تستمر القوى الأمنية، ومعها عدد من الأحزاب والفاعليات الأهلية، بالتصدي لظاهرة المخدرات. لكن الأيام الأخيرة أظهرت أساليب «غريبة» بات يعتمدها التجّار لتحصين أنفسهم
تنشط منذ مدّة في الضاحية الجنوبية الأحزاب والفاعليات الأهلية في مجال مكافحة المخدرات، وذلك بحسب ما يؤكد مسؤولون أمنيون، فضلاً عن ملاحظة أهالي المنطقة للحراك الحاصل هناك. في هذا الإطار، أكّد مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن عناصر من «تنظيم محلي» في منطقة الضاحية، كانوا يرصدون أول من أمس أشخاصاً مشتبهاً فيهم بتجارة المخدرات، كانوا على متن سيارة مستأجرة من نوع «نيسان»، بقيادة حسين ن. (32 عاماً) وبرفقته زوجته وشخص ثالث اسمه محمد ر. (18 عاماً)، فحصل تبادل إطلاق نار بين الطرفين، ما أدّى إلى إصابة محمد بطلق ناري، نقل على أثره إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة. أصيب أيضاً حسين بجرح طفيف، قبل أن يوقفه مكتب مكافحة المخدرات المركزي في قوى الأمن الداخلي، الذي كان على تنسيق مع الطرف الأول خلال عملية الرصد والتوقيف. وذكر المسؤول الأمني أنه ضُبطت كمية من المخدرات في السيارة قُدّرت بنحو 80 ظرفاً من الكوكايين ونحو نصف كيلو غرام من حشيشة الكيف.
حادثة أخرى حصلت قبل أيام في منطقة الضاحية أيضاً، وتحديداً عند أوتوستراد السيد هادي نصر الله، حيث سمع بعض السكّان صوت شخص يتشاجر مع زوجته عند مدخل أحد المباني، وهو في حالة عدم وعي نتيجة ما تعاطاه من مواد مخدّرة، بحسب ما ذكر أحد أقربائه لـ«الأخبار». أجبر علي ش. زوجته على الصعود معه إلى السيارة، وراح يهددها بأنها إن أخبرت أحداً بأمر تعاطيه للمخدرات، فإنه سيقتلها. وفيما كان يحرّك يده ويحمل مسدساً حربياً، انطلقت رصاصة واستقرت في فخذه، ما استدعى توجهه إلى مستشفى «بهمن» لتلقي العلاج. حضرت القوى الأمنية إلى المستشفى، وطلبت من أحد الأطباء الشرعيين معاينة المصاب. وبالتحقيق مع الأخير، أدلى بإفادة مغايرة لما حصل معه، وقال إن أشخاصاً حاولوا سرقة سيارته وأطلقوا عليه النار فأصابوه في فخذه. جاء تقرير الطبيب الشرعي ليؤكّد أن المصاب يتعاطى المخدرات، وأنه عند إصابته بالطلق الناري كان تحت تأثير المخدر. لكن بحسب ما يؤكد قريبه، كانت للأخير علاقة وطيدة بضباط وعناصر قوى الأمن في المنطقة، ما دفع بهم إلى الطلب من الطبيب الشرعي التعديل في تقريره، بحيث لا يذكر ثبوت تعاطي المصاب للمخدرات، كي لا يصبحوا مجبرين بحكم القانون على توقيفه. رفض الطبيب الامتثال للطلب، ما اضطرهم إلى الاستحصال على تقرير «نظيف» من مكان آخر، وخرج بذلك المصاب من المستشفى إلى منزله.
اتصلت «الأخبار» بالطبيب الشرعي وسألته عن الموضوع، فقال إن ما ذكره قريب المصاب (الذي يرغب في توقيف قريبه لمساعدته على التخلص من المواد المخدرة) «غير دقيق»، مشيراً إلى أن النيابة العامة طلبت إجراء الفحص، وقد جاءت النتيجة أن «ثمة تعاطياً لحبوب مهدئة للأعصاب». أحد المتابعين للقضية لفت إلى أن علي ش. أفاد بأن والدته تأخذ حبوباً مخدرة، ويأخذها هو بكميات كبيرة من دون علمها «لراحة أعصابه فقط».
وفي قصّة أخرى مشابهة في وقائعها لما يحصل في أفلام «مافيات» المخدرات، ذكر توفيق ح. وهو أحد سكّان الضاحية الجنوبية، أنه جرى توقيف أحد كبار تجّار المخدرات قبل مدّة، بعدما كان هذا الأخير يتخذ لنفسه منزلاً مجهزاً بأحدث وسائل المراقبة والأمن. كان يقصد مدمن المخدرات أو متعاطيها منزل هذا التاجر، فيضغط على «الإنترفون» الموضوع أسفل المبنى ويعرّف عن نفسه و«حاجته». يرى التاجر الشخص الواقف على المدخل من خلال شاشة موصولة بعدد من الكاميرات الموضوعة على مدخل المنزل، التي تطال كل الشوارع المحيطة. أيضاً، يقف حراس للمنزل في مكان عال ويوجّهون أسلحة رشاشة باتجاه المدخل، وقد يضطرون لإطلاق النار إذا تبيّن أن ثمة «طعماً» أو «كبسة» أمنية. وعندما يتبيّن أن طالب المخدرات «نظيف»، أي لا أحد وراءه، يُستعلم منه عن النوعية والكمية التي يريدها، وعن المبلغ الذي بحوزته، ثم يُرسل إليه طفل صغير يحمل المواد بيده، فيسلمه المخدرات ويتسلّم منه المال، وكل ذلك تحت عيون التاجر ومعاونيه.
يُشار إلى أن عناصر من مكتب مكافحة المخدرات في البقاع، أجروا أول من أمس كشفاً على الحقول المحتمل زراعتها بنبتة حشيشة الكيف، فاكتشف عدد منها، لتصبح المساحة المكتشفة منذ بداية العام 8332 دونماً.
تعليقات: