يتخوف الجنوبيون من تزامن متكرر لمآسيهم مع فوز أيطاليا بالمونديال
أول من أمس «ولّعت» بلدة شمع خلال المباراة التي جمعت منتخبي إيطاليا والباراغواي. أما قرى الحدود، فلم تحظ بمثل تلك الحماسة لعدم توافر قنوات ناقلة للمباريات في منطقتهم، ما اضطرّهم إلى متابعتها بالعبرية على قناة إسرائيلية
مونديال استثنائي في القرى الجنوبية الحدودية. لا يشبه في شيء ما يجري في القرى البعيدة عن الحدود مع العدو. فمجرد القرب مع العدو الإسرائيلي يخلق الفارق. هنا، يصبح من الصعب التقاط المباريات على غير.. قنوات العدو. فإذا كان اللبنانيون في مناطق العاصمة يتابعون أحداث المونديال على القنوات الفضائية بفضل قراصنة الكابلات، إلا أنه على الحدود، لا وجود لهذا النوع من «الخدمات»، ما يضطر الجنوبي إلى متابعة المباريات على القناة الإسرائيلية الثانية، عبر استخدام الصحون اللاقطة نظراً الى قوة بثها هناك ومجانيتها. هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامهم إذاً لعدم وجود خدمة توزيع الاشتراكات الخاصة بالفضائيات، ما يعني «لا جزيرة رياضية»، لكونها الناقل الرئيسي للمونديال. ويستثنى من المعادلة بعض القرى الحدودية التي تؤمن اشتراكاتها بشكلٍ شبه مجاني. وبغير تلك الطريقة، سيضطر الراغب في متابعة المباريات على القناة الفضائية إلى دفع مبالغ مالية كبيرة. موسى عليق، من بلدة الصوانة في مرجعيون قرّر دفع 150 دولاراً أميركياً للحصول على خدمة بث الإذاعات الفضائية المشفّرة، من بينها قناة الجزيرة الرياضية. سوسن، من بلدة طلّوسة، لا تستطيع دفع مبلغ كهذا لمشاهدة المونديال، ولذلك تضطر إلى متابعتها على القناة الإسرائيلية. وتقول سوسن «بما أنه ليس هناك مكان عام أو مطاعم هنا لمشاهدة المونديال عبر الشاشات الكبيرة، ولأن الحضور يتطلب دفع المال، نضطر إلى الاستعانة بالقناة الإسرائيلية الثانية». وفي أحسن الأحوال «قد نجتمع في أحد منازل المشتركين القليلين في البلدة لمشاهدة المباريات»، تتابع سوسن. ويذهب وسام إبراهيم من عيناتا، أحد موزّعي اشتراكات القنوات الفضائية المشفرة في بنت جبيل، إلى القول إن «معظم البلدات الحدودية لا تتوافر فيها هذه الخدمة، وأي شخص يريد الاشتراك بخدمة القنوات المشفرة سيضطر إلى شراء الأجهزة الخاصة التي تزيد كلفتها على 150 دولاراً أميركياً، لذلك لا بديل من مشاهدة المباريات على الشاشة الإسرائيلية أو الذهاب إلى المقاهي».
لكن، حتى في المقاهي لا شيء من دون ثمن. فهناك، حيث تعرض المباريات على شاشاتٍ كبيرة، يكون الحضور مشروطاً بشراء بعض المأكولات والمشروبات. كما هي الحال في بلدات بنت جبيل وشقرا.
أما في صور، فقد كانت سهرة المونديال أول من أمس «ولعانة» في مقر الكتيبة الإيطالية في بلدة شمع، حيث كان الكل يتابع المباراة بين المنتخبين الإيطالي والبراغواياني. هذا العدد الهائل من المتابعين لم يدهش الجنود الإيطاليين المتمركزين في نقطة مراقبة ثابتة عند مدخل منطقة جنوبي الليطاني في وادي قعقعية الجسر، وهم يرصدون السيارات التي تمر أمامهم حاملة علم بلادهم أو حتى المارّة المرتدين بزات عليها شعار المنتخب الإيطالي باللون الأزرق أو تلك التي كتب عليها أسماء اللاعبين. من يقصد مقر الكتيبة الإيطالية في شمع قبيل خوض المنتخب الإيطالي لأولى مبارياته في دورة المونديال الحالية، يسترعي انتباهه عشرات المواكب السيارة التي تجوب شوارع مدينة صور وبلداتها، وصولاً إلى مخيم البص، مطلقة العنان لصفاراتها المشجعة وحاملة الأعلام الايطالية. أما على الطرقات، فقد شكل الجنوبيون عشرات المجموعات التي تحلقت أمام أحد المنازل أو المقاهي في بلدات المنصوري والبياضة وشمع، أمام شاشات عملاقة خصصت لمشاهدة المباراة.
لكن اللافت أن هذه الأجواء تختلف لحظة الدخول إلى المقر الإيطالي. هنا، يقلّ عدد المشجعين، والسبب يعود الى أن بعض العشرات من العسكريين الإيطاليين حرموا من متابعة المباراة بسبب ارتباطهم بأعمال «حفظ السلام»، كالحراسة أو دوريات اعتيادية بين البلدات الجنوبية. حماسة المشجعين «الأصليين» في المقر أقل حدة، بالمقارنة مع جيرانهم، بل إن الهدوء يكاد يسود في أغلب وقت المباراة. حتى أن الأعلام الضخمة المرفوعة حديثاً على «شرف» المونديال تعدّ أقل من تلك المرفوعة فوق أي سطح أو سيارة لبنانية، علماً بأن القاعدة الضخمة تحتوي على أقسام مدنية وخدماتية وعسكرية متنوعة، لكنها لا تضم ملعباً مخصصاً للعبة كرة القدم التي تندرج في إطار الأنشطة الرياضية والتمارين التي يقوم بها الجنود. ثلاث مباريات في الدوري، الأولى للمنتخب الإيطالي، واحدة منها ستجمعه مع سلوفاكيا، وهي الدولة الأخرى المشاركة في إطار قوات اليونيفيل. هنا، ستلعب سلوفاكيا في وجه إيطاليا، مخالفة بذلك عملها في لبنان، وهي الدولة التي تعمل تحت إمرة الإيطاليين ضمن القطاع الغربي في جنوبي الليطاني.
رغم كل هذا الفرح بالمنتخب الإيطالي في الجنوب، إلا أن هناك خشية لدى اللبنانيين من فوز المنتخب الإيطالي بكأس العالم لهذا العام، وخصوصاً أنه في المرتين اللتين فازت خلالهما إيطاليا بالكأس عامي 1982 و2006 نشبت بعدهما بأيام الحرب الإسرائيلية على لبنان؟ يبتسم المسؤول الإعلامي للكتيبة في شمع الكولونيل تيرينو للسؤال، معلقاً بالقول «لا حرب في الجنوب سواء فازت إيطاليا أو لم تفز بالمونديال».
تعليقات: