العــــــــلامـــة المــرجع السـيـد محـمـد حســـــين فضل الله
-------------------------------------------
الآن كل شيء يميل إلى الحزن الشديد ليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره وهو سبحانه يعطي ويأخذ ولكن لأن الكبار يتعبون أيضاً وينزلون عن أفراسهم ويغادرون الميدان إلى نعسهم المزمن ويغمضون أعينهم على جروح العطش الذي لا يندمل وعلى التراب العليل وهم يعرفون أن تراب أجسادهم وحده يعيد إلى الأرض ألقها لتصعد أشجار الحياة الكثيرة والمزدهرة.
الآن اللغة الهادئة الهادفة الرصينة الناضجة القوية المتدفقة كشلال، لغة المجد الكربلائي، لغة الحواريين والحسينيين الأوائل الذين خرجوا ليكرزوا في القرى والذين خرجوا الى شهادتهم من أجل أن يستقيم الدين – الآن – هذه اللغة تبحث عن مفردات للرثاء ولتعبيرات الحزن الجميل في الابتسامة الواثقة.
الآن، كل من في الشرق من المسلمين والمسيحيين سينتبهون الى أنهم فقدوا مرجعاً كان يحرسهم من هوجاء التعصب والتمذهب وسينتبهون غداً الى أنهم أشد حاجة اليه في اللحظات العصيبة الضاغطة على عالمنا الإسلامي من حدوده عند سور الصين العظيم الى غرب أفريقيا.
الآن، كل اللبنانيين، بكل طوائفهم ومذاهبهم وفئاتهم وجهاتهم، كل أجيالهم وجبالهم وتاريخهم وأرزهم وزيتونهم سينتبهون الى العمر الذي يستنزف أرواحهم ويأخذ عناصر قوتهم لولا المقاومة التي تقيم شجرتها جذوراً في أعماق تراب أجسادهم.
الآن، فلسطين من النهر الى البحر، بقدس أقداسها وغزة هاشم ومساجدها وكنائسها وأطفال حجارتها والأسرى والمعتقلين والشهداء والجرحى ودائماً الأحياء سينتبهون إلى وصيته أن أمانيهم تتحقق بسلوك الطريق الى وحدتهم.
الآن، كل الجغرافيا في الشرق، كل الأفكار المتحاورة او المتشاكسة، كل المقاومات، ستفتقد العلامة العلم آية الله السيد محمد حسين فضل الله العاملي الذي كان منتبهاً على خطوط التماس بمواجهة حرب السيطرة لرفع راية الإسلام الذي يمثل خط النهضة المستقبلية.
الآن، أنا أفتقد حضوره النبيل المترف بالأفكار المزدهرة بالمعرفة، المجرب، الخبير وخير خلف لخير سلف، سيد الكلمة، فقيه الإنفتاح.
عزاؤنا في حركة الخط الذي مثله على الدوام: شجاعة الفكر في مواقف التحدي وفي تأكيده على ضرورة الدولة التي سعى الى ان تكون للجميع وفي المقاومة التي هي حاجة وضرورة لرد العدو وفي التعايش ودائماً الوحدة الوطنية في لبنان ووحدة المسلمين في العالم.
رئيس مجلس النواب
نبيه بري
تعليقات: