مزرعاني: هناك رفض لمحاولات التعيين القائم على المزاج والاستنسابية..
كان لافتاً ما يصح تسميته بـ?<الانتفاضة الصامتة> التي ظهرت في بعض قرى الجنوب، في مواجهة الائتلاف الانتخابي بين حركة أمل وحزب الله، من خلال رفض الأهالي في هذه القرى للوائح التي <اسقطت> عليهم من جانب هذا الفريق، والتي اعتبروها انها تشكّل تحدياً لارادتهم وبمثابة فرض امر واقع يخالف توجهات الكثير من أبناء هذه القرى الذين لا يمكن ان يقبلوا بأن يخضعوا لإملاءات الآخرين، في استحقاق ديمقراطي يجب أن تعبّر النّاس خلاله عن ارائها بكل حرية من دون ضغوطات من جانب اي فريق·
وقد توقف المراقبون باهتمام امام خروج عدد كبير من أهالي قرى جنوبية محسوبة على حركة أمل وحزب الله على التوافق الذي سبق وأعلن بين هذين الفريقين، والمبادرة في المقابل إلى تشكيل لوائح منافسة، أو الترشح انفرادياً، كتعبير عن بعض خيارات النّاس التي تريد ان تقول رأيها بكامل حريتها، والا يصادر قرارها عبر تحالف مفروض فرضاً على الأهالي بحكم هذا الأمر الواقع الذي يعمل على تغييب إرادة المواطنين الذين لا يماشون هذا الفريق في توجهاته السياسية والمناطقية·
وكذلك الأمر، فان حالة الاحتجاج لم تقتصر فقط على أبناء هذه القرى الذين رفضوا مصادرة صوتهم، بل تعدته أيضاً إلى القوى السياسية الموجودة في هذه المنطقة، والتي رأت نفسها مبعدة عن التحالفات الانتخابية التي أقامها حزب الله وأمل، ما اعتبرته امعاناً من جانب هذا الفريق السياسي في تجاهل وجودها في الجنوب، لا سيما وانها ليست المرّة الأوّلى التي يتم التعامل معها على هذا الاساس في الاستحقاقات النيابية والبلدية والاختيارية، وهو الأمر الذي خلف حالة استياء عارمة لدى العديد من قيادات الأحزاب اليسارية في الجنوب، ولدى الشخصيات المستقلة التي استبعدت عن عضوية اللوائح التوافقية التي جرى تأليفها·
ولم يكن مستغرباً والحال هذه الإعلان عن العديد من اللوائح المنافسة للوائح حزب الله وأمل في بلدات تعتبر من المعاقل الأساسية للفريق الشيعي هذا، والتي تحظى بتأييد واسع من قبل أهالي هذه البلدات، على غرار ما حصل في بلدة اللبوة البقاعية وغيرها من البلدات البقاعية التي فازت فيها اللائحة المدعومة من الفريق المنافس للائحة الحزب والحركة، ما شكل مفاجأة، لم تكن متوقعة ابداً، تركت الكثير من التساؤلات وفرضت امراً واقعاً جديداً يعكس التغيير اللافت لدى الناخبين الذين كانوا محسوبين على هذا الفريق·
ويرى عضو قيادة الحزب الشيوعي اللبناني سعد الله مزرعاني أن التحالفات الانتخابية التي أعلنت بين أمل وحزب الله لم تمنع من إمكانية التعاون مع الأطراف السياسية، سواء كانت ممثلة بالعائلات أو المجتمع المدني، أو غيرها من القوى الموجودة على الأرض، فلا مشكلة في ذلك، وقد أنتج هذا التعاون تشكيل بعض اللوائح، بما في ذلك المناطق المحسوبة على امل وحزب الله، وهذا ما حصل في بلدة الخيام، حيث تمّ الإعلان عن لائحة توافقية تضم الحزب الشيوعي مع بعض المستقلين، وهذا ما حصل في بلدة الطيبة، وفي بلدات اخرى·
ومن حيث المبدأ يمكن القول انه ليس هناك رفض للتعاون، كما وانه ليس هناك تحالف، بل إن هناك احتمالات تعاون حيثما تنشأ، وإذا تعذر ذلك، فالامور ستتجه بشكل طبيعي نحو التنافس الديمقراطي·
ويعزو مزرعاني حالات التمرد التي حصلت في بعض القرى والبلدات على تحالف أمل وحزب الله، الى ان هناك عدم رضى من جانب بعض القوى المحلية على تجربة المجالس البلدية في هذه القرى والبلدات خلال السنوات الست الماضية، والتي لم تؤد دورها كما ينبغي، ما آثار انتفاضة - إذا صح التعبير - في وجه محاولات الثنائي الشيعي تزكية أسماء محددة، بما يشبه التعيين القائم على نوع من المزاج أو الاستنساب غير المستند إلى تجربة عمل البلديات، في تقويم أداء الأعضاء خلال توليهم لمسؤولياتهم·
وهذا النوع من التقاسم سيواجه بالتأكيد معارضة الآخرين الذين يأخذون على القوى السياسية الفاعلة على الأرض عدم قيامها بالمطلوب في اجراء عملية تقويم للمجالس البلدية، الأمر الذي تسبب ويتسبب بالكثير من المشكلات، وهذا ما حصل من خلال اقدام بعض التيارات السياسية على فصل عدد من قياداتها وعناصرها، ويبدو ان هذه الظاهرة موجودة بقوة في الجنوب وفي أكثر من منطقة، وتعود حتماً إلى موقف اعتراضي على طريقة تشكيل اللوائح الانتخابية البلدية والاختيارية·
تعليقات: