تناول المأكولات «المنشطة للطاقة» لإبعاد النعاس نهارا يساهم في زيادة الوزن
قلة النوم سبب في السمنة، والنوم الليلي لساعات كافية وسيلة لتجنب زيادة عدد كيلوغرامات وزن الجسم. هذه إحدى الحقائق الطبية اليوم.
وما يختلط فهمه على البعض هو الفرق بين الخمول من جهة والنوم من جهة أخرى. ذلك أن البعض يعتقد أن الخمول والنوم سواء، وهما ليسا كذلك إطلاقا. ولذا لا يتوقع البعض أن يكون أخذ قسط كاف وواف من النوم الليلي وسيلة متطابقة في الفائدة مع ممارسة الرياضة البدنية خلال ساعات النهار. ولكن الحقيقة هما سواء في التأثير الإيجابي على مقدار وزن الجسم وحفظه ضمن المعدلات الطبيعية.
الإشكالية تبدأ من الشعور بالنعاس خلال ساعات النهار نتيجة للحرمان من نوم ساعات كافية خلال الليل. ولطرد النعاس يلجأ الكثيرون لتناول أقداح عدة من القهوة أو الشاي أو تناول قطع من الشوكولاته أو «الدونات» أو البسكويت أو غيرها من «المنشطات الغذائية» التي تمد الجسم بشكل سريع بـ«الطاقة» و«النشاط».
وتعلق على هذا الدكتورة سوزان زافارلوتفي، المديرة الطبية لمعهد اضطرابات النوم والاستيقاظ بالمركز الطبي لجامعة هاكنساك في نيوجيرسي بولاية نيويورك الأميركية، قائلة: «حينما تحرم نفسك من النوم الكافي، ينقص لديك مخزون الطاقة، أوتوماتيكيا تلجأ إلى تناول شرائح (شيبس) البطاطا أو أي مأكولات سهلة التناول. والنتيجة الفورية ستكون مقاومة ناجحة للنعاس والخمول. ولكن النتيجة الحتمية لاحقا إضافة بضعة كيلوغرامات لوزن الجسم نظرا لاختيار تناول أنواع سيئة من الأطعمة مع عدم ممارسة الرياضة البدنية».
وتضيف موضحة أن «دين» النوم مثل «دين» بطاقة الائتمان. وكلما تراكمت «ديون» بطاقتك الائتمانية، ارتفع مقدار «الفائدة» التي يتعين عليك سدادها لاحقا. وستصل لمرحلة يتوجب عليك دفع كامل المستحقات المالية المتراكمة على البطاقة وإلا سيتم إلغاؤها. وكذلك فإن الجسم «سينهار» بنفس الطريقة. ويقول الدكتور مارك ماهوالد، مدير مركز مينيسوتا لاضطرابات النوم، إن قلة النوم أمر شائع، والبعض يتفاخر به، ولكننا سندفع ثمن سهر الليل والاستيقاظ في وقت مبكر.
وأحدنا يحتاج إلى نحو سبع ساعات من النوم الليلي، فهل نوم ساعة إضافية يحمينا من زيادة الوزن أو يُقلل منه؟. الجواب لا بالطبع. هذا ما يقوله الدكتور مايكل بريوز، مؤلف كتاب «جمال النوم» والمدير الطبي لقسم النوم في مؤسسة أروهيد الصحية في أريزونا. ويضيف: «ولكن لو كنت من الذين ينامون فقط خمس ساعات بالليل، أي أقل من المطلوب، ثم بدأت تنام سبع ساعات، فإنك ستبدأ بملاحظة النقص في وزنك».
والأمر ليس فقط ناتجا عن تدني مستوى نشاط عمليات الأيض (التمثيل الغذائي) الكيميائية الحيوية داخل الجسم عند قلة النوم، بل يذكر الدكتور بريوز نقطة أخرى مهمة في تفسير هذه العلاقة، وهي أن زيادة الوزن هذه لها علاقة مباشرة بما يُعرف بالهرمونات الليلية. وهناك هرمونان يشكلان المفتاحين في علاقة النوم بالشهية والوزن، هما هرمون «غريلين» ghrelin، وهرمون «ليبتين» leptin. وهرمون «غريلين» هو الهرمون الذي يدفعك للأكل. وحينما تحرم جسمك من النوم الكافي بالليل ترتفع نسبة هذا الهرمون. وهرمون «ليبتين» هو الهرمون الذي يمنعك من التمادي أو الرغبة في الأكل. وتنخفض نسبته عند قلة النوم بالليل. وبالنتيجة فإن تدني هرمون «ليبتين» وزيادة هرمون «غريلين» تعني زيادة وزن الجسم.
النوم لساعات كافية، وفي فترة الليل بالذات، ليس مجرد بحث عن راحة واسترخاء للجسم، بل إنه اليوم من وجهة النظر الطبية المبنية على الدليل والبرهان، هو ضرورة للوقاية من الأمراض المزمنة. وكانت مجلة «صحتك» في الشرق الأوسط قد عرضت الدراسات التي تحدثت عن نتائج قلة النوم في الليل بارتفاع الإصابات بالسمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وهذه «الأمراض» الثلاثة من أهم عوامل خطورة ارتفاع الإصابات بأمراض شرايين القلب وشرايين الدماغ، بكل ما لهما من مضاعفات وتداعيات صحية. ولذا فإن «النوم بالليل لفترة كافية» وسيلة للوقاية من الأمراض أسوة بممارسة الرياضة وتناول الأطعمة الصحية وغيرها من سلوكيات نمط الحياة الصحي.
* استشاري باطنية وقلب - مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
تعليقات: