واحدة من كل عشر وفيات يعود سببها إلى الإصابة بالمرض..
جدة:
تتوالى الدراسات التي تظهر أن منطقة الخليج العربي هي من أكثر مناطق العالم إصابة بداء السكري، كما أنها تعطي دليلا لا مثيل له على أن خفض الغلوكوز بالدم يقلل مخاطر المضاعفات على القلب والجهاز الدوري.
تشير إحدى الدراسات الإقليمية إلى ارتفاع معدل انتشار السكري في كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وعُمان والمملكة العربية السعودية ومصر، وقد صنفت هذه الدول من بين أعلى 10 دول في العالم إصابة بداء السكري.
وقد أكد الدكتور عبد الرحمن المغامسي، استشاري الغدد الصماء ورئيس قسم الباطنية بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، في ندوة السكري التي عقدت أخيرا بمدينة أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة برعاية شركة «سانوفى افنتيس»، على ضرورة تنظيم برامج تسهم في نشر الوعي حول مرض السكري والحد من انتشاره مثل مبادرة تطوير إجراءات العناية بمرضى السكري.
وأشار إلى نتائج دراسة ميدانية أجريت بالمملكة في عام 2004 أظهرت أن مرض السكري بات حاليا يصيب واحدا من بين كل خمسة مواطنين سعوديين. وأكد على أن هذا الوضع بحاجة لمزيد من الدراسات والمشاركات والمبادرات ومراجعة الاستراتيجيات الحالية ودراسة السبل المثلى التي تتيح للدول تطبيق حملات أكثر فاعلية لنشر الوعي وبذل جهود أكبر للوصول إلى نتائج أفضل.
وأكدت الندوة في نهاية جلساتها العلمية على دور الإعلام وأنه من أكثر الوسائل تأثيرا في حياة المجتمع وله دور حيوي في نشر الوعي العام حول المعلومات الصحية.
* مضاعفات السكري
* وعند الحديث عن داء السكري يجب التركيز على مضاعفات المرض الخطيرة التي تطال جميع أجهزة الجسم وتؤثر تأثيرا بالغا على نوعية الحياة التي يعيشها مريض السكري.
إن المضاعفات التي تصيب الأوعية الدموية الصغيرة هي من أخطر مضاعفات داء السكري وإن الأعضاء الأساسية التي تصاب بهذا الداء مثل العين والكلى والأعصاب (اعتلال الشبكية السكري - الاعتلال الكلوي السكري - الاعتلال العصبي السكري) يرجع تأثيرها إلى تدمير المرض للأوعية الدقيقة بها.
أما المضاعفات الأخرى التي يسببها داء السكري فهي التي تصيب الأوعية الدموية الأكبر وتتضمن مرض القلب التاجي والمرض المخي الوعائي والمرض الوعائي المحيطي، مما يؤدي إلى تزايد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. إن الإصابة المتزامنة بالمرض الوعائي المحيطي وبالاعتلال العصبي السكري يمكن أن تسبب كذلك «القدم السكرية» وهي من المضاعفات الأخرى التي يمكن أن تكون خطيرة.
يبقى معدل الوفيات، الناتجة عن المضاعفات، مرتفعا بصورة غير مقبولة، إذ إن واحدة من أصل عشر وفيات يعود سببها إلى داء السكري، ويعود ثلثا الوفيات إلى مرض القلب والسكتة الدماغية. وفي البلدان المتقدمة يشكل داء السكري السبب الأول للعمى وبتر الساق بعد القدم السكرية.
* العلاج
* وتفاديا للمضاعفات وتأخيرها تجب المعالجة المبنية على البراهين السريرية المخبرية، فإذا تم تشخيص المصاب بداء السكري وكان من النوع الأول فتجب المعالجة بحفن الأنسولين إضافة إلى النصح الطبي وحسب ما يراه الطبيب المعالج أخذا بعين الاعتبار العمر وكتلة الجسم.
وإذا كان تشخيص المصاب بالنوع الثاني فعادة يضع الطبيب المعالج خطة علاجية، من أهم بنودها:
- اتباع نظام غذائي معتمدا على العمر وكتلة الجسم ونوع العمل.
- اتباع أنشطة وتمرينات رياضية للمساعدة في حرق السعرات.
- وصف أدوية فموية للسيطرة على غلوكوز الدم (منها محفز إفراز الأنسولين لمن لديهم نقص في إفراز الأنسولين، ومنها محسن لحساسية الخلايا لاستقبال الأنسولين لمن لديهم أجسام مقاومة للأنسولين، ويستحسن الأطباء تجنب البدناء للأنسولين ومعالجتهم بالأدوية الفموية، غير أن بعض المرضى لديهم احتياج للنوعين من الدواء، كما أن البعض الآخر يجب معالجتهم بإضافة جرعات من الأنسولين).
* الأنسولين
* هناك أنواع متعددة من الأنسولين المصنع، فمنه سريع المفعول، ومنه متوسط المفعول، ومنه بطيء المفعول. وقد تم استحداث نوع شبيه بالأنسولين البشري لا يحدث انخفاضا مفاجئا للغلوكوز في الدم.
وقد بينت الدراسات أن 14% من البالغين المصابين بالنوع الثاني من السكري يعالجون بالأنسولين، 13% يعالجون بالحبوب والأنسولين، 57% يعالجون بالحبوب، 16% لا يحتاجون إلى أدوية.
كما أن الكثير من المصابين يحتاج إلى أدوية الكولسترول وضغط الدم.
تهدف علاجات السكري إلى تخفيض الغلوكوز في الدم بغية تأخير ظهور المضاعفات فيعطى الأنسولين كبديل (بالنسبة لمرضي النوع الأول) أو كمكمل (بالنسبة لمرضي النوع الثاني) لإفراز الأنسولين الطبيعي.
تشبه الأنسولينات الجديدة إلى حد كبير الأنسولين البشري حيث تتمكن من التأثير على الغلوكوز في أوقات مختلفة من اليوم، وهي:
* الأنسولينات طويلة المفعول التي تنظم معدل الغلوكوز في الدم على مدار اليوم.
* الأنسولينات السريعة المفعول وهي التي تعطى لتنظيم معدل السكر بعد الوجبات مباشرة.
* الأنسولين طويل المفعول
* هو الأنسولين الخارجي الذي يغطي احتياجات مريض السكري والذي يحل بديلا عن الإفراز البطيء للأنسولين من بنكرياس الشخص الطبيعي، كما أنه يساعد المرضى على بلوغ معدل الغلوكوز الوسطي في الدم (HbA1c) المنشود، تيسيرا لحياة المرضى مثل أنسولين لانتوس (أنسولين جلارجاين) وهو الأنسولين طويل المفعول الوحيد الذي يعطى مرة واحدة يوميا والذي تغطي فعاليته 24 ساعة مما يسمح بحقنه مرة واحدة يوميا. وقد حظي بالإشادة من قبل الأطباء والمستخدمين على حد سواء باعتباره إنجازا كبيرا، حيث لا يحدث معه انحرافات في مستوى الغلوكوز بالدم.
* الأنسولين سريع المفعول
* مثل «أبيدرا» (أنسولين جلوليسين) الذي يعد بمثابة نظير الأنسولين ذي الفعالية السريعة والذي يستخدم مع «لانتوس» حيث يقدمان معا جرعة علاجية مكثفة عظيمة الفائدة تحقيقا للهدف العلاجي المنشود.
* مراحل مهمة يجتازها البالغون والأطفال المصابون به
* جوانب نفسية في حياة مريض السكري في بحث قامت به أخيرا، أشارت الاختصاصية النفسانية خذيري أميرة من الجزائر، إلى أن أي إنسان يعاني من مرض مزمن يمر بخمس مراحل وعليه أن يجتازها ليحافظ على ذاته، وهي:
* الإنكار: أي رفض التشخيص وحتى أحيانا الاعتراف بالمرض.
* الثورة: حيث يأخذ في يرفض العلاج ولا يتقبل المرض ويطرح على نفسه سؤالا، لماذا أنا بالذات الذي أصاب بهذا المرض؟
* تقبل المرض: نجد المريض في مرحلة من المراحل يبحث عن ماهية المرض ويجمع المعلومات من أناس مصابين بنفس المرض أو معلومات من الطبيب أو الفريق المعالج.
* الإحباط: يصاب بالإحباط نتيجة علمه أن مرضه مزمن وأن عليه أن يعيش حياة جديدة غير حياته السابقة.
* القبول: يتقبل المرض ويتعايش معه ومع نمط حياته الجديد.
* شخصية مريض السكري
* عادة ما يتصف هؤلاء الأشخاص بشكل عام بصفات يمكننا معها القول إن مريض السكري هو شخص يعاني من التعب والإجهاد النفسي المزمنين، يعاني الحرمان لفترات طويلة، يتصف باليأس والاستسلام بسرعة، يعيش حالة أحاسيس شديدة الكآبة، وقد يخفق في حل مشكلاته نتيجة صراعاته.
ووجد في نتائج البحث أن النساء المصابات بالسكري يشتكين عادة من القصور العاطفي والاقتصادي في أزواجهن وغالبا ما يهددن بالطلاق لكن سرعان ما يخضعن للأمر الواقع.
أما الرجال فيتميزون بالخضوع لزوجاتهم مع أنهم يملكون حب التذمر والشكوى وإثارة الخلافات إلا أنهم يفضلون موقف الخاضع الذي يبعدهم عن الالتزام وأخذ زمام المبادرة.
* الدعم النفسي للمريض
* المصارحة بإقناع المريض أن الخلل الداخلي في تنظيم مستوى السكر لن يزول وإنما هو فقط قابل للعلاج والإصلاح إلى الحالة الطبيعية، وأن حياة المريض اليومية لن تكون كغيره من الأصحاء.
* ضرورة التعايش مع حياته الجديدة وتقبلها.
* إعادة التقويم النرجسي من خلال إعادة بناء صورة الذات.
* تقليل القلق والحد من الضغوط النفسية عن طريق وسائل الاسترخاء وتمرينات التنفس والتي لها تأثير كبير على النفس.
* التثقيف الصحي للمريض للعناية بنفسه حيث يتعلم المريض كيفية المحافظة على نسبة السكر في الدم من خلال التعاون مع فريق طبي مختص، كذلك التعامل مع مشكلاته والتوصل إلى حلول.
* إفهام المصاب بأن نسبة الأبناء المحتمل وراثتهم للمرض هي نسبة مدروسة علميا، وأن عليهم اتخاذ وسائل الوقاية.
* الأطفال المصابون بالسكري
* المطلوب من الوالدين التوازن في التعامل ومراعاة الجوانب النفسية والعضوية للطفل.
* إشعار الطفل بالمسؤولية تجاه مرضه كأن يطلب منه حقن نفسه بالأنسولين أو تحضير الجرعة أو قياس نسبة السكر حتى يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه والمتمثلة في اهتمامه بمرضه.
* إشعار الطفل بالاستقلالية بأن لا يقوم الوالدان أو أحدهما بعمل جميع المهام للطفل أو إشعاره بأنه مريض غير قادر.
* قد يكون من المناسب أيضا ترك الطفل يتلقى الأوامر من الطبيب مباشرة.
* تذكير المريض بأن الإخلال بالتعليمات الطبية يعني ظهور المرض بصورته الحادة، وأن نجاح العلاج يتوقف على التزامه، وشخصيته، وردود الفعل النفسية المحتملة منه.
وأخيرا فإن العلاج النفسي التدعيمي مهم جدا لضمان تعاون المريض مع الفريق المعالج والالتزام بنصائحه، كما أن العلاج المشترك بين الطبيب النفسي والطبيب المختص وطبيب الأسرة والمجتمع على درجة كبيرة من الأهمية.
تعليقات: