الشيخ قاسم متحدثاً للزميل عباس الصباغ
تحدث لـ"النهار" في ذكرى حرب تموز 2006 مستبعداً الحرب ومنتقداً الاتفاقات
"حزب الله" ملتزم القرار 1701 وجاهز لمواجهة أي عدوان إسرائيلي
يستبعد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم وقوع حرب مع اسرائيل، لكنه يؤكد جهوزية الحزب لمواجهة الحرب وكأنها ستحصل غداً. ويشدد على ضرورة احترام القرار الدولي 1701 معتبراً ان الحوادث الأخيرة في الجنوب بين الاهالي وقوات اليونيفيل كانت نتيجة لعدم احترام الأخيرة القواعد المتبعة، مشيراً الى سقوط رهان بعض القوى والدول عقب تلك الاحداث، ومن جهة ثانية يستغرب قاسم دفاع بعض القوى عن العملاء، مكرراً الدعوة الى اعدام هؤلاء. ويتوقف عند الاتفاقات الامنية بين لبنان وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية، واصفاً تبادل المعلومات معهما بـ"النكتة غير اللطيفة"، اما عن اعطاء الحقوق المدنية للفلسطينيين فيشير الى ضرورة النقاش مع الحلفاء للتوافق على الافضل. كلام قاسم جاء في مقابلة مع "النهار" في الذكرى الرابعة لعدوان تموز وهنا نصها:
• كيف تقيمون الوضع بعد مرور 4 اعوام على عدوان تموز وماذا عن التهديدات الاسرائيلية؟
بعد مرور 4 سنوات على عدوان تموز 2006 لا يزال صدى الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الاسلامية ولبنان في مواجهة العدو الاسرائيلي ومن وراءه ماثلاً للعيان ومحل نقاش للافادة من دروسه وعبره، رغم كل المحاولات التي بذلها الاسرائيليون لطمس هذه الحقيقة. وهؤلاء أفاقوا متأخرين عامين، اي انهم بعد اعترافهم بالهزيمة المدعمة بتقرير لجنة فينوغراد"، حاولوا منذ العام 2008 ان يظهروا موقفاً آخر يغطي عنوان الانتصار، مستنداً الى هدوء الجبهة وعدم وجود عمليات ضد الكيان الاسرائيلي. لكن هذه الدعاية لم تأخذ مجالها بسبب وضوح الهزيمة الاسرائيلية سياسياً وعسكرياً ومجتمعياً، وهذا ما تظهره النقاشات داخل الكيان الاسرائيلي، وكذلك العمل الاسرائيلي الدؤوب للافادة من عبر تموز، كما يقول، وذلك لتفادي الاخطار والاستعداد لحرب قادمة، كما عمل "حزب الله" على تطوير جهوزيته ليكون على قدر التحدي، ونستطيع القول ان الحزب افضل بمراحل من تقدم اسرائيل في فترة السنوات الأربع، وبالتالي هو جاهز لأي احتمال او مفاجأة او مباغتة يقدم عليها العدو، خصوصاً أنه قائم على العدوان ولا يستطيع تحقيق اهدافه لا بالمنطق ولا بالدليل، وهو في الأصل غاصب وغصبه مبني على الاحتلال والعدوان والاجرام. ولاحظنا في الاشهر الفائتة ان اسرائيل رفعت من وتيرة تهديداتها عبر الأساليب المختلفة فتارة باثارة مستوى التسلح عند "حزب الله" مثل الحديث عن صواريخ السكود او ما شابه، واخرى عبر التهديد بالحرب، وثالثة بعرض صور جديدة لبعض القرى، وان بنك الاهداف اصبح جاهزاً للتنفيذ".
بنك الأهداف
يعتبر قاسم ان هذه التهديدات تنعكس سلباً على المجتمع الاسرائيلي، ولا تغير في معادلة جهوزية "حزب الله" و"التصاق الناس والغالبية العظمى من القوى السياسية حول مشروع المقاومة. وبالتالي حديث الاسرائيليين عن بنك اهداف هو أمر عادي وغير جديد لان طائراتهم واستخباراتهم تعمل ليل نهار وما عرضوه أخيراً هو نوع من البروباغاندا الاعلامية وليس معلومات دقيقة. اما بالنسبة لنا في "حزب الله" فأصبح لدينا بنك اهداف اسرائيلية واسع ودقيق، ولن تمر اي خطوة اسرائيلية من دون ثمن. لكن هذا لا يعني ان الحرب على الابواب وفي كل الأحوال جهوزية "حزب الله" عالية الوتيرة وتمتلك معطيات وامكانات تشكل ردعاً حقيقياً في توازن الردع مع اسرائيل. ونحن نميز ما بين التحليل السياسي الذي يستبعد الحرب حالياً لأسباب عدة منها خوف اسرائيل من الفشل وارتباكها السياسي في تعقيدات التسوية ومشاريعها التوسعية في القدس والضفة الغربية وصورتها الدولية السيئة بعد عدوان وحصار غزة والاعتداء الاجرامي على "أسطول الحرية". وفي المقابل نحن في أعلى جهوزية ونستطيع مواجهة الحرب حتى لو حصلت غداً، ونحن نتعامل مع العدو الاسرائيلي كحالة عدوانية يومية لا يمكن غضّ النظر عنها ولا التاثر بأحاديث التسوية التي نعتقد انها فاشلة وميتة لأن اسرائيل تفرض ما تشاء (...)".
• ما موقفكم من اليونيفيل والقرار 1701 بعد الحوادث الأخيرة التي شهدتها بعض البلدات الجنوبية؟
- الحوادث الأخيرة التي حصلت في الجنوب بين قوات "اليونيفيل" والأهالي كانت بسبب الاخطاء التي ارتكبتها هذه القوات خلافاً للقرار 1701 عبر اقامة مناورات تحاكي اطلاق صواريخ من لبنان في اتجاه اسرائيل، من دون تنسيق مع الجيش اللبناني وتحت عنوان يثير القلق في شكل متزامن مع مناورات اسرائيلية. وكان من الطبيعي ان يعترض الاهالي وبصورة سلمية في بعض القرى عندما يرون هذه القوات تتحرك بكثافة في قراهم وكأنها في حالة حرب وتنتهك القواعد المعروفة في ادائها. وقد اعترف قائد اليونيفيل في لبنان الجنرال البرتو اسارتا بأن خطأ ما قد حصل. وهنا نؤكد ان قرار "حزب الله" هو الالتزام بالقرار 1701 وعدم الموافقة على اي تعديل في مضمونه او اي اضافة تعدّل قواعد الاشتباك، وبالتالي لا بدّ من الالتزام بسيادة الدولة اللبنانية من خلال مسؤولية الجيش في التحرك ومساندة قوات اليونيفيل له، لا ان تتحرك الأخيرة بمعزل عن التنسيق مع الجيش (...) واشاد قاسم بالاجتماع الذي ضم ممثلين عن الجيش واليونيفيل مع عدد من رؤساء البلديات الجنوبية في تبنين (بنت جبيل).
واضاف: "ليس هناك اي مشروع من جهتنا يتعرض لليونيفيل او للقرار 1701، وعلى العكس نحن التزمنا مضمون القرار خلال السنوات الأربع الفائتة، ولا نزال على موقفنا، ولا نعتبر ان الجنوب مسرح لاي أمور أخرى غير قصة المواجهة مع اسرائيل، وعلى الاصوات التي ارتفعت في لبنان وبعض الدول وتحدثت عن مشاريع ضخمة تتجاوز الجنوب ارادت ان تبين للرأي العام أدلتها بعدما انكشف الواقع وبات معروفاً ان أهل الجنوب كانوا نموذجاً للالتزام بالقرار 1701 وان غيرهم هو الذي اخطأ، وربما كانت للبعض مشاريع معينة الا أننا نستطيع القول ان اي مشروع كان مقصوداً مما حصل قد سقط وعدنا الى الحالة السابقة من دون استثمار لمشاريع جديدة. على حساب لبنان وان بيان مجلس الأمن رسم سقفاً لطموحات بعض الدول وبعض من في الداخل الذين كانوا يتوقعون استثماراً في غير محله.
• ماذا عن شبكات التجسس وهل تطالبون باعدام العملاء؟
- ننتظر جميعاً نتائج التحقيقات مع عميل الاتصالات شربل قزي، علماً ان المقدمات التي أعلنت وحدها كافية للدلالة الى الخطر الكبير من العمل التجسسي. ونحن ندعو الى التشدد في معرفة كل الحقيقة وكشف المتعاونين مع العميل قزي وانزال اقسى العقوبات به وبغيره من العملاء، اذ لا يمكن البناء على التساهل الذي كان قائماً بعد التحرير والذي شجع بعض العملاء ليعودوا الى العمالة، وكذلك شجع آخرين على العمالة، ونحن نؤكد على ضرورة تنفيذ عقوبة الاعدام لمن يستحق، وفي أسرع وقت ممكن، للجم حركة التجسس وتعاون العملاء مع اسرائيل (....).
وانتقد قاسم دفاع البعض عن العملاء ودورهم ودعا الى ترك القضاء يأخذ مجراه من دون التشويش عليه تحت عناوين طائفية او سياسية. واضاف: "عندما نضرب شبكات التجسس تضعف القدرة المعلوماتية الاسرائيلية، وكلما اشتد الغموض عندهم ابتعد شبح الحرب أكثر، لأن المسألة ليست عملاً عادياً وانما جزء من تحصين ساحتنا ومن قوة لبنان في مواجهة التحدي الاسرائيلي.
الاتفاقات الأمنية
• هل تصرون على إلغاء او تعديل بعض الاتفاقات الدولية مع لبنان، ومنها الاتفاقان الاميركي والفرنسي؟
- لا يخفى على أحد أن هجمة أميركا وبعض الدول الاوروبية على عقد اتفاقات امنية مغلفة بأمور أخرى ما يدعو للريبة، خصوصاً ان ما يرد فيها يجعل لبنان مكشوفاً للمخابرات الأجنبية، والاميركية على وجه التحديد، والمعلومات التي تصل الى اميركا تصل الى اسرائيل، والحديث عن تبادل المعلومات نكتة غير لطيفة، لأن اميركا من موقعها تأخذ كل ما تريد تحت حجة مكافحة الارهاب الدولي وعبر سيطرتها على المقدرات العالمية التي تستطيع من خلالها ان تبتدع وترمي اي تهمة تكون مبرراً لكشف الـData في كل الحقول اللبنانية، بينما لا يستطيع لبنان ان يأخذ معلومة واحدة من الولايات المتحدة الاميركية، إلا اذا كانت سياستها ومصلحتها تسمحان بذلك وبالتالي ستكون الانتهاكات الامنية من طرف واحد، اي من الطرف الاميركي وايضاً الفرنسي وغيرهما، وتكون المعلومات في متناول ايديهم ويصبح لبنان مكشوفاً، وبالتالي تعوض خسارة العملاء بالنسبة لاسرائيل، اضافة الى ان السيطرة الامنية بغلاف الاتفاق هي شكل من اشكال فرض الوصاية على لبنان، وتشكل خطراً حقيقياً على امنه وخصوصيات افراد الشعب اللبناني. ونحن نؤكد على ضرورة بت الاتفاق الامني مع اميركا عبر وضع حدّ لها، ونحن موعودون بذلك، من رئيسي الجمهورية والحكومة، وأيضاً لا يجب ان يمر الاتفاق مع فرنسا بصيغته الحالية لأن هناك عناوين في الاتفاقات يدخلون من خلالها الى كل شيء.
• هل ستقر الحقوق المدنية للفلسطينيين؟
- نحن مع اعطاء الفلسطينيين حقوقهم الانسانية المشروعة وسبق ان بادر وزير العمل الأسبق الدكتور طراد حمادة الى اعطاء اجازات العمل للفلسطينيين في بعض المجالات، كتعبير عن القناعة التي يحملها "حزب الله" لتسهيل كل ما من شأنه ان يحترم الفلسطينيين وحقوقهم (…) ونحن نؤكد على ضرورة الحوار بين الاطراف السياسية المختلفة لاخراج الموافقة على اقرار الحقوق وتهيئة الظروف المناسبة لاقرارها. وفي هذه المسألة لا يوجد موالاة ومعارضة وانما توجد قناعات، ونحن نؤكد ان خطوة اعطاء الحقوق المدنية لا تؤدي الى التوطين المرفوض مطلقاً، لايماننا بحق العودة الى فلسطين المحتلة، لأن هناك شبه اجماع حول هذه المسألة، والأمر دقيق ولكن لن نُغلب المخاوف على الحقائق، ولن نتجاوز ضرورة النقاش والحوار الداخلي الذي يحمي إقرار الحقوق ويظهره بالنتيجة الفضلى.
وكل الافكار المطروحة اعلامياً، موافقة او اعتراضاً، قابلة للتغيير عندما نجلس معاً، وبالتالي لا يوجد مشروع محدد ومنجز، والحديث عن اتفاقات ومشاريع اصبحت جاهزة هي كناية عن مسودات تحتاج لاتفاق، ونحن نناقش مع حلفائنا كيفية الوصول الى الوضع الأفضل لمصلحة لبنان وفلسطين معاً.
• كيف سيتعامل "حزب الله" مع مشروع التنقيب عن النفط؟
- يدعو "حزب الله" الى الاسراع في اقرار قانون النفط بصرف النظر عن الآلية وضمن الأطر الدستورية، وذلك لأن الزمن يخدمنا في البدء بالتنقيب والافادة من هذه الثروة التي يحتاجها لبنان، ولا يوجد اي مبرر للتأخير، واما عن كيفية ادارة هذا الملف فيمكن الاتفاق عليها وفق الضوابط الدستورية. ولا يجوز ان نتوهم ان اسرائيل قادرة على ان تحرمنا من نفطنا بسبب الاشتراك في بعض الاماكن. فاذا وقفنا للدفاع عن حقنا فاننا نمنع اسرائيل عن اي استثمار له علاقة بنا. نحن نتعامل مع الأمر على قاعدة ان النفط كالأرض والحرية والمياه وهي حقوق لا نتنازل عنها وندافع عنها حتى الرمق الأخير.
حاوره عباس الصباغ
تعليقات: