مبنى قيد الإنشاء في الضاحية الجنوبية
بعد ثلاث سنوات على اطلاق مشروع "وعد" لاعادة اعمار الضاحية الجنوبية، ومساحة المباني فيه اكثر من مليون متر مربع، "وفينا بالوعد"، كما اوضح المدير العام للمشروع المهندس حسن جشي في حديث الى "النهار"، و"لا مسيرة من دون عقبات، ولكن لكل عقبة حل، والى اليوم انجز المشروع بنسبة 76 في المئة، وهناك عائلات عادت الى بيوتها التي كانت مهدمة من جراء عدوان تموز 2006"، الا ان مجلس الانماء والاعمار يؤخر العودة بسبب التأخير في انجاز البنى التحتية والاستملاكات.
وبعد 4 سنوات على الدمار الذي طال الضاحية الجنوبية، واجهت "وعد" الحرب والدمار باعادة الاعمار بمشروع من عنوانين: الاول اجتماعي انساني يحافظ على الذاكرة الجماعية، والثاني تحدي اعادة الاعمار امام الهمجية التي تريد ارجاع لبنان الى الوراء.
126 مبنى من 247 تسلمها اصحابها، موزّعة على 5500 قسم بين شقة سكنية ومحل تجاري، على ان يتم تسليم 20 مبنى في منتصف آب المقبل، وقال جشي: "التزمنا مخططاً خاصاً بخطط السير وبالبلدية في حارة حريك التي عانت اكثر من غيرها بسبب الدمار، وسيتم العمل على اعادة تحسين الواجهات الخارجية للمباني المتضررة المحيطة بها، وهي نحو 100 مبنى، بما يتلاءم مع المشروع. وفي موضوع اعادة الاعمار التزمنا خرائط الافراز والالتزام الصارم لحقوق الناس، فالمبنى المؤلف من 10 طبقات بقي كما هو حفاظاً على حقوق ساكنيه".
واوضح انه كان هناك عدد من المآخذ على المشروع من بعض الاساتذة في الجامعة الاميركية الذين طالبوا بمساحات خضراء، لكن المشكلة ان الدمج يحتاج الى قانون، ولانجازه لا بد من الذهاب الى شركة عقارية".
وهل الناس مستعدون لقبول الفكرة، اجاب: "هناك عدد كبير من الاشخاص الذين اصروا على العودة الى بيوتهم في المكان نفسه والحي نفسه، وثمة ذاكرة جماعية لدى الناس لا يمكن تخطيها.
ومن وجهة نظر معمارية، كان يمكن اضافة بعض التحسينات واستبدال بعض المباني بالحدائق، ولكن ذلك كان سيؤخر الاعمار نحو 10 سنوات، وهذا ما لا نريده وهو ما حصل مع سكان الجبل فأصبحوا في غربة وباتت العودة عند البعض فقط لنهاية الاسبوع.
كما ان التأزم الذي حصل بين القوى السياسية في حينها لم يساعد على انجاز القوانين المطلوبة بالسرعة المطلوبة، الى الآن لم ينجزوا قانون اعادة الاعمار، فكيف بالحري تغيير المشروع؟ حالياً العمل يتم على اساس مرسوم صادر عن مجلس الوزراء بحكم القانون".
• ما هي العقبات التي واجهها المشروع منذ انطلاقه؟
- عندما أزالت الهيئة العليا للاغاثة الركام لم يتم تجهيز الارض لمباشرة اعمال البناء، فكانت الردميات تملأ المكان، وتطلّب الامر اجراء عمليات تدعيم واسعة للمباني التي يراد اعمارها بسبب وجود مبان مجاورة وشوارع وبنى تحتية. ثم عانينا البطء في الدفع من الدولة للمالكين.
وكانت هناك مشكلة التلزيمات، فعندما طرحنا الموضوع تقدمت العديد من الشركات العالمية، وعند البدء بالتلزيم والمناقصات انسحبت جميع الشركات الاجنبية ولم تبق شركة واحدة، وكذلك انسحبت العديد من الشركات اللبنانية المصنّفة اولى، ولاعطائها اسباباً تخفيفية، لنقل انها انهمكت في مشاريع في الخليج تدرّ عليها اموالاً اكثر. خفضنا مستوى الشروط لتتلاءم مع الشركات اللبنانية الاخرى، ولجأنا الى الشركات المحلية، وهذه عقبة اخرى اذ ان الشركات الصغرى تعمل ببطء، وما كنا سننجزه مع 4 شركات كبرى سملناه الى 23 مقاولاً، وهذا أثّر على المشروع.
كل التصاميم المعمارية كانت تمر على هيئة معمارية، وبعد الموافقة تذهب للمناقشة مع المالكين لابداء الرأي والملاحظات، قبل الاتفاق والبدء بالخرائط التنفيذية، وهذا يستغرق وقتا اطول.
لقد اعطينا المالكين بعض الخيارات مثل التشطيبات، وسمحنا بالخوض في تفاصيل الديكور وبعض التعديلات من الداخل بما يتلاءم مع حركة الساكنين وحاجاتهم، الى بعض المشاكل التقنية التي تحدث في جميع الورش وتؤدي الى تعثر بعض المقاولين. المهم ان العمل بدأ على كل المباني، ومنها ما أنجز وأخرى أصبحت في مراحل متقدمة.
• هل تعتبر ان المشروع نجح على الرغم من العقبات سواء كانت سياسية او تقنية؟
في مجال الهندسة من الناحية الاعمارية، ما تم انجازه لم يكن متوقعا، فهو امر جبار وليس سهلا، خصوصا الانطلاقة بالمشروع. الفريق لم يكن حاضرا، بل تم جمعه واحتجنا الى العمل على التصاميم وعقود المقاولين والاشراف وتخزين المواد، وكل هذه الاعمال سارت بخط متواز، وبعد ستة اشهر فقط بدأ صب الباطون.
وعملنا ايضا على مستوى المشاكل الخاصة للناس، فبعض المباني كان واقعاً تحت الافلاس، وثمة رهن على بعض الشقق وحجوز على اقسام وحصر ارث وغيرها. ففي احد المباني المؤلف من 20 شقة فاوضنا مع وكيل التفليسة لشراء الارض وازالة هذه المشكلة لاعادة الشقق الى اصحابها من غير ان تأخذها التفليسة. اما في ما يتعلق بملف المستأجر والمالك، فعملنا على قاعدة اعادة الحال الى ما كانت عليه، أي اعادة المستأجر على ان تحل المشاكل بينه وبين المالك امام الدولة والقضاء.
• ماذا عن مصادر التمويل؟ وهل هي كافية؟
هناك مصادر ثلاثة، الاول هو المساعدات المقدمة من الدول الواهبة عبر الدولة اللبنانية، والثاني من مجموعة من الجمعيات الخيرية التي تواصلت اثناء الحرب وتكفلت بمعظم المواد العينية، كالحديد والرخام والبلاط وغيرها، والثالث جمعية "جهاد البناء" التابعة لـ"حزب الله".
قدرت كلفة المشروع بنحو 400 مليون دولار، واذا دفعت الدولة كل ما عليها من متوجبات وفقا لآلية التعويضات فيمكن ان تصل الى 180 مليون دولار، اي نسبة 45 في المئة من كلفة المشروع، وصل منها الى المالكين 115 مليون دولار ولا تزال الدفعة الثانية بطيئة. من هنا الدعوة الى المؤسسات المعنية للتعجيل في دفع بقية التعويضات لاعادة الناس الى بيوتها، خصوصا اننا نتكفل بدفع بدل ايجار للمهجرين، وهذا مصروف اضافي. وتكلف مشروع "وعد" الى الآن بنحو 170 مليون دولار بين مواد عينية واموال نقدية.
• هل أصبحت البنى التحتية جاهزة لعودة المهجرين الى الضاحية الجنوبية؟
- نعاني مشكلتين: الاستملاكات والبنى التحتية. تحتاج بلدية حارة حريك الى مجموعة من الاستملاكات لتحسين حركة السير، وهي ليست ذات قيمة عالية. وكان يفترض بمجلس الانماء والاعمار ان يقوم بالمهمة لايجاد متنفس في الضاحية، ولتخفيف الازدحام الخانق وتحسين حركة المرور، ولكن الى الآن لم ينجز أي شيء بعد على هذا الصعيد.
أما على صعيد البنى التحتية فسنسلم المباني، ونخشى ان تنجز ولا يستطيع اهلها العودة اليها بسبب غياب المياه والكهرباء والهاتف والمجارير. وقد تم تسليم بعض المباني، وهي تفتقر الى هذه الخدمات ولم ينجز الا القليل منها، فالعمليات تسير ببطء وتحتاج الى تلزيم الشوارع. ونقل مجلس الوزراء مليون دولار من الهيئة العليا للاغاثة الى مجلس الانماء والاعمار لهذا الغرض قبل اكثر من شهر، ولم نر شيئا. مجددا نناشد مجلس الانماء والاعمار الاسراع في عمليتي البنى التحتية والاستملاكات.
المهندس حسن جشي
مجسم لبعض المباني
تعليقات: