أخلاقي، فقال له المفتي: «في أي حال، عندما تريدون الكلام على وجود ملفّات عليكم إبلاغي قبل، لأنني أريد التحقّق من تقاريركم لأنكم كتبتم تقارير خاطئة في السنوات الماضية عن كثيرين ومنهم ابني».

فأرسل ريفي الضابط في فرع المعلومات س. س. ليتحدّث إلى المفتي. رفض الأخير استقبال موفد ريفي، وأرسل إليه من يقول له بصوت عالٍ أمام عناصر قوى الأمن المنتشرين لحماية المفتي: ارحل من هنا، هو لا يريد رؤيتك، وإلّا ستسمع كلاماً سمعه مسؤولك على الهاتف. حاول الضابط تهدئة الأجواء، لكنه في النهاية رحل من دون لقاء المفتي، الذي طلب من عناصر قوى الأمن الابتعاد عن منزله لأنه لم يعد يثق بهم، علماً بأن مقربين من المفتي لا يخفون وجود مخاوف من اغتيال جسدي.

وفي تفاصيل القضيّة، أن ختماً لقوى الأمن الداخلي، يُفترض أن يستخدمه الضابط من قوى الأمن الداخلي المسؤول عن فصيلة حماية المفتي، ليختم فيه بطاقات تسهيل المرور المتعلّقة بعناصره وأذونات هؤلاء والمراسلات مع جهاز أمن السفارات، فُقد منذ نحو ستة أشهر. وكان أسامة يوقّع اسمه إلى جانب الختم، رغم أنه ليس في عديد قوى الأمن الداخلي، وليس برتبة ضابط، بل أدنى منها وذلك بطلب من المفتي نفسه. وعندما تحدّث أحد ضباط قوى الأمن بهذا الموضوع مع المفتي، قائلاً له إنه لا يُمكن أن يقبل أن يكون بإمرة من هو أدنى رتبة منه، أجابه المفتي: أسامة هو كلّ شيء.

يوم الأربعاء الماضي، قال مصدر أمني إن قوى الأمن بدأت تُحقّق بفقدان الختم، لكن تبيّن أن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة سيدّعي على أسامة، بتهمة سرقة الختم وسوء استعماله، كما أفاد مصدر قضائي. أُحيلت القضيّة إلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، الذي قرّر إطلاق سراح أسامة، لكنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة صقر صقر قرّر الاستئناف، ولم يُنظر يوم أمس بالاستئناف رغم أنه كان يوم عمل، ما يعني أن أسامة سيبقى موقوفاً حتى يوم الاثنين بالحدّ الأدنى.

يتحدّث المقرّبون من مفتي الجمهوريّة بأن هناك أمراً غير مفهوم، إذ إن القضيّة لا تستأهل إجراءً قضائياً بل مسلكياً. ويُعبّر هؤلاء عن انزعاجٍ كبير من الأمر، وخصوصاً أنه موجّه إلى المفتي شخصياً عبر مسؤول أمنه الشخصي، من جانب فريقٍ سياسي لطالما دافع عنه. وقد اتصل المفتي بالرئيس فؤاد السنيورة لوضعه بالصورة، فأبدى السنيورة انزعاجه من أداء الحسن. ويرى المقرّبون من المفتي، أن الحسن وميرزا هما من يقف وراء هذا الأمر بتغطية من اللواء أشرف ريفي. ولا ينفي هؤلاء أن يكون الأمر مرتبطاً بتوجيه رسالة إلى السنيورة أيضاً.

في هذا الجو من «هجوم فريق الرئيس سعد الحريري على مفتي الجمهوريّة، بنيّة التخلّص منه»، كما يقول مصدر سياسي، نشر موقع 14 آذار، نقلاً عن مجلّة «الشراع» موضوعاً عن خطة لحزب الله لاقتحام دار الإفتاء والتخلّص من المفتي، بتمويل إيراني وتوجيه سوري وأدوات سياسيّة لبنانيّة.

المفتي غاضب جداً. وإذ لا ينوي الكلام إلى حين إنجاز لجنة التحقيق في قضايا الفساد المالي عملها، تتحفّظ المصادر الأمنيّة على التعليق. في هذا الوقت، هو يتلقى ضربة تلو الأخرى، آخرها دعوى محمد رشيد قردوحي لدى القضاء على المفتي في قضيّة إثراء غير مشروع.

تعليقات: