الحزمة العريضة الآن: بانتظار خطّة نحّاس... الإسكوا تكشف عورات لبنان

معدّل انتشار الإنترنت 28% في لبنان فيما يصل إلى 35% في الخليج
معدّل انتشار الإنترنت 28% في لبنان فيما يصل إلى 35% في الخليج


تبقى خدمات الإنترنت عبر الحزمة العريضة في المنطقة مكبوحة بفعل عوامل كثيرة، ويبقى لبنان من بين أوّل المتأخّرين على هذا الصعيد. وذلك «رغم الخطوات الكبيرة التي خطتها المنطقة نحو ردم الفجوة الرقميّة وبناء مجتمع المعلومات»، وفقاً لدراسة حديثة أعدّتها لجنة الأمم المتّحدة لغربي آسيا، «إسكوا»

قد يكون للصراعات الأمنيّة والسياسيّة الكثيرة التي تشهدها المنطقة دور أساسي في تأخّر قطاع تكنولوجيا الاتصالات في بلدانها المنكوبة بالفقر أو الإدارة السيّئة، غير أنّ ذلك لا يبرّر أن يسجّل بلد ما تراجعاً في خدمة مهمّة هي أساساً ضعيفة ومهملة وغير ملحوظة على الصعيد الوطني!

لن يصعب على أحد حلّ أحجية «من هو هذا البلد»، فقد أثبت لبنان على مرّ الزمن أنّه قادر على اجتراح معجزات التراجع، وفقاً لمؤشّرات كثيرة.

إنترنت... سريع؟

الموضوع هنا يتعلّق بالاتصالات والتكنولوجيا، حيث تقول دراسة «الملامح الإقليميّة لمجتمع المعلومات في غربي آسيا 2009»، إنّ معدّل اختراق الحزمة العريضة (Broadband)، أي معدّل استخدام الإنترنت السريع، تراجع في لبنان من 5.26% في عام 2007 إلى 4.88% في العام اللاحق!

المؤسف في هذا المعطى هو أنّ جميع البلدان الأخرى المدروسة في غربي آسيا من مصر إلى الإمارات العربيّة المتّحدة مروراً بسوريا، سجّلت نمواً على هذا الصعيد.

ففي البحرين مثلاً، يبلغ معدّل اختراق الحزمة العريضة 12.14% وفقاً للأرقام المسجّلة عام 2008، مسجّلاً ارتفاعاً بنسبة تفوق 180% مقارنةً بالمعدّل المسجّل في العام السابق. وفي قطر والإمارات العربيّة المتّحدة وصلت تلك النسبة إلى 12.08% و11.75% مسجّلة نمواُ سنوياً لافتاً.

وهذا ما يدفع إلى ضرورة تحقيق خدمة الحزمة العريضة في لبنان أكثر من أيّ وقت مضى.

والواقع هو أنّ وزير الاتصالات شربل نحّاس أعلن أخيراً أنّ الأسابيع المقبلة ستشهد بدء ورشة نشر شبكة الألياف البصريّة (Fiber optics) التي ستسمح برفع القدرة على الاتصال بالخارج من خلال الكوابل الموجودة، وبوصل كابل إضافي سيسمح كل ذلك برفع سرعة الاتصال بالإنترنت بمعدّل 10 أضعاف إلى 20 ضعفاً.

وهذه الخطوة تستند إلى خطّة متكاملة للمضي قدماً بطموحات الحزمة العريضة تبلغ قيمتها 250 مليار ليرة، وتقوم الخطّة على توفير زيادة الدفق في الإنترنت من 256 كيلوبايت في الثانية إلى ما يفوق 2 ميغابايت في الثانية، ورفع التغطية من 86% من المشتركين، إلى حوالى 93% في نهاية عام 2010.

ويعدّ لبنان من بين أكثر البلدان حاجة إلى التطوير على صعيد قطاع الاتصالات في المنطقة، وخصوصاً التكنولوجيا المتطوّرة على صعيد الإنترنت في هذا الإطار. فوفقاً للدراسة المذكورة التي نُظّمت ورشة عمل لإطلاقها في بيت الأمم المتّحدة في بيروت أمس، «لا تزال خدمات الإنترنت بالحزمة العريضة في المنطقة باهظة الثمن».

وتوضح الدراسة أنّ رسوم النفاذ إلى هذه الخدمة تبقى في البلدان الأقلّ نمواً أكبر منها في البلدان الأكثر نمواً. ويمكن إجراء المقارنة هنا على الصعيدن الأفقي والعمودي.

انتشار وكلفة

فقيمة سلّة اشتراك الإنترنت عبر الحزمة العريضة تمثّل 1.1% من الدخل القومي الإجمالي للفرد الواحد شهرياً في الإمارات العربيّة المتّحدة، وترتفع تلك النسبة إلى 35% في سوريا وإلى 311% في اليمن.

وهذا الأمر يعني أنّه في بعض بلدان المنطقة لا تعدّ كلفة الاشتراك بالإنترنت عبئاً مالياً ذا شان على ميزانيّات العائلات، إلا أنها تتحوّل إلى كابوس على الصعيد المادّي في بلدان أخرى.

وفي لبنان، تبلغ نسبة كلفة الاشتراك الشهري في خدمة الحزمة العريضة 5% من حصّة الفرد من الناتج القومي الإجمالي. ويأتي هذا البلد في المرتبة السادسة في المنطقة التي تضمّ 11 اقتصاداً.

وعموماً، تقول الدراسة، «لا تتجاوز نسبة انتشار خدمات الإنترنت عبر الحزمة العريضة 1.6%» في منطقة الـ«إسكوا»، فيما المعدّل العالمي يرتفع إلى 6.1% (لعام 2008)، وفي البلدان المتقدّمة تتطوّر الأوضاع أكثر من هذا بكثير.

وتجدر الإشارة إلى أنّ بلدان المنطقة تعزّز النفاذ «النسبي» إلى الحزمة العريضة عبر الاتصال المجاني في الأماكن العامّة، لكنّ الجميع يعرف أنّه لكي تتحقّق تنمية حقيقيّة على هذا الصعيد لا بدّ من تحقيق وثبات كبيرة في مجالات عديدة بدءاً من الإدارة وصولاً إلى البنى التحتيّة.

والمشكلة في موضوع الإنترنت جذريّة حتّى قبل التطرّق إلى معطيات الحزمة العريضة. فمعدّل انتشار الإنترنت في المنطقة يبلغ 17% فقط، أي «أقلّ من المتوسّط العالمي» على حدّ تعبير الدراسة.

ولدى المقارنة بباقي بلدان العالم يتّضح أنّ أميركا الشماليّة مثلاً تسجّل معدّلاً يبلغ حوالى 75%، فيما معدّل الاتحاد الأوروبي يقارب 65%.

أمّا لدى الغوص في تفاصيل الفروق في المنطقة، فهناك تبرز الكوارث. فبينما تسجّل مجموعة مجلس التعاون الخليجي النفطيّة معدّل انتشار يبلغ 35% يُسجّل تراجع إلى 28% في لبنان وإلى 17% في مصر وسوريا وإلى 8% في اليمن على سبيل المثال.

وعلى الرغم من ذلك تبقى هناك مقوّمات نموّ موجودة في المنطقة، التي سجّلت خلال الفترة بين عامي 2006 و2008 نمواً بنسبة 77%! ما يوضح معدّلات التأخّر التي كانت سائدة.

وإذا كان ذلك النموّ موجة أولى من رحلة النموّ الكمّي والنوعي على هذا الصعيد، فإنّ هذه المرحلة تفترض تسجيل تقدّم أكبر يجب أن يُرصد تحديداً في مجال الحزمة العريضة.

والحزمة العريضة قادرة على رفع الناتج المحلّي الإجمالي بمعدّل 1.5% سنوياً، نظراً إلى مفاعيلها على الإنتاجيّة والقطاعات المختلفة، لذا فالدعوة حالياً صوب تبنّي إحداثيّاتها تبدو ضروريّة أكثر من أيّ وقت مضى.

28%

نسبة نموّ مستخدمي الإنترنت في لبنان بين عامي 2007 و2008، وفقاً لحسابات الدراسة. ووصلت تلك النسبة إلى 48% في الإمارات و46% في مصر و43% في سوريا

التنمية للجميع

يمثّل انتشار الإنترنت بالنسبة إلى اللبنانيّين «خدمة أساسية في مجالات مختلفة، سواء أكان للسكان أم للمؤسسات» على حدّ تعبير شربل نحّاس (الصورة). وهناك أساليب عديدة لتوفير تلك الخدمة تصاغ في شأنها توصيات وتوجيهات. وفي الإطار تقول الدراسة إنّه يجب «تسخير آثار خدمة النفاذ إلى الإنترنت عبر الحزمة العريضة في عمليّة التنمية وذلك من خلال دعم أسواقها وتحريرها وخفض الرسوم حتّى تصبح في متناول الجميع».

وزير الاتصالات شربل نحّاس
وزير الاتصالات شربل نحّاس


تعليقات: