الأمينُ العامُّ لحزب الله السيد حسن نصر الله
السيد نصرالله: قرار 5 ايار كان اسرائيليا..
أثارَ الأمينُ العامُّ لحزب الله السيد حسن نصر الله موضوعَ العلاقةِ بينَ قطاعِ الاتصالاتِ وملفِ المحكمةِ الدوليةِ والقرارِ الظني الذي سيصدُرُ عنها مشيراً الى موقفٍ لحزبِ الله سيُتخذُ قريباً في هذا الصدد.
واكد سماحته في كلمته خلالَ الاحتفالِ بيومِ الجريحِ المقاومِ ان هذا الامر على درجة عالية من الخطورة والحساسية، وان هناك سيطرة اسرائيلية كاملة على كل شيء اسمه اتصالات في البلد الخلوي والشبكات المدنية واللاسلكي والانترنت مشيراً الى ان البلد مكشوف والاسرائيلي يسمع وذلك ليس جديداً بل قديم والدليل العملاء الذين كشفوا والذين يعملون لصالح العدو منذ العام 1996 كما اوضح ان العدو لم يضرب في حرب عام 2006 شبكات الخلوي لأنها كانت توفر له معلومات وتحديد مراكز لم يكن يستغني عنها.
واعتبر ان الاسرائيلي قد ارتكب خطأً قبل حرب تموز عندما قلل من شأن شبكة السلكي الخاصة بالمقاومة، حيث ان معلوماته كانت ناقصة نتيجة أن جسم المقاومة منزه عن الاختراق الاسرائيلي.
وإذ حيّا رئيسَ الجمهوريةِ على استعدادِه لتوقيعِ أحكامِ الاعدامِ بالعملاء دعا الحكومةَ الى أن تُجريَ تحقيقاً في هذه القضيةِ للوصولِ الى رأسِ الخيطِ الذي ورَّطَ الحكومةَ في موضوعِ استهدافِ شبكةِ السلكي التابعةِ للمقاومةِ في الخامسِ من أيارَ من العامِ الفينِ وثمانية والذي اعتبره قراراً اسرائيلياً.
وقال: "كما تبحثون عن الجواسيس الصغار اوجدوا لنا الجواسيس الكبار لنعرف من الذي كان متورطاً مع الاسرائيلي بشكل مباشر وورط آخرين معه بشكل غير مباشر، من المفتاح لرأس الخيط الاسرائيلي".
واكد ان هناك من ورط الزعماء السياسيين وقال: "أنا أطالبهم أن يجدوا من ورطهم، أتمنى أن يفتح تحقيق في هذا الموضوع من أجل الحذر، لأن من وضع لبنان حينها على حافة الحرب الأهلية يُخشى إذا كان آمناً ومشغلاً من الاسرائيلي أن يضع لبنان على حافات آخرى في أوقات آخرى".
وطرحَ السيدُ نصر الله علامةَ استفهامٍ كبرى حولَ العميلِ شربل قزي وعما اذا كان معروفاً بعمالتِه لدى فرعِ المعلومات قبلَ أن يوقفَه الجيشُ اللبناني، كما ركزَ السيدُ نصر الله على أنَ المسَ بالمؤسسةِ العسكريةِ ومخابراتِها سببُه الرئيسيُ توقيفُ عميلٍ في قطاعِ الاتصالاتِ الذي يشكلُ حجرَ الزاويةِ في التحقيقِ الدولي.
وتساءل سماحته لماذا حظي اكتشاف شربل قزي بهذا المستوى من الأهمية والضجيج الكبير حيث تصدت قوى سياسية بعناوين واضحة ورموزها للدفاع وللتقليل من شأن هذا الأمر، وكشف ان سبب هذه الحملة على الجيش هو أن العميل القزي "حكاية ثانية"، والحكاية أن كل شيء له علاقة بالاتصالات يودي الى المحكمة الدولية والى التحقيق الدولي الذي يقوم به بيلمار. وبحسب معطيات ذكرها سماحته من الكلام الذي يحكى عن قرار ظني سيصدر بحق افراد حزب الله، إضافة الى خروج أشكنازي بكلامه عن ايلول وما سيحصل به فقد تكون لدى حزب الله ملفاَ يعكف على دراسته وقد يفتحه في وقت قريب.
وكشف سماحته ان هناك قوى سياسية لبنانية وإقليمية ودولية راهنت في السابق على الفتنة الدولية ولم تسر الأمور كما تشتهي كما وراهنت على حرب تموز ولم تنجح وراهنت على الحرب الأهلية ولم تنجح وقال: "وهم اليوم يراهنون على حرب جديدة سأتكلم عنها في ذكرى انتصار تموز، وهم يراهنون اليوم على القرار الظني للمحكمة وينتظرونه، إذا كان يعتمد هذا الملف على شهود فليأتوا بهم وهناك تجربة شهود زور يعرفون أنه لا يصمد، لذلك ذاهبون الى موضوع الاتصالات ليركبوا من خلالها قرار ظني، لذلك عالم الاتصالات مقدس بالنسبة لكل المراهنين على المحكمة الدولية، لأنه إذا اقتربنا منه وتبين أن هناك أشخاص عملاء وكشفوا يعني أن حجر الزاوية في المؤامرة الجديدة على البلد والمنطقة عبر القرار الظني "طار" لذلك كان ممنوعاً أن يمد أحد يده على موضوع شبكات الاتصالات وجريمة مخابرات الجيش اللبناني أنها اكتشفت عميلاً في شبكة الاتصالات يمس بالمؤامرة الكبيرة التي تتم حياكتها".
كما وطالب الأمينُ العام لحزب الله بتنفيذِ أحكامِ الاعدامِ بالعملاءِ بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ ودونَ أيِ تباطؤ.
==================
وهنا نص كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال الاحتفال بيوم الجريح الموافق لذكرى ولادة أبي الفضل العباس في الرابع من شهر شعبان:
إنني في البداية أجدّد العزاء والتعبير عن المواساة بمناسبة رحيل سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله تعالى عليه والخسارة الكبرى التي أصابت لبنان والمسلمين والأمّة والمقاومة والجهاد بهذا الرحيل المفجع، كما أتوجه بتقديم العزاء والمواساة إلى سماحة الإمام الخامنئي والإخوة المسؤولين في الجمهورية الإسلامية وشعب إيران العزيز والمظلوم بالشهداء الذين قضوا في الاعتداءات الإرهابية التي نفذتها أيدٍ ضالّة وإرهابية ومشغّلة من المخابرات الأمريكية والاستكبارية بلا شك.
في هذه الأيام أتوجه إليكم جميعا بالتبريك بالمناسبات العظيمة والجليلة التي نعيشها، شهر شعبان هو شهر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم والمدخل الروحي والنفسي والعاطفي والفكري والعقلي والقلبي إلى شهر الله وضيافة الله عز وجل، وهو شهر ولادات العظماء من الأئمة والقادة : ولادة حفيد رسول الله وحافظ دينه ومجدد رسالته بدمائه الزكية سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وولادة الإمام علي بن الحسين زين العابدين المجاهد والأسير والعابد والحافظ للأمانة، وولادة حامل راية الجهاد وعنوان الجراح والإيثار والشهادة في كربلاء العباس بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وفي مقبل الأيام ذكرى الولادة العطرة للأمل والرجاء والوعد الإلهي بقيامة العدل ولادة بقية الله في الأرضين مولانا صاحب الزمان عليه السلام.
كما أبارك للإخوة والأخوات الجرحى والجريحات ولكم جميعا ولكل المستمعين والمشاهدين ذكرى انتصارات الدم والجهاد والصبر والمقاومة على سيف الصهاينة في حرب تموز، وذكرى عودة الأسرى في مثل هذا اليوم من سجون الاحتلال وعودة رفات الشهداء الأطهار فيما عُرِفَ بعملية الرضوان.
في هذه المناسبة وفي الوقت المتاح أود أن أتحدث بكلمة عن العباس صاحب الذكرى وبكلمة عنكم أنتم أصحاب يوم العيد وبكلمة عن المستجدات السياسية والأمنية في لبنان وأولويتي ستكون الحديث عن موضوع العملاء والجواسيس وموضوع الاتصالات والمحكمة الدولية بما يتصل بهذا الموضوع. قد لا يتسع الوقت المتاح للتعرض لقضايا سياسية مهمة جدا لكن في كل الأحوال في الأيام القليلة المقبلة سيكون أكثر من لقاء وأكثر من مناسبة سأكون فيها في خدمة عوائل الشهداء وفي خدمة شرائح مختلفة وقد يساعد الوقت على التطرق للمواضيع الأخرى.
بالنسبة للعباس بن علي عليهما السلام، بما يرتبط أيضا بالمناسبة حيث اتُخِذت ذكرى ولادته في الرابع من شعبان يوما وعيدا لكل من قدّم جراحا في سبيل الله وفي سبيل القضايا المقدسة وفي سبيل الأمّة، أريد أنّ أذكّر بموقفين للعباس للعِبْرَة وليس لاستعراض التاريخ: الموقف الأول قبل الجراح والموقف الثاني بعد الجراح (...). الموقف الأول قبل الجراح عندما أحيط بالحسين عليه السلام ومن معه في كربلاء وحوصروا وقُطِعَ عنهم الماء والمدد وأصبح واضحا أنّ الأمور تتجه بشكل قطعي إلى المواجهة الدامية التي سيكون أيضا نتيجتها القطعية هي شهادة الحسين ومن معه وسَبْيُ نسائه وأسر أطفاله. هناك عادات عشائرية كانت موجودة في ذلك الزمان، العباس وأخوته الثلاثة ينتمون من جهة الأم إلى نفس القبيلة التي ينتمي إليها شِمْر بن ذي الجوشن القائد الحقيقي والأساسي لجيش يزيد في معركة كربلاء، يعرض الشِمر أماناً على العباس وأخوته، والعباس أكبرهم سنا، أربعة شباب في زهرة العمر، يأتي قائد الجيش المحَاصِر الذي سيقوم بعد ساعات بإبادة المعسكر الآخر بعرض الأمان، ولم يكن في عرض الأمان مطلوب من العباس وأخوته أن يخرجوا من معركة الحسين إلى صف أعدائه، لم يكن مطلوبا منهم أن يشهروا السيوف على الحسين إنما أن يخرجوا من المعركة وأن يذهبوا حيث يشاءون، يعني ما يسمّى اليوم بالمصطلحات السياسية وخصوصا في لبنان بـ "الحياد". كان مطلوباً من العباس وأخوته الشباب فقط أن يكونوا على الحياد ليأمنوا وليبقى لهم شبابهم وزهرة حياتهم، ولكن ماذا كان موقف العباس عليه السلام، الموقف كان معروفاً، رفض هذا الأمان بل تبرّأ مِمَّن طرح عليه الأمان واحتج عليه ولعنه وقال له: لعنك الله ولعن أمانك، أتُؤمِنَنا وابن بنت رسول الله لا أمان له؟ في معركة الدفاع عن الحق، عن الرسالة، عن المقدسات لا مكان للحياد، هكذا كان الشرفاء والعظماء وأهل الحق طوال التاريخ.
الموقف الثاني بعد الجراح، العباس في المعركة يؤدي دوراً واضحاً ومحدداً، في بداية المعركة هو حامل الراية والقائد العسكري للجيش ـ ونقول الجيش تسامحا ويمكن أن نقول عنه تشكيل المقاومة المحدود الذي لم يتجاوز 71 رجلاً ـ ولكن بعد استشهاد كل هؤلاء المجاهدين تحوّل هذا القائد إلى مقاتل في الميدان، إلى جانب القتال طُلِب منه أن يؤدي مهمة لوجستية على درجة عالية من الأهمية وهي جلب الماء. وبالتأكيد جلب الماء ما كان ليغيّر مسار المعركة على مستوى نتيجتها الكبرى، وكان يمكن أن يحدث تطوراً كبيراً في مسار المعركة، هكذا فهم قادة الجيش المعادي الذين كانوا يدركون جيدا ماذا يعني أن يصل الماء إلى الحسين وإلى العباس وإلى النساء وإلى الأطفال وإلى الأيتام. العباس ذهب في المعركة وقاتل وحمل الماء وسلك طريق العودة، وكما هو معروف قُطِعَت يده اليمنى ولم يتوقف وبقي يحافظ على قربة الماء، يعني حافظ على أداء المهمة اللوجستية وبقي يقاتل بيده اليسرى، يعني هو جريح يقاتل ويؤدي مهمة الدعم.
قُطِعَت يده اليسرى، فقد إمكانية أن يكون مقاتلا يحمل السيف أو الرمح أو يضرب بالنبل، بقي له المهمة اللوجيستية، أي مهمة الدعم وإيصال الماء إلى الحسين وإلى حرم الحسين، كأنّي بالعباس في تلك الموقعة لا يحتضن القربة فقط بما بقي من يديه بل كان يحتضنها أيضا برقبته وبرأسه وبذقنه، كان كل حرص العباس في تلك اللحظات التي كان يعلم أنّ ما بقي له في هذه الدنيا هي مجرد دقائق أو ساعات على أحسن الفرضيات كان كل همه أن يصل الماء إلى الحسين وإلى حرم الحسين وأكمل المسير، يعني قُطعت يده اليمنى ولم يتوقف وواصل العمل وقطعت يده اليسرى ولم يتوقف وواصل العمل، سقط السهم في عينه انطفأت إحدى عينيه وبقيت له عين يرى فيها ولم يتوقف وواصل العمل وحتّى عندما انطفأت الثانية لم يتوقف وواصل العمل مراهنا على صحة الاتجاه الذي يسير به فرسه إلى أن سقط عن الفرس بعد أن تلقّى ضربة بعمود من حديد على رأسه، عندما سقط وانهارت إمكانية تحقيق المهمة نادى مودعا ومؤكداً صدق بيعته : السلام عليك يا أبا عبد الله.
من العباس عليه السلام نتعلم العزم والإرادة والمثابرة والتصميم على مواصلة العمل حتى ولو فقدنا القدرة على القيام ببعض هذا العمل، في العمل ليس مهماً أن تطلق النار أو تضرب بالسيف أو تركب على ظهر الفرس أو أنك في مقدَّم الجبهة أو في خلف الجبهة، المهم أنك تعمل ما تستطيع لأنّ الله لا يكلّف نفسا إلا وسعها وأن يكون العمل الذي تقوم به خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى، وهنا أحببت أن أقول هذه الكلمة لأؤكد للإخوة الجرحى الذين يفقدون إمكانية المساهمة في أعمال لها اعتبارات معنوية واعتبارات عملية مؤثرة جداً، ثمّ قد يفكرون أنّ القيام ببعض أعمال ذات طابع قتالي أو خدمات الدعم القتالي أو أي عمل في هذا السياق قد يعتبرون أنه من الناحية المعنوية أو من الناحية النفسية هذا غير لائق، هذا غير صحيح.
الأخ الجريح والأخت الجريحة بما بقي لديهما من طاقة، من لديه قدرة التبليغ فليبلّغ وبعضكم يفعل ذلك، ومن لديه أن يعمل بيديه فليعمل بيديه، من لديه قدرة أن يقرأ ويتكلم .. خلاصة الفكرة ما بقي لديكم من طاقة وإمكانية هي مودعة لديكم من قبل الله سبحانه وتعالى، بقدر هذه الطاقة المتبقية هناك مسؤوليات ملقاة عليكم ويمكنكم أن تقوموا بها وأن تؤدوها، ولكم أسوة بمن قطعت يده اليمنى وقطعت يده اليسرى وواصل الجهاد من موقع الدعم وليس من موقع القتال. هذه في مواقف العباس عليه السلام الذي هو قدوتنا وأسوتنا وعنواننا ورمزنا.
أنتم بحمد الله عز وجل وخلال كل سنوات هذه المقاومة قاتلتم وجاهدتم وضحيتم وجرحتم وصبرتم وما زلتم تواصلون المسير، معنوياتكم وروحياتكم وإرادتكم وصلابتكم لم تستطع كل الجراح وكل صعوبات العيش مع هذه الجراح أن تمسّها أو أن تنال منها، وفي الموقفين اللذين تحدثنا عنهما بحمد الله لم يتكونوا في يوم من الأيام محايدين، كنتم دائما أهل الحق ورجال الحق وفي موقع الحق وناصرين للحق.
أساساً كيف يمكن أن يعتدى على بلدنا وعلى مقدساتنا وعلى شعبنا وعلى كراماتنا ثمّ نقف محايدين، الكثيرون الذين يتحدثون اليوم عن الحياد هم مخادعون، هم يحاولون أن يلبسوا هذا الباطل وهذا الخذلان وهذا التخلي عن أداء الواجب وهذه الخدمة للعدو بغطاء وكلمات منمقة وحضارية اسمها الحياد، عندما اجتاحت القوات الصهيونية لبنان عام 1982 وقف كثيرون ليقولوا ما لنا نحن اللبنانيين وهذه الحرب فهذه حرب الآخرين على أرضنا، لو صدقنا نحن وأنتم وكل من قاوم هذه الأكذوبة وهذه المغالطة الكبرى، ما كان يجري على أرض لبنان ليس حرب الآخرين على أرضنا (بل) كانت حروب اللبنانيين مع بعضهم البعض بخلفيات ونوايا مشاريع داخلية ومحلية تتقاطع مع علاقات خارجية ومشاريع خارجية.
ولكن لو صدقنا هذه الأكذوبة وقلنا كما قال من ترك الحسين في كربلاء ما لنا والدخول بين السلاطين، هذه حروب الآخرين على أرضنا، فلنذهب إلى مساجدنا وإلى حوزاتنا وإلى جامعاتنا وإلى مدارسنا وإلى بيوتنا نأكل ونشرب ونعمل ونعبد ونصلي ونصوم وما يجري ليس من شأننا على الإطلاق.
لو فعلنا ذلك أين كان لبنان اليوم، أين سيادته أين أرضه أين مياهه أين كرامته أين أمنه أين استقراره، أين دولته، أين مؤسساته، أين قراره السيادي، وما كان مصير لبنان؟ ولأنكم لم تكونوا في يوم من الأيام ولن تكونوا في يوم من الأيام في موقع الحياد، دخلتم ساحة المعركة وقدمتم التضحيات، بعض أخوانكم قضى شهيداً وبعض أخوانكم وقع في الأسر وعانى سنوات طوال في سجون الإحتلال، وكثير منكم وأنتم أصبتم بالجراح، وكثيرون بذلوا جهوداً ولم يلحق بهم أذى وانتم وكل أخوانكم عوائل الشهداء أبناء الشهداء بنات الشهداء أخوانكم المجاهدون الجرحى والجريحات وشعبكم الوفي والأبي ما زلتم أوفياء لهذا الموقع ولهذه المسؤولية وهذا الواجب.
أنتم، أيها الأخوة والأخوات، كانت تضحياتكم في الموقع الصحيح، في الزمان الصحيح، في المعركة الصحيحة. أنتم لم تقاتلوا في يوم من الأيام ولم تُجرحوا دفاعاً عن زعيم ولا دفاعاً عن طائفة ولا دفاعا عن طائفة. دائماً كانت معركتكم هي معركة دفاع عن بلد وعن وطن وعن شعب وعن مقدسات، وعن قضية عادلة وعن أمة وهذا ما يؤخذ عليكم. للأسف الشديد في هذه الأيام من يتحدث عن أمة وقضية أمة ومقدسات أمة يُطعن عليه.
أنا أود أن أؤكد لكم، وليس المرة الأولى التي نقول هذا، بل دائما كنا نقول هذا، على وجه الأرض لا توجد الآن معركة من الناحية الأخلاقية، من الناحية الشرعية والدينية، من الناحية القانونية، من الناحية الإنسانية، أوضح وأعلى وأصفى من المعركة في مواجهة المشروع الصهيوني والإحتلال الإسرائيلي والعدو الإسرائيلي أبداً، هذه معركة لا غبار عليها لا من الموقع الفقهي والشرعي والديني ولا من الموقع القانوني ولا من الموقع الأخلاقي ولا من الموقع الأنساني. على وجه الأرض لن تجدوا معركة مقدسة وشريفة بمستوى هذه المعركة التي كنتم وما زلتم جزءاً منها، وما قدمتموه من تضحيات كان في هذه المعركة، وهذه المعركة هي أعلى مصداق للجهاد في سبيل الله. وكل ما قدم في هذا الطريق هو في سبيل الله وفي عين الله وعند الله سبحانه وتعالى. أقول هذا لاؤكد لكم بأن أجركم وجزاءكم وثوابكم ومقامكم ودرجتكم في الدنيا والآخرة هو عند الله وعلى الله سبحانه وتعالى.
في الدنيا أنتم ترون نتائج هذه التضحيات بحمد الله عز وجل هذه الجراح، هذه الدماء، هذه الأجساد، الطاهرة للشهداء، هذه الآلام، هذه العذابات لشعبنا ولأهلنا للأسرى للمحررين للعائلات للمهجرين لمن هدمت بيوتهم كل هذه التضحيات نحن نرى نتيجتها في هذه الدنيا الآن. نتيجتها أين تكمن؟ في هذا التحرير، في هذه الكرامة، في هذه العزة، في هذا الإحساس بالحرية.. بالاقتدار.. بالوجود.. بالشخصية.. بالكيان. ما أجمل أن لا يعيش الإنسان ذليلاً مهاناً مضطهداً ومستهاناً به من قبل أعدائه ومن قبل الآخرين. ما أجمل أن يعيش الإنسان، فرداً أو شعباً أو جماعة أو أمة، أن يعيش عزيزاً كريماً حراً مقتدراً واقفا على قدميه شامخاً برأسه.
هذه المنعة عندما يحسب لكم أعداؤكم اليوم كل حساب وألف حساب ما كانت لتكون لولا هذه التضحيات.
أما عند الله سبحانه وتعالى فانتم تعلمون وهذا وعد القرآن والرسول وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكل ما لدينا من فكر وتوجيه وإرشاد وأحاديث وروايات من عند الله لا يضيع. ما لكم عند الله لا يمكن أن يضيع، أجركم أجر المجاهدين مقام المجاهدين والجرحى، درجة المجاهدين والجرحى، من ارتحل عن هذه الدنيا وفي جسده هذه الجراح وكان مخلصا للهدف الذي جرح من أجله حشر مع الشهداء، كان له أجر الشهداء كان له طيب الشهداء.
أخواني أخواتي: في الدنيا قد يقصر الناس وقد نقصر نحن في أداء حقكم والقيام بواجبكم والاعتراف بفضلكم، ولكن ما كنتم تطمحون له انتم منذ البداية لم يكن شيئاً من هذا ولا شيئاً من حطام هذه الدنيا. دائماً كان تطلعكم وأملكم هو ما عند الله عز وجل، وليس ما عند الناس وما عند الله ستحصلون عليه قطعا.
أنا في يومكم، يوم جراحكم وإيمانكم ومقاومتكم وصمودكم، أشكر لكم كل هذا الثبات وكل هذا الصبر وكل هذا العزم وكل هذا الوفاء وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم ويثبتكم على هذا الطريق وعلى صراطه المستقيم ويحسن لكم العواقب، وأدعوكم إلى مواصلة العمل بما بقي لديكم من طاقة وقوة لأن حجم التحديات كبير جداً وهي بحاجة إلى كل طاقة وإلى كل قوة، وواجبي أن أتوجه بالشكر وأن أخص بالشكر الأمهات الكريمات لأنه عادة وأغلب الأخوة الذين أصيبوا بالجراح كانوا لا زالوا شباباً وبعضهم لم يكن متزوجا فألقي العبء بالدرجة الأولى على الأمهات وبالدرجة الثانية على الزوجات لاحقاً، أتوجه بالشكر الأخص الأخص والتقدير العالي إلى أخواتنا الكريمات اللاتي تزوجنَ من جرحى جراحهم صعبة.
هؤلاء الأخوات نحن ننظر إليهنّ بتقدير عالٍ، بقيمة إنسانية رفيعة جداً لأن كل أخت من هذه الأخوات نذرت حياتها شبابها عمرها من أجل خدمة هذا الجريح للتقرب بخدمته ورعايته والعناية به إلى الله سبحانه وتعالى وهذا من أعلى مصاديق الجهاد، لأن الجهاد والأجر والثواب مرتبط بحجم الجهد والمشقة التي يبذلها الإنسان والتي يتحملها الإنسان في سبيل غاية شريفة. كما من واجبي أن اشكر كل الأخوة الذين تعاقبوا على مسؤولية مؤسسة الجرحى والتي انتهى شكلها التنظيمي عندنا إلى وحدة شؤون الجرحى والأسرى. كل الأخوة والأخوات الذين تحملوا مسؤولية هذه المؤسسة وهذا التشكيل خلال كل السنوات الماضية وما زالوا العاملين والعاملات والمتطوعين والمتطوعات، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك جهودهم الكريمة والشريفة.
أيها الأخوة والأخوات يا أهل المقاومة وجرحاها ومجاهديها وأبطالها والمضحين في طريقها وصناع نصرها:
اليوم من أهم الاستحقاقات التي يواجهها لبنان وتواجهها المقاومة ويواجهها شعب لبنان هي مسألة العملاء وشبكات العملاء والجواسيس.
هذا الموضوع طبعاً يستحق المزيد من الاهتمام والمزيد من العناية، في موضوع العملاء لدي عنوانان: الأول عنوان العملاء والجواسيس والشبكات، والعنوان الثاني هو موضوع الاتصالات وهذا بمفرده قصة تستحق أن نفرد لها عنواناً.
في العنوان الأول لو أخذنا مثلا حرب تموز، العملاء والجواسيس كان لهم أدوار كبيرة قبل بدء الحرب لأنهم ركيزة أساسية في تكوين بنك الأهداف عند الإسرائيلي، الذي يود شن حرب لاحقا ويريد أن يقصف ويدمر أو يرغب بالإجتياح أو يود تنفيذ عمليات اغتيال أو يود ممارسة حرب نفسية أو أو أو.
أهم ركيزة في هذا العمل هم الجواسيس والعملاء. صحيح أن هناك وسائل وأساليب مختلفة لجميع المعلومات ومن أهمها الوسائل الفنية المتطورة جداً والمتاحة جدا للعدو هو في هذا المجال لديه تصنيع متقدم جدا وكل ما عند الأمريكي عنده.
لكن مهما ترقّت وتطورت وسائل الجمع الفني للمعلومات لا يمكنها أن تستغني عن العنصر البشري لأن هناك مساحات ونوع معلومات لا يستطيع الجمع الفني معالجته، وهم يحتاجون لعنصر بشري.
قبل الحرب هؤلاء الجواسيس الذين يتم اعتقالهم خصوصاً الذين كانوا جواسيس قبل الحرب هؤلاء قدموا معلومات مهمة للعدو الإسرائيلي وبناءً على هذه المعلومات قصفت أبنية وبيوت ومصانع ومراكز ومؤسسات وأماكن مختلفة وقضى الكثير من الشهداء وأصيب الكثير من الجرحى، هؤلاء الجواسيس هم شركاء في القتل وشركاء في الجريمة شركاء في التهديم وشركاء في التهجير كل الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني في حرب تموز كل الجرائم هؤلاء شركاء فيها، شركاء كاملون.
قبل الحرب قدموا معلومات عن أماكن وعن أشخاص عاديين، هذا المنزل لمن، هذه الدكان لمن هذا الملجأ لمن هذا المبنى وهذه المؤسسة لمن، تفاصيل التفاصيل كانت تقدم، كوادر كل ما يتصل بالمقاومة ويتصل بالجيش وبمقدرات الدولة من اتصالات وغير اتصالات كلما طلب من هؤلاء العملاء قدموه وكلما استطاعوا أن يحصلوا عليها جادوا به على العدو. وهذا لا يحتاج إلى نقاش ولا يوجد عميل أخفى معلومات وعميل أعطى معلومات، انتهى، هذا عميل تورط، كل شيء كان يصل إلى أيديهم كانوا يعطونه للإسرائيلي.
في أيام الحرب من بقي منهم متواجدا ـ لأن هناك ناس فروا وهناك ناس تم توقيفهم وهناك ناس بقوا ـ أيضا في زمن الحرب هناك من قدم خدمات مباشرة للعدو وعلى ضوء الخدمات قصفت أماكن لم يكن مقررا أن تقصف ولم تكن في بنك أهداف العدو قبل الحرب، وهؤلاء جريمتهم أشد وآكد. لأنه إذا كان هذا العميل قبل الحرب ممكن أن يقول أنا أعطيه معلومات وأقبض المال وليس معلوماً أن تجري حرب، لكن هذا في قلب الحرب يشاهد الطيران يقصف مباني وقرى ومدناً وهو يزود العدو بمعطيات وإحداثيات، وبعد الحرب لأنه خلال الحرب استُنفذ بنك الأهداف عند العدو وهناك أهداف ضربت أكثر من مرة بعدما انتهت أهداف العدو وهناك مبانٍ وبيوت دمرت لا لسبب إلا لأنها يجب ان يقصف الإسرائيلي هدفا.
بعد الحرب يودون تجديد بنك الحرب فتم إعادة تشغيل هؤلاء العملاء والجواسيس من جديد وواصلوا العمل، هذا في عالم جمع المعلومات. وهناك دور آخر لا يقل خطورة قام به العديد من هؤلاء العملاء الذين انكشفوا وما زال يقوم به كثيرون لم ينكشفوا حتى الآن وهذا اعترف به بعض هؤلاء العملاء وكان مطلوبا منهم من الإسرائيلي دور الفتنة التحضيري، أي إيجاد توتر. بعض العملاء اعترفوا انه كان مطلوباً منهم خصوصاً في بلدات الجنوب أن يفتعلوا مشاكل بين أمل وحزب الله وتطلق الناس النارعلى بعضها، وفي الحقيقة هذه المشاكل ولله الحمد منذ زمن انتهت.
لكن قبل سنوات حدث إشكال في إحدى القرى، وأحد العملاء كان له علاقة به ووقتها أنا ودولة الرئيس نبيه بري تعاطينا بحساسية مفرطة وألّفنا لجنة تحقيق مشتركة لأنه مشكل صغير حدث خلاله إطلاق قذائف البي7 وكان عادة يحصل مشكل تستخدم به العصي أو يطلق أحد طلقة نار ويحمل مسدس أو رشاش لكن أن يبدأ استخدام القذائف؟ وتبين لاحقا أن الذي يقف خلف هذا النوع من الأحداث أحد العملاء الموقوفين حاليا والذي اعترف انه قام بذلك بناء على طلب إسرائيلي.
كان المطلوب من هؤلاء العملاء في كل الساحات أينما كان يمكنهم إحداث توتر في البلد شيعي شيعي، سني سني، مسيحي مسيحي، درزي درزي، داخل الطوائف، بين الطوائف خصوصاً بين الشيعة والسنة كانوا يقومون بهذا الأمر.
والمحور الرئيسي الذي كان مستهدفاً هو المقاومة ،والإسرائيلي يعرف أن أي توتير داخلي وأي صراع داخلي برأيه وفي واقع الحال أيضا هو خدمة للعدو بمعزل عن مسؤولية أي طرف في هذا الأمر، والآن الإسرائيليون الذين يقفون عاجزين أمام إرادة المقاومة في لبنان وصلابة المقاومة في لبنان وعنفوان المقاومة في لبنان وجهوزية المقاومة في لبنان، على ماذا يراهنون؟ يراهنون على مشروع إسرائيلي آخر اسمه المحكمة الدولية التي يعدّون لها في الأشهر القليلة المقبلة.
ويقول (رئيس أركان جيش العدو غابي) أشكينازي علينا أن ننتظر أيلول حيث سيشهد لبنان توترات. رهانهم هو على هذه التوترات. دائما إسرائيل كانت تعمل على إحداث توترات وفتن في الداخل لينشغل اللبنانيون ببعضهم البعض، لينشغل اللبنانيون بالفلسطينيين، لينشغل الفلسطينيون ببعضهم البعض وليبقى الكيان الصهيوني والمشروع الصهيوني في آمان يعيش في بيئة متخاصمة متقاتلة مدمرة محطمة نفسياً ومعنوياً ومادياً وواقعياً.
هؤلاء العملاء كانوا يقومون بهذه الأدوار، وخلال السنوات الماضية تكاثر هؤلاء العملاء في لبنان بشكل كبير جداً. انا لا أريد الآن أن أحمّل المسؤولية لمرحلة من العام 2005 وما تلاها، أو من ال2005 وللخلف لأنه يظهر عملاء كانوا يعملون مع العدو منذ عام 96 و97 و94، لكن لا شك أن السنوات الخمس الأخيرة وتحديدا منذ عام 2004 وما تلاها الموضوع تفاقم بشكل غير منطقي وغير معقول ولهذا أسباب وعندما نتحدث عن الأسباب هدفنا العلاج وليس لتعبئة الوقت.
السبب الأول الإحساس بالأمن: العملاء والجواسيس في لبنان يشعرون بالأمان ويشعرون أنهم ليسوا ملاحقين ولا متابعين وخصوصا في السنوات الأخيرة. كيف يبقى الشخص عميلا 16 سنة و15 سنة و20 عاماً ولا يكشف؟ هو آمن مطمئن مرتاح ويغطي نفسه بشكل جيّد ويرتب محيطه بشكل جيّد ولم يضعه أحد في دائرة الشبهة. إحساس الجواسيس والعملاء بالأمن هذا يكثر من هذه المصاديق الخبيثة.
السبب الثاني: التهاون القضائي والأحكام التي كانت تصدر حتى قبل العام 2004 وسواها التي صدرت عام 2000 وبعد العام 2004، وإذا أصبح فرد عميلا لإسرائيل وقدم لها المعلومات وحصد مئة الف دولار او 200000 دولار وفتح شركة وبنى "فيلا" في لبنان والنمسا وبلجيكا وصيّف في تايلند وتركيا وإلى أخره، وفي النهاية إذا كشف يسجن لعام أو عامين. خيراً ان شاء الله؟
والعامل الثالث هو مشجع وهو البيئة الحاضنة التي لا ترى عيبا في أن يكون ابنها أو زوجها أو الأستاذ في الجامعة أو الجندي أو الشرطي أو رئيس البلدية أو الإعلامي أو المثقف على علاقة مع إسرائيل أو عميل لإسرائيل. ما هو العيب وما هي المشكلة وصولا إلى الحماية والتبني إلى التهوين من مخاطر العمالة والجاسوسية وصولا إلى مرحلة باتت فيها العمالة وجهة نظر، العمالة خيار في الصراع المحلي والإقليمي، وبالتالي كما انتم لكم علاقة مع سورية هناك أشخاص لديهم علاقة مع إسرائيل.
هذه البيئة الحاضنة هي من أخطر العوامل التي ساعدت على تكاثر الشبكات، وخصوصا البيئة التي قد ترى في إسرائيل جاراًً طبيعياً أو قد ترى فيه حليفاً مستقبلياً أو سنداً في الشدائد.
هذه الأسباب تحتاج إلى معالجة. في كل الأحوال في السنتين الماضيتين تم تفعيل وفتح هذا الملف بقوة. لماذا الآن؟ لا أود الإجابة. هناك ما يجب أن يترك لوقته. لكن بمعزل عن أي خلفية وعن أي نية فالعمل جيّد ولا نريد أن نحاسب أحداً على النوايا وقد تكون نوايا جيّدة وقد تكون نوايا شيء آخر. أنا لا أريد أن أتطرق الآن إلى النوايا وإنما أريد أن اقول إن هذا العمل كان ممتازاً وكان جيّداً جداً وفتح هذا الملف كان لازماً وضرورياً.
الأجهزة الأمنية الرسمية قامت بجهود تشكر عليها وأنا طالما عبّرت عن هذا الموقف وأعيده الآن: مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأمن العام ولا أعرف أمن الدولة إذا قام بشيء خلال الفترة الماضية، نحن نقدر كل جهد من أي جهاز.
والآن في البلد هناك محاولة لتصنيف الأجهزة الأمنية سياسياً. أي جهاز أمني رسمي يباشر ويعمل بجدية في هذا الملف له منا ومن كل اللبنانيين كل الشكر وكل التقدير وكل التحية.
عدد من الموقوفين حوّل إلى القضاء وبدأت تصدر احكام وصدرت بعض الأحكام الجيدة في الآونة الأخيرة.
وأود التطرق إلى عدة مطالب متعلقة بهذا الأمر.
أولا نحن نطالب بتنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت بدون أي تباطؤ وبدون أي اعتذارات إن شاء الله. يجب أن تعلق المشانق. من واجبي هنا أن أشيد بموقف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي أعلن أنه سيوقع أي قرار إعدام يصدر عن القضاء المختص، وهذا موقف يجب أن توجه له كل التحايا. وأود قول إضافة حول مناخ وجو سواء كان موجوداً في البلد أو ليس موجوداً أود الإشارة له.
في موضوع العملاء كلنا قلنا إنهم لا ينتمون إلى دين أو إلى طائفة ولا حتى إلى عائلتهم. عندما يصبح الإنسان عميلاً لإسرائيل فهو ينتمي إلى عدو، عدو هذه الطائفة وعدو هذا الشعب وعدو هذا الوطن وعدو هذه الأمة، ويجب التصرف معه على هذا الأساس، وبخصوص الملاحقات الأمنية أتمنى أن لا يعمل احد على قاعدة "ستة وستة مكرر" أي إنه الآن اعتقلنا عميلاً شيعياً فإن كان هناك عميل شيعي آخر نتركه ولنبحث عن عميل سني وعميل ماروني وعميل درزي حتى نصنع توازناً طائفياً في الاعتقالات. هذا يمكن أن يكون شيء منه موجود. هذا عيب. أو إذا اعتقلنا عميلاً مارونياً أو عميلاً مسيحياً يجب أن نبحث عن عميل مسلم حتى نقيم نوعاً من التوازن. هذا خطأ ومعيب ولا يحفظ بهذه الطريقة أمن البلد.
والآن لا نود الحكم على الأشياء. العميل عميل. ان شاء الله يكون في السجون 90 بالمئة من العملاء شيعة والعياذ بالله، وعشرة بالمئة من بقية الطوائف لأن نعوذ بالله من كل شيء اسمه عميل إلى أي طائفة انتمى ما هي المشكلة، هذا عميل ويجب أن يتم توقيفه ومحاسبته، وبحسب جرمه يجب أن يعاقب.
كذلك في إصدار الأحكام بحسب معلوماتي صدر حكم إعدام بعميل درزي (ينتمي إلى الطائفة الدرزية والطائفة بريئة منه) وصدر حكم إعدام بعميل شيعي (ينتمي إلى الطائفة الشيعية والطائفة بريئة منه)، هل علينا أن ننتظر أحكام إعدام بسني وماروني وأورثوذوكسي وكاثوليكي وارمني وكلداني وسرياني حتى نبدأ تنفيذ أحكام الإعدام. أنا أطالب بتنفيذ أحكام الإعدام بمن يصدر فيه أحكام الإعدام وفي أسرع وقت ممكن لأن هذا من يوقف ويضع حدا لهذا التكاثر غير المنطقي وغير المعقول والخطير جدا لشبكات العملاء والجواسيس.
مطالبتنا أن لا تُخضعوا لا توقيف العملاء ولا محاكمة العملاء ولا إصدار الأحكام بالعملاء ولا تنفيذ أحكام القضاء بالعملاء للتوازنات والتركيبات الطائفية والمذهبية وحكاية "ستة وستة مكرر"، ولا يوجد غطاء على أحد في مسألة العمالة.
الأمر الآخر وبالنسبة للعائلات أود الإلفات انه لا يجوز أن يساء لهؤلاء الآباء هؤلاء الأمهات الأخوة الأخوات. هناك بيوت خرج منها عملاء كان فيها مقاومون وخرج منها شهداء وهذه البيوت العائلة فيها عائلة شريفة ومقاومة ومجاهدة ومضحية لكن هناك ولد سيطر عليه الشيطان لعب بعقله وسقط في الهاوية، وهذا في التاريخ موجود وعند أولاد الأنبياء موجود وعند أولاد الأولياء (خيراً إن شاء الله) عائلة وخرج منها عميل وهي لا تتحمل المسؤولية.
أهمية القيام بحملة وطنية كبرى وشاملة على كل صعيد حتى لا يشعر الجواسيس بالأمن ولا يفكر أحد بالتعامل مستقبلا والأهم هو إلغاء البيئة الحاضنة، ليس نحن من عليه أن يلغيها، من صنعها يجب أن يلغيها وعليهم أن يحذروا وإلا هم سيكونون شركاء فيما يرتكبه هؤلاء الذين تتم حمايتهم وتغطيتهم والتهوين من جريمتهم.
هذا بالعنوان الأول وفي العنوان الأخير موضوع الاتصالات
في موضوع الاتصالات والعملاء الذين تم اكتشافهم حتى الآن في شركة ألفا، هناك اثنان أعلن عنهما رسمياً واليوم سمعنا أيضاً في وسائل الإعلام أن هناك موظفاً سابقاً تم اعتقاله، ولأن هذا الموضوع على درجة عالية من الخطورة والحساسية أريد أن أتحدث فيه كلمتين في مجالين: المجال الأول نفس شبكة الاتصالات: في موضوع شبكة اتصالات السلكي التابعة للمقاومة، لا أقوم بفتح ملفات قديمة لمجرد الفتح وإنما حتى نستيقظ ونحذر وننتبه للمستقبل. وفي المسألة الثانية، هي موضوع العملاء بذاته، موضوع شربل قزي والآخرين الذين تم توقيفهم في موضوع الاتصالات.
في المسألة الأولى، بشكل لا يقبل الشك أصبح واضحاً كما أعتقد عند كل اللبنانيين وعند المسؤولين أن هناك سيطرة إسرائيلية كاملة على كل شيء اسمه اتصالات في البلد، اتصالات الخليوي، الشبكات المدنية فضلاً عن كل شيء اسمه لاسلكي فهذا منذ زمن إسرائيل مسيطرة عليه من خلال التنصت، الأنترنت، الآن حالياً يجب على اللبنانيين أن يعرفوا وينتبهوا ويحتاطوا والذين "يترشقوا" كثيراً على التليفونات سواءً في الشؤون الشخصية أو الشؤون العامة أن ينتبهوا أيضاً أن البلد مكشوف. الإسرائيلي يسمع وبناء على ما يسمع أيضاً يحدد ويحصل على الكثير من المعلومات والمعطيات من خلال سيطرته على الاتصالات.
الشيء الآخر الذي ظهر، وهذا شيء أكيد وقطعي، أن هذه السيطرة الإسرائيلية على عالم الاتصالات في لبنان ليست جديدة، أي ليس عمرها سنة وسنتان وثلاث، هذه قديمة. وهؤلاء العملاء الذين تم اكتشافهم الآن، منذ متى وهم يعملون في هذه الشركات؟ ومنذ متى وهم عملاء، ومنذ متى وهم يقدمون كل هذه المعطيات للعدو الإسرائيلي؟ منذ الـ 96 والـ 97 والـ 98، مما يعني أن الإسرائيلي عندما ذهب إلى الحرب عام 2006 وهو كان يحضّر لهذه الحرب، سواءً كان يريدها في أيلول 2006 أو في تشرين أول 2006 أو في 2007 ، فجاءت عملية الأسر وغيّرت التوقيت، هو كان يحضّر لهذه الحرب، وكان يعتبر أن كل شيء اسمه اتصالات هو تحت سيطرته.
وهنا نطرح سؤالاً: في كل المعارك التي كانت تحصل بيننا وبين الإسرائيلي حتى عام 2006 لم يضرب شبكات الخليوي، لماذا لم يضرب شبكات الخليوي؟ لأن شبكات الخليوي توفر له معلومات ومعطيات وتحدّد أماكن وأشخاص ومراكز لا يستطيع الاستغناء عنها. لذلك فإن القياديين في المقاومة (والله يرحمه الشهيد الحاج عماد) عندما كنا نتحدث عن الاتصالات في بداية الحرب، كان لديهم إحساس قطعي بأن العدو سوف يترك الخليوي، يعني آخر الخط إذا تقطعت فينا الاتصالات بالنهاية خيار الخليوي لا يزال قائماً ونستخدمه مع شيء من الاحتياط، لأن الإسرائيلي لا يضرب الخليوي لأنه مسيطر على الشبكات.
الخطأ الذي ارتكبه الإسرائيلي قبل حرب تموز هو التقليل من شأن شبكة السلكي التابعة للمقاومة، يعني هو لم يكن مقدراً أن هناك شبكة سلكي في هذا المستوى، في هذه السعة، في هذه الأهمية لدى المقاومة.
طبعاً كانت معلوماته ناقصة، وأعود وأقول معلوماته ناقصة نتيجة أن جسم المقاومة منّزه عن الاختراق الإسرائيلي. من المحيط لم يستطع أن يجمع معلومات كافية في موضوع شبكة السلكي، ولذلك كان من أهم المفاجآت في حرب تموز، من أهم المفاجآت التي يتحدث عنها "فينو غراد" ، هو لا يتحدث عن الاتصالات كعنوان منفصل وإنما عن السيطرة والقيادة، أي كيف استطاعت المقاومة الإسلامية أن تحتفظ بهذه القدرة على السيطرة، هذه السيطرة على نقاطها ومجاهديها على مرابض صواريخها ومدافعها في كل الأماكن، كيف تمكنت من ذلك؟ فهم لا يقومون باستخدام الخليوي ولا الهواتف المدنية السلكية التابعة للدولة، لا يستخدمون اللا سلكي، إذاً كيف يقومون بعملية التواصل.
إذا كنتم تذكرون عندما حصلت مجزرة قانا الثانية وحصل اتفاق يومها على وقف لإطلاق النار لمدة 48 ساعة سمّوه وقف إطلاق نار إنساني، أي أن يسمح للناس بلملمة شهدائها وجرحاها سواءً من جهتنا أو جهة العدو، حينها فوجئ العالم كله خصوصاً من يتعاطى بالشأن العسكري، فوجئ بقدرة المقاومة أن توقف أطلاق نار خلال 48 ساعة، أي كيف استطاعت المقاومة أن توقف اطلاق النار خلال 48 ساعة في الوقت الذي كان فيه مجاهدوها ومقاتلوها موجودين في التلال والوديان، وهي ليست جيشاً نظامياً وليس هناك سبق بأنه لديها هذه القدرة من السيطرة. فمن أهم عناصر القوة في حرب تموز كانت شبكة السلكي، عندما انتهت حرب تموز، بطبيعة الحال فإن الإسرائيلي يعيش على الحروب، أنا لا أقول أنه في 2010 هناك حرب أو 2011 هناك حرب، لكن أقول طالما هناك إسرائيل التي تقوم ماهيتها وطبيعتها وأصل وجودها على الحروب، هي عندما تنتهي من حرب تبدأ بالتجهيز للحرب المقبلة بمعزل إذا كانت الحرب القادمة بعد أربع سنوات أو خمس سنوات أو عشر سنوات، لكن من جملة التحضير للحرب المقبلة التي لا نعلم متى، وإن شاء الله لا تحصل، هو الشغل على المقاومة وإفقادها عناصر القوة، قتل قياداتها وكوادرها، كشف مراكزها ومخازنها ومفاصلها وخططها وتشكيلاتها .. ومن الجملة موضوع السلكي.
ولأن الحكم استمرار كما يقولون أنا أطلب، بمعزل أن بعض الأخوة يقولون يا سيد هناك أشياء تعرف أنها لن تحصل فلماذا تطلبها دع غيرك يطلبها، لا، أنا سأطلبها، أنا أطلب ليس من أجل معاقبة أحد أو محاسبة أحد أو تعليق مشنقة أحد وإنما فقط من أجل أن تصبح السلطة السياسية في لبنان حذرة للمستقبل، والزعماء السياسيون في لبنان يصبحوا حذرين للمستقبل، موضوع السلكي الذي صدر قرار بحقه من الحكومة في الخامس من أيار ليس موضوعاً بريئاً ولا موضوعاً تقنياً ولا موضوعاً محلياً، يعني ان هذه شبكة السلكي تشكل تهديداً للأمن الداخلي! هذا الكلام ليس له أية قيمة على الإطلاق، لأنها لم تشكل ولا للحظة تهديداً للأمن الداخلي، أو أن هذه شبكة السلكي تأخذ من طريق الخزينة مبالغ مالية فهناك ملفات أقل خطورة وأوفر مالاً تأخذ من طريقة خزينة الدولة وأنتم لا تقتربون منها فلماذا أقدمتم على هذا الملف.
أنا اليوم بعد الذي حصل في شركة ألفا وبحث الاتصالات، أحب أن أطلب من الحكومة أن تجري تحقيقاً وأحب أن أقول للزعماء السياسيين الذين قال بعضهم لاحقاً نحن حرّضنا على هذا الموضوع لكن قيل لنا هذه السلكي تأخذ من طريق خزينة الدولة كذا وكذا. من قال لهم ذلك هو يقوم بخداعهم، الحكومة والزعماء السياسيين يجب أن يبحثوا عن رأس الخيط، رأس الخيط في القرار بخصوص السلكي في 5 أيار عند إسرائيل، رأس الخيط عند إسرائيل. كما تبحثون عن الجواسيس الصغار إنبشوا الجواسيس الكبار حتى نعرف من كان متورطاً مع الإسرائيلي بشكل مباشر وقام بتوريط آخرين معه من زعماء أو حكومة أو وزراء، أنا لا أتهم هؤلاء، أنا اقول لهم ابحثوا خلف الستار، على رأس الخيط الإسرائيلي، هذا رأس الخيط الإسرائيلي من هو مفتاحه؟ شربل قزي له علاقة بالمشغّل الإسرائيلي، الثاني الذي اعتقلوه له علاقة بالمشغل الإسرائيلي وليس قزي من يقوم بتشغيله. هناك أشخاص قاموا بتوريط الحكومة وورطوا الزعماء السياسيين، أنا لا أتهم الزعماء السياسيين، أنا أقول للزعماء السياسيين ابحثوا عمن ورّطكم ومن وراءهم ومن وراءهم (قد يكون ثلاث حلقات أربع حلقات ليس مهماً) لكن انظروا إلى رأس الخيط، المشغّل الإسرائيلي في موضوع استهداف شبكة السلكي التابعة للمقاومة.
أتمنى أن يفتح تحقيق في هذا الموضوع أيضاً ليس للمعاقبة وإنما للحذر ، لأن الذي وضع لبنان على حافة الحرب الأهلية في الخامس من أيار يُخشى إذا كان ما زال آمناً ومأموناً وموثوقاً ومشغّلاً من قبل الإسرائيلي أن يضع لبنان على حافة أوضاع مشابهة في أي مرحلة في المستقبل.
النقطة الأخيرة: هي موضوع شركة الاتصالات مباشرة وموضوع شربل قزي. لماذا حظي اعتقال هذا العميل بهذا المستوى من الأهمية والاهتمام الكبير والضجيج الكبير، وللأسف تصدّت قوى سياسية بعناوين واضحة وبرموزها للدفاع وللتقليل من شأن هذا الأمر، مع العلم أن هناك عملاء كثر أيضاً مهمين تم اعتقالهم لم يحظوا بهذه الأهمية، سواءً كانوا عسكريين أو مدنيين .
والأكثر من هذا بدأت حملة تشويه وهجوم غير مفهوم على الجيش اللبناني وعلى مخابرات الجيش اللبناني في موضوع شربل قزي، وقامت حملة للتقليل من شأن هذا العميل وأهمية ما قام به، بعض أصدقائنا في المعارضة قدموا تحليلات أو معلومات أو فرضيات فطلب منهم الآخرين انتظار التحقيق، لكن هم أيضاً لم ينتظروا التحقيق وذهبوا للتقليل من أهمية وخطورة ما قام به هذا العميل، لماذا، ما هو السبب؟ لماذا قامت القيامة في موضوع شربل قزي على الجيش والمخابرات؟ من المسلّم به أنه في السنوات الخمس الماضية، المؤسسة الوحيدة التي كانت
تشكل خشبة الخلاص للبنان هي مؤسسة الجيش اللبناني ونحن هنا لا نجامل أحداً. فلماذا إذاً يمس بها نتيجة اعتقال هذا العميل؟! أو إنه تم تسريب بعض التحقيقات؟ فالأجهزة الأمنية الأخرى عندما كانت تعتقل عملاء كانت أيضاً تسرب معلومات وكثير من المعلومات نحن اطلعنا عليها من الصحف والمجلات والمجالس والصالونات لكن لم تقم قيامة أحد على الأجهزة الأمنية الأخرى، لا لأنهم يميزون بين الجيش وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة، لا، بل لأن هذا العميل "حكاية تانية". ما هي هذه الحكاية؟ الحكاية أن كل شيء له علاقة بالاتصالات يوصل إلى المحكمة الدولية وإلى التحقيق الدولي الذي يقوم به مكتب المدعي العام بلمار.
في الحقيقة، الآن ليس هو الوقت ولا المناسبة التي أريد أن أفتح فيها ملف التحقيق الدولي والمحكمة والدولية، هذا آت وليس بعد مدة طويلة.
نحن في الحقيقة سمعنا كلاماً كثيراً في البلد من مسؤولين سياسيين ومسؤولين أمنيين أن هناك قراراً ظنياً سوف يصدر بحق أفراد من حزب الله في أيلول وتشرين أول وتشرين ثاني. أي أنهم يعرفون القرار الظني ويعرفون الأسماء ويعرفون الموعد، والتحقيق حتى الآن لم يبدأ معنا، الآن بدأ، وكل الأخوة الذين ذهبوا إلى التحقيق استمع إليهم كشهود ولم يحقق مع أحد منهم كمتهم، ولا أريد أن أدخل بالتفصيل أكثر، لكن يبدو أن القرار مأخوذ مسبقاً وهم يبشّرون به، إلى أن خرج أشكنازي وتحدث عن القرار الظني الذي سيصدر في أيلول أو حول أيلول وسيؤدي إلى توترات في البلد. طبعاً كل هذه المعطيات مع بعضها البعض، مع تجربتنا في التحقيق التي خضناها في هذين الشهرين، مع مجموعة معطيات تتوفر محلياً وإقليمياً ودولياً، تكوّن لدينا ملف نعكف الآن على دراسته، وأعتقد أننا في وقت قريب سنتخذ موقفاً معيناً أو محدداً يعلن عنه في حينه، وأنا سأعلن عنه في حينه.
لن أفتح الآن ملف المحكمة الدولية، لكن بما له صلة في موضوع ألفا وشربل قزي وعملاء الاتصالات، هناك قوى سياسية لبنانية وقوى إقليمية وفي مقدمها إسرائيل وقوى دولية في السابق راهنت على الفتنة الداخلية فلم تصل إلى مبتغاها، راهنت على حرب تموز ففشلت، راهنت على الحرب الأهلية وكانوا يحضّرون لحرب أهلية وفشلوا، والآن عاد بعضهم للمراهنة على حرب جديدة وسأعلق على هذا الموضوع إن شاء الله في احتفال ذكرى انتصار تموز، لكن الشيء الموجود بين أيدي هؤلاء ويراهنون عليه، المفبرك والمصنّع، هو موضوع القرار الظني، ولذلك هم جالسون ينتظرون ويتوعدون وهم من زمن منتظرون، في 2008 منتظرون، في 2009 منتظرون، قيل لهم في 2010 وهم أيضاً منتظرون، مع العلم كما ذكرت، كيف أن القرار الظني مكتوب ومنتهٍ وسيصدر، وهم في الوقت نفسه يطلبون شباباً منا للتحقيق كشهود، فما هي هذه اللعبة كلّها على بعضها ؟!
هذا الملف الذي هو ملف تحقيق وحسبما يقال في دير شبيغل ولوفيغاروا والسياسة الكويتية والمجالس على ماذا يعتمد لتوجيه اتهام لأفراد في حزب الله؟ إما على شهود، فليـأتوا بهؤلاء الشهود، أين هم هؤلاء الشهود العظماء "تبعهم"؟ وإما على موضوع الاتصالات. طبعاً في موضوع الشهود هناك تجربة شهود زور وهم يعرفون أن موضوع شهود الزور لا يصمد لا في التحقيق ولا في محكمة، إذا هم ذاهبون باتجاه موضوع الاتصالات وفرضيات لها علاقات بتحليل الاتصالات وتزامنات معينة بين الخطوط وما شاكل حتى يركبوا من خلالها اتهام أو قرار اتهامي أو قرار ظني.
إذاً، هذا العالم الذي اسمه عالم الاتصالات هو عالم مقدس بالنسبة لكل المراهنين على المحكمة الدولية، "أوعا حدا يقرب على شي اسمه اتصالات" لأننا إذا قرّبنا على موضوع الاتصالات فقد ظهر أن هناك عملاء في شركات الاتصالات، ظهر أن هناك أشخاصاً لديهم الإمكانية لأن يتلاعبوا بالخطوط والداتا، فماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن حجر الزاوية في القرار الظني الذين هم يعملون عليه، القرار الظني الذي هو حجر الزاوية في المؤامرة الجديدة ليس على حزب الله وإنما على البلد والمنطقة طار، أصبح موضوع شك، تردد، على أي اتصالات سوف تستندون، اتصالات أية شركات، فالإسرائيلي مسيطر على كل شيء ويلعب بكل شيء، لذلك كان ممنوعاً أن يمد أحد يده على موضوع شركة الاتصالات.
جريمة مخابرات الجيش اللبناني أنها اعتقلت عميلاً في شركة الاتصالات، لكن لو اكتشف عملاء رؤساء بلديات ووزراء ونواب واعتقلتهم مخابرات الجيش لن تقوم ضجة كما قامت على شربل قزي! لماذا؟! لأن أولئك لا يمسّون بالمؤامرة الكبيرة التي يجري التحضير لها وإنما هذا يمس بالمؤامرة الكبيرة التي يجري التحضير لها.
أريد أن أطرح سؤالاً رسمياً، يمكن أن لا تكون لي صفة رسمية فنطلب من نوابنا أن يسألوا ويوجهوا سؤالاً رسمياً إما إلى رئيس الحكومة أو إلى وزير الداخلية باعتبار وزير الداخلية هو الوزير المسؤول عن قوى الأمن الداخلي.
أنا قبل أن أوجه السؤال، أقدّر عالياً ما قام به فرع المعلومات في كشف شبكات تجسس، هذا لا توجد ملاحظة عليه، ممتاز والله يعطيكم العافية، لكن أنا لدي سؤال لفرع المعلومات ولقوى الأمن الداخلي ولوزير الداخلية أن يسألهم، أكيد وزير الداخلية ليس لديه علم لكن ليسألهم، هل كان لدى فرع المعلومات معلومات عن عمالة شربل قزي قبل أن تعتقله مخابرات الجيش اللبناني؟ أو لم تكن لديهم معلومات؟ سؤال كبير وليس صغيراً ولا يستهيننّ به أحد، وهذا سوف يبنى عليه كلام للمستقبل. هل كان فرع المعلومات لديه معلومات عن عمالة شربل قزي في ألفا أو لم يكن لديه معلومات؟ وإذا كان فرع المعلومات لديه معلومات فمنذ متى وما هي طبيعتها ولماذا لم يقم بأي إجراء؟ لا أريد أن أجيب، أنا لديّ أجابات، لكني لا أريد أن أجيب، أنا أتمنى على وزير الداخلية الذي نحترم مهنيته وحضوره وإحساسه الكبير بالمسؤولية أن يسأل هذا السؤال، وأنا أطلب من رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري الذي هو ولي الدم وهو المعني الأول بالعدالة والحقيقة أيضاً أن يسأل فرع المعلومات السؤال نفسه، وللبحث صلة. ولاحقاً على ضوء الإجابة هذا يحتاج إلى إجابة وتعقيب، لكن هذا سؤال كبير.
أنا الآن "غمّقت زيادة" على قدر ما يحمل البلد في الوضع الحالي، لكن في النهاية عندما تكون هناك استحقاقات مهمة وكبيرة وخطيرة، نحن جميعنا أهل تحمل مسؤولية، لسنا ممن يهرب لا من مسؤولية ولا من ساحة ولا من ميدان.
جراحكم أيها الأحبة على مدى ثلاثين عاماً هي التي تشهد الآن، وأمام كل الذين يرونكم على شاشة التلفزيون هي التي تشهد الآن على عزمنا وإرادتنا وصلابتنا وتمسكنا بالحق واستعدادنا لمواجهة كل المخاطر، وبهذا الإيمان وبهذا العزم وبهذه الإرادة وبهذا الاستعداد للتضحية وبهذه البصيرة وبهذا الوعي وبهذا الإحساس بالمسؤولية لن تقوى أي مؤامرة علينا وعليكم، ولن تستطيع أي عاصفة أن تقتلع مقاومةً وتياراً جذورها راسخة في الأرض وشامخة فروعها وأغصانها إلى السماء. ببركة هذه الروح التي تمثلونها أنتم ويمثلهم معكم كل إخوانكم وأخواتكم وكل الشرفاء وكل الصادقين الذين يؤمنون بما نؤمن به.
بارك الله لكم في يومكم يوم تضحياتكم يوم وسامكم الإلهي الشريف بارك الله بكم جميعاً، وفّقكم لمواصلة طريق الجهاد والعطاء والنصر وختم لنا ولكم بالعاقبة الحسنة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات: