مي سحاب
كان أمس يوماً استثنائياً في روزنامة «أو.تي.في». خلع ثوبه الاعتيادي وارتدى عباءة الفرح. ولأن المناسبة احتفالية بمرور السنة الثالثة على إطلاق القناة، كان التغيير مبرراً في البرامج وفي مهام المقدمين والمذيعين وكل من يطل على شاشتها.
«يوم مشقلب» هي السمة التي صبغت النهار طوال ساعات البث، انطلاقاً من قاعدة تبادل الأدوار. فانتقل عدد من مقدمي البرامج ونشرات الأخبار الى اللعب والرقص مع الأطفال، عبر برنامج «كازادو»، من بينهم الزميلان رواد ضاهر وروبير فرنجية. فيما احتل بعض «أبطال» برنامجي «لول» «وأوفريرا» مقاعد مقدمي البرنامج الصباحي «يوم جديد»...
حاولت القناة الاحتفال بالمناسبة، على طريقتها، وعبر الاستعانة بفكرة غير مستهلكة لكسر الصورة النمطية، وإطفاء جو من المرح، ولا سيما أن بعض المذيعين ومقدمي البرامج كانوا يشاركون في «اللعبة» الجديدة كمن يقوم بأداء دور تمثيلي، يطغى عليه أحياناً النفَس الكوميدي، برغم محاولات البعض الإيحاء بالجدية ومحاكاة طبيعة المهمة «الطارئة».
حاولت ريم نعوم مقدمة برنامج «كازادو» على سبيل المثال، «تقمص» دور المحاورة السياسية، الا أن ابتسامتها الدائمة كانت توحي بأنها لا تصدق اللعبة، وهي التي كانت تتمسك بالأوراق كي لا تحيد عن أي سؤال مدون فيها. فيما أبدى ضيفها النائب زياد أسود رحابة كبيرة، من خلال إجابته بجدية عن الأسئلة المطروحة، كمن يعطي فرصة لمحاوِرة مبتدئة، أو فاقدة خبرة.
وشغلت الزميلة ديما صادق فقرة «برج اليوم»، وراحت تنبه مشاهديها بخفة ظل، الى ضرورة عدم تصديق توقعاتها.
غير أن المفارقة كانت في انتقال مقدمتي «يوم جديد» باسكال وميراي، الى حلبة التنافس، لانتخاب «مس هبلون»، في حلقة خاصة من «أوفريرا». وبعض النظر عن مستوى أدائهما للدورين، وطبيعة الحوارات التي اعتمد بعضها على الإيحاءات الجنسية، الا أنه اريد للحلقة أن تكون محطة ترفيهية، يُسجل فيها الأداء اللافت لسحر زغيب (مقدمة «برج اليوم») كأحد أعضاء لحنة الحكم. كما تمرر الحلقة رسالة واضحة حول قلة ثقافة غالبية المتباريات في مسابقات الجمال.
والفكرة التي تعود للزميل طارق سويد (مقدم برنامج «لألأة»)، حملت تمايزاً في صيغة الاحتفالات في مناسبات مماثلة في محطات أخرى، وكشفت عن الوجه الآخر لكثيرين من الفريق العامل في المحطة، وهو غالباً وجه مرح ومتفاعل مع البيئة المهنية.
لكن مع حلول المساء، بدأ «اليوم الاستثنائي» ينحو منحى أقل جاذبية، وصولاً الى المراوحة. ولعل اختيار شخصية «عواطف» - التي عرفت بها الزميلة مي سحاب في إحدى فقرات البرنامج الأسبوعي «لألأة» - لتقديم نشرة الثامنة، شكل أولى الخطوات النافرة. فجأة، حلت على المشاهد امرأة بثوب أحمر وشعر أشقر، وأداء «إغرائي» لتنقل اليه مثلاً خبر «تهديد قائد أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكينازي» بقصف «حزب الله» في المناطق المأهولة». وإذا كان المقصود من الخطوة هو إحداث تغيير جذري في مجال الأخبار، في ضوء المناسبة، الا أن ثمة صعوبة في ملاءمة مثل هذا المضمون الجدي مع الشخصية التي تقوم بإيصاله الى الناس.
والمشكلة هي انه يتم التعامل مع «عواطف» كشخصية فنية هامة تم اكتشافها، ويراد استثمارها في أكثر من مجال في المحطة. فانتقلت من الأخبار لتقدم للتو السهرة. والمهمة هنا، لا تعتمد على نص مقروء، بل على محاورة الزملاء بما تفيض به المخيلة. وقد «أجادت» المرأة التي تحاول الإيحاء بالإثارة بأسئلة من «العيار الثقيل». كأن تسأل كارلوس مثلاً: «قديه شكلك الحلو» بخلّي المشاهدات النسوان «يريّلوا»؟ وأتتها الإجابة: «أتحفظ على الشق الثاني من السؤال...»، أو أن تسأل اسبيرنس: «في شي مُشاهد انشدق ولوّش وارتخى لما شافك عم تقدمي الأخبار؟»، أو أن تطرح على نورا: «فيك شي ارتخى لما شفت خطيبك؟» فأجابتها: «عفواً.. أنا ما برتخي، بس قلبي بدق».
ولساعات استمرت «عواطف» على هذا النحو. وكانت تشد على أنفها وتبرز أسنانها وهي تنطق ببعض الكلمات الإيحائية. وما كان يدعمها معنوياً هو أداء زميلها طارق سويد الذي شاركها في تقديم السهرة، إذ كان يغرق أحياناً على ضوء كلامها في نوبات من الضحك.
واللافت هنا هو استغراب الزميلة ماغي فرح طريقة أداء «عواطف»، فراحت تسألها عما إذا كانت تقلد احداً، فأجابتها: «عواطف فريدة من نوعها. عم بتلاقي رواج.. الناس بحبوا هيك.. الناس بيتفرجوا وبيتصببوا».
غير أن نقاط ضعف السهرة، لا تنحصر بشخصية مقدمتها، بل تتعداه الى فكرتها، التي بدت كأنها تكرار لأجواء اليوم الطويل، عبر استضافة الزملاء المشاركين للحديث عنه. في وقت كان ينتظر فيه المشاهد شيئاً آخر. وكان الأجدر أن تقوم على فكرة مغايرة تستضيف ربما شخصيات من خارج «جلد» المحطة، أو تعتمد مضموناً فنياً من نوع آخر، باعتبارها تتويجاً لليوم الإحتفالي.
وما بين «مرح» النهار وطرافته، و«مراوحة» المساء وملله، نقول لـ «أو.تي.في»: عقبال المية.
طارق سويد
تعليقات: