المؤرّخ كمال الصليبي
أكثر الكتابات تأثيراً في إدراك الموارنة لأنفسهم، تلك التي كتبها مثقفون مسيحيون وموارنة منذ القرن التاسع عشر، بدءاً بالمطران نقولا حداد، مروراً ببولس نجيم، وآخرون كثيرون. لكن نقطة الانطلاق في التأريخ للموارنة، نجدها عند مؤرّخَين هما جبرائيل بن القلاعي في القرن الخامس عشر، والبطرك الدويهي في القرن السابع عشر. تظهر هذه الكتابات أن ما فعله من حازوا القدرة على الكتابة، هو أنهم كانوا يخترعون تاريخاً لطائفتهم يحشرونها فيه، وهو تأريخ ينشئ هوية متوهمة تؤثر في مسلكية الناس وخياراتهم. درس ابن القلاعي في إيطاليا في الربع الأخير من القرن الخامس عشر. أما الدويهي، فهو أحد تلامذة مدرسة روما التي أنشأتها البابوية لتعليم رجال الدين الموارنة، ابتداءً من القرن السادس عشر. وإذا كان البطرك الدويهي أخذاً بتجربته الخاصة نأى عن طرح ابن القلاعي في وضعه الطائفة في مواجهة الإسلام والمسلمين، فإنه بدوره أنشأ تاريخاً لها من خلال التركيز على تجربة المردة، الذين استخدمهم البيزنطيون لمناوشة الدولة الأموية على حدودها الشمالية، جاعلاً الموارنة استمراراً لهم (الصليبي: 114ـــــ118). وكان البيزنطيون قد سرّحوا هؤلاء بعد تفاهمهم مع الأمويين، وجعلوهم يختفون في أنحاء الامبراطورية. أما ما كتبه الدويهي بشأنهم فبات يمكن استثماره لفرز الموارنة عن محيطهم، من خلال إنشاء أصول لهم غير الأصول العربية.
لكن الحقيقة التاريخية هي أن الموارنة من القبائل العربية الأكثر تأخراً قبل الفتح الإسلامي في ترك الجزيرة العربية. ولم يكن للمسلمين أيّ دور في هجرة الموارنة الأولى من اليمن، أي نجران، بحسب المؤرخ كمال الصليبي، أو صعدة بحسب المؤرخ فرج الله صالح ديب (ديب: 74)، إلى سوريا، لأنها سبقت الإسلام بنحو نصف قرن. فلقد جاءت هجرتهم أيام الامبراطور موريس بعد عام 575 م. كذلك لم يؤدّ المسلمون دوراً في هجرتهم الثانية من سوريا إلى لبنان التي بدأت عام 694 م. في الحالة الأولى، كانت دولة اليهود في اليمن سبب تهجيرهم. وفي الحالة الثانية، كان البيزنطيون هم السبب. رأى البيزنطيون بعد المجمع المسكوني السادس في عام 680 م أن الأخذ بعقيدة المشيئة الواحدة (monothélisme) بدعة، فدمّروا أحد أهم أديرة الموارنة في جبل الزاوية في سوريا، وقتلوا خمسمئة من رهبانهم في عام 694 م. أدى ذلك إلى اتخاذ كبيرهم يوحنا مارون السارومي القرار بالهجرة إلى لبنان. وابتنى هذا الأخير ديراً لطائفته في كفرحي في البترون، لجأ إليه. وكان من نتائج عودة البيزنطيين إلى شمال سوريا، بعد نحو ثلاثة قرون ونصف قرن من نشوء الدولة العربية، أي خلال حقبة الأباطرة المقدونيين، لفترة قاربت مئة عام (969ـــــ1071)، الهجرة النهائية للموارنة من مناطقهم التي باتت تحت سيطرة هؤلاء.
ثمة شبه إجماع بين من كتبوا في هذا الشأن، على أن يوحنا مارون كان الرئيس الروحي والزمني الأهم للموارنة. وتفصل هذا الأخير عن مار مارون الناسك الذي سُمّيت الطائفة باسمه لا أقل من 270 عاماً. وقد توفي هذا الأخير في عام 410 م. وعلى كل حال، فإن أهمية مار مارون ليست في اتباع مريديه لاحقاً مذهب المشيئة الواحدة، ولكن في أنه انتمى هو نفسه إلى كوكبة نسّاك سوريا آنذاك، الذين ذهبوا إلى الحدّ الأقصى في تجسيد فكرة القبول الطوعي بالتضحية في المسيحية. وكان أشهرهم مار سمعان العمودي. ومنهم أخذت الكنائس الأخرى التجربة النسكية. وفي وقت متأخر، أي في القرن السادس عشر، استعاد الراهب إيليا من موروم في روسيا تجربة الجلوس على عمود طيلة 30 عاماً كفعل تضحية (كارير دونكوس: 56).
أما يوحنا مارون السارومي، فقد نسبه البطرك الدويهي إلى قرية ساروم، محدداً موقعها قرب انطاكية لجهة السويدية على البحر، وتبعه الكل في ذلك دون تمحيص أو تدقيق. ويذكّر المؤرخان كمال الصليبي وفرج الله ديب صالح بأن موقع وادي ساروم هو في اليمن شمال صنعاء. وقد أوجد البطرك الدويهي نسباً ليوحنا مارون، يجعل منه فرنسياً، وابن أخت ملك فرنسا آنذاك. وقد فنّد الصليبي أخطاء البطرك الدويهي، إن لجهة مكان ولادة يوحنا مارون، أو لجهة نسبه. وقد أشار إلى أن الأسرة الكارولنجية التي نسب الدويهي إليها والدة يوحنا مارون، لم تنوجد كاسرة مالكة إلا بعد قرن على الأقل من ذلك التاريخ (الصليبي: 115). ولعل البطرك الدويهي افترض أن موقعه كرئيس للموارنة له صلاحيات زمنية، كان يبيح له أن يحرّف الحقيقة.
تحمّل المؤرخ الكبير الصليبي مشقة لاستخلاص شيء ذي قيمة عن تجربة الموارنة في العهدين الصليبي والمملوكي من كمّ المراجع الرديء والنادر. لا يمكن فهم ما عدّه الصليبي استقبالاً حاراً للصليبيين من قبل الأهالي في عرقة بعكار، إلا إذا أخذنا في الاعتبار أن هؤلاء الموارنة أنفسهم هم من كان البيزنطيون قد هجّروهم من أماكن سكنهم في سوريا قبل وقت قصير. لا تفصل سوى سنوات معدودة بين تاريخ انتهاء الوجود البيزنطي في شمال سوريا وقدوم الصليبيين عام 1099. ويرى البعض أن عام 1180م، هو عام مؤسس، لأن أساقفة الموارنة التقوا بطرك أنطاكيا اللاتيني في القدس التي كان يحكمها الصليبيون، وطلبوا أن تقوم علاقة ارتباط وتعاون بينهم وبين بابا روما (الصليبي: 131). ولقد كانت العلاقة مع الصليبيين سبب حرب أهلية في صفوف الموارنة، وكانت تلك الحقبة الوحيدة التي شهدت وجود بطريركين على رأس الطائفة، أحدهما نصّبه الصليبيون المتمركزون في طرابلس.
وأما الحقبة المملوكية، فهي الأكثر ظلاماً في تاريخ المنطقة. ولا يمكن أن ننسى الانهيار الديموغرافي الفظيع الذي عرفه الهلال الخصيب كله خلال تلك الحقبة، حيث هبط عدد السكان إلى مستوى 1.2 مليون شخص في عام 1343م، بعد أن كان يساوي 4 ملايين في عام 900 م، نصفهم من المسيحيين (كرباج وفارغ: 33). وهي الحقبة التي هبطت خلالها نسبة المسيحيين إلى عموم السكان إلى درجة لم يجد المماليك معها حاجة للتفتيش عنهم لإدخالهم عنوة إلى الإسلام. كذلك فإنها الحقبة التي نشأت خلالها بداية علاقة فعلية بين الموارنة وروما، وذلك بمبادرة من بطرك الموارنة وبعد توحيد سدة البابوية وعقب انتهاء مؤتمر فلورنسا وبعد سقوط القسطنطينية في أيدي الأتراك في عام 1453. والحقبة اللاحقة حتى وقتنا الحاضر هي حقبة حضور البابوية في الأمور الدينية الخاصة بالطائفة وجهازها الديني. لكن هذا الحضور كان في نهاية المطاف ذا أهمية محدودة في ما يخصّ الخيارات السياسية التي أخذت بها هذه المجموعة البشرية.
رُبط جبل لبنان بفرنسا وسوقها كاقتصاد كولونيالي ينتج مادة أوّلية وحيدة للصناعة فيها على مدى 75 عاماً
أما الخيارات السياسية هذه، فقد حكمتها العلاقة مع فرنسا منذ القرن التاسع عشر، ودور الإرساليات الأجنبية، ودور المثقفين الموارنة في ابتداع هوية بمواصفات خاصة لأبناء طائفتهم. كرّت منذ القرن التاسع عشر سبحة الكتّاب والمؤرخين الذين جعلوا همّهم ربط الموارنة بفرwنسا، حتى لجهة النسب. بلغت الرغبة في التماثل مع الغرب عند البعض آنذاك درجة اختراع هوية مشتركة معه. واستمر مثقّفو هذه الطائفة ونخبها يسلّفون دول الغرب مواقف وانحيازاً ثابتاً إليها، على أساس أنها تمثل التقدم والحداثة، وأنه سيصيبهم شيء من هذا. وقال المطران نقولا حداد إن الموارنة كانوا على الدوام موالين لفرنسا وللصليبيين، وإنهم في الشرق على جبهة المواجهة مع البربرية، وإن فرنسا هي «الوطن الثاني للموارنة». وعند أسامة مقدسي أن مراد قدم الموارنة لا كموالين لفرنسا فحسب، بل كشعب فرنسي يعيش في منطقة أعطاها صفة الملجأ الجبلي (مقدسي: 83).
ووفّر بولس نجيم للمفاوض البطرك الحويك التسويغ النظري الذي اعتمد للمطالبة بإنشاء لبنان الكبير. ومن جملة ما قاله إن «الشبان اللبنانيين يريدون أن يكونوا، بل هم على الدوام، «فرنسيّو المشرق»، وإن على فرنسا أن تدعمهم..» (كونراد: 580). ويذكر المؤرخ ديب أن فيليب حتّي، نقل ما كان قد جاء في كتاب البطرك الدويهي دون تمحيص. ويذكر أيضاً أن فؤاد افرام البستاني ربط الموارنة بمار مارون الناسك دون الذهاب إلى أبعد. ويستعيد كرباج وفارغ القصة نفسها التي رواها الدويهي بشأن المردة، نقلاً عن عزيز عطية، الذي نقلها بدوره عن الدويهي (كرباج وفارغ: 33ـــــ34). هكذا إذاً، صمت مؤرّخان كفيليب حتي وفؤاد افرام البستاني في شأن كون يوحنا مارون من قرية غير موجودة تقع بين أنطاكيا والسويدية، وكونه فرنسياً وابن أخت ملك فرنسا، ولم يقولا شيئاً في دحض هذا الهراء.
ترافق ذلك الجهد المستمر في نسبة الموارنة إلى فرنسا والغرب، ومحاولة فصلهم شعورياً عن محيطهم وأبناء قومهم، مع عمل البعثات التبشيرية الغربية. يسرد مقدسي تجربة بعض الرهبان اليسوعيين خلال الحقبة التي سبقت وأعقبت المذابح الطائفية عام 1860، من خلال مذكراتهم. وقد شاء هؤلاء إحياء المسيحية في الشرق، ورأوا أن تحقّق ذلك يكون بتنقية ممارسات الرعايا المسيحيين، ما يمثّل مشتركاً بينهم وبين المسلمين. ويعطي أمثلة عن معاهدهم حيث الاحتفال بفرنسا وتعويد الطلاب التوجّس من المحيط الإسلامي كانا يؤلّفان جزءاً من تكوين هؤلاء. وهو ما كان الأمر عليه في مدرسة غزير ( مقدسي: 91ـــــ94).
لكن الأمر المؤكد هو أن موارنة الأرياف بقوا في منأى عن هذه التأثيرات، وبقيت الكوفية العلامة الفارقة في مظهرهم الخارجي. أما الذاكرة الشعبية لأبناء الأرياف هؤلاء فلا تخلو من إشارات إلى ما كانوا يصادفونه أحياناً من تمييز وامتهان يطالهم في المدن الكبرى للامبراطورية.
أما تجربة الموارنة في لبنان منذ ذلك التاريخ، فيمكن اعتبارها سلسلة متلاحقة من التجارب الفاشلة التي تعرضت لها مجموعة بشرية نمت ديموغرافياً أكثر من غيرها خلال العهد العثماني. وقد جاءت الخيارات الاقتصادية الليبرالية التي اعتمدت في شأنها، لتنقلها من فشل إلى آخر على مدى القرن العشرين، حتى كادت أن تقضي عليها ديموغرافياً. وصادر أبناء عائلات المقاطعجية الإدارة العامة ومواقعها الأساسية. وكان بديهياً ألا يشجع هؤلاء الحراك الاجتماعي الذي يسهّل منافستهم على مواقعهم. ورُبط جبل لبنان بفرنسا وسوقها كاقتصاد كولونيالي ينتج مادة أوّلية وحيدة للصناعة فيها، على مدى 75 عاماً. وبلغت الهجرة في نهاية تلك الحقبة أحجاماً كارثية بسبب اعتماد ذلك الخيار الفاشل. وكانت حقبة الانتداب وخياراتها الاقتصادية واستمرار تلك الخيارات بعد الاستقلال سبب دمار الريف الذي يمثّل الموارنة مكوّناً أساسياً من مكوّناته. ونجم عن ذلك هجرة كثيفة لهؤلاء إلى الخارج وإلى غير رجعة (داغر).
وبعد التجربة الفاشلة لحقبة 1943ـــــ1975، جاءت تجربة الحرب الأهلية لتفرز مجدداً أبناء هذه الطائفة عن محيطهم. وجرى العمل لكي تكون هويتهم قاعدة عداء مع هذا المحيط. وجرت استعادة الممارسات ذاتها التي اختُبرت في تجربة الحرب الاهلية عام 1860. واستخدم الإجرام الطائفي على نطاق واسع لتحقيق هذا الفرز.
ويُصعق القارئ من رداءة عيّنة ممّا صدر خلال حقبة ما بعد الحرب اللبنانية في تاريخ الموارنة وعلاقتهم بمحيطهم. لا تضيف النصوص الصادرة معلومة واحدة جديدة عن هذا التاريخ. وفي كتاب جماعي من إصدار الأباتي بولس نعمان في سلسلة «الكنيسة في الشرق» عام 1997، يجد القارئ في كل جملة يوردها الكاتب مغالطة. ويسود كلام من نوع أن الآخر هو دائماً المسؤول عن سوء المصير. وعند الأباتي نعمان أنه «عندما رفض الإسلام إعطاء المسيحيين مكانهم، قضى على نفسه بالعقم والذبول» (نعمان: 21). ويثبت الخطاب المبثوث ما يعيبه كمال الصليبي على بعض نخب هذه الطائفة من أنهم «يركّزون في خطابهم على السلبيات، جاعلين من أنفسهم مشكلة مستعصية يملّها البعيد والقريب...» (نعمان: 42). وفي كتاب لحد خاطر عن علاقة المسيحيين بالفاتيكان، الذي عدّه صاحبه مرجع المراجع، لا يجد القارئ شيئاً يعتدّ به. وتخلو كتب صادرة عديدة من الحدّ الأدنى من الجديّة الذي يجعلها صالحة كمراجع.
يتيح كتاب فرج الله صالح ديب تأكيد الأطروحات التي ذهب إليها كمال الصليبي في كتابات سابقة، وأوّلها وأهمها تأكيد الأصول العربية للموارنة بما لا يقبل الشك. ويقدم الاثنان حججاً دامغة في أصول الموارنة. وقد «عملا على الأرض»، أي تأكدا من هذه الأصول بإقامة الرابط بين الأمكنة وأسمائها والعشائر وأسمائها في بلدَي الأصل والاستيطان. ويورد المؤرخ ديب أسماء العديد من العائلات في اليمن، هي نفسها أسماء عائلات موجودة في بلاد الشام ولبنان على وجه الخصوص. ويمتلئ كتاب الصليبي «بيت بمنازل كثيرة» بإشارات وحجج وقرائن تثبت عروبة الموارنة، ليس أقلّها أن هؤلاء لم يكتبوا مرة بغير العربية. وحين كانوا ينسخون الكتب الدينية عن السريانية، كانوا يعقّبون عليها ويضيفون هوامش بالعربية. والكتاب المذكور هو كتاب تاريخ الموارنة الذي لم يكتب أحد من أبناء هذه الطائفة مثله.
وأكثر الحقب إشراقاً في تاريخ الموارنة هي حين كانوا ينتمون إلى قضايا العرب بدون تحفّظ بوصفها قضاياهم، ويستخدمون إمكانياتهم في هذه الوجهة. وليس في التعرّف إلى الحقيقة ما قد يجعلهم أقل انفتاحاً، أو ما قد يجعلهم أقل تطلّباً تجاه أنفسهم لجهة طلب العلم والنهل من الثقافة الغربية.
ألبير داغر
* أستاذ جامعي
المراجع
كمال الصليبي، بيت بمنازل كثيرة: الكيان اللبناني بين التصور والواقع، مؤسسة نوفل، 1990.
فرج الله صالح ديب، المسيحية والمسيحيون وأصول الموارنة، مؤسسة نوفل، 1995.
Hélène Carrère d'Encausse‚ Le Malheur russe: essai sur le meurtre politique‚ coédition Fayard-FMA‚ 1988.
Youssef Courbage‚ Philippe Fargues‚ Chrétiens et Juifs dans l’Islam arabe et turc‚ Payot‚ deuxième édition‚ 1997.
Ussama Makdisi‚ The culture of sectarianism: community‚ history‚ and violence in nineteenth-century Ottoman Lebanon‚ Berkeley‚ CA : University of California Press‚ 2000.
Buheiry Marwan‚ “ Bulus Nujaym and the Grand Liban Ideal, 1908-1919”‚ in Lawrance Conrad (ed.)‚ The Formation and Perception of the Modern Arab World: Studies by Marwan Buheiry‚ Princeton‚ N.J.‚ Darwin Press‚ 1989‚ pp. 575-594.
ألبر داغر، «التجربة الاقتصادية الليبرالية في لبنان»، الأخبار، 18 و19 كانون الثاني، 2010.
الأباتي بولس نعمان، المسيحيون في لبنان: رؤى مستقبلية، دير سيدة النصر، غوسطا، 1997.
لحد خاطر، لبنان والفاتيكان: العلاقات المتبادلة بينهما من صدر النصرانية حتى الآن، دار لحد خاطر، 1989.
تعليقات: