الأموال ضاعت بين الإنماء والسياسة ولم تصل إلى الصندوق المستقلّ..

 حسن الرفاعي: يمكن البلديات رفع دعوى
حسن الرفاعي: يمكن البلديات رفع دعوى


العمل البلدي: نظافة وانماء فيما الاموال مجمدة!

فتحت المعركة على الصندوق البلدي المستقل. اموال مستحقة هي في الاساس حقوق، لكنها لم تدفع. وكالعادة، ضاعت الحقوق في غياهب الجمهورية اللبنانية، و"استوطنت" الحسابات السياسية في مسألة يفترض ان تكون بحت انمائية. وفي هذه المسألة غير طرف معني ومسؤول، من البلديات الى وزارتي الداخلية والمال، وصولا الى مجلسي الوزراء والنواب.

تتصل مسألة اموال البلديات بمدى اهتمام السلطة بالبعد الانمائي، وعدم احكام قبضتها على البلديات وتطويعها او اهمالها. والسؤال لماذا يعمل الصندوق البلدي خارج اتحاد البلديات؟ من يحدد موازنته؟ ومن يقرر الصرف؟

في 22 ايار الماضي، سأل عضو "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ابرهيم كنعان عن اموال البلديات، ووجه سؤالا الى الحكومة في هذا الصدد، وبعد انقضاء مهلة الـ15 يوما المحددة للاجابة، لم يحصل كنعان على جواب، فكان الاستجواب. كل طرف رسمي يبرر مسؤوليته، فترمى المسؤوليات بين الوزارات: من الداخلية الى المال وصولا الى الاتصالات، والنتيجة ان الصندوق البلدي يبقى فارغا من امواله. واذا كانت البلديات هي المعنية الاولى بهذا الموضوع، والضحية في الوقت نفسه، فهل يمكن لها اتخاذ صفة الادعاء في ما يتعلق بعائدات الصندوق؟

الرفاعي: هذه حقوق

يجيب الخبير الدستوري حسن الرفاعي: "بالطبع ممكن. يجب على البلديات ان تقيم دعوى على الدولة. للبلديات حق عند الدولة، ومستحقات الصندوق البلدي هي بمثابة حقوق، من هنا امكان رفع الدعوى".

اما في التفاصيل والآلية المعتمدة، يشرح الرفاعي: "اولا على البلديات ان تربط نزاعها مع وزارتي المال والداخلية، لكونهما الجهتين المسؤولتين، فتطلب منهما دفع المستحقات، وتمهلهما مدة شهرين. فبعد انقضاء المهلة، وفي حال عدم الدفع، ترفع كل بلدية على حدة دعوى على الدولة، بعدما تكون البلدية أخذت القرار ضمن المجلس البلدي مجتمعا، ويقدّم رئيسه الدعوى. اما الدولة في هذه الحال فتكون ممثلة برئيس هيئة القضايا في وزارة العدل".

اذاً ترفع الدعوى امام رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، ووفق الخبير الدستوري، "الحكم سيكون ملزما، الا ان الادارة قد تتحجج بعده بعدم توافر الاموال، فلا تدفعها. للاسف، لقد بات معلوما كيف تسير الدولة اللبنانية، فالموظف المستقيل يبقى في وظيفته ويتم ايجاد مخرج له. والموظف السيئ تؤمن له الحماية، ووزير العدل يقول ان السياسيين يضغطون عليه. بات كل شيء مسموحا في هذه الدولة"، وفق الرفاعي. تبدو نقمة الاخير كبيرة، فهو يعتبر ان "وزير العدل هو ثاني رجل في الدولة بعد رئيس الجمهورية، وهو بالتالي ملزم تطبيق القوانين والدستور".

اما عن الجهة المسؤولة في موضوع مستحقات الصندوق البلدي المستقل، فيوضح الرفاعي: "على وزارة الداخلية ارسال الكتب الى وزارة المال كي تطلب منها دفع الاموال". الا ان الرفاعي لا يوفر ابدا وزارة العدل، فهي ان لم تكن مسؤولة مباشرة كما وزارتي الداخلية والمال، الا انها تتمتع بصفة الموجه.

ويوضح الرفاعي: "اين وزير العدل في مجلس الوزراء؟ مسؤوليته في هذا المجال تكمن في ضرورة التنبيه من الامر والضغط والدفع في اتجاه احترام القوانين وصون الحقوق. يا للاسف هو خائف من السياسيين، يمارس كل شيء الا تطبيق القوانين، لانه يفترض به ان يكون الموجه في رئاسة الوزراء للشؤون القانونية اذا طرأت، كما هي الحال الان في موضوع المستحقات البلدية. هو قانون وزارته لا يقرأه".

ما بين المال وكنعان

ومن الشق القانوني الى السياسي. يكمل كنعان "معركته"، ويستعد لتقديم اقتراح قانون قريبا، باسم النائب العماد ميشال عون، والاقتراح يجيز للحكومة اصدار سندات خزينة بقيمة المبلغ المستحق عن عامي 2008 و2009.

يتخذ الاقتراح طابع المعجل المكرر، ويدعو كنعان كل الكتل النيابية الى تحمل مسؤولياتها في هذا المجال.

يتضمن الاقتراح مادة وحيدة هنا نصها: "يجاز للحكومة اصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية لآجال طويلة ومتوسطة وقصيرة من اجل دفع العائدات المستحقة للبلديات ولاتحادات البلديات من حاصلات الصندوق البلدي المستقل عن عامي 2008 و2009، بقرارات تصدر عن وزير المال. وتطلع الحكومة مجلس النواب في مهلة ثلاثة اشهر من تاريخ العمل بهذا القانون على الاجراءات المتخذة لتنفيذ احكامه".

كنعان يرى ان "لهذه المسألة هاجسين: تنموي وحقوقي ديموقراطي، كي تصبح الممارسة سليمة بدل ان تبقى البلديات رهينة بيد السياسيين، كونها باتت عبر الزمن وسيلة اساسية للسلطة، وهذا امر غير سليم"، ويلفت الى ان وزارة المال "اهملت مسك هذه الحسابات، لا سيما ان اموال الصندوق مودعة امانة لمودعيها عند حاجتهم اليها، وهذه الحاجة تبدو اكثر الحاحا في الظرف الحالي". والمشكلة ان العائدات المتراكمة عن عامي 2008 و2009 لا تزال من دون توزيع حتى تاريخه، وتبلغ قيمة عائدات السنة الاولى 543 مليار ليرة، ولا تقل عائدات السنة الثانية عن المبلغ نفسه، فيصبح ما مجموعه ألف و86 مليارا، عن عامين فقط.

اما وزارة المال فترد عبر اجوبة تقنية ومختصرة، ويكشف مصدر في الوزارة ان "مرسوم توزيع عائدات 2008 قد أرسل إلى رئاسة مجلس الوزراء لإصداره ليتم بعده توزيع العائدات. كما أن وزارة المال تعد كتابا بالمبالغ المستحقة للبلديات عن العام 2009 لإيداعه وزارة الداخلية والبلديات لإعداد مشروع مرسوم توزيع العائدات".

وقصة الصندوق البلدي المستقل قديمة تعود الى المرسوم الرقم 118 في 30 حزيران 1977 الذي نصت المادة 87 منه على ان تودع امانة في صندوق بلدي مستقل في وزارة الداخلية حاصلات العلاوات المشتركة العائدة الى كل البلديات. يقرأ كنعان المادة 88 من المرسوم، ويرى انه بموجبها، فوضت الحكومة صلاحية تحديد قواعد توزيع الاموال، الا انها تجاوزت نطاق التفويض عندما اصدرت المرسوم الرقم 1917 في 6 نيسان 1979، فخالفت احكام المادة 87 من المرسوم الاشتراعي الرقم 118 /77 التي تنص على ان تودع الاموال امانة في صندوق مستقل في وزارة الداخلية.

من هنا، يعتبر كنعان ان "المشكلة هي في الارادة السياسية، اي عندما ننقل الصلاحيات من وزارة الى اخرى، تقع المشكلة. فهذا المرسوم نقل صلاحيات وزارة الداخلية الى وزارة المال، في شكل تدريجي بحيث جعل الموضوع بقبضة وزارة المال".

يحدد المرسوم 1917 اصول توزيع اموال الصندوق، بحيث توزع بنسة 25 في المئة على الاكثر على اتحادات البلديات و75 في المئة على الاقل على البلديات. وتقسم الحصة العائدة الى البلديات قسمين: الاول، قدره 70 في المئة من المبلغ يخصص لدعم موازنة البلديات، والثاني قدره 30 في المئة من المبلغ يخصص لمشاريع التنمية في البلديات ولانعاش المناطق، كما يتم اقتطاع نسبة من حصة البلديات وتخصيصها للدفاع المدني.

وتوزع الحصة على البلديات بصورة نسبية على اساس عدد سكان كل منها المقيدين في سجلات الاحوال الشخصية.

وفق وزارة المال، فان عائدات البلديات منذ 1993 وحتى 2007 وزّعت، اذ آخر توزيع لاموال البلديات تمّ بموجب المرسوم الرقم 2339 الذي صدر في 19 حزيران 2009 واقتصر على عائدات العام 2007، اذ وزع مبلغ 234 مليار ليرة من اصل عائدات بلغت 491 مليار ليرة وانفقت خلال عام 2009 وفقا لمضمون كتاب وزيرة المال الصادر في 14 نيسان 2010 والذي رفعت بموجبه الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2010 الى رئاسة مجلس الوزراء.

في القانون، ان الحكومة خالفت احكام المادة السابعة من المرسوم الرقم 1917 التي توجب توزيع عائدات الصندوق عن سنة ما في مهلة اقصاها نهاية شهر ايلول من السنة التالية.

ولكن من يحدد موازنة الصندوق؟ يشرح المصدر في وزارة المال ان "القوانين نصت على المبالغ التي تجبيها الخزينة لمصلحة البلديات، وهي إما رسوم على بعض المعاملات، كمعاملات الدوائر العقارية ومعاملات مصلحة تسجيل السيارات والرسوم القضائية، وإما نسبة من مجموع بعض الضرائب والرسوم التي تجبيها الخزينة، ويتم اقتطاع نسبة من المبالغ المحصلة لتوزيعها على البلديات، ومثال ذلك 10 في المئة من ضريبة الدخل و10 في المئة من الرسوم الجمركية. وبناء عليه تحدد الأموال المحصلة لحساب البلديات والتي توزع عليها".

وتكمن مسؤولية وزارة المال "بإرسال كتاب عند الانتهاء من تحديد المبالغ المتوجب توزيعها، إلى وزارة الداخلية تعلمها بموجبه بقيمة المبلغ. وتعد وزارة الداخلية مشروع مرسوم توزيع العائدات على البلديات وفقا للقوانين، وخصوصا المرسوم الرقم 1917 وتعديلاته، ويرسل إلى وزارة المال للتوقيع والإحالة على رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم الى رئيس الجمهورية لإبرامه".

هذا في الآلية، انما الواقع مخالف. اذ ان اموال البلديات عن اعوام 2008 و2009 و2010، مستحقة اي ما مجموعه الف مليار، ولا تشكل المبالغ عبئا لكونها لا تدخل ضمن الموازنة.

الحلول الممكنة

امام هذا الواقع، ما هي الحلول؟ يقترح كنعان مخارج ثلاثة. "الاول: ان ندخل هذه المبالغ ضمن العجز اي ضمن الموازنة. عندها، تطلب الحكومة من مجلس النواب الاقتراض بهدف تمويل عجز الموازنة وسدّ حاجات الخزينة، فتصبح متأخرات البلدية ضمن العجز والاولوية. الثاني: ان تكون هذه الاموال موجودة في حساب محدد، فتوزّع عبر مراسيم عادية، من دون الحاجة الى اصدار اي قوانين، والمخرج الثالث يتمثل باقتراح القانون الذي سأقدمه قريبا". ووفق كنعان، ان اقتراح القانون يرمي الى ضبط آلية الدفع، عبر "تحديد مهلة لتوزيع حاصلات الصندوق البلدي المستقل سنويا على البلديات، وتحديد حصة القرى التي ليس فيها بلديات بنسبة مئوية من حاصلات الصندوق البلدي المستقل، بحيث تقتطع نسبة 2 في المئة من حاصلات الصندوق السنوية قبل توزيعها وتخصص للقرى التي ليس فيها بلديات. اما على المدى البعيد، ومنعا لتكرار هذه الاساليب وحفاظا على حقوق البلديات، فليس امامنا الا حلّين: اما ان تصبح لوزارة الداخلية سلطة تقريرية اي انشائية، واما ان يرد الصندوق الى البلديات او الى اتحاد البلديات".

ويسأل "اذا لم تكن اموال البلديات اولوية، فما هي الاولويات التي اصرت الحكومة على التركيز عليها في بيانها الوزاري؟".

المفارقة الكبرى ان اشكالية الصندوق البلدي المستقل ليست ابدا بجديدة، فالتساؤلات تراكمت منذ نحو اعوام عشرة، ولا من يجيب. اذ ان دراسة لـ"الدولية للمعلومات" عن البلديات وعائدات الصندوق المستقل، في عام 2003، نشرت في "النهار"، تكشف ان 586 مليار ليرة انفقت على مشاريع من دون استشارات البلديات، وان 736 بلدية حصلت على 681 مليارا.

وتشير الدراسة الى ان الحكومة آنذاك استعملت اموال الصندوق لتمويل بعض مشاريع النظافة ومعالجة النفايات التي تقوم بها شركات خاصة بموجب عقود موقعة مع مجلس الانماء والاعمار من دون الوقوف على رأي البلديات، وكذلك، في دفع الرسوم المتوجبة على الطلاب لصناديق المدارس الرسمية بعد صدور قوانين اعفاء الطلاب من تلك الرسوم، وقد بلغت قيمة هذه الاموال 586 مليار ليرة، منها 48 مليارا بدل اعفاء الطلاب من الرسوم، والمبالغ الاخرى خصصت لمشاريع النظافة وصيانة شبكات الاقنية والمجاري، وبالتالي فان لجوء الحكومة آنذاك الى استعمال هذه المبالغ اي ما يشكل نحو 66 في المئة من توزيعات الصندوق، يفرض وضع ضوابط وآليات لتحديد حجم عائدات الصندوق وآلية التصرف فيها بما يكفل حقوق البلديات، فلا تنفق اموال بلديات على مشاريع بلديات اخرى.

والمستحقات لا تتوقف عند هذا الحدّ. يطالب كنعان ايضا بصرف المستحقات المجمدة عن الاعوام من 1980 الى 1992، ولكن الكلام في هذه الفترة كان للسلاح وللغة الحرب والميليشيات التي اكلت "الاخضر واليابس"، فهل من السهل تحصيل حقوق البلديات خلال هذه المرحلة؟ يجيب كنعان: "صحيح انها مرحلة ميليشيات، ولكن اللبنانيين كانوا يدفعون للطرفين: للسلطة وللاحزاب، ومن حقنا ان نعرف اين ذهبت الاموال. ومنطق الحرب لا يجوز لنا تبرير كل المخالفات، لا سيما ان الاموال كانت تدفع"، ويلفت الى ان "حاصلات الصندوق كانت تشكل نسبة 7 في المئة من ايرادات الموازنة العامة خلال الاعوام السابقة لعام 1980، فمن المنطقي اعتماد النسبة ذاتها لاحتساب الحاصلات المتراكمة عن الاعوام من 1980 الى 1992".

انما وزارة المال تشير عبر اوساطها الى ان "القوانين أعفت الوزارة من إعداد حسابات تلك الأعوام بسبب النقص في المستندات وعليه يتعذر تحديد المبالغ المستحقة للبلديات. وفي المقابل فإن القانون قد أعفى البلديات من سداد سلفات الخزينة المترتبة عليها لمصلحة الخزينة".

وبعد، من يقرر صرف الاموال: الحاجة أم السياسة؟، وزارة الداخلية ترى ان "صرف الأموال يخضع فقط للمعيار القانوني، والقانون واضح لناحية استحقاق العائدات في أيلول من السنة التي تلي السنة المالية المتعلقة بها. المهم أن تلتزم السلطة السياسية تطبيق هذا القانون، وبالتالي إخضاع صرف الأموال للمعايير الموضوعية فقط، إن لناحية توقيت التوزيع أو لناحية مقدار المبالغ العائدة الى كل بلدية، وهذا ما التزمته وزارة الداخلية ولا تزال".

وكنعان يرى ان "وزارة المال هي التي تقرر. انما ثمة ايضا مسؤولية على الداخلية وعلى البلديات نفسها، والاهم انه لا بد من متابعة حثيثة عبر خلق حالة من المجتمع المدني والبلديات على مختلف توجهاتها، بعيدا من السياسة من اجل تشكيل تيار تنموي بلدي يضغط في اتجاه الانماء".

الاتصالات والداخلية

وسط كل هذه "المعمعة"، تبيّن ان الوزير زياد بارود سلم الامانة العامة لمجلس الوزراء في 8 حزيران الفائت، اي بعد ايام على سؤال كنعان، كتابا طبع بعبارة "عاجل جدا"، الا ان الامانة جمّدت الجواب في الادراج، فلم تبلغ مجلس النواب به، تمهيدا لتبليغ كنعان، وفق الاصول. وفي هذا السلوك غير علامة استفهام. ويقر الجواب "بوجود مخالفة لنص تنظيمي"، ويتضمن شقا متصلا بنصوص قانونية وتنظيمية، وآخر متصلا بالوقائع، وفيه يلفت بارود الى ان "المادة 78 من المرسوم الرقم 118 لا تتكلم على تفويض، اي تكليف، للحكومة ولا يكون هناك بالتالي مخالفة او تجاوز للتكليف المعطى للحكومة كما تضمن السؤال النيابي، بل هناك مخالفة نص تنظيمي لنص تشريعي".

عن مسؤولية وزارة الداخلية وصلاحياتها في مسألة الصندوق توضح الوزارة انه "منذ تشكيل الحكومة السابقة برئاسة فؤاد السنيورة، أعدّت الوزارة مراسيم توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل عن الاعوام المتراكمة والمستحقة. ووفق المرسوم الرقم 614 تاريخ 27/10/2008، وزعت الوزارة 290 مليار ليرة لبنانية عن العائدات للعام 2006، كما أدخلت الى المرسوم توجهاً انمائياً جديداً عبر تخصيص أموال لمشاريع تنموية في البلديات التي يقل عدد سكانها المقيدين عن 4 آلاف نسمة. من جهة ثانية، نص المرسوم، للمرة الاولى، على سداد العائدات للبلديات والاتحادات البلدية على دفعتين وليس على أربع: الاولى فور صدور المرسوم والثانية قبل نهاية العام 2008".

وتكشف الداخلية انه "في 20/1/2009، وجهت كتاباً الى وزارة المال طلبت فيه تحديد قيمة الكتلة النقدية المتجمعة في قيود مصلحة الخزينة في وزارة المال لحساب الصندوق عن العام 2007. وقد حددت وزارة المال المبلغ بـ280 مليار ليرة لبنانية عن العام 2007 في تاريخ 12/2/2009. ووزّع المبلغ على البلديات والاتحادات وفق المرسوم الرقم 2339 الصادر في 19/6/2009. ثم في 4/3/2010 أرسلت الداخلية كتاباً الى المال طلبت فيه تحديد قيمة الكتلة النقدية المتجمعة في قيود مصلحة الخزينة في وزارة المال لحساب الصندوق عن العام 2008، وحدّد المبلغ بقيمة 300 مليار ليرة لبنانية. وقد أرسلت وزارة الداخلية بعد توقيعه، مشروع المرسوم المتعلق بتوزيع المبلغ الى وزارة المال في تاريخ 22/5/2010، واعتمدت فيه الاسس عينها المعتمدة في المرسومين السابقين، ومن المتوقع ان يصدر المرسوم فور موافقة وزارة المال".

ووفق جواب بارود الى مجلس الوزراء، سطّرت الداخلية كتابا الى وزارتي المال والاتصالات طلبت بموجبه تقديم بيانات تفصيلية بالمبالغ المتراكمة على الخليوي ما قبل الـ2009 الى وزارتي الداخلية والمال لمعرفة قيمة الاموال المتراكمة للبلديات، فضلا عن اعداد مشروع مرسوم توزيع هذه العائدات على البلديات على ان تعتمد في هذا المرسوم احكام المرسوم الرقم 1917 الذي نص على الاخذ في الاعتبار عدد السكان المقيدين في سجلات الاحوال الشخصية في كل بلدة، وتؤكد الداخلية ان "الموضوع قيد المعالجة والمتابعة من الوزارة".

… وبين المال والاتصالات

... ولكن "وقعت" بين المال والاتصالات. ففي موضوع العائدات من الهاتف الخليوي، تكشف وزارة المال ان "وزارة الإتصالات لم تزودها الأرقام العائدة الى البلديات ولم تحول تلك المبالغ لتوزع من ضمن عائدات الصندوق البلدي".

وتوضح ان "العائدات من الهاتف الثابت توزع مباشرة من وزارة الإتصالات بعد تحديد عائدات كل بلدية استنادا إلى النطاق البلدي الذي يقع فيه خط الهاتف الثابت"، وتشير الى انه "استناداً إلى احكام المادة 64 من قانون الموازنة العامة لسنة 2001 والتي نصت على ضرورة اقتطاع نسبة 40 في المئة من حصة البلديات المستفيدة أو التي سبق وافادت من الخدمات من الصندوق البلدي المستقل، وفقاً لنسبة افادتها منه، اي ما يتعلق بنفقات النظافة وجمع النفايات ومعالجتها وطمرها وتنظيف المجاري والاقنية، فتعاد المبالغ المقتطعة الى حساب الصندوق البلدي على ان تسدد البدلات عن تلك الخدمات وفقاً للاصول، وعليه فإن حساب البلديات المستفيدة من هذه المشاريع هو سلبي أي أن وزارة المال تسدد عنها مبالغ أكبر من تلك التي تقتطعها عند توزيع العائدات".

•••

هي وقائع بالارقام والسياسة، ورغم كل ذلك، فان قانون اللامركزية الادارية لا يزال مجمدا في مجلس النواب منذ اكثر من 20 عاما، فهل الامر يهدف الى اخضاع البلديات عبر التحكم بحقوقها، وهل صحيح ان توزيعا انتقائيا للاموال تحقق على مرّ الاعوام، فحرمت بلديات وافادت اخرى؟ والاهم اين اموال البلديات، ومتى ستدفع؟ هذا هو السؤال الملحّ والذي منه يبدأ التحقيق.

النائب كنعان واقتراح قانون جديد
النائب كنعان واقتراح قانون جديد


الوزير بارود: الداخلية تتابع
الوزير بارود: الداخلية تتابع


الوزيرة الحسن: عائدات الـ2008 و2009.
الوزيرة الحسن: عائدات الـ2008 و2009.


تعليقات: